القائمة الرئيسية

الصفحات

العيوب التي لم يتلافاها قانون أصول المحاكمات السوري /1/ لعام 2016 في بيع العقار

العيوب التي لم يتلافاها قانون أصول المحاكمات /1/ لعام 2016 في بيع العقار


كانت أحكام بيع العقار في القانون السابق تشوبها بعض الثغرات المربكة، ومن المستغرب أن القانون الجديد نقلها كما هي بدون أن يتلافاها، ومنها العيب بآلية تحديد موعد المزاد التي يشوبها التناقض.

ذلك أن الفقرة /د/ من المادة (391) من القانون الجديد تنص أن يشمل تبليغ الإخبار بقائمة شروط البيع التي يقوم بها المأمور، تاريخ جلسة البيع وساعة انعقادها في حالة عدم تقديم اعتراضات على القائمة.

ويفهم من هذا النص أن المأمور هو الذي يحدد يوم وساعة، جلسة المزاد بدون طلب من أحد، بعدما حدد رئيس التنفيذ في المادة التي سبقتها ذات الرقم (390) جلسة النظر بالاعتراضات على قائمة شروط البيع،

وفي الواقع هذا الحكم مستساغ نظراً لأن دائرة التنفيذ حلّت مكان المدين في بيع عقاره جبرياً، وبالتالي لا ضير من المبادرة بتحديد موعد للبيع بدون طلب أحد الأطراف، بعدما وضعت يدها على العقار تمهيداً لبيعه، وبعد ما تمّ ضم قائمة شروط البيع (الإيجاب بعقد البيع) للملف التنفيذي.

المشكلة تأتي بعد ذلك في المادة (399/ آ) بعد البت بالاعتراضات على القائمة والتي يفترض أنه تمَّ تحديد موعد المزاد قبلها، فتقول:
للدائن الذي باشر الاجراءات ولكل دائن أصبح طرفا أن يطلب من رئيس التنفيذ تعيين جلسة البيع !!

واضح التناقض في هذه الحالة، حيث تم تحديد موعد المزاد بالتزامن مع تحديد موعد جلسة الاعتراض من قبل المأمور، فيسمح للدائن أن يطلب تحديد جلسة المزاد ثانية!!

وحتى لو أتى من يفسر نص المادة (391/ د) آنف الذكر، بأن المأمور يقوم بتحديد جلسة البيع في حال عدم ورود اعتراضات على القائمة، أما في حال وردت الاعتراضات فتلغى الجلسة التي حددها المأمور، ويطلب الدائن تحديدها بعد البتّ بالاعتراضات وفق المادة (399)، فإن نص المادة 391 لا يحتمل ثقل هذا التفسير، إذ لم ترد به إشارة لأي اتجاه من هذا القبيل، فالمشرع حينما ينص على أحكام احتمالية، مثل ورود اعتراض أو عدم وروده على قائمة شروط البيع، ويرتب آثار على كل منهما، يجب أن يكون أكثر وضوحاً وتفصيلاً وصراحة من ذلك.

معضلة ثانية لم يجد لها القانون الجديد حلاً، ونقلها كما كانت من القانون السابق، وهي بيع عدة عقارات تقع في دوائر تنفيذ مختلفة بملف تنفيذي واحد، حيث نصت الفقرة ب من المادة 402 على:

((إذا تناول التنفيذ عقارات تقع في دوائر مختلفة تلصق الاعلانات أيضا في لوحات تلك الدوائر))

فلئن كان القانون قد نصَّ على مكان النشر بالنسبة لهذه العقارات، غير أنه أغفل مسائل أخرى أكثر أهمية كان يجدر به إيجاد حلٍ لها، أو وضع آلية واضحة لإجراءات بيعها، مثل وضع اليد وتنظيم قائمة شروط البيع وتحديد موعد للاعتراض وجلسة البيع، مع ملاحظة تعذر ذلك من الناحية النظرية، بحسبان أنه إذا اقتضى التنفيذ اتخاذ تدابير خارج منطقة الدائرة يقرر رئيس التنفيذ إنابة الدائرة التي ستتخذ فيها التدابير التنفيذية (المادة 277)

وفي الواقع يتعذر حصر الإشكالات الهائلة التي يمكن أن تكتنف هذه الحالة، مما كان يجدر بالمشرع تنظيم هذه العملية المعقدة والشائكة، كأن يقرر بيع العقارات على التوالي كل عقار في الدائرة التي يتبع لها بطريق الإنابة، وأن يختار طالب التنفيذ تسلسل بيع هذه العقارات.

في أحكام بيع العقار إزالة لشيوعه:

أضاف القانون الجديد نصاً يلزم مأمور التنفيذ تبليغ قائمة شروط البيع لشرائح إضافية غير الدائنين والمرتهنين والشركاء بالعقار، وهم أصحاب الحقوق والإشارات المدونة على صحيفة العقار. (المادة 420)
وهو إجراء كان متبعاً تفرضه الغاية من إحداث السجل العقاري وقد أحسن القانون الجديد بتكريسه بنصّ صريح.

في أحكام تقسيم الأموال وتوزيعها على الدائنين:

أضاف القانون الجديد نصاً غير لازم يمكن الاستغناء عنه يقول:
((إذا كان المحصل في القضية التنفيذية مالا غير كاف لوفاء بحقوق الحاجزين فإن ذمة المدين تبقى مشغولة بالرصيد حتى استيفائهم لكامل حقوقهم)) (المادة 424/ ج)

كما ألغى الإجراء الذي كان يلزم رئيس التنفيذ بنشر قرار الشروع بتقسيم الأموال في إحدى الصحف اليومية وحصره بالنشر على لوحة إعلانات الدائرة فقط (المادة 426)

كما أجرى تعديلاً فنياً واسعاً للمادة 450 في القانون السابق الخاصة بترتيب توزيع أموال المدين، حيث نص على أولويات التوزيع كما يلي: 

  • أولاً: الدائنين أصحاب الرهون والتأمينات والامتياز على حسب درجاتهم. 
  • ثانياً: الباقي يقسم بين الديون الأخرى (غير الممتازة) قسمة غرماء بنسبة دين كل منهم. 
  • ثالثاً: الديون غير ثابتة التاريخ فتستوفى من بقية أموال المدين. (المادة 429)

مع التنويه أن الدائنين المذكورين بالشريحتين الأولى والثانية، الثبتة ديونهم بأحكام أو أسناد رسمية قبل تاريخ تسجيل الحجز الاحتياطي، أو تاريخ قيد الملف التنفيذي واشتركوا به كما نصت بوضوح المادة 392 التي أشرنا إليها سابقاً.

وفي نهاية الحديث عن الأحكام الجديدة لبيع العقار، نودُّ الإشارة لناحية فقهية مفادها، أن القانون الجديد وإن انتهج فكراً جديداً ومختلفاً في بيع العقار، حيث اختصر إجراءاته واستغنى عما مجموعه 23 مادة تحكم البيع في القانون السابق، غير أنه بقي على فلسفته السابقة القائلة بأن التكييف القانوني للبيع الجبري عبارة عن عقد يجري بين دائرة التنفيذ بوصفها نائباً عن المدين، وبين من جرت الإحالة عليه،

ومن المعلوم أن هناك اتجاهاً آخر في الفكر القانوني يتبناه الفقه الإيطالي يقول بأن هذا البيع يعتبر من أعمال السلطة العامة، يصدر عمن أعطاه القانون (رئيس التنفيذ) هذه الصفة والسلطة بالبيع. (نصرة منلا حيدر – طرق التنفيذ – ص598) 
وتتضح ملامح الإبقاء على الاتجاه القديم بالمحافظة على نفس الأركان السابقة بالبيع بدءً من تنظيم قائمة شروط البيع، وانتهاءً بقرار الإحالة القطعية.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع