القائمة الرئيسية

الصفحات

مفهوم وخصائص حق الحصول على المعلومات في القانون الدولي ؟


ما هو حق الحصول على المعلومات ؟ ، وما هو مفهومها ؟ ، وخصائصها ، وهل تعد هذه الحرية حصرا على الصحافيين أم أنها متاحة لكل إنسان بصفته الإنسانية وفق الاتفاقيات والمواثيق الدولية ؟ وهل هناك استثناءات على هذا الحق أم أن هذا جاء الحق مطلقا ؟

مفهوم وخصائص حق الحصول على المعلومات في القانون الدولي ؟



بداية لا بد من القول أنه لا يوجد تعريف محدد لحق الحصول على المعلومات ، فحق الحصول على المعلومات ؛ يتيح للموطن الحق في السؤال عن أي معلومة ، وتلقي الإجابة عنها بصورة ، أو بأخرى سواء على شكل مطبوع ، أو مكتوب ، أو في أي قالب آخر سواء من الحكومة او البرلمان أو القضاء ، شريطة الالتزام بحدود القانون .


فالغاية القصوى من كفاح الإنسانية هي امتلاك الحرية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من قدرة الإنسان على تحقيق الذات البشرية ، عبر سيطرة البشر على حاضرهم ، ومستقبلهم ، وعلى ما يدور حولهم في الطبيعة ، والحياة .


وهذه الحرية لا تتأتى إلا من خلال تمكن الإنسان من الحصول على المعلومات اللازمة لمعرفة حاضره ، ومستقبله ، وما يدور لا سيما في العصر الحديث الذي أصبحت فيه وسائل الاتصال تشهد خلاله تطورا كبيرا ؛ حيث يمكن الحصول على المعلومات عبر أكثر من أسلوب ، وطريقة سواء من خلال الإنترنت ، أو من خلال الصحف ، أو الرسائل الخلوية القصيرة ، فضلا عن انتشار الفضائيات ، ومحطات التلفزة التي تنقل الأخبار ، والمعلومات بصورة سريعة ، وسريعة جدا ، وهو ما يشير إلى عدم الجدوى من حجب المعلومات . 


إذن فحق الحصول على المعلومات هو حق إنساني بالدرجة الأولى ، كما أنه يعبر عن مدنية المجتمعات ، وحضاريتها ، واحترام عقلية الفرد ، ومنهجية تفكيره ، وإشراكه في الأدوار ، والمسؤوليات ، وتحمله لمسؤولياته تجاه مجتمعه ، وقضاياه المختلفة ، فالمعلومة يجب أن تكون متاحة ، ومتوفرة لكل من يطلبها .


وبالتالي فإن عدم إشراك المواطن والحجر على عقله يحوله إلى آلة أو كائن لا يعقل ، وهو ما ينذر بانهيار الدولة لأن المواطن يعد مكونا رئيسيا لها فمجموع المواطنين يكونون الشعب إلى جانب الأرض ، والسيادة التي تتحقق الدولة بتحققها ، أو بتوافرها مجتمعة .


وبالنتيجة فإن حق الحصول على المعلومات الذي يصفه بعض الكتاب بأكسجين الديموقراطية ، وتداولها يعد جزءا رئيسيا من عمليات الإصلاح الذي يقوم على المساءلة ، والحقوق المدنية ، والواجبات الإنسانية المتصلة بالتعليم ، والصحة ، والعمل ، والمسكن .


وتقدم مبادئ جوها نسبرغ مثالا للتوازن بين حق الدولة في أبقاء المعلومات سرية وبين حق المجتمع في المعرفة ولكن ممارسات الدول تبقى هي الأساس في تنفيذ بنود هذه الاتفاقيات ، والتشريعات الوطنية ، في ذلك يمكن الإشارة إلى الواقعة الشهيرة التي نشرتها صحيفة (( نيونيورك تايمز )) الأمريكية ..


 حيث قام أحد المسربين العام 1971 بتسريب نسخة من دراسة أعدتها وزارة الدفاع الامريكية عن حرب فيتنام ، وفي 13 حزيران ( يونيو ) من العام ذاته بدأت الصحيفة بنشر أولى حلقات الدراسة فقامت وزارة العدل بالطلب من المحكمة بأن تمتنع الصحيفة عن الاستمرار في نشر الحلقات لأنها تضر بالأمن القومي للولايات المتحدة ، وامتنعت الصحيفة بالاستمرار عن النشر ، ولجأت إلى المحكمة ، وحاججت أن التعديل الأول للدستور يمنح الصحافة حرية النشر ويمنع الرقابة المسبقة وفي 30 تموز ( يوليو ) حكمت المحكمة لصالح الصحيفة .


وفي فضيحة ووتر غيت عام 1974 رفضت المحكمة حجة الرئيس الامريكي نيوكسون برفضه الكشف عن أشرطة طلبها صحافي من الواشنطن بوست طبقا لقانون حرية الوصول إلى المعلومات الأمريكية .


وفي ذلك يمكن الإشارة إلى مبادئ جوهانسبرغ التي تنص في الفقرة ب / 1 على أنه (( لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير ، ويشمل ذلك حرية التماس ، وتلقي ، ونقل المعلومات ، والأفكار ، من كل نوع ودونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب ، أو مطبوع ، أو قالب فني ، أو بأية وسيلة أخرى يختارها ، ونصت كذلك الفقرة ج من المادة ذاتها على أن (( ممارسة هذه الحقوق قد تكون خاضعة للقيود على أسباب محددة بما في ذلك حماية الأمن القومي )) .[i]


وعند وضع هذه الحقوق موضع التنفيذ بواسطة وسائل الاتصال الجماهيري فإن حرية التعبير تشكل حجر الزاوية في مفهوم (( حرية الإعلام )).


ففيما يتعلق بحرية الاعلام ، انعقد مؤتمر الأمم المتحدة بشأن حرية الاعلام في جنيف سنة 1948 ، وأصدر مجموعة من الفقرات والتوصيات حيث قامت الأجهزة المختصة في الأمم المتحدة فيما بعد بدراسة هذه القرارات وقد نصت قرارات الجمعية العامة على مايلي : 


  • ـ حث جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على منح العاملين في ميدان الأخبار من جميع الدول المعتمدين لدى الأمم المتحدة أو وكالاتها المتخصصة حرية الدخول الى الدول التي تعقد فيها الأمم المتحدة اجتماعاتها بغرض تغطية هذه الاجتماعات .
  • ـ دعوة جميع الدول الاعضاء الى الامتناع عن التدخل عمدا في استقبال اشارات البث الاذاعي ، التي تأتي من وراء الحدود ، والامتناع عن بث البرامج الاذاعية التي تهاجم أو تسيء الى الشعوب الأخرى .
  • ـ دعوة حكومات الدول الأعضاء الى عدم اتخاذ اجراءات تحد من حرية الاعلام أو حرية الصحافة الا في الظروف الاستثنائية القاهرة والى الحد الذي يفرضه القانون .
  • ـ دعوة أجهزة الأمم المتحدة الى النظر في بعض التدابير والإجراءات التي من شأنها تفادي ما يلحق بالتفاهم الدولي من أضرار بسبب نشر معلومات كاذبة أو مشوهة .
  • ـ تخويل الأمين العام سلطة تقديم المساعدات الفنية للدول الأعضاء بناء على طلبها وللعمل على تعزيز حرية الاعلام .

وقد أعد مؤتمر الأمم المتحدة بشأن حرية الاعلام الاتفاقية الخاصة بحق التصحيح الدولي ، وقد أقرتها الجمعية العامة في ديسمبر 1952 ، وتحاول الاتفاقية أن تنقل الى المستوى الدولي نظاما معينا هو جزء من القانون الوطني لبعض الدول فكرته الأساسية تتمثل في القاعدة المعروفة بإسم : audiature et alteapars ...


بمعنى أنه يحق للشخص الذي ورد ذكره في تقرير مطبوع أن يطلع القراء على وجهة نظره ازاء الموضوع ـ وتوافق الدول الأطراف في الاتفاقية على أنه في حالات التي تؤكد فيها أحدى هذه الدول ان رسالة اخبارية يمكن أن تسيء الى علاقاتها مع دول أخرى أو تسيء الى هيبتها وعزتها القومية وتكون قد نقلت من بلد الى بلد آخر عن طريق المراسلين أو وكالات الأنباء ونشرته أو وزعت في الخارج ـ عارية عن الصحة أو مشوهة ـ يجوز أن تقدم نصا بالحقائق ( يسمى بيانا ) الى الدول الأطراف التي نشرت أو وزعت في أراضيها هذه الأخبار ، وعلى الدولة التي تتلقى هذا التصحيح الالتزام بأن توزع هذا البيان على المراسلين ، ووكالات الأنباء العاملة في بلادها عن طريق وسائل الاعلام الأخرى لنشر البيان ..


 وانما ينشأ ـ الالتزام ـ التزام المتلقية لنشر بغض النظر عن رأيها في الحقائق الواردة في الرسالة الاخبارية أو البيان الذي يعنى بتصحيحها ، وفي حالة عدم قيام الدولة المتلقية بالوفاء بالتزامها بخصوص البيان الوارد من دولة أخرى من الدول الاطراف ، فإنه يجوز للدولة الأخيرة أن تتبع قاعدة المعاملة بالمثل وأن تتبع نفس النهج بالنشر للدولة الأخرى . وحق الإجابة والتصحيح ورد في المادة 14 من الاتفاقية الامريكية لحقوق الإنسان التي وضعت حق التصحيح من ضمن حقوق الإنسان ، كما ساهمت اليونسكو في تحقيق حرية التعبير ، وقدمت مساعدات الى البلدان النامية ، وذلك لوضع سياسات اتصال فعالة وانشاء المرافق الأساسية اللازمة لها ، وعقدت اليونسكو مؤتمرها الأول سنة 1976 في سان جوزية ( كوستاريكا ) كمؤتمر حكومي اقليمي مشترك ، وذلك لوضع سياسة للاتصال وما يلحق بها من مشكلات خاصة بالبحوث والتدريب ، وقد أصدر المؤتمر بيانا ومجموعة من التوصيات موجهة الى دول أمريكا اللاتينية الأعضاء في اليونسكو .


كما قرر المؤتمر اتخاذ اجراءات تتعلق بانشاء وكالات أنباء وطنية ، ووضع سياسات اتصال سليمة ، كما دعيت الدول المشاركة الى اقرار حق الإتصال وطلب الى اليونسكو اعداد بيان حول هذا الحق .


كما قامت اليونسكو بدورا فعالا في دراسة الاتصال ووظائفه في المجتمع الحديث الاستخدام الاخلاقي لوسائل الاتصال وذلك بقصد تدعيم السلام وتعزيز التفاهم الدولي .


ويرتبط بحرية الرأي والتعبير الحرية الأكاديمية التي يتمتع بها المجتمع الأكاديمي ، حيث تحتم هذه الحرية تعبير الأكاديميين بحرية عن آرائهم في المؤسسة أو النظام الذي يعملون به وفي أداء وظائفهم دون تمييز أو وجل من قمع الدولة أو أي قطاع آخر ، كما يتعين أن تكفل الدول للأكاديميين حرية المشاركة في الهيئات الأكاديمية المهنية أو التمثيلية . . 


وهذا ما أكد عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية من وجوب احترام الدول الأطراف للحرية التي لا غنى عنها للبحث العلمي والنشاط الإبداعي ( م 15 / 3 ) . . كما كفلها الميثاق العربي لحقوق الإنسان المعدل لعام 2004 الذي نص على احترام حرية اليحث العلمي والنشاط المبدع ( م 41 / 2 ) . وأشار إليها ميثاق الحقوق الاساسية في الاتحاد الأوروبي . لعام 2000 الذي نص صراحة على الحرية الأكاديمية وأكد على عدم جواز إخضاعها لأية قيود ( م 13 ) .


ومن التطبيقات الحديثة للحق في حرية الرأي والتعبير القرار الصادر من المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان في حكمها الصادر في قضية جيرسله ضد الدنمارك سنة 1995 حيث نظرت المحكمة في دعوى المدعي الذي كان يعمل صحفي ومقدم برامج في أحدى القنوات التلفزيونية الدنماركية...


 وأستضاف ثلاثة شبان من حركة النازين الجدد في مقابلة بثت على الهواء اعربوا فيها عن رغبتهم في عودة النظام النازي وبينوا أمتهانهم لبقية الاجناس من غير الجنس الاري وتذرع الصحفي بأنه مجرد مقدم برامج ولم يعمل على تحريض هولاء الشباب أو دفعهم على الكراهية العنصرية وقد وجدت المحكمة أنه ينبغي الفصل في هذه القضية بين مواقف الشباب الثلاثة وموقف الصحفي فالشباب دعوا صراحة الى الكراهية العنصرية وذلك خارج نطاق الحماية القانونية التي توفرها المادة العاشرة من الاتفاقية الأوربية أما بالنسبة للصحفي فأن الصحافة كمهنة قائمة على أساس عرض مختلف الاراء كما هي وقد كان عمل الصحفي وهو مقدم للبرنامج تتسق مع هذه المهمة وبالتالي فادانته بالتحريض على الكراهية العنصرية لمجرد أنه أجرى المقابلة يشكل هدم لحرية التعبير ومصادر لمهنية العمل الصحفي .



 وفي قضية ليتركس وأبزرورني ضد الحكومة الفرنسية لسنة 1998 قضت المحكمة أن حرية التعبير أيا كانت صورتها يحب أن لا تؤدي الى انكار الحقائق الثابتة والواضحة في التأريخ في أشارة واضحة الى قضية الهولكوست وكانت كلا من المدعيتين وهما منظماتان حاولتا أصدار صحيفة تدافع عن المارشال ( بيتين ) وتحاول أن تعيد محاكمته على الرغم من أن كلتا المنظمتين قد صرحتا بأنهما لا يحاولان التخفيف من الجرائم التي أرتكبها النظام النازي في المانيا . ثم عادت المحكمة لتأكد في أن قضية الهولكوست هي حقيقة لا يمكن أنكارها وأن كل أنكار لها لا يمكن أن يحظى بالحماية التي توفرها المادة 10 من الاتفاقية الأوربية الخاصة بالحق في حرية التعبير وقد طبقت المحكمة نفس المبدأ في قضية وتيرزاج ضد ألمانيا بتأريخ 20 نيسان 1999 حيث قضت بأن (( حماية مصالح ضحايا النظام النازي تفوق من حيث الأهمية في المجتمعات الديمقراطية حق المدعي بنشر أي مقال ينكر فيه وجود أفران الغاز والقتل الجماعي )) 


وفي قضية مشابهة هي قضية كراندي ضد الحكومة الفرنسية لسنة 2003 حيث قضت المحكمة الأوربية بأن حبس المدعي ستة أشهر لمجرد أنه نشر كتاب يشكك فيه بالجرائم التي أرتكبت ضد اليهود من قبل الحكومة النازية في المانيا لا ينتهك الضمانات المتوفرة للحق في حرية التعبير المنصوص عليها في المادة العاشرة من الاتفاقية وقررت المحكمة أن أعادة كتابة أو أنكار هذا النوع من الحقائق التأريخية يشكل واحد من أخطر التهديدات العنصرية والتي تتخذ من الكراهية الموجهة ضد اليهود ...



موضوعا لها وهو ما يمكن أن يكيف على أساس أنه تهديد خطير للنظام العام ولذلك فلا يمكن للمدعي أن يدفع بالضمانات التي توفرها المادة العاشرة من الاتفاقية الأوربية والمتعلقة بالحق في حرية التعبير وفيما يتعلق بقضايا المجاهرة بألالحاد فعلى الرغم من أن معظم الدول الأوربية قد الغت القوانين المتعلقة بحرية الفرد بالتعبير ألا أن اللجنة وجدت أن بقاء معظم الشريعات الجنائية التي تحرم أنكار وجود الله سبحانه وتعالى أو أهانة الكنيسة لا تشكل خرقا للمادة العاشرة من الاتفاقية الأوربية غير أن التحدي الأبرز الذي واجهته المحكمة الأوربية بحقوق الإنسان في قضايا الالحاد كان في قضية ونكرود ضد المملكة المتحدة حيث رفض المجلس البريطاني لتصنيف الأفلام أعطاء رخصة التصنيف لفلم فيدو قصير عن راهبة تدعى تريزا وهي راهبة شابة تظهر في الفلم وهي تقوم بحركات وأعمال مثيرة جنسيا بشكل مبالغ فيه وتستخدم في حركاتها هذه رمز الصليب , 


وقد علل المجلس البريطاني رفضه منح الترخيص لاعلى أساس الحركات المثيرة جنسيا التي تظهر فيها الراهبة في مواضع خليعة بل أسس فكرة الرفض على أساس أن الفيلم يقوم على الالحاد . وقد وجدت المحكمة الأوربية أن قرار المجلس لا يشكل أنتهاكا للمادة العاشرة المتعلقة بحماية حق الرأي و التعبير لأن قرار المجلس أتخذ على أساس حماية الاخلاق العامة . وخصوصا ما يتعلق فيها بالدين واكدت المحكمة (( أن التشريعات المتعلقة بألالحاد لازالت نافذة في العديد من البلدان الأوربية على الرغم من أن تطبيقها أصبح نادرا وأن أكثر دول الاتحاد الأوربي إلغتها 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع