القائمة الرئيسية

الصفحات

إجراءات بيع العقار في قانون أصول المحاكمات /1/ لعام 2016 - سوريا

إجراءات بيع العقار في قانون أصول المحاكمات /1/ لعام 2016 - سوريا

في إجراءات بيع العقار:

لا نبالغ إذا قلنا: إن القانون الجديد أحدث انقلاباً كلياً في آلية بيع العقار، تختلف عن الآلية السقيمة التي كانت تحكم هذه المسألة في القانون السابق، فأطاح بالقواعد التي كانت تتسبب بإمكانية وصول عدد جلسات المزاد للثلاث، وقواعد كسر العشر، والإحالة الأولى، وغيرها، وخفف كثيراً من القيود التي كانت تحكم عملية البيع هذه، فاختزل مدة بيع العقار التي كانت تصل لسنوات، لأشهر قليلة وفق الأحكام الجديدة التي أتى بها.

ونستطيع القول: إن المشرع قد استفاد من التجربة الطويلة لدوائر التنفيذ في البيوع، واستخلص العبر، ولمس الإجراءات الطويلة والمعقدة المنصوص عليها في القانون السابق، والتي كان يكابد منها الدائن، فاختزلها كثيراً في هذا القانون، متقدماً في ذلك على انتقادات كبار الفقهاء، التي اقتصرت على أحكام زيادة العشر المنصوص عليها في القانون السابق، كالدكتور أحمد أبو الوفا الذي وصفه بالنظام العجيب، (إجراءات التنفيذ – ط 1956 – ص592)، واعتبره المرحوم نصرة منلا حيدر بأنه نظام عديم الفائدة (طرق التنفيذ – ط 1966 – ص595). 

فنصَّ في المواد 404 -406 على قواعد مختلفة كلياً في بيع العقار، أصبحت تتم على النحو التالي:

- تأمين الاشتراك بالمزاد:

نصَّ القانون الجديد على وجوب دفع تأمين الاشتراك بالمزاد، نسبة 50% من القيمة المقدرة للعقار، ويعفى من التأمين الدائن إذا كان مقدار دينه ومرتبته لا يقل عن القيمة المقدرة للعقار.
وقد سمح القانون للمزايد أن يشترك بنفسه بدون الاستعانة بمحام كما توجب المادة 105، وبالطبع يحق له الاشتراك بواسطة محام ينوب عنه. (المادة 404)
ومن المعلوم أن نسبة التأمين كانت في القانون السابق 10%،
ويمكن دفع التأمين نقداً أو بواسطة شيك مصدق باسم مدير التنفيذ، ويقدم قبل بدء الجلسة أو أثناء انعقادها حسبما يرتأي المشترك بالمزاد.

- إجراءات جلسة المزاد الأولى:

يبدأ المزاد بسعر لا يقل عن القيمة المقدرة للعقار المذكورة في قائمة شروط البيع،
ويجب على المشترك بالمزاد أن يتخذ موطن مختار في مقر دائرة التنفيذ،
وألا تقلّ كل زيادة معروضة عن /10/ بالمئة من العرض السابق. (المادة 406/ آ) بينما كان القانون السابق لا يشترط حد أدنى للزيادة في العروض.

- هناك ثلاثة احتمالات لما يمكن أن يحدث في هذه الجلسة:
الحالة الأولى:
أن يتقدم أحد المزاودين بعرض شراء يفوق القيمة المقدرة للعقار:
في هذه الحالة يحال البيع على المزايد الأخير صاحب أعلى عرض، إحالة قطعية. (المادة 406/ هـ)
بينما كان القانون السابق يقضي بإحالة أولى في هذه الحالة يتوجب النشر بعدها في الصحف، لإعطاء الفرصة للغير لزيادة عشر الثمن وإعادة المزاد ثانية، فاستغنى القانون الجديد عن كل هذه الأحكام وحسناً فعل.


الحالة الثانية:
ألا يشترك أحد بالمزاد:

في هذه الحالة يؤجل رئيس التنفيذ الموعد لمدة خمسة عشر يوماً وتعاد نفس إجراءات الدعوة. (المادة 406/ ب)

الحالة الثالثة:
أن يتقدم أحد المشتركين بعرض شراء بالقيمة المقدرة للعقار، ولم يأت عرض أعلى منه في الجلسة:

هذه الحالة سكت عنها القانون، فقد سمحت (المادة 404) البدء بالمزاد بالقيمة المقدرة للعقار.
وقررت (المادة 406/ هـ) إحالة العقار قطعياً على المزايد الأخير الذي يزيد عرضه على القيمة المقدرة فقط.

ولما كانت (المادة 406/ ج) أجازت لمباشر الإجراءات في حال عدم حضور أحد جلسة المزاد الثانية أن يطلب الإحالة لاسمه بالقيمة المقدرة، وتكون هذه الإحالة أولى وليست قطعية،

نستنتج من ذلك أن قصد المشرع عدم بيع العقار بالقيمة المقدرة في الجلسة الأولى للمزاد، وإجازته بدء المزاد بالقيمة المقدرة ينصرف لتشجيع المشتركين بالمزاد على المزايدة، 

وبالتالي في حال بقي عرض الشراء بالقيمة المقدرة على حاله في الجلسة الأولى، ولم يتقدم أحد بعرض شراء يفوق القيمة المقدرة بـ 10% على الأقل، فيعتبر أنه لم يشترك أحد بالمزاد.

- إجراءات جلسة المزاد الثانية:

في هذه الجلسة لا يشترط البدء بالمزايدة بالقيمة المقدرة للعقار، وهذا يستتبع عدم الالتزام بالتقدم بعرض يفوق الـ 10% من العرض السابق، بدليل أن الفقرة /د/ من المادة 404 نصت صراحة أنه إذا كانت العروض في هذه الجلسة أقل من القيمة المقدرة للعقار يحال للعارض الأخير إحالة أولى.

وهناك أيضاً ثلاثة احتمالات لما يمكن أن يحدث في هذه الجلسة:

الحالة الأولى:
أن يتقدم أحد المزاودين بعرض شراء يفوق القيمة المقدرة للعقار:
يسري في هذه الحالة نفس حكم الجلسة الأولى فيحال البيع على المزايد الأخير صاحب أعلى عرض، إحالة قطعية. (المادة 406/ هـ)

الحالة الثانية:
أن يتقدم أحد المزاودين بعرض شراء بالقيمة المقدرة للعقار أو أقل منها:
في هذه الحالة يقوم رئيس التنفيذ بإحالة العقار على أسم المزايد الأخير إحالة أولى غير قطعية، ويعلن النتيجة ويدعو لجلسة مزاد ثالثة خلال شهر، تتم وفق نفس الإجراءات السابقة في المكان الذي يختاره رئيس التنفيذ، على أن يكون تأمين الاشتراك بهذه الجلسة الثالثة مبلغاً يعادل كامل القيمة المقدرة للعقار. (المادة 406/ د)

الحالة الثالثة:
ألا يشترك أحد بالمزاد:
سكت المشرع عن حالة عدم الاشتراك بالمزاد في هذه الجلسة، ولم يتطرق لها فقهاء القانون، وفي تقديرنا أن هذه الحالة نادرة الحدوث، لأنه لا يوجد حد أدنى لعرض الشراء يجب التقدم به، مما يعتبر فرصة أمام الجمهور لاقتناص العقار بسعر متدني، فضلاً عن أن الدائن أو مباشر الإجراءات يكون محتاطاً لهذا الاحتمال بالعادة بتجهيز نفسه أو آخرين للشراء،
ولكن بالنظر للإجراءات الجديدة التي نصَّ عليها المشرع برفع مبلغ التأمين الذي يصل لنصف القيمة المقدرة، وبقائه محفوظاً بصندوق الدائرة حتى بيع العقار نهائياً وتسديد ثمنه، مما سيحدُّ من ظاهرة المشتركين المغامرين (المزاود الطائش)،
وكذلك إذا كان دين الدائن طالب التنفيذ زهيداً بالنسبة للقيمة المقدرة للعقار بحيث لا تسمح بإعفائه من دفع التأمين، مما يعزز من احتمال العزوف عن الاشتراك في الجلسة الثانية،
وفي هذه الحالة تعود الكرة لملعب الدائن بالبحث عن أموال أخرى للمنفذ عليه يستوفي منها دينه، أو يطلب من رئيس التنفيذ إعادة تقدير قيمة العقار مجدداً، وتنظيم قائمة بيع جديدة وإعادة إجراءات البيع ثانية.

- إجراءات جلسة المزاد الثالثة:
*************************

هذه الجلسة يتمُّ اللجوء لها في حالة وجود إحالة أولى غير قطعية ناجمة عن الجلسة الثانية للمزاد، كأن يطلب الدائن إحالة العقار على اسمه بالقيمة المقدرة نظراً لعدم حضور مشتركين، أو عندما يتقدم أحد المشتركين بعرض أقل من القيمة المقدرة في قائمة شروط البيع، وتجري هذه الجلسة وفق الأسس المنصوص عليها في (المادة 406/ د) وهي:

1 – يجب أن تجري هذه الجلسة خلال شهر من انتهاء الجلسة الثانية ويتم الدعوة لها وفق الإجراءات المتبعة للجلسات السابقة، ويمكن اختيار مكان آخر لإجراء المزاد.
2 – يجب دفع تأمين الاشتراك بهذه الجلسة هو كامل القيمة المقدرة للعقار، وهذا يشمل المشترك لأول مرة، ويشمل في رأينا أيضاً المشترك في الجلسات السابقة الذي له تأميناً في صندوق الدائرة يعادل نصف القيمة المقدرة، فيجب استكمال هذا التأمين حتى يحق له الاشتراك بالجلسة إن رغب بذلك، وكذلك الأمر بالنسبة للدائن الذي لا يستغرق دينه كامل القيمة المقدرة للعقار مما يتوجب عليه استدراك الفرق ودفعه إذا رغب بالاشتراك بالجلسة،

والسبب في وجوب استكمال الفرق في التأمين بالنسبة للفئتين السابقتين، أنه كانت الفرصة سانحة أمامهما في الجلسة السابقة لشراء العقار قطعياً ولم يقوما باستغلالها، فلا يوجد ما يدعو لمعاملتهما معاملة تفضيلية باستثنائهما من دفع التأمين المتوجب لهذه الجلسة.
3 – يجب البدء بالمزايدة بسعر أعلى من العرض الأخير المقدم في الجلسة السابقة.
4 – بالرغم من عدم النص على ذلك صراحة في متن القانون، ولكن حسب الآلية التي نص عليها المشرع لعملية البيع، يتم إحالة العقار إحالة قطعية على المزايد بأعلى سعر في هذه الجلسة، وفي حال لم يشترك أحد بالجلسة فيحال العقار إحالة قطعية لأعلى عرض سعر تم تقديمه في الجلسة السابقة.

-----------------------------

هذه هي الإجراءات الجديد المختصرة التي نصًّ عليها القانون الجديد، ولكن يؤخذ على صياغة المادة 406 التي تضمنت آلية بيع العقار، وجود بعض الثغرات التي تسبب شيء من الارباك تتجلى فيما يلي:

- الغموض الذي يكتنف إجراء الجلسة الثالثة من المزاد، بسبب مطلع الفقرة /د/ من المادة الذي يقول:
((إذا توافر الحضور، وجرت المزايدة، وكان العرض الأخير نتيجة المزايدة أقل من القيمة المقدرة يقرر رئيس التنفيذ إحالة العقار على المزايد الأخير إحالة أولى))
فهو لم يحدد في أي جلسة يمكن تقديم عرض الشراء بأقل من القيمة المقدرة، مما يوحي بإمكانية التقدم به في الجلسة الأولى، غير أن هذا الاستنتاج غير صحيح بسبب صراحة المادة 404 التي أوجبت تقديم عرض لا يقل عن القيمة المقدرة، مما يعني أن الإجازة بتقديم العرض الأدنى من القيمة المقدرة في الجلسة الثانية للمزاد، ويؤكد ذلك مطلع الفقرة /د/ الذي بدأ بعبارة: (أما إذا ....) مما يعني أن هذه الفقرة تتمة للقاعدة المذكورة في الفقرة السابقة والتي تحدثت عن حالة عدم الحضور في الجلسة الثانية، لذلك كان من الأفضل أن تكون صياغة الفقرة بشكل أوضح.

- لم يكن هناك من داعٍ لإدراج الفقرة /ج/ من المادة التي نصت على حق الدائن طلب إحالة العقار على اسمه إحالة أولى بالقيمة المقدرة، في حال تكرر عدم اشتراك أحد في جلسة المزاد الثانية، لأن هذه الميزة ممنوحة له ولغيره بموجب الفقرة التالية /د/، التي سمحت للجمهور تقديم عروض شراء مفتوحة بدون التقيد بالقيمة المقدرة، ويصار إحالة العقار للعرض الأعلى إحالة أولى،
لذلك تغدو هذه الفقرة هنا وكأنها لزوم ما لا يلزم، وتكراراً لمبدأ أقرته الفقرة التالية بشكل أعم وأشمل.

- ورد في الفقرة /هـ/ من المادة عبارة مكررة وملتبسة تقول:

((إذا كان ثمن الإحالة الثانية أقل من تلك القيمة فللدائن أن يطلب في ذات الجلسة إحالة العقار على اسمه بالقيمة المقدرة له وبكافة الأحوال يحال العقار على اسم المزايد الأخير في جلسة البيع الثانية بالثمن المعروض ولا يجوز المزايدة عليه بعد ذلك))

ومن المستغرب تكرار مبدأ طلب الدائن إحالة العقار على اسمه هنا بالقيمة المقدرة، وسبق أن منح هذا الحق في الفقرة السابقة رقم /ج/!!
كما أنه من غير الواضح المقصود من العبارة الأخيرة في الفقرة التي لم تجيز المزايدة على المزايد الأخير بالثمن المعروض، مما ينمّ على ارتباك واضح في النص!!


نص القانون الجديد أن البيع يجري بإشراف رئيس التنفيذ (المادة 400/ آ) وكان القانون السابق ساكتاً عن هذه الناحية،
ونظراً لكون جلسة المزاد توازي مجلس العقد، لذلك قطع المشرع أي جدل يمكن أن ينشأ عمن يشرف على جلسة المزاد في ظل وجود صلاحيات بمتن القانون لمأمور التنفيذ، وأخرى لمدير التنفيذ، فحسم الأمر بأن الإشراف على هذا البيع للقاضي رئيس التنفيذ. بينما نلحظ في بيع المنقول لم ينص على ذلك وترك الأمر معلقاً، وسط سيل من الصلاحيات الواسعة لمأمور التنفيذ، في عملية بيع المنقول، مما يدل على مرونة المشرع في هذه الجزئية بأنه لا ضير من إشراف المأمور على البيع وخاصة عندما يتم في السوق.

للبحث صلة إن شاء الله .....
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع