القائمة الرئيسية

الصفحات

سوء التقعيد في القضاء مشكلة حقيقية !!

سوء التقعيد في القضاء مشكلة حقيقية !!



المحامي عارف الشعال
ينقل الدكتور "عدنان القوتلي" عن الفقيه الفرنسي "دوباكيه" تعريفاً للاجتهاد القضائي يقول:
((الاجتهاد القضائي هو تلك الحقوق الموضوعية المستخلصة من القرارات الصادرة عن المحاكم)) 
(الحقوق المدنية – ج1 – ط 1957 - ص246)

تذكرت هذا القول وأنا أطالع اجتهاداً نشرت مجلة "المحامون" لعام 2012 الأعداد 7-12 – قا 459 مفاده:
((يعتبر الاختصاص الولائي من النظام العام وللمحكمة إثارته من تلقاء نفسها وفي أية مرحلة من مراحل الدعوى))

وفي الواقع يعتبر هذا الاجتهاد عديم الفائدة ولم يأت بجديد ومن النوع الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، لأنه يتحدث عن مسألة مسلماً بها لا يوجد فيها خلاف، كمن يقول:

(ماء البحر مالحاً) أو (مذاق العسل حلواً)...
أما الذي يهم الباحث القانوني فعلياً من وراء هذا الاجتهاد، والذي تجنبت المجلة تقعيده، هو الحالة التي عرضت على المحكمة فوجدت فيها نفسها غير مختصة (ولائياً) بنظر النزاع.


وعند تدقيق حيثيات الاجتهاد المنشور يفاجأ القارئ بحالة ملفتة للنظر تجاهلتها المجلة بالرغم من أنها كثيراً ما تعرض على المحاكم، وتستحق تسليط الضوء (التقعيد) عليها وتنبيه رجال القانون لها.

وتتلخص بإهمال محام التقدم بطعن ضمن المدة القانونية، ضد قرار صدر بمواجهة موكله مما تسبب له بضرر، فقام الموكل بمقاضاته طالباً التعويض، ورفع الدعوى أمام القضاء العادي،

بينما ينص قانون مزاولة المهنة أن هذا النزاع (ولو لم يتعلق بالأتعاب) يعتبر من اختصاص مجلس فرع النقابة، وهو اختصاص ولائي يعتبر من النظام العام.

وبالتالي كان حري بالمجلة أن تقوم بتقعيد الاجتهاد المستخلص من هذا القرار ليس كما فعلت، وإنما على النحو التالي:
((يختص مجلس فرع نقابة المحامين بنظر دعوى التعويض عن العطل والضرر اللاحق بالموكل جراء تقصير وإهمال محاميه، وهذا الاختصاص ولائياً، من النظام العام تثيره المحكمة من تلقاء نفسها))

في الواقع هناك الكثير من القواعد التي تستخلصها مجلة "المحامون" وغيرها من المجموعات التي تصنف الاجتهادات أيضاً، تقع بهذا المطب من سوء التقعيد، وهذه إحدى العلل التي ينبغي على الباحث بالقانون أن يعيها.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع