القائمة الرئيسية

الصفحات

الخيط الرفيع بين جريمة انتهاك حرمة مسكن والشروع بالسرقة




القاضي ربيع الزهاوي

  تتخلص دعوانا في اضبارة تحقيقية قدمت الى محكمة التحقيق حول القاء القبض على المتهم – في سطح دار المشتكي – وكان يروم كسر قفل باب السطح والدخول الى الدار (وسرقة ما خف حملة وغلى ثمنه) .. وثم القاء القبض عليه وهو على هذه الحالة .. واعترف المتهم بدوره انه كان يروم السرقة .. 
الخيط الرفيع بين جريمة انتهاك حرمة مسكن والشروع بالسرقة


سؤالنا المطروح .. هل ان الوصف القانوني لفعل المتهم ينطبق واحكام المادة 428 من قانون العقوبات ( انتهاك حرمة مسكن) او المادة 446/31 من القانون (الشروع في سرقة ) .

- محكمة التمييز الاتحادية دقيقة في الفصل بين الشروع في السرقة وانتهاك حرمة مسكن .. ويتم الفصل فيها من خلال التأكد ان كان قد صدر من التهم اعتراف صريح بالحضور الى مكان الحادث بغية السرقة وان لم يتم الفعل .. سواء تم القاء القبض على المتهم على سطح الدار او في الحديقة مثلاً .. فالمتهم قد قام بإحضار ادوات السرقة والسلم وتسلق الى السطح .. اذن توافرت شروط المادة 446 .. او حتى المادة 444 من قانون العقوبات التي تطرقت الى ظروف ارتكابها .. في محل مسكون او معد للسكنى او مكان سور بحائط او سياج دخل اليه السارق بواسطة كسر باب او تسور جدار الخ .. اذا ارتكبت من شخص واحد يحمل سلاح ظاهر او مخبأ .. وكذلك انطبق نص المادة 30 من قانون العقوبات الذي اشار الى ان الشروع هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية او جنحة اذا اوقف او خاب اثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها .. اما في مسألة انتهاك حرمة مسكن فالقصد الجنائي للسرقة غير متوفر ولا معترف او مصرح به .. ومثاله سكران دخل دار أحد الاشخاص واستلقى في حديقة الدار .. وتم القاء القبض وهو على هذه الحالة .

- اما في وجهة نظر اخرى .. فأن دخول الدار بقصد ارتكاب جريمة سواء كان بواسطة تسور جدار أو كسر قفل يعتبر انتهاك لحرمة مسكن وفقاً لنص المادة 428 من قانون العقوبات ونصت الفقرة /2 ( اذا كان القصد من دخول المحل او الاختفاء او البقاء فيه منع حيازته بالقوة او ارتكاب جريمة فيه ... الخ ) اذن لا تعد الواقعة المثارة لدينا هي شروع بالسرقة .. فاذا تم القاء القبض على المتهم وهو جالس قبالة باب الدار او نافذة مكسورة فأنها جريمة انتهاك حرمة مسكن .. طالما لم يتم تجميع اغراض ينوي سرقتها او نزعها من محلها ..

- هناك تشابه كبير بين تطبيق نص المادتين .. يفصل بينهما خيط رفيع تطبيقاً لقاعدة فقهية تقول ( لا جريمة ولا عقوبة الا بنص ) ففي الواقعة المثارة لدينا فان المتهم تسور جدار الدار وصعد الى سطح الدار سواء تسلقه او استعمال سلم لذلك .. واثناء قيامه بمحاولة كسر قفل باب السطح تم القاء القبض عليه .. نرى انه لم يبدا بارتكاب جريمة الشروع بالسرقة .. حيث لم يضع يده على المواد التي يروم سرقتها وانما في طور الاعمال التحضيرية .. وحيث ان القانون لا يعاقب على النيات .. وان كانت نيته السرقة الا ان التكييف القانوني الصحيح لهذه الواقعة ينطبق واحكام المادة 428 ق. ع ..

 اما مسألة الشروع في السرقة فلو افترضنا ان شخصاً ما قد دخل الدار ومن ثم القبض عليه داخل الدار وبيده المال المسروق .. فهنا يكون قد ارتكب جريمة الشروع بالسرقة .. حيث انه وضع يده على المال المسروق .. الا ان فعله خاب لأسباب خارجة عن ارادته .. اذن هو ارتكب جريمة الشروع بالسرقة بكافة اركانها والعبرة هنا وضع اليد على المال المراد سرقته .. وزيادة في التوضيح فلو افترضنا ان هذا الشخص قد قام بسرقة احدى حاجيات الدار .. 

وشاهده صاحب الدار وعلى اثر المشاهدة هرب الجاني من الدار وخرج خارج سور الدار .. ولحقه صاحب الدار والقى القبض عليه على مسافة مائتا متر خارج الدار .. فان ذلك لا يغير من تطبيق جريمة الشروع في السرقة والسبب ان هذا المتهم عند هروبه من الدار لم يتم بحيازته المال المسروق حيازة تامة ومستقرة وهادئة .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع