القائمة الرئيسية

الصفحات

الخطاب الإسلامي بين الحوار والنقد :

الخطاب الإسلامي بين الحوار والنقد :

الخطاب الإسلامي بين الحوار والنقد :

مفهوم الحوار بدلالة التوحد ، والنقد بدلالة التعدد المصداقي محوران أساسيان لقراءة الخطاب الإسلامي المعاصر في محاولة التحقق بمدى حضورهما ضمن عالم متغيِّر متبدل بخصوصيات فكرية ، ناشئة من التلاقح المجتمعي أو الفكري المتباين في المجتمع الواحد ، منطلقين من حقيقة مفادها : لا عقل ثابت يحكم أنماط خطابنا الإسلامي ، ولا منهج ثابت شامل يحدد ماهية الربط بين الفكر والواقع ، فكلاهما نتيجة لاحقة لمقدماتها.

ومن جانب آخر : ( ثمة هُوّة بين خطابنا الإسلامي المعاصر وبين واقعنا المعاصر ) . فالمفكر والباحث الإسلامي لم يزل ينأى بإشكالياته و طروحاته ، همومه وتساؤلاته عن واقعنا المعاصر . فمن يرى الإسلام خطاب العقل وسمو الذات ، ومن يرى الواقع الإسلامي خطاب السلطة وقمع الذات بدلاً من تشخيص إشكاليات واقعنا الإسلامي المعاصر ، ومحاولة عرضه لهمومه وتساؤلاته ووضع الحلول . فأين المفكر الإسلامي وأين رؤيته العقلانية مما يعانيه الخطاب بأزمته وانحساره . وأين هو من موجة التعصب والتطرف والإرهاب الفكري الموجه ضد الفكر الإسلامي نفسه بشكل خاص وواقعنا الإسلامي بشكل عام ، وما إلى ذلك من تساؤلات بحاجة إلى جواب . 


وفي الجملة : الخطاب الإسلامي بالأمس يتعلق بالعقيدة والمعرفة . وخطابنا المعاصر وما بالغد بات يتعلق بالوجود الإسلامي الحضاري هوية وقيمة وقيماً ، متمثلاً بخصوصية الحوار الحضاري المفتوح والشفاف لخطابات الذات الإسلاميَّة المتعددة ، وديمومة تفعيل النقد البنَّاء واقعاً وحلولاً ، وصولاً لانبعاث المعاصرة والاستقبال على صعيد التنظير والتطبيق فكراً وواقعاً ؛ مما يستلزم الحضور الزماني وفق ماهية التجدد والتجديد خطاباً لا مبادئ . التجدد على مستوى الذات ، والتجديد على مستوى الغير ؛ وجوداً إنسانياً إبداعياً متفاعلاً . ولا يخفى على المطلع أنَّ هناك أمور يجب التوقف عندها وإن لم تسع الفرصة بهذه العجالة تفصيلها ؛ لذا نلمح إليها بالآتي إجمالاً : 

1- ماهية الخطاب الإسلامي : هل هو شمولي أو لا .

2- بُنيَتِهِ العقلانية أهي تراثية راجعة لأصولها ، أو منفتحة على الواقع عائدة للأصول . 

3- مدياته، أهي حضوره في الفكر المعاصر ، أو هو الانطواء والاكتفاء بالقدر المتيقن . 

4- هل مضمون خطابنا الإسلامي تَشكَّل من منهجية واحدة ، أو منهجيات متلاقحة . 

5- ما الآفاق المتاحة للمفكر الإسلامي في تفعيل خطابه . 

6- ما مدى انفعاله وتفاعله بكل ما يحيطه من تناقضات وتيارات واتجاهات وخطابات ؛ ليؤشر الحضور الفكري للخطاب الإسلامي واقعاً وثقافة . 

7- ما هي إضافات المفكر الإسلامي اليوم على الخطاب الإسلامي . فهل ثمة إنقداحات تنطلق من الواقع لنفاعلها مع النص بقراءة جديدة دون الركون إلى مرتكزات نفسية مسبَّقة ، بل متفاعلة مع الواقع ؛ لتكييف الجو المعاصر بالأصل النصي وصولاً لنتائج مقبولة . 

وبعبارة أخرى وتصوير مغاير : إنَّ دلالات النص - كما أشرت في بعض مؤلفاتي - لا تتوقف عند مستوى واحد من الفهم ، بل هي تتعدد و تتنوع باختلاف الأزمان ، والأشخاص ، ومستويات الفهم والإدراك، وإنَّ للنص قابلية للانفتاح على قراءات مختلفة تتجدد بتجدد أفكار البشر واتساع مداركهم المعرفية ، وإنَّ التجديد الفكري في الإسلام ليس نسخاً أو تأسيساً لفكر جديد، أو مجرد إحياء لفكر قديم ، بل هو عملية تفاعل حيوي داخل فكر قائم ؛ لإعادة اكتشافه وتطويره وفقاً للفهم الزمني الذي يعي حاجات العصر.


فظهر في الآونة الأخيرة مصطلح إعادة القراءة، أو الفهم المتجدّد لآيات القرآن الكريم ، والذي يرى فيه أغلب العلماء والباحثين المعاصرين أنَّ : إعادة القراءة هي جزء من عملية التأويل ؛ لأنَّ النص تجربة عقلية قصديّة ، كما إنَّ إعادة القراءة محاولة لإعادة إنتاج التجربة في خطاب جديد يرتبط بالنص المقروء . كما أنَّ إعادة القراءة محاولة لتفكيك خطاب النص واستعادة تركيبه بفاعلية جديدة وفهم محدد ، فيتحول النص إلى أطروحة معاصرة بأصول تراثية عقيدية .


ورغم الصلة بين التأويل وإعادة قراءة النص ، إلا أنَّ التأويل معناه تفرد الباحث مع النص بلا رؤية مصممة لتوجيه النص، أي إنَّه نظر موضوعي في أصول النص ومغزاه، بينما إعادة قراءة النص رؤية قبلية، ومحاولة لتوجيه النص نحو حزمة أفكار أساسية، ووضع النص شاهداً على صحتها، بإعادة تصفيف معاني النص، أو تحميله ما لا يحتمل وإعادة إنتاج خطابه من جديد. .


ويمكن القول : إنَّ النصوص الإسلاميَّة جعلت انفتاح النص على الأفهام المختلفة، وقابليته للقراءات المتنوعة ميزة أساسية من ميزات النص الديني الإسلامي الخالد . 


8- ما هي الآليات لتفعيل الخطاب المعاصر . 


وغير ذلك من الأمور . 

وأرى : إنَّ الخطاب الإسلامي يمثل نظرة شمولية معبّرة عن منظومة فكرية موحَّدة من المفاهيم والأفكار والبُنى لهذا الفكر أو ذاك أو هما معاً ؛ كحصيلة تجربة وخبرة ومعاناة فكرية وجدانية ، تنطلق من قراءة الإسلام عبر تفعيل منطلقاته العقائدية بلا تعنت ، مستنداً فيها إلى أصوله النصيَّة في قراءة متينة لتراث روائي ضخم بعقلائية معاصرة منفتحة ، أو توفيقية تراثية حداثوية ، الأمر الذي يدل على كون خطابنا الإسلامي متجه نحو التوحيد الظاهر في حقيقته وإنْ حصل من جمع تعددية بموجبها اختلفت وجهات النظر ، وتباينت المواقف الفرعية فيها لا الأساسية .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع