القائمة الرئيسية

الصفحات

ملاحظات حول المرسوم التشريعي 19/2015(1) سوريا



ملاحظات حول المرسوم التشريعي 19/2015 (1)


من المألوف أن يمنح المشرع للدولة ولأشخاص القانون العام الذين يمثلوها (وزير – محافظ – مدير عام....) ميزات تفضيلية في الخصومة أمام المحاكم لا يتمتع بها أشخاص القانون الخاص (شركات – جمعيات -مواطنون)، فعلى سبيل المثال لا يجوز الحجز على أموالها إلا عندما تتعامل مع الغير كتاجر، وهي معفاة من تأدية الرسوم والطوابع وغير ذلك من الميزات، وذلك له مسوغ موضوعي بأن الهدف الأسمى للدولة هو المصلحة العامة وخدمة المواطن والنهوض بأعبائه وأعباء البلاد، بينما أشخاص القانون الخاص تهدف بمعظمها للربح والمصلحة الخاصة.

ملاحظات حول المرسوم التشريعي 19/2015(1) سوريا



ولكن من غير المألوف أن ينحو المشرع مؤخراً لمنح ميزات تفضيلية لبعض أشخاص القانون الخاص تميزهم عن نظرائهم من المتقاضين كما فعل في القانون 24/2014 حينما أعطى المحكمة المصرفية الحق بمنع سفر عملاء المصارف بالرغم من عدم الحاجة لهذا التدبير لأن المصرف عندما يتعامل مع الغير يحيط نفسه بضمانات ائتمانية من رهون وتأمينات وكفالات كافية لضمان حقوقه، ولا شك أن هذا النهج يعتبر مخالفاً لمبدأ المساواة في الحقوق الدستوري، والمساواة أمام القانون.

أعاد المشرع الكرة بالأمس في المرسوم التشريعي 19/2015 عندما حظر في المادة الخامسة منه إلقاء الحجز على أصول الشركات التابعة إلا بحكم قضائي مبرم يبت بأصل الحق !!!

والشركات التابعة التي قصدها المرسوم هي الشركات التي تساهم بها أو تشترك بتأسيسها الشركة القابضة التي أحدثها المرسوم، وهذه الشركات التابعة هي شركات أموال تجارية بحتة غايتها الربح وجمع المال وتكديسه يساهم بها أو يشترك بتأسيسها رجال أعمال وأثرياء وشركات كبرى تجارية مثل فوادافون أو وسترن يونيون أو غيرها !!!

في الواقع لا يوجد أي مبرر لهذه الحصانة التي منحها المشرع لأموالها من الحجز، حيث منحها فرصة لتهريب أموالها أو إثقالها بديون وهمية عندما تستشعر قرب صدور حكم مبرم بحقها، مما يتسبب بضياع الضمان العام للدائنين وهو ما يجب أن يحرص عليه المشرع خلافاً لما أقره فعلاً.

والملاحظ أن هذه الحصانة الاستثنائية التي منحها المشرع لأموال هذه الشركات جاءت من الحجز بشكل مطلق (عملاً بقاعدة المطلق يجري على إطلاقه)، وهذا يعني أنه لا يجوز إلقاء الحجز الاحتياطي، أو الحجز الذي يلقيه وزير المالية وفق قانون جباية الأموال العامة من ضرائب وغيرها من الالتزامات تجاه الدولة نفسها !!!!

هذه الحصانة يحسد عليها من يتمتع بها.

نأمل أن يعدل المشرع عن هذا الاتجاه وأن يحرص أشدّ الحرص على مبدأ المساواة أمام القانون المقدس وأن يتمسك بأهدابه.
بقلم المحامي عارف الشعال
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع