القائمة الرئيسية

الصفحات

موقف القاضي من المحامي إذا أخل بنظام الجلسة

موقف القاضي من المحامي إذا أخل بنظام الجلسة

بقلم المحامي عارف الشعال

أثناء انعقاد إحدى جلسات المحاكمة في العام 1975، حدث إشكال بين قاض ومحام، استدعى القاضي أن يخرج المحامي من قاعة المحكمة، فرفض الأخير الانصياع لهذا الأمر، فتفاقم الخلاف بينهما، وأخذ طابعاً قانونياً حول سلطة القاضي بإخراج من يخلّ بنظام الجلسة من قاعة المحكمة، حسب قانون أصول المحاكمات، وتمسك المحامي بحصانته المنصوص عليها في قانون المحاماة!


هذا الخلاف استدعى وزارة العدل لإصدار كتاب يتضمن رأيها بالموضوع معززاً بالفقه القانوني.
هذا الكتاب يحمل الرقم 3747 تاريخ 13/ 4/ 1975 – نشرته مجلة القانون لعام 1975 – الصفحة 58، يقول:


((إن القاضي والمحامي ملزمان بالحفاظ على نظام الجلسة أخذاً بقاعدة التعاون المتبادل بينهما باعتبار أن المحامي متمم للقضاء (داللوز ج1 عبارة محامي رقم 69).

إلا أن المشرع ناط أمر إدارتها برئيسها بصراحة الفقرة الأولى من المادة 139 أصول محاكمات أخذاً بالقواعد التي سارت عليها التقنينات العربية والأجنبية المقارنة (المادة 125 مرافعات مصري و88 وما يليها أصول محاكمات فرنسي).


إن سلطة الرئيس في ضبط الجلسة وإخراج كل من يخل بنظامها (م 139/2 أصول محاكمات) تبقى في حدود السلطة التنظيمية Policede Laudience بمعنى أن رئيس الجلسة يمتع بهذه السلطات ضمن حدود ضبط الجلسة وإقرار النظام فيها.


وتقف سلطات الرئيس عند حدود ضبط الجلسة وإخراج من يخلّ بنظامها، أما إذا تجاوز الإخلال بالنظام إلى الامتناع عن الخروج، أو ارتكاب جرم، فإن الفعل يتدرج إلى مرتبة غير مرتبة مجرد الإخلال بنظام الجلسة، لذلك أعطى المشرع السلطة في إيقاع العقاب في الحالة الأولى إلى المحكمة، وهي غير سلطة الرئيس، فنصت في الفقرة 2 من المادة 139 على أنه إذا لم يمتثل من أخرج من الجلسة لإخلاله بنظامها وتمادى، كان للمحكمة أن تحكم على الفور بحبسه 24 ساعة أو بتغريمه .....


بينما جعل الاختصاص موزعاً في الحالة الثانية، إذ أعطى رئيس الجلسة سلطة كتابة محضر عن كل جريمة وإلقاء القبض على الفاعل إذا كانت الجريمة جنائية الوصف (م 141 أصول) وأعطى المحكمة سلطة محاكمة من يرتكب جنحة التعدي على هيئتها، ويكون المشرع فرّق بين حالتين:


حالة الإخراج من الجلسة: وتقريرها منوط برئيسها.
والحالة الثانية هي التمرد على الإخراج، أو لارتكاب جرم، والسلطة موزعة حينئذ بين الرئيس والمحكمة "المستشارين" (عشماوي مرافعات – ج2 ص58، وراجع مناقشات مجلس الشيوخ في معرض المادة 125 مرافعات مصري المتوافقة والمادة 139 أصول المحاكمات السوري).


ومن استقراء المادة 69 من قانون المحاماة رقم 14 لعام 1972 (المقابلة للمادة 78 من القانون الحالي 30 للعام 2010) يتضح أنها منحت المحامي الحصانة في الحالات المحددة فيها، ومنها الحصانة التي تناولتها الفقرة 3 من المادة المذكورة ونصها:
((إذا بدر من المحامي أثناء المحاكمة ما يعتبر تشويشاً مخلاً بالنظام وموجباً للمسؤولية التأديبية أو الجزائية، ينظم رئيس المحكمة محضراً ويرسله إلى النيابة العامة ويرسل صورة عنه إلى رئيس الفرع)).


وتكون هذه الفقرة تعرضت لحصانة المحامي إذا ما تطور فعله من الإخلال بنظام الجلسة إلى مرحلة تشويشها بشكل أخلّ بنظامها وأوجب المسؤولية التأديبية أو الجزائية، فمنع المحكمة من إيقاع الجزاء عليه وفق ما نصت عليه المادة 139 /2، ومنع أعضاء المحكمة من محاكمة المحامي (المادة 69 /5 محاماة).


وتكون معاقبة المحامي متوفرة إذا ما ارتقى الإجراء الممنوح لرئيس المحكمة، وهو الإخراج من الجلسة، إلى الإجراء الآخر وهو الذي يستوجب المساءلة المسلكية أو الجزائية، 


إذ أن سلطات الرئيس بضبط الجلسة والإخراج منها لا تؤدي إلى مرحلة اتخاذ الإجراءات القضائية التي عنتها الفقرة 3 من المادة 69 من قانون المحاماة.


لأن التصرفات التي تخل بنظام الجلسة قد تنتهي بالتكليف بالخروج دون أن تؤدي إلى فرض التدابير الأخرى كالمساءلة المسلكية (Cucheالمرجع السابق، ودالوز مجموعة جزائية عبارة "Daudience Delit") 


إذ أن سلطات الرئيس بحفظ نظام الجلسة مستمدة من القوانين العامة بحقه أو محاكمته (إنطاكي – أصول محاكمات – ص135) 
وطبيعي أن المحافظة على هيبة القضاء وكفالة احترامه، إنما تنبع بالأصل من الواجبات الملقاة على عاتق القضاة والمحامين، وإذا كانت النصوص إنما تقنن إجراءات حفظ نظام الجلسة، فإن السادة المحامين أكثر الناس حرصاً على كرامة القضاء وغيرةً على عمله.
وطبيعي أيضاً أن لا يجري التوسع في استعمال هذه السلطة مع السادة المحامين إلا في حالة الضرورة القصوى دون أن يؤدي ذلك إلى استغناء عنها، لأن بقاءها يرمز إلى سلطات القضاء وما لمجلسه من هيبة، (عن تعليق الأستاذ العشماوي على المادة 125 مرافعات).


كذلك نرى أن حسن التعاون بين السادة القضاة والسادة المحامين هو الكفيل أيضاً بتطبيق القانون وضبط نظام الجلسة إعمالاً لنص الفقرة 2 من المادة 139 من قانون أصول المحاكمات))
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع