القائمة الرئيسية

الصفحات

متابعةُ المحامــونَ لقراراتِ قُضاةِ الحُكمِ المخالفينَ للأغلبية Opponents Judges:

متابعةُ المحامــونَ لقراراتِ قُضاةِ الحُكمِ المخالفينَ للأغلبية Opponents Judges:

بقلم المحامي المستشار/ أحمد المبيض

ميّـز مشرّع قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم 3 لسنة 2001م المعدّل بين وضع المحكمة لقرار حكمها بالإجماع أو بالأغلبية، وأجاز في المادة 272 من الفصل السادس من الكتاب الثاني المتعلّق بالمحاكمات أن تصدُر الأحكام بإجماع الآراء، فيما عدا عقوبة الإعدام، والتي يلزمُ لصدورها إجماعُ قضاة الموضوعِ على النطقِ بها. 


وقد جاءَ في المادّةِ المذكورة المتعلقة بالمداولةِ وإصدار الحكم بالإجماع أو الأغلبية أنه "بعد اختتام المحاكمة تختلي المحكمة في غرفة المداولة وتدقّق فيما طرح أمامها من بيّنات وادعاءات، وتضع حكمها بالإجماع أو بالأغلبيّة فيما عدا عقوبة الإعدام فتكون بإجماع الآراء".


أمّا محكمة النقض المصرية، فقد أخذت موقفاً مغايراً حينما أوجبت صدور الحكم بإجماع الآراء، فلا محل فيه لإبداء رأي مخالف، ويلتزم المقرر بتدوين الحكم الصادر وفقاً لما اعتنقه رأي الأغلبية، وإن كان لا يتفق معها فيما ذهبت إليه، بحيث أن إبداء الرأي المخالف يكونُ فقط في مرحلة المداولةِ التي تسبِق النُطق، ولا يضمَّن في الحكم لمقتضيات سريّة المداولة، على اعتبار أن الرأي المخالف يضعف الحكم، ويشكّك الخصوم في صحته، ومن ثم فلا لزوم له على الإطلاق.


لكن كثيرٌ من فقهاء القضاء الأنجلو - أمريكي Anglo-American يرون أن إبداء الرأي المخالف وإبرازه، يدلُّ على جديّة المداولة، ويفسحُ المجال للقاضي المخالف بأن يبيّن وجهة نظره القانونية في عدم قبوله للرأي الذي ذهبت إليه أغلبية هيئة المحكمة، بما يدفعها لإعادة النظر فيما توصلت إليه من قناعات قبل إصدار حكمها، فهي بذلك قد تتراجعُ عمّا وقر في وجدانها، إضافةً إلى أن نشر قرار المخالفة فيه إثراءٌ للفقه والقانون معاً. 


ختاماً، نستعرض فيما يلي، نموذجاً لواحدٍ من قرارات المخالفة لاجتهاد محكمــة النقض الفلسطينية في الطعن/ جزاء رقم 65/2010 الصادر بتاريخ 28/6/2010م، والذي جاء فيه: " نخالفُ الأغلبية المحترمة فيما قضت به وحمّلت حُكمها عليه، ذلك أن الحكم الطعين جاءَ على نحوٍ مُتهاترٍ مبتورٌ اختلّت فيهِ عناصره وتلاشت فيه مشتملاته بأن صدر على نحوٍ يخالفُ منهج بناءِ الأحكام فقد جاء خلواً من أسم المستأنف والمستأنف عليه،

كما لم يتضمن كيفية اتصال المحكمة بالدعوى وأسم المحكمة مصدرة الحكم المستأنف ورقم الدعوى التي تقرّر قبول الاستئناف موضوعاً ضد الحكم الصادر فيها وإسقاط العقوبة المفروضة، وفي ذلك ما يجعل الحكم الطعين معتلاً وان علّته هذه تنحدرُ به إلى درجةِ البُطلان ذلك أن الحكم النهائي الصادر في موضوع الدعوى هو غاية الدعوى ونهايتها وله عناصر ثلاثة الديباجة والأسباب والمنطوق ويُنظر إليه كوحدةٍ واحدةٍ مترابطة ..


ولا يصارُ الرجوع إلى ضبط المحاكمة لمعرفة الخصوم أو الوقائع أو كيفية اتصال المحكمة بالدعوى أو غيرها من الأمور التي يجبُ أن يتضمّنها الحكم باعتبارهِ عُنواناً للحقيقةِ وفي ذلكَ نصّت المادة (276) من قانون الإجراءات الجزائية "يشتملُ الحكمُ على ملخّص الوقائع الواردة في قرارِ الاتهام والمحاكمة وعلى ملخّص طلباتِ النيابة العامة والمدّعي بالحقِّ المدني ودفاع المتهم وعلى الأسبابِ الموجبة للبراءة أو الإدانة، وعلى المادة القانونية المُنطبقة على الفعلِ في حالةِ الإدانة، وعلى تحديد العقوبة ومقدار التعويضات المدنية" فيما نصّت المادة (333) من ذات القانون (تجري في المحاكمة الاستئنافية أحكام المواد المتعلقة بعلانية المحاكمة وإجراءاتها وصيغة الحكم النهائي...).


لذا وتأسيساً على ما تقدّم ودون الولوجِ إلى أسبابِ الطعنْ ولمّا كانَ ما تخلف عن بيانه الحكمُ الطعين من الأمورِ الجوهريةِ المتعلقةِ بالنظامِ العامْ فإن الحكم الطعين يغدو والحالة هذه مستوجباً النقض بما يقتضي إعادة الأوراق لمحكمة بداية رام الله بصفتها الاستئنافية لتحكم في الدعوى من جديدٍ وفقَ منهج بناء على الأحكام بهيئةٍ مغايرةٍ عملاً بأحكام المادة (372).


ختاماً نقول، إن متابعة المحامــونَ لقراراتِ قُضاة الحُكمِ المخالفينَ لقرارِ الأغلبية، والاطّلاع على حيثياتها وأسبابها ودفوعها، هو من سماتِ بناءِ الثقافةِ القانونية الرفيعة للمحامي والفقيه القانوني، والمشتغلينَ بسلكِ العدالةِ والقضاءْ. 


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع