القائمة الرئيسية

الصفحات


ذكاء محامي

بقلم المحامي عارف الشعال

منذ سنوات طويلة خلت كان رفع محام في دمشق دعوى تثبيت بيع عقار، وكان خصمه متنفذاً على ما يبدو،

في صبيحة أحد الأيام حضر لمكتبه شخص عرَّفَ عن نفسه بأنه نقيب في فرع الأمن الجنائي، وأنه مكلف بمهمة استلام أصل عقد البيع موضوع تلك الدعوى من المحامي بسبب التحقيق لديهم بكونه مزور، وأبرز له ما يشعر بذلك!

وعلى ما يبدو أن الخصم المتنفذ استطاع بطريقة ما جعل الأمن الجنائي يحقق بموضوع البيع عن طريق الادعاء بتزوير العقد.


وطبعاً كان تسليم أصل العقد لهذا الضابط كارثة، لأن حقوق موكله ستصبح بمهب الريح ودخول القضية بالمجهول، ناهيك عن الريبة التي شعر بها المحامي لهذا الإجراء، لأن الطريق القانوني لمعالجة أي دفع يتعلق بهذا العقد هو الدعوى نفسها وليس عن طريق الأمن الجنائي الذي لا يخلو سلوكه من شبهة الفساد.

فلمعت بذهن المحامي فكرة للتخلص من هذا المأزق نفذها على الفور.
قال للضابط أنه سيسلمه العقد فوراً، ولكن يجب عليه قانوناً أن يستأذن القاضي الناظر بالدعوى قبل ذلك، وطلب من الضابط مرافقته للقصر العدلي خمس دقائق فقط لهذا الغرض وسيسلمه العقد هناك.

انطلت الخدعة على الضابط ورافقه للقصر العدلي، 

وبوصولهما للمحكمة انفرد المحامي بالقاضي البدائي المدني الناظر بالدعوى، وعرض عليه المشكلة طالباً من الموافقة على إيداع أصل العقد بصندوق المحكمة فوراً، 

فاستجاب القاضي فعلاً وتم إيداع العقد بالصندوق خلال دقائق.
ثم التفت المحامي للضابط قائلاً أن العقد أصبح بحوزة المحكمة، ويجب عليه أن يطلبه من القاضي بالذات،

دخل الضابط عند القاضي وأبرز له مهمته طالباً استلام أصل العقد.
فطلب القاضي من الضابط الحصول على موافقة المحامي العام على هذا الإجراء وجلب كتاب خطي بذلك منه.

بالفعل ذهب الضابط للمحامي العام وعرض عليه الأمر، فاعترض المحامي على تسليم العقد لأن القضاء ينظر بالموضوع وهو وحده له الحق بتفحصه فيما إن كان مزوراً أم لا.

فما كان من المحامي العام إلا أن نهر الضابط طالباً منه الانصراف وعدم تجاوز صلاحيته، ومراجعة القاضي بشأن العقد نهائياً، فخرج الضابط خائباً، واستطاع المحامي إنقاذ العقد من مصير مجهول.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع