القائمة الرئيسية

الصفحات

ماهية التحكيم وعلاقته بالقضاء الدولي


بقلم المستشار الدكتور
سمير جاويد

تعريف التحكيم
أولا : التعريف اللغوي
التحكيم فى اللغة : من المصدر " حگم من باب التفعيل بتشديد الكاف مع الفتح وحكمه في الأمرفوض اليه الحكم فيه . وحكموه بينهم اى أمروه أن يحكم بينهم .

"ويعرفه ابن خلدون فى مقدمته بأنه " اتخاذ الخصمين حكما برضائهما للفصل فى خصومتهما ودعواهما "
وقد ورد ذكر التحكيم فى القرأن الكريم فى آيات كثيرة قال تعالى " وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا "
وخلاصة القول :- أن معنى التحكيم فى اللغة اطلاق اليد فى الشئ محل التحكيم للغير وتفويضه بنظر النزاع ويسمى حكماً او محكماً .

ثانياً : تعريف التحكيم فى الأصطلاح
يعرف فقهاء المسلمين التحكيم بأنه " تولية الخصمين حكماً يحكم بينهما "
وقوله تعالي { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}
بمعنى أن التحكيم هو اطلاق من سلطة الغير في محل التحكيم وتفويضه في نظم وحل النزاع ويسمى المفوضون محكمون ويسمي الخصوم المحكمين .

ويعرفه الفقيه الغربى الأستاذ " Robert" أنه نظام للقضاء الخاص تقصى فيه خصومة معينة عن اختصاص القضاء ويعهد بها الى أشخاص يختارون للفصل فيها .

ويعرفه الأستاذ الدكتور محسن شفيق بأنه طريق لفض المنازعات وملزم لأطرافه .
ويعرفه الأستاذ الدكتور أبو زيد رضوان بأنه "نظام لتسويه المنازعات عن طريق أفراد عاديين يختارهم الخصوم اما مباشرة أو عن طريق أشخاص يختارونهم" .

ثالثاً : المقصود بالتحكيم في فقه القانون الدولى
يعد التحكيم الدولى أسلوباً مشروعا في القانون الدولى العام حيث يجد مرجعه في اتفاقيه لاهاى لعام 1899 المتعلقه بحل النزاعات بالطرق السلمية .

ويعد التحكيم أحد شطرى التسوية القضائية للنزاعات الدوليه حيث تتكون التسوية القضائية من التحكيم الدولى والقضاء الدولى .
ولكن هناك من يقول أن التسوية القضائية لا تشمل التحكيم باعتباره قد نص عليه منفصلا عن التسوية القضائية في المادة 33 من أحكام الميثاق ولكن هناك اجماع بين الفقهاء على اعتبار أن مفهوم التسوية القضائية يشمل التحكيم الدولى والقضاء الدولى الذى يغطى بدوره المحاكم الدولية . 

فالتحكيم الدولى يطرح حلاً يفرض على طرفى النزاع بحكم التراضى المسبق فهو يقلل من مستوى مشاركة طرفى النزاع فى حله فالدور الرئيسى للتحكيم الدولى فى حل النزاع يكون لوجهة نظر طرف ثالث . 

ويعد أفضل تعريف للتحكيم الدولى هو الوارد في المادة 37 من اتفاقية لاهاى للعام 1907 الخاصة بتسويه النزاعات الدولية سلميا حيث عرفته بأنه " تسوية النزاعات بين الدول واللجوء الى التحكيم يستتبع التزاماً بالرضوخ بحسن نية للقرار الصادر " .
ويتضح من هذا التعريف أن للتحكيم الدولى أربع عناصر تميزه عن غيره من وسائل حل النزاعات تتمثل في :

أولاً :- أنه وسيلة لحل النزاع على أساس القانون الدولى : اذ أنه يخضع للقواعد القانونية التى تقرر حقوقاً وتفرض التزامات على الدول بمعنى أن القانون الذى يبلور التزامات دوليه منها اللجوء للتحكيم وللاشارة ان كلمة " الحق والقانون " المتداولة فى التعريفات وفي قرارات التحكيم يقصد بها القانون الدولى ولا تعنى القانون الداخلي.
ثانياً:- أنه يحل النزاع بواسطة قضاه من اختيار الأطراف.
ثالثاً:- انه يجرى بموجب اتفاق أو بمقتضى معاهدة بين الأطراف تظهر فيها ارادة الدول والتزامها بأسلوب التحكيم ونتائجه ويتخذ هذا الاتفاق صورة شرط التحكيم أو مشارطة التحكيم.
رابعاً: أن احكامه ملزمه لجميع الأطراف وهو مايميزه عن الوساطة والتفاوض.

ومما سبق يتضح لنا أن التحكيم لايختلف عن القضاء الدولى لأن كلاهما له طريقة قانونية لحل النزاعات الدولية على اساس احترام القانون الدولى التقليدى واحترام القانون الدولى المعاصر والفرق الوحيد بينهما هو في الواقع فرق شكلى يرجع الى أن التحكيم الدولى طريق قضائى يعتمد في وجوده وفي تشكيل الهيئة التحكيمية التى تفصل في النزاع على ارادة الأطراف المتنازعة.
بينما القضاء الدولى وان اعتمد على ارادة الدول الأطراف في النزاع من حيث ولاية القاضى الا أن تشكيل المحكمة واجراءاتها قبول قانون الدول التى تحدده قبل نشوء النزاع.


 ماهية, التحكيم ,وعلاقته, بالقضاء, الدولي



هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع