القائمة الرئيسية

الصفحات

المبادئ الجديدة في قانون أصول المحاكمات السوري /1/ لعام 2016 (1)


المبادئ الجديدة في قانون أصول المحاكمات السوري /1/ لعام 2016 (1)

المبادئ الجديدة في قانون أصول المحاكمات /1/ لعام 2016 (1)


تمهيد:
في محاضرة ألقاها رئيس محكمة النقض المصرية الدكتور "محمد صادق فهمي" في المؤتمر الثاني للمحامين المعقود في القاهرة عام 1956 نقل عن الفقيه الفرنسي الكبير "كابيتان" رأياً عميقاً بالقانون يجب ألا يغيب عن بالنا كرجال قانون عندما قال:
((إن نصوص القوانين المسطورة ليس مصيرها كلها سواء، فمنها ما يبلى ولا تصبح له أهمية عملية، فلا يبقى له سوى القيمة النظرية، ومنها يتحور طبقاً لمقتضيات الحياة العملية،

فضلاً عن ذلك فإن النصوص التشريعية في أمة مهما كانت كاملة لا تمثل إلا جزءاً من قانون تلك الأمة، فهناك أحكام القضاء وما تقرره من مبادئ، كما أن هناك الكثير من القواعد التي وضعتها التقاليد تبقى بجانب القوانين المسطورة معمولاً بها، ولو أنها لم تدون.
فالذي يجب معرفته أن القانون الحي هو القانون كما يعمل به الناس، وكما تطبقه المحاكم، وعلى هذا الوجه نرى أنه ربما لا يشابه النص كما يشابه الحيوان هيكله العظمي))

في الواقع إذا أسقطنا كلام الفقيه الكبير بتمعن على قانون أصول المحاكمات الجديد لأدركنا ما فعل المشرع بالضبط، فهناك نصوص وأحكام في القانون السابق بليت وأخرى ربما ماتت أو مرضت أو اهترأت، أو ترهلت، فاستغنى عن تلك التي لم تعد تصلح ونفح الحياة بالمريضة المعتلّة.

وإذا كان قول الفقيه أن نصوص القانون هيكل عظمي وأحكام القضاء هي التي تكسوه لحماً، لوجدنا كيف غلّف المشرع الهيكل العظمي للقانون السابق، وكساه بلحوم الأحكام القضائية المتراكمة طيلة عقود، وقدّم لنا هذا القانون العديد من المبادئ الجديدة كلياً بالإضافة لعنايته باللغة القانونية الدقيقة، حيث استبدل الألفاظ الملتبسة بأخرى أكثر دقة، كلفظ الأجنبي الذي استبدله بلفظ (غير السوري) ليقطع الطريق على اعتبار العربي كالسوري، وكذلك لفظ (الاسم واللقب) الذي استبدله بلفظ (الاسم والنسبة) تمشياً مع المصطلح الذي أخذ به قانون الأحوال المدنية.

كما استغنى عن الكثير من العبارات المبهمة وغير المجدية، حتى يصبح النص أكثر رشاقة وحيوية، مثل العبارة الواردة في المادة 10 من القانون السابق التي تقول (ويقتضي حسن سير العدالة أن ينظر فيه) وعبارة (ما لم ينص القانون على خلاف ذلك) الواردة في المادة 229 من القانون السابق والعديد من عبارات لزوم ما لا يلزم على شاكلتها، فغدا قانوناً أكثر تجانساً من حيث اللغة والصياغة.

المبادئ الجديدة التي أتى بها القانون:

في تنازع قوانين الأصول:

أجرى تعديلاً وحيداً وعملياً في المادة الأولى (الفقرة ب/ 1) منه حينما نص على أنه تسري قوانين الأصول الجديدة على الدعاوى القائمة باستثناء القانون الذي يعدل الاختصاص (نوعي - ولائي – محلي ....) إذا كان تاريخ سريانه بعد تاريخ (قيد الدعوى) أي تسجيلها في ديوان المحكمة، وكان النص القديم يقول بعد (ختم المرافعة).

وهكذا نلحظ أن المشرع التزم الواقعية بهذا التعديل لأن نظام قفل باب المرافعة بقي نظرياً في القانون ولا تلتزم به محاكمنا لأسباب شتى.

وبناء عليه نستطيع الاستنتاج أن القانون الجديد الذي نص على اختصاص نوعي جديد بجعل الدعوى العينية والشخصية العقارية من الاختصاص النوعي لمحكمة البداية، لا يسري على الدعاوى المسجلة والمنظورة حالياً، وبالتالي فإن هذه القضايا المنظورة من لدن محكمة الصلح حالياً يفترض أن تبقى قائمة لديها.

في الاختصاص العام الشامل:

استحدث القانون مبدأً جديداً لم يكن منصوصاً عليه في سابقاً في المادة 3 منه أطلق عليه اسم (الاختصاص العام الشامل) حيث بسط ولاية القضاء السوري على كافة السوريين المقيمين وغير المقيمين، فجعل المحاكم السورية مختصة بالنظر بأي دعوى إذا كان المدعى عليه فيها سورياً، على غرار الصلاحية الشخصية لقانون العقوبات السوري،

وهذا يعني -على سبيل المثال- أن السوري الذي ارتكب حادث سير في بلد غير سوري وتسبب بضرر للغير يمكن ملاحقته في سوريا حتى لو لم يكن له موطن أو إقامة فيها، وكذلك الأمر بالنسبة للسوري الذي يتعاقد مع الغير في بلد غير سوري ويكون مكان تنفيذ العقد خارج سورية، أصبح للقضاء السوري ولاية النظر بأي نزاع يمكن أن يتفرع عنه، ومن البديهي أن اللجوء للقضاء السوري في هذه الحالة يكون في حال وجود أموال للسوري في سورية.

في الاختصاص الدولي العام:

أضاف القانون (المادة 7/ ج) شريحة جديدة تختص المحاكم السورية النظر في مسائل الإرث المتفرعة عنها في حال كانت أموال التركة أو بعضها موجودة في سورية، وهي إذا كان (المؤرث) يحمل الجنسية السورية، بينما القانون السابق يقتصر على حالة إن كان الورثة فقط سوريين.

كما أجاز في (المادة 8/ ب) منه لـ (الزوجة السورية) رفع دعوى التفريق أو الطلاق او فسخ الزواج على زوجها ولو لم يكن سورياً وليس له مكان إقامة أو موطن فيها، وحتى لو لم يزرْ سورية في السابق أبداً، ومما لا شك فيه أن هذا المبدأ رفع كثيراً عن الزوجات السوريات مشقة التقاضي أمام محاكم بلد غير سوري.

للبحث صلة إن شاء الله .....
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. اسلوب شرح المبادئ رائع اتمنى ان تستمروا بنشر كل المبادئ لتعم الفائدة ولكم جزيل الشكر

    ردحذف

إرسال تعليق

اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة

التنقل السريع