القائمة الرئيسية

الصفحات

عبر قضبان الحرية


عبر قضبان الحرية 


استاذ محمد .. لستُ من مدمني الفيسبوك , ولستُ من متابعيك , لكن لفت انتباهي عبارة قرأتُها لك قبل قليل في موقع قانوني : 

- ان مجرد الطلاق لوحده لايمكن عده ضررا 

عبر قضبان الحرية


أقر ان لاخبرة لي في المسائل القانونية , فأنا مهندسة ديكور , لذا لن اطرح وجهة نظري الخاصة , لكن دعني اكشف لك جزءا من حياتي الخاصة .. ومن يدرِِي ؟ فقد أغير بعض قناعاتك ! 

- أنتِ طالق 

القاها زوجي السابق في وجهي بلهجة بدا فيها وكأنه يعاقبني .. لكني ولأسباب مؤلمة - لامكان لها الان - سعدتُ بها كما لم اسعد بهدية يوما !! عددتها في لحظتها كرما منه .. ورقة عتق .. وكانت العبارة هذه اول مقطع في فيلم طويل لم ينتهِ لحد الان 

عدتُ الى دار والدي وانا في غاية السعادة .. انتهى كابوس علاقتي به 

- طلّقكِ ؟!! طلّقكِ !! 

صرخت والدتي وهي تلطم كمن فقدت عزيزا 

نهَاها والدي بشدة واحتضنني .. حاصرتني نظرات الاشفاق من اخواتي وشقيقي الاكبر , وتكرر ذات السيناريو حين انتشر الخبر بين اقاربنا وبدأت الزيارات تتراكم ل ( التعزية ) لاتضحك استاذ محمد للعبارة .. فقد ضحكتُ يومها انا الاخرى في سري كثيرا 

- والله انتِ متستاهلين .. بس شتسوين ؟ هاي قسمتج .. عليه العوض 

وتكرر ذات الحوار في الشركة مع زميلاتي وزملائي , ادهشني ان كثيرين كانوا على اطلاع على معاناتي من زوجي السابق وسلوكياته المريضة البائسة .. ومع ذلك لم يقل أيّا منهم : الحمدلله انك تخلّصتِ منه 

- من ترحين للدوام وترجعين رح أوصلج آني او اخوج 

واستغربتُ للمقترح ! لاسيما وان لهجة والدي بدت كأمر لايرغب بمناقشته , لكن .. مالذي تغير ؟ طوال السنوات السابقة على طلاقي كنت اذهب بمفردي ولم يحدث يوما ان تحمّل التحفه ( زوجي السابق ) مشقة ايصالي , وعموما لم اعترض 

- مدتلاحظين انج تسولفين بالموبايل هوايه ؟

فاجأتني عبارة شقيقي الاكبر .. بل لأكن اكثر صراحة فأقول انها ازعجتني لاسيما وانها تلت ملاحظة مماثلة في ذات اليوم من زوجته .. رمقتُها بالتفاتة خاطفة فتشاغلت بتقليب قنوات التلفاز . اكتفيت بالصمت , لكنني لم اصمت ازاء تعليقات والدتي على ملابسي ( هذا ميرهم لج .. هذا مو مستور .. هذا ملفت للانتباه ) لاسيما وان تدخلاتها بدأت بالتراكم .. تمنيتُ عليها يوما ان تفسر لي سر اعتراضاتها 

- مو انتِ مطلقة !! 

- وشنو يعني ؟ وشنو اللي تغير ؟ ماكنتِ تعترضين على هاي الهدوم قبل طلاقي ! شنو اللي اختلف هسه ؟ 

وتساءلتُ يومها : كيف سيكون حالي لو ارتديتُ ملابس بعض محامياتكم ممن قابلتهن في المحاكم ؟ لاتزعل مني فبعض ملابس نومي اكثر سترا منها . 

وكأنني نسيت .. كانت تُذكّرني وكأنني نسيت اني مطلقة , وفهمتُ لاحقا دون ان بشرح لي احد ذلك .. فسّرت تودد زملائي في العمل تعاطفا منهم معي , ولمستُ منهم تقاربا اكثر معي , وأسعدني ذلك كثيرا انه لازال في الدنيا خير , ولمس احدهم يدي يوما في حركة بدت عفوية .. كان اخا لي .. كنتُ اعده اخا لي فعلا .. كما البقية ولم اعر الأمر اهمية لاسيما وانه متزوج من زميلة اخرى لنا في ذات الشركة , لكن العفوية تبخرت حين ضغط كفي باصابعه المرتجفة .. بدا كلص مرعوب !! ودق جرس الانذار في رأسي .. وبدأتُ ارقب بتوجس تصرفات من حولي من الرجال .. فقد أحالتهم تلك اللمسة من زملاء واصدقاء .. الى مجرد رجال !! وأخذتُ اتمعن في كلمات الاطراء المتناثرة .. لأفاجأ بها متخمة بالغزل .. طبعا .. وبدأتُ اعتذر عن قبول الهدايا التي تأتي بلا مناسبة , ثم حتى تلك تأتي بمناسبة 

وانتبهت كمن استيقظ فجأة ان احدى صديقاتي لم توجه لي دعوة لحضور حفل خطوبتها وانا التي كنت بسببا فيها , وتجاهلتني اخرى تماما حين ألحّت على كووول زملائنا في العمل لحضور حفل ميلادها !! وانتبهتُ ان صديقاتي يتهرّبن مني ههههه وخاصة أؤلئك المتزوجات !! تصوّر النكتة المؤلمة يادكتور 

وهممتُ اول امس ان أعلق على منشور لأحد زملائك المحامين تساءل فيه عن حالة عزل الموكل لمحاميه .. أنا عزلته ببساطه لانه تغزّل بي اكثر من مرّة , لاتستغرب فبطاقة الباحث الاجتماعي في المحكمة لازالت معي : ( خابريني بعد ال10 بالليل ) همس لي كمتسوّل ! 

انا الان يا استاذي العزيز مطلقة منذ ثلاث سنوات , احيا حريتي .. حريتي الغالية جدا , ليس فقط لانها حريتي .. وانما لان الذكور في مجتمعنا جعلوني ادفع ثمنها يوميا 

من سعادتي ومن أعصابي .. ومن حريتي ايضا .. بل وحتى من احترامي لذاتي 

ثم تأتي حضرتك البارحة تلف رجل على رجل وتكول : ( ان مجرد الطلاق لوحده لايمكن عده ضررا ) 

- استاذ محمد .. اكعد اعوج واحجي عدل
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع