القائمة الرئيسية

الصفحات

من قضايا وجرائم المخدرات للكاتب نبيل ياسين

من قضايا وجرائم المخدرات للكاتب نبيل ياسين

 قضايا وجرائم المخدرات 


تكاد تكون تجربة (نبيل ياسين), ما يمكن أن نطلق عليه تجربة (ما بين الاغتراب والاستشراق), حيث إن الآراء التي طرحها فيها مزاوجة بين هاتين التجربتين, ففي الوقت الذي يعيش فيه حالة (الاغتراب), فأنه يتحدث عن (الاستشراق), وعندما يكون (مستشرق), فأنه يتحدث عن (الاغتراب), وهذا ما يمثله في إدارة رأيه على أنه من (الجانب الآخر), وأيضاً لم يكن يعي للمادة العلمية بقدر ما تسري على الحقوق الإنسانية, ولد في بغداد والعولمة هويته, لذا كثيراً ما كنت سائله عن الصياغات الصحفية والشخصيات وعن حلول الأزمات وعن الدوافع الذاتية.


ومن أمثال الشخصيات التي كان لي الدافع بأن أسأل عنها والتي ربما تعد جزءاً من المجتمع كالدكتور عزمي بشارة, وعبد الحسين شعبان, ورشيد خيون, وحاتم الكعبي, وحسن حنفي. 


أما ما ذكره الباحث عن النجف الأشرف, فقد كان بين الكتاب والصحافة والمحاضرات( ) والندوات والمؤتمرات, تتمحور وتحاكى عن دور المرجعية في قضايا العصر, وعن المجتمع وأسسه الفكرية, وعن ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني, وعن ألجواهري في ألأدب والشعر, وأيضا من بين هذه القضايا التي ألقاها بالنجف الأشرف, هي التي ألقاها على طلبة - مركز تدريب مشاة شرطة النجف الأشرف - في حقوق الإنسان والديمقراطية والمجتمع المدني, بالأسلوب العملي والنظري في معهد العلمين للدراسات العليا.


أما سؤالي للدكتور نبيل ياسين, عن موضوع مادة (المخدرات) العقاقير, فكان رغم ما يحمله من الوثائق الغير الدقيقة ألا إن لا يتناسى (انتشار الإمراض النفسية والإدمان على المخدرات وتنشيط زراعة الخشخاش والأفيون), في موسومة عملة الشخصي.


وهنا يبقى السؤال صعبا, وذلك أن الأسباب متعددة لعمل شخصية الباحث, منها على سبيل المثال, الاندماج الاجتماعي, ولكثرة الاختصاصات التي يجوب بها بالتحديد, وحتى لا أثقل على كاهل الرجل؛ إضافتاً إلى ما يملك الباحث جواباً أفضل من نوع وفكرة سؤالي في الوقت الراهن أو الخيار الذي يتخذ يمكن إن يخضع إلى تدابير تثقيفية تشكل ضرورة الإشارة لنظام القانون الجزائي المستقبلي وبالتالي تعالج بشكل دائم.


لذا فقد دعوته أخيراً إلى أن يسأل نفسه في قيادة مرحلة عن إعلان مشروع القانون تحت قبة البرلمان, وربما يحمل الاسم: (عن كيفية تشريع البرلمان لقانون مشروع المخدرات, وتجربة أعلامي مغترب من هذه المادة), فكان جوابه على الرغم من التحفظ الشديد ألا أنه أبدا بقوله:- (أن مكونات البرلمان هي جهات سياسية على ألأغلب, ألا أنه لا يمكن أن نتناسى أهمية أن تكون القراءات دستورية وتميل إلى ألاتفاقيات والشراكات الدولية), وهذا شفوياً. 


أما جوابه مخصص مبدئياً للفائدة المشرع المتابع للقضايا الاجتماعية بتدابير علاجية حقيقية للتخلص من الإدمان لمدمني المخدرات, وهذا على الورق فكان في اليوم التالي وفي وقت تدبير مفاجئ وبتعريف تفصيلي, مستأنف في الابتعاد عن واقع الامر, بشخصية امتازت بفنية الحكم وتجديد ضمني. 


فنص الجواب: 

واجهت البرلمانات الأوروبية منذ مطلع التسعينات مشكلة تفشي المخدرات في المجتمعات الغربية ووسائل الحد منها.


وقد وافقت بعض البرلمانات، على بعض الإجراءات بهدف تفادي المشكلات التي تسببها المخدرات من اجل حماية الأمن الاجتماعي وتحقيق سلم أهلي في الأسرة والتجمعات الفقيرة التي تتعرض أكثر من غيرها لتأثير المخدرات لأسباب ثقافية واقتصادية واجتماعية متعددة.


وتأخذ الإجراءات والقوانين بنظر الاعتبار تخفيض النفقات الاقتصادية والتركيز على المخاطر المباشرة سريعة الأثر لتعاطي وتجارة المخدرات التي أصبحت مشكلة عالمية تتطلب جهود جميع الدول وبضمنها الدول التي تكون طرقا وممرات لتجارة المخدرات العالمية ولذلك تصاعد التعاون الدولي من خلال الانتربول والسلطات المحلية في كل بلد.


ولا تقتصر جهود مكافحة المخدرات سواء تناولها أو الاتجار بها على جهة حكومية دون أخرى، فهي ليست قضية حكومات فقط وإنما قضية مجتمع بما فيه من منظمات دينية واجتماعية وثقافية ورياضية وتوجهات أخلاقية وأسرية وحقوقية ولذلك فان كل الوزارات والجهات المدنية معنية بمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة وتلافي التأثيرات الضارة والمدمرة التي تتركها على المجتمعات.


وكان العراق قد انضم إلى الجهود الدولية الحثيثة لمكافحة المخدرات منذ الاتفاقية الدولية الصادرة في عام ١٩٦١م, في نيويورك فقد صادق على الانضمام اليها بالقانون رقم (١٦) لعام ١٩٦١م، وقد صدر قانون رقم (٦٨), لسنة ١٩٦٥م, الذي صدر في الوقائع العراقية في ٢٢ محرم, سنة ١٣٨٥ هجرية, الموافق٢٤ آيار, سنة ١٩٦٥م, والخاص بمكافحة المخدرات ثم صدر قانون سنة ٢٠٠٦م, لتدارك النقص في الإجراءات التي لم تواكب التطورات - الكارثية - في قضية تناول وتجارة المخدرات التي أصبحت ظاهرة عالمية ومتسعة ودخلت في إطار الجريمة المنظمة التي تعكس آثارا سلبية على الصحة والأخلاق والقانون والأسرة والمجتمع.


يتوخى التشريع السيطرة على تجارة المخدرات وتناولها والحد من اتساعها من خلال التنظيم القانوني والإداري ومن خلال إشراك أوسع القطاعات الحكومية والمدنية في الحد من هذه الظاهرة التي أصبحت منظمة وتشرف عليها عصابات دولية وتستخدم وسائل متطورة وتستفيد من تطور وسائل المواصلات والتصنيع والتمويه واتساع نطاق التجارة العالمية. وذلك أشراك قانون عام ٢٠٠٦م, وزارات الحكومة جميعها تقريبا في الجهود الحثيثة لمحاربة هذه الآفة القاتلة. فلم يكتف التشريع بتحميل وزارة الصحة وحدها مكافحة هذه الظاهرة على اعتبار إن المخدرات هي (عقار) يمكن إدخاله ضمن أصناف الأدوية بشكل أو بآخر وان أثاره صحية ومرضية وإنما إضافة إلى أن وزارة الصحة تضم عضوية (الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية)


توجد وزارات مثل الخارجية والعدل والتعليم العالي والتربية والمالية والثقافة والزراعة والبيئة والعمل والشؤون الاجتماعية والتخطيط وحقوق الإنسان إضافة إلى الهيئات الأساسية مثل مجلس القضاء الأعلى والأوقاف الدينية وجهاز المخابرات الوطني لان موضوع مكافحة المخدرات واسع ولا يقتصر على وزارة الصحة وإنما تشترك فيه القوانين والمراقبة والتثقيف والوعي الاجتماعي والروادع الدينية وغيرها. ولذلك نصت الفقرة ثانيا من المادة الثالثة من القانون على أهمية (التنسيق والتعاون بين الوزارات والجهات المختصة في شؤون المخدرات والمؤثرات العقلية وبينها الجهات الرسمية العربية والدولية ومنظمات المجتمع المدني المختصة في تلك الشؤون لتحقيق أهداف هذا القانون).


وهذا يعني إن قضية المخدرات قضية دولية وقضية وطنية في وقت واحد وان الجهود الفردية لجهة محددة غير كافية إداريا وقانونيا وإجرائيا للسيطرة على تجارة المخدرات ومنعها.


وقد توخى التشريع الجديد ضمن أهدافه الأساسية، في ثالثا من المادة الأولى، ضمان التنفيذ الفعلي للمعاهدات الدولية ذات الصلة بالمخدرات والمؤثرات العقلية، اعتراف من المشرع بان قضية الحد من تناول المخدرات ومنع الاتجار بها ليست قضية وطنية بحتة وانما قضية عالمية تتطلب التعاون الدولي والتنسيق الاقليمي والعالمي، لتبادل الخبرات وتنسيق الجهود خاصة وان طريق المخدرات طريق ملتو ويخترق دولا وقارات ومخازن سرية في بقاع مختلفة ودول متعددة اضافة الى مراقبة عمليات غسيل او تبييض الاموال الطائلة الناتجة عن عمليات التهريب وبيع المخدرات وهي اموال تؤثر على حماية الجريمة المنظمة وتوسيعها وتساعد على تدمير المجتمعات.


انطلق التشريع الجديد لعام ٢٠٠٦م, من الاعتراف بالآثار المدمرة للمخدرات صحيا واجتماعيا واخلاقيا واقتصاديا. فنظم الاشراف على المواد المخدرة المستعملة طبيا والداخلة في صناعة الادوية المشروعة وحدد المسؤولية والصفات المهنية في رابعا، أ، من الفصل الثاني المادة ١٦ حيث نص على ان (يعين صيدلي لإدارة المحل المعد للإتجار في المواد المخدرة او السلائف الكيمياوية مهما كان نوعه ويكون الصيدلي مسؤولا عن ادارته طبقا لأحكام هذا القانون), وكانت المادة الرابعة عشرة قد نصت على الحصول على اجازة من وزارة الصحة تمنح لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد، توخيا للسيطرة على الروتين او ضعف الرقابة ولمراجعة قانونية البيع والشراء والتصرف بالمواد المخدرة قانونيا، منعا لتسريبها خارج النطاق القانوني للاستخدام. 


وكان قانون عام ١٩٦٥م, قد حدد ايضا كيفية ادارة هذه المواد التي وضعها في جدول ونص عليها، فقد اكد في ٣ من المادة الخامسة على أنه: (لا يجوز استيراد اية مادة من المواد المذكورة في المادة الثالثة من هذا القانون الا بعد الحصول على اجازة خاصة من الوزارة باستيرادها واقتناع الوزارة بضرورة الكمية المطلوب استيرادها. 


وقد وضع القانون شروطا كثيرة للحد من تسرب المواد المخدرة بحيث نصت الفقرة خامسا من المادة (١٦) من الفصل الثاني على عدم جواز بيع المحال المجازة بالإتجار في المواد المخدرة او التنازل عنها الا للأشخاص او الجهات المنصوص عليها في المادة ٩ من القانون، واذا عدنا الى هذه المادة نجد ان الجهات المخولة هي دوائر الدولة والمعاهد العلمية المعترف بها، والتي يتطلب اختصاصها استعمال المواد المخدرة او المؤثرات العقلية), و(مدير معامل التحاليل الكيمياوية او الصناعية او الغذائية او غيرها مما يستدعي عملها استعمال المواد المخدرة او المؤثرات العقلية), و(مدراء المصانع والمحال المجازة بصنع الادوية التي يدخل في تركيبها موادا مخدرة او مؤثرات عقلية).


ويأتي هذا التخصيص منعا لتداول المواد من قبل جهات غير مختصة لان المشكلة التي تواجهها الدوائر المهنية هي ان نسبة كبيرة من المواد المخدرة تدخل في صناعات اهمها صناعة الادوية، فقد كانت السموم وماتزال موادا قاتلة ومواد شافية في نفس الوقت و لكن الامر يتعلق بكيفية الاستعمال وعلميته وكميته ومقدار الحاجة اليه.


من الممكن ان نورد كثيرا من مواد وفقرات القانونين ولكن ما يهمنا هو اهتمام الحكومة العراقية الجديدة قانونيا واخلاقيا بمكافحة المخدرات والسيطرة على تجارتها والحد منها ومن تفشي ظاهرة التعاطي ويهمنا القول ان القانون هذه المرة اناط بجهات الدولة جميعها تقريبا, وبجهات المجتمع الدينية والثقافية والاجتماعية مهمة التعاون من اجل القضاء على ظاهرة المخدرات, وكرس التعاون الاقليمي والدولي كسبيل من السبل الاساسية للحد من هذه الظاهرة واعطى المشرع اهمية كبيرة للتعاون الحكومي، القانوني والتربوي والديني والثقافي والبيئي لمكافحة هذه الظاهرة، ويبقى التشريع وحده غير كاف اذا لم ياخذ المجتمع العراقي برمته موضوع مكافحة المخدرات كمهمة من مهماته الوطنية والاخلاقية والاجتماعية، ومساعدة اجهزة الشرطة والقضاء وغيرها من الاجهزة المعنية للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع