القائمة الرئيسية

الصفحات

المتهم ما بين البراءة والادانة

المتهم ما بين البراءة والادانة


بقلم الحقوقي فاروق العجاج

البرئ كيف يصبح متهما امام القانون كما جاء في نصوص الدستورالعراقي لسنة 2005في الفقرة خامسا من المادة 19 منه ( المتهم برئ حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية عادلة ) فحينما تقوم الجهات التحقيقية باستدعائه واستجوابه واتخاذ الاجراءاات التحقيقية اللازمة معه بصدد موضوع التهمة ومن اجراءات التوقيف المؤقت واجراءات الكشف المقتضية في محلات السكن والعمل وغيرها من الاجراءات الاخرى . و قد يكون برئ من كل ما ورد في اصل الاتهام . 


اذن لماذا هذه الاجراءات التي تقام ضده فبل ان تتاكد الجهة المسؤولة عن قضية الاتهام من حقيقة موقفه منها اولا قبل استدعائه بادلة وبراهين دالة على القناعة بلا شك ان له دور بها او على الارجح من حقيقة احتمال ضلوعه بها ؟. اذن ما ورد في القانون بان المتهم بريء اساسا هو مجرد افتراض مبدئي يتطلب الحذر والتاني خلال التحقيق مع المتهمين حتى تتبين الحقائق بشكل واضح من الادلة والبراهين الكافية لاحالتهم الى المحكمة المختصة لاصدار القرار اما بالبراءة او الادانة. 

فما تقوم به السلطات التحقيقية من اجراءات هي قائمة على اساس الشك باحتمال ضلوعه بها وعلى هذا الاساس تتخذ كل الاجراءات التحقيقية اللازمة في التحقيق معه من غيرحذروخاصة عندما يكون مصدر الاخبارات عن نلك التهم من مصادر موثوق بها من قبلها من وكلاء امن او من شهود متبرعين حسب قناعتهم بحقيقة الاعمال التي يعلمون بها او شاهدوها بانفسهم . كما يرى البعض من الفقهاء ان التساهل مع المتهمين ايا كان موقفهم من التهم قد يساعد كثير من المجرمين من الافلات من العقوبات بحقهم وابقاءهم مطلقي السراح والاستمرارعلى ارتكابهم للجرائم . ويرى البعض الاخرمنهم ,

 ما ذنب الابرياء الذين يتهمون من غير ذنب ولا علاقة بهم بموضوع الاتهام وهم يتعرضون الى سلسلة من الاجراءات التي تلحق بهم الاذى المادي والمعنوي. 


لكل من الراين سلبيات وايجابيات :-

الراي الاول – 
اولا- من سلبياته يساعد على اتهام اكبر عدد من الاشخاص من غير ادلة ثابتة ومقنعة وقد تتخذها بعض الجهات او الاشخاص ذريعة لاتهام عناصر معينة لاغراض خاصة لا علاقة لها بالجريمة والاجرام المقصود – مما يؤدي الى توقيف اعداد كبيرة لا تتحملها السجون ويزج بها اعداد لا تتلائم مع سعتها وحجمها مما يصعب توفير المكان الملائم للموقوفين او توفير الرعاية الصحية والخدمية المهمة في حياتهم- اضافة الى تكدس الملفات التحقيقية باعداد لا تستطيع الجهات المختصة من انجازها بالوقت المطلوب منها وفق السياقات القانونية السليمة مما تسبب تعطيل تقرير مصيرهم الى لاشهر او سنين عديدة خلافا لاصول قانون المحاكمات الجزائية العراقي-رقم23لسنة 1971-وتعديلاته-وخلافا لما ورد في الدستور العراقي القاضي –باهمية احترام حرية الانسان كما ورد في الفقرة ثانيا من المادة 19منه(-لا جريمة ولا عقوبةالا بنص ولا عقوبة الا-على فعل يعده القانون وقت اقترافه جريمة-----)
ولنفس الاسباب المذكورة اعلاه.مما يتطلب معالجة ذلك باهمية التاكد من الاخبارات والادعاءات والشكاوى عن اتهام اشخاص معينين وما تتوفرلديهم من ادلة ومعلومات موثقة – واتخاذ ما يلزم للتحقق من تلك الاخبارات والمعلومات قبل البدئ بالتحقيق مع الاشخاص المقصودين بالاتهام المباشر للوقوف على سلامة تلك الاخبارات وعد وجود دوافع شخصية معينة منها. 
ثانيا- ومن ايجابياته ومن خلال تكثيف الاجراءات التحقيقية مما يفوت الفرصة على المجرمين من الافلات من يد العدالة ولكن هنالك مقولة تقول عدم ادانة برئ او تعذيبه من غير مبرر

الراي الثاني

اولا- من سلبياته يساعد المجرمين من الافلات من يد العدالة والتخلص من العقاب ويبقى الامن مهدد باستمرارهم بارتكاب الجرائم ولكن ليس ذلك مبرر ان يفسح المجال للمحققين من توسيع دائرة الاتهام من غير ادلة ثبوتية مقنعة ومن التعرض لحياة المواطنين الابرياء خلافا لمنطق مبادئ حقوق الانسان( نص عليها اعلان العالمي لحقوق الانسان 1948بالقول(كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاحتى تثبت ادانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات للدفاع عنه)


ثانيا- ومن ايجابياته يحرص المحقق على البحث عن دقة المعلومات والاخبارات الوارد اليه ومن خبرة المحقق ذاته والعمل وفق سياقات اصولية قانونية ان لا تمس حرية وحقوق المواطن وكرامته الا بدليل اصولي مقنع. هدفه الاساس هو البحث عن المجرم الحقيقي والوقوف على الحقائق الاساسية الدالة على ملابساتها واسبابها ودوافعها بعناية المحقق الكفوء المقتدرالمخلص والنزية بتصرفاته وتعامله مع المتهنين بغية اكتشاف الحقيقة ومعرفة الجناة والقبض عليهم باسرع وقت وباقل جهد باشرف قاضي التحقيق المختص وتقديمهم للعدالة لينالوا جزائهم العادل .

ومهما تكن الدوافع والاسباب والمبررات للتمسك والاخذ باي راي منهما ولكن هناك قواعد اصولية وقانونية وشرعية لا يجوز تجاوزها عند ممارسة التحقيق في اي قضية جنائية كانت ومن وجوب الالتزام بها جملة وتفصيلا بلا ممانعة لاي سبب كان الا فيما تقتضيها ضرورات المصلحة العامةويمكن ان نلخصها بالاتي:-


اولا- الالتزام باتباع الاجراءات الاصولية في التحقيقات الابتدائية في القضايا الجنائية وفقا للقانون منذ استلام الاخبار عنها. ومن التاكد من صحة المعلومات ومنطقية حقيقتها الواقعية للوقوف عن كونها مجرد افتراءات كاذبة ام معلومات حقيقية وصحيحة. 


ثانيا- اجراء التحقيقات الاصولية في معاملة المتهمين بطرق علمية ومبدئية وشرعية من غير التجاوز على حرياتهم وحقوقهم المشروعة قانونا في حقه من التقاضي حق مصون ومكفول للجميع ومن حق الدفاع مقدس ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة- وان المتهم بريء حتى تثبت ادانته من محاكمة علنية قانونية عادلة وان لكل فرد ان يعامل معاملة عادلةفي الاجراءات القضائية والادارية (الدستور العراقي لسنة 2005)

ثالثا- ان يكون التحقيق في القضايا الجنائية تحت اشراف قاضي التحقيق المختص وان تجري تنفيذ اوامره وقراراته من قبل المحقق القضائي باهتمام وطبقا لاصول قانون المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 وتعديلاته. وان يكون للادعاء العام دورا مهما في متابعة التحقيقات الابتدائية والاطلاع على سيرها وفق القانون ومن التاكد على حماية الحق العام من نتائج الفعل الاجرامي المقلق لامن الدولة والمضر بالمصلحة العامة .

رابعا – الالتزام بالمدد القانونية فيما يتعلق بتوقيف المتهمين وفقا للقانون وعدم تجاوزها بما
يلحق الضرر وخاصة للمتهمين الذين ليس عليهم دليل مادي مقنع او ان التحقيقات قد تم اكمالها ولا توجد مخاوف امنية من التاثير عليها مما يمكن اطلاق سراح المتهمين بكفالة او تقرير مصيرهم على ضوء ما توصل من نتائج التحقيقات القضائية من المحقق القضائي المختص. وعدم ترك الامور سائبة ومعلقة الى زمن غير محدود .

خامسا- تفعيل قانون محاسبة المقصرين من المحققيين ومن معاونيهم بمختلف اصنافهم من خلال ارتكابهم مخالفات قانونية مؤثرة على سلامة التحقيق وعلى النهج المطلوب للكشف على الجناة والقبض عليهم باسرع وقت ممكن من غير تقصير لاي سبب كان.

سادسا- الاسراع في انهاء التحقيق في القضايا الجنائية وتقديم الملفات التحقيقية مع كافة مرفقاتها من المستندات والوثائق والكشوفات وتقارير الخبراء والفنيين المختصيين الى قاضي التحقيق المختص ومن ثم يقوم باصدارالقرار القضائي باحالة المتهمين مع الاوراق التحقيقية الى المحاكم المختصة ان كانت الادلة المتوفرة كافية لاحالتهم اوالافراج عن المتهمين ان كانت الادلة غير كافية للاحالة - ويلعب الادعاء العام دورمهما لاكمال التحقيقات بالطرق الاصولية واحالتها باسرع وقت ممكن الى المحاكم- 


ان سرعة انجاز التحقيق يساعد على عدم تكديس الاوراق التحقيقة وملفاتها الخاصة بالمعتقليين ومن ثم يتم تقرير مصيرهم بالسرعة المناسبةوعدم ابقاءهم اسرى العجز والاهمال ومن ضعف المراقبة للتحقيقات في مثل هذه القضايا المهمة من قبل السلطات المختصة- جميعهم ذات مسؤولية مشتركة لا يستطيع احد ان يعفي نفسه منها . وقد يكون قلة عدد المحققين اوقضاة التحقيق سببا مهما ومعوقا لانجاز هذه الكميات الكبيرة من ملفات التحقيقات لا يمكن ان يكون ذلك مبرارا لابقاء المتهمين معلقين في السجون والمعتقلات سنين عديدة من غير انجاز قضاياهم تعد مخالفة قانونية وانتهاك لحقوق الانسان في حريته وحقوقه ومصير حياته-وهي مكفوله جميعها في الدستور العراقي , مما يستلزم ان يكونوا بمستوى هذه المسؤولية المهمة بوعي وادراك تام لابعادها الانسانية والقانونية والشرعية. هذه من الامور المهمة التي يجب ان تراعى من قبل الجميع دون استثناء كما تقتضيها المصلحة القانونية الخاصة والمصلحة الانسانية عامة
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع