القائمة الرئيسية

الصفحات

مشروع قانون المحاماة الجديد بين فرحة محامي وحزن طالب

مشروع قانون المحاماة الجديد بين فرحة محامي وحزن طالب

مشروع قانون المحاماة الجديد بين فرحة محامي وحزن طالب
مشروع قانون المحاماة الجديد بين فرحة محامي وحزن طالب

بعد القراءة الاولى لمسودة قانون المحاماة العراقي الجديد والذي نص على شروط الانتماء الى عضوية نقابة المحامين ومنها ان يكون المتقدم حاصل على شهادة القانون ومتخرجا من معهد المحاماة الذي سيتم تأسيسه بعد نفاذ القانون الجديد ثار سخطا كبيرا بين الاوساط الطلابية لكليات القانون في العراق ورفضا له وعدوه انتهاك لحقوقهم لأنه سيضيف سنتين اخرى من الدراسة بعد التخرج من الجامعة مما حدى بهم الى التظاهر والوقوف ضده, بينما رحبت اوساط المحامين بهذا القانون, وبالرغم من الملاحظات على هذا القانون والتي لاتنقص من قيمته الا ان ما اثار الجدل هو معهد المحاماة ومدة الدراسة فيه , لذا نعرج هنا الى الحديث عن تنظيم بعض المهن في العراق ومن ثم تنظيم مهنة المحاماة في بعض التشريعات العربية.


,اذا ما نظرنا بشكل بسيط الى بعض المهن في العراق كمهنة الاطباء والصيادلة فنرى ان المتخرج من كلية الطب يتدرج من طبيب متدرب الى ممارس لمدة اربع سنوات كي يستطيع ممارسة عمله خارج اوقات الدوام الرسمي , كذلك الصيدلاني يحتاج الى اكثر من ثلاثة سنوات بعد تعينه لكي يسمح له بفتح صيدلية وممارسة مهنته خارج اوقات الدوام الرسمي وذلك وفقا لقانون التدرج لذوي المهن الطبية والصحية رقم 6 لسنة 2006 المعدل اما قانوني نقابة الاطباء والصيادلة والتي تمنح عضويتها للمتخرجين فأنها لاتمنح اجازة العيادات والصيدليات الا وفق قانون التدرج وهذا يعني ان الاطباء والصيادلة قبل انهاء سنوات التدرج مجرد منتمين الى نقاباتهم دون التمتع بأي صلاحية لمارسة المهنة, وهذا يعني ان الدراسة الجامعية وان كانت على قدر من الاهمية الا انها غير كافية لممارسة المهنة .


واذا كانت هذه النظرة مقارنة مع المهن المغايرة لمهنة المحامي فنأتي على مهنة القضاء وحملة الشهادات العليا في القانون ابتداءا بشهادة الماجستير ,فنكون امام سؤال من البديهي طرحه هل يعد المحامي اقل منزلة من القاضي او ممن يحمل شهادة الماجستير في القانون؟ بالتأكيد لا .اذن فلماذا لكي تصبح قاضيا يجب ان تكون لديك خدمة قانونية اوقضائية لمدة ثلاث سنوات ومن ثم الدراسة في معهد القضاء لمدة سنتين , ولماذا يشترط تأدية امتحان منافسة للحصول على مقعد لدراسة الماجستير ودراسة لمدة سنتين تحضيرية متضمنة بحوث وسنة ثانيةلاعداد رسالة في القانون لنيل الماجستير ,في حين اذا اردت ان تكون محاميا عليك الحصول على شهادة الحقوق فقط!! هل يعني ذلك ان اهمية مايقوم به المحامي اقل مما يقوم به الطبيب والقاضي , فأذا كان لقب الطبيب والقاضي والمدرس يحتاج هذا الاعداد فمن الاولى ان يكون للحصول على لقب المحامي اعداد وتاهيل وتخصص.


وأذا كانت هذه المقارنة على مستوى تنظيم المهن المغايرة والمشابهة , فعلى مستوى التشريعات المنظمة لمهنة المحاماة في الوطن العربي لايعد التشريع العراقي الجديد الوحيد الذي جاء بهذه الشروط , وان كانت متفاوتة فيما بينها ,فالمرسوم رقم 79 لسنة 2011 والخاص بتنظيم مهنة المحاماة في تونس نص في الفصل الثالث /خامسا على شرط التسجيل في نقابة المحامين ان يكون المتقدم حاصلا على شهادة كفاءة من المعهد الاعلى للمحاماة , ونص كذلك في الفص الرابع /خامسا تكون مدة الدراسة في المعهد لمدة سنتين على ان يكون القبول في المعهد عن طريق مناظرة بين الحاصلين على الاجازة بالحقوق اي اجراء امتحان تنافسي بين المتقدمين ,اما في لبنان فقد نص القانون رقم 8 لسنة 1970 والخاص بتنظيم مهنة المحاماة على شروط مزاولة مهنة المحاماة ان يكون حاصلا على شهاد الاجازة بالحقوق والشهادة المؤهلة لممارسة مهنة المحاماة والتي تتضمن مواد توزع على سنوات الدراسة الاربع , وتكون امتحانات مواد الشهادة المؤهلة في كل المراحل امام لجنة فاحصة تتكون من(قاضي وخمسة محاميين وخمسة اساتذة جامعيين) وبعدها يتدرج المحامي لمدة ثلاث سنوات المواد (5,6,11),


 اما في مصر فقد نص قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدل على شروط القيد في سجل المحامين لأول مرة ان يكون في سجل المحاميين المتدربين وان يكون المتقدم حاصل على شهادة الحقوق او ما يعادلها على ان يلتحق بمكتب احد المحامين المقبولين للمرافعة امام محاكم الاستئناف وتكون مدة التدريب سنتان , ولا يجوز للمحامي تحت التمرين ان يفتتح مكتبا اثناء مدة التدريب المواد(1,13,21,22) , اما قانون المحاماة الاردني رقم 11 لسنة 1972 المعدل والذي اشترط لمزاولة مهنة المحاماة ان يكون المحامي مسجلا في جدول المحامين الاساتذة وللقيد في هذا الجدول يستوجب ان يكون المتقدم حاصلا على شهادة الحقوق واكمل سنتين في التدريب في احدى مكاتب المحاماة ومقيد في سجل المحاميين المتدربين على ان تكون مدة التدريب سنتين المواد(27,25,7,8).


على طلبة كلية القانون ان يعوا ان مهنة المحاماة هي ليست وسيلة لكسب الرزق كما كنا نتصور ايام الدراسة وان كانت تنطوي على جانب مادي فهي رسالة انسانية سامية ومقدسة لتحقيق العدالة وضمان تطبيق القانون في المجتمع, اخذين بعين الاعتبار مايعانيه الطلبة من جهود ومصاريف لاكمال الدراسة الجامعية والعوز المادي وضعف الحالة الاقتصادية للكثير قياسا بالوضع العام للبلد الا انا هذا يجب ان لايكون على حساب مهنة دون اخرى كما يحصل في التعامل مع مهنة المحاماة , فلماذا وفي العراق فقط عليك ان تكمل اربع سنوات في دراسة القانون لتصبح محاميا بناءا على المعلومات العامة التي اكتسبناها خلال الدراسة الجامعية والتي لاتؤهل المتخرج ان يعمل محاميا وهذا ماعانينا منه بصراحة الامر , فعندما نتعلم تعريف العقد وتعريف الالتزام وتعريف الجريمة واركان الدولة وماهي الشخصية المعنوية الخ.. 

من دون ان تعلم كيفية توظيف المعلومة من خلال النصوص ,او عندما لانعلم كيفية التعليق على قرار حكم قضائي اومدى موافقة القرار للنصوص والفقه والاجتهاد او كيفية كتابة مقال او عمل دراسة او بحث قانوني او البحث عن الاشكاليات القانونية لانصلح ان نكون محامين, ان معرفة القانون والاطلاع عليه امر بسيط فبأمكان العامل الذي يستطيع القراءاة ان يطلع على قانون العمل لكي يعرف ماله من حقوق وما عليه من واجبات تجاه رب العمل الا انه يجهل الكيفية التي يحقق بها ذلك وهنا يكون دور رجل القانون, ان مانحتاجه كمحاميين المنهجية القانونية في تفسير النصوص وتحليلها والاطلاع الفقهي ومتابعة الاجتهاد وكتابة البحوث والمقالات واعداد الدراسات وهو جوهر عمل المحامي وهذا مايفتقده اغلبنا بسبب طريقة التعليم في الجامعات.


انا مع معهد المحاماة ومع ان تحدد شروط القبول فيه بالعمر والمعدل واجراء امتحان تنافسي شأنه في ذلك شأن القبول في الدراسات العليا والمعهد القضائي ففي ذلك خدمة للقانون وللمجتمع, على ان يؤخذ بعين الاعتبار طلبة المرحلة الثالثة والرابعة في كليات القانون في الوقت الحالي من حيث سريان القانون بشرط خضوعهم الى دورة تأهيلية تحدد شروطها وضوابطها نقابة المحامين.


بالاضافة الى ذلك على نقابة المحامين تنسيق جهودها مع وزارة التعليم العالي والبحث كي تجعل من نفسها شريكا في اختيار المنهاهج العلمية والمواد التي تدرس في كليات القانون وطرق ووسائل التدريس فيها .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع