القائمة الرئيسية

الصفحات

تعيين المحكّمين وفقا للقانون الوضعي


إذا اتفق أطراف النزاع، على أن يكون عدد المحكّمين أكثر من واحد، فلا بد في هذه الحال، أن يكون عددهم وتراً فكيف يتم اتفاق أطراف النزاع على اختيارهم؟.

اختلف الرأي في كيفية اختيار المحكّمين من قبل أطراف النزاع، في حال تعددهم:
فذهب رأي، إلى أنه لا بد أن يتم تعيينهم جميعاً – بما في ذلك الحكم المرجح من قبل أطراف النزاع، وعدم ترك ذلك إلى المحكّمين أو المحكمة، وإلا كان التحكيم باطلاً؛ أما ماجاء في المادة 14/1/ب فهذا النص ليس من النظام العام، وإنما وَضع حلاً عند الاختلاف على تسميته.

بينما الرأي المعاكس، يتجه إلى أنه من الأفضل ترك تعيين الحكم المرجح، للمحكّمين ، لأنهما أكثر تقديراً على إمكانية التعامل معه، وهذا ماذهب اليه القانون السوري كما سنرى بعد قليل

وذهب رأي ثالث، إلى أنه يكفي أن يعيّن كل طرف محكّمه إذا كان العدد ثلاثة، ولا بد من تعيين الثالث من قبل أطراف النزاع، وفي حال عدم اتفاقهم على تسميته، فلا بد من تعيينه من قبل القضاء العادي؛ فعند وقوع النزاع بينه الطرفين، يتعين على صاحب المصلحة بحل الخلاف، المبادرة إلى أن يسميَ محكّمه، ويُعلم خصمه بذلك، ويخطره لتسمية محكّمه هو الآخر، أو الموافقة على من رشحه هو، اذا كان التحكيم أحادياً، واذا امتنع الطرف الآخر عن الاستجابة، فلمن يهمه التعجيل بالأمر، أن يطلب من المحكّمة المختصة، أن تقوم بتعيين المحكّم الاخر .

إلا أنني أرى، أنه لا يجوز لأطراف النزاع في جميع الحالات، ترك أمر تعيين المحكّم أو المحكّم المرجح ابتداء إلى القضاء، إذا لم يكن ثمة اختلاف بين أطراف النزاع حول تعيينه، لأن هذا التنازل عن حقهما في اختيار المحكّم، هو تنازل ضمني عن التحكيم من الأصل. 
وذهب رأي إلى عدم جواز تفويض المحكّمين بتسمية المحكّم الثالث، لأن تسميته لم تتم من قبل أطراف النزاع ، إلا أن هذا التفويض محل نظر، فقد تكون فيه فائدة للإسراع في التحكيم، بأن يختار المحكّمون من يحسن التعامل معهما ويحسنان التعامل معه، وفي ذلك مصلحة في الوصول إلى حكم بالسرعة الممكنة، وهي إحدى الغايات من التحكيم؛ ولكن يعاب عليه، أنه قد يَفرض على أطراف النزاع، محكّماً لا يثقون به شخصياً.

وقد يتفق أطراف النزاع على محكّم، ويفوضانه باختيار المحكّمَين الآخرين؛ ولا نرى ما يمنع ذلك، ما دام أطراف النزاع مطمئنين إلى حُسن اختياره للمحكّمين، وهذا من قبيل الوكالة التي لا تفسد التحكيم، ما دامت بعلم طرفي النزاع وموافقتهما.

النص القانوني: وأخيراً، حل قانون التحكيم الجديد هذه المسألة، في المادة 14/1/ب التي جاء فيها: "إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكّمين اختار كل طرف محكّماً عنه ثم يتفق المحكّمان على اختيار المحكّم الثالث" فاذا أخفق في ذلك، فيعود الامرإلى القضاء 0 
وفي كل الأحوال، يُشترط أن يتم اتفاق أطراف النزاع على المحكّم أو المحكّمين، كتابياً.

فإذا لم يتفق أطراف النزاع على تعيين المحكّمين، أو امتنع أحدهم عن تسمية محكّمه، ولم يكن بين أطراف النزاع اتفاق على كيفية تعيين المحكّمين، فيرجع الأمر إلى القضاء العادي، أي محكّمة الاستئناف المدنية في سورية، المعرفة في المادة /3/ من قانون التحكيم.

ويتم الأمر بناء على طلب الطرف الأكثر عجلة، ويكون ذلك بحضور الخصم الآخر، أو في غيبته بعد دعوته إلى محكّمة الاستئناف المدنية أصولاً؛ ويجب أن يكون عدد من تعينهم المحكّمة، مساوياً للعدد المتفق عليه من قبل أطراف النزاع، أو مكملاً له (م14/2)، ويكون القرار في هذا الشأن نهائياً، أي غير خاضع لأي طريق من طرق الطعن، بمقتضى المادة 14/5 من قانون التحكيم على أن تراعي المحكّمة المذكورة، عند تعيين المحكّم، الشروط التي يتطلبها قانون التحكيم، وتلك التي اتفق عليها الطرفان عملاً بالمادة 14/3 كما لو اتفق الطرفان، على أن يكون المحكّم من جنسية معينة، أو على اطلاع بأحكام القانون، أو كونه مهندساً مثلاً؛ ويصدر قرار محكّمة الاستئناف في غرفة المذاكرة عملاً بالمادة 14/1 من قانون التحكيم؛ أما لو ردت المحكمة الطلب بتعيين المحكّم، فقرارها هذا يقبل الطعن بالنقض، خلال 30 يوماً التالية للتبليغ، على أن تبت محكّمة النقض بالطعن خلال 30 يوماً من تاريخ وصول الملف إليها (م14/5).

ولكن ماالعمل فيما لو كان أطراف النزاع أكثر من اثنين؟ الجواب أنه في هذه الحال، لا بد من تقسيم أطراف النزاع إلى قسمين، في مجال تسمية المحكّمين، بحيث يتولى كل قسم منهما تسمية محكّم، وإذا كان عدد المحكّمين أكثر من ثلاثة، فيتولى كل طرف من أطراف النزاع تسمية مجموعة من المحكّمين، مساوية للطرف الآخر .
بقلم المستشار / أحمد رزق


تعيين, المحكّمين, القانون, الوضعي,المحكم,التحكيم

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع