القائمة الرئيسية

الصفحات

قرار اعتبار الصهيونية من اشكال التمييز العنصري (ج: 2)

قرار اعتبار الصهيونية من اشكال التمييز العنصري (ج: 2)

 بقلم : أ.د. حكمت شبر.

وقرارات لجنة حقوق الانسان ومنظمة اليونسكو والصحة العالمية . ورفعت اربعه تقارير عما توصلت اليه من نتائج , حيث ادانت فيها الاعمال الوحشية للسلطات الاسرائيلية وانتهاكاتها الخطيرة لحقوق الانسان العربي في الأرض المحتلة وقد قدم التقارير في اعوام 1970 , 1971 , 1972 , 1973 , انظر د. تيسير النابلسي . الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية . دراسة لواقع الاحتلال الاسرائيلي في ضوء القانون الدولي . بيروت 1975 . ص 141 ,142 .

وجاء في الفقرة ج من المادة الثانية , القيام بشكل متعمد في خلق ظروف معيشية لاي من التجمعات البشرية التي تؤدي بالتالي الى الافناء الجسدي الكامل او الجزئي لها .

مارس النظام الصهيوني في اسرائيل هذه الجريمة غير المباشرة بحق الشعب الفلسطيني منذ عام 1947 حتى الوقت الحاضر وذلك عن طريق خلقه بشكل متعمد ظروفا معيشية صعبة للسكان من شأنها ان تؤدي بالنتيجة الى افناء الكامل او الجزئي لهم وقد اتبعت طرقا عديدة لتنفيذ هذه الجريمة :

1- قامت السلطات الاسرائيلية يحرمان اكثر من مليوني عربي فلسطيني من جميع وسائل الحياة عن طريق مصادرة املاكهم واراضيهم واماكن سكناهم وحولتهم الى لاجئين يعيشون اقسى انواع الحياة في خيام لاتقيهم حر الصيف او برد الشتاء في قطاع غزة ولبنان والضفة الشرقية للأردن وقد لجأت السلطات الفاشية في اسرائيل الى عمليات تهجير جماعية للسكان مستخدمة عدة وسائل تمتد من العنف والارهاب المباشر والطرد بالقوة المسلحة الى اسلوب عمليات الطرد والتهجير غير المباشر مستخدمة الرهاب الجماعي وتدمير المنازل والاحياء والقرى 

وعن طريق الضغط الاقتصادي . فقد قامت في عام 1948 بالاستيلاء على (250) قرية وتهجير سكانها . وفي كانون الثاني 1949 طردت سكان كفر عنان وهدمت القرية . وفي كانون الثاني 1950 اجبرت سكان القادسية على مغادرة القرية وفي شباط 1950 تم نقل سكان عمقا ونسفها برمتها . وطردت في اذار 1950 سكان قرية بطاطا. وفي تموز 1950 نقلت سكان قرية ابوغوش الى مكان مجهول وفي اب عام 1950 نقلت سكان المجدل وقذفتهم الى غزة وفي تشرين اول 1950 طردت سكان قرية البورشان ونسفت بيوتها . وفي شباط 1951 طردت سكان (13) قرية في وادي عارة الى خارج فلسطين . وفي عام 1953 طرد عوائل قرية الريحانة . وفي تشرين اول 1956 اجبرت سكان البقارة على الهجرة . وبعد عدوان عام 1967 قامت بطرد اعداد غفيرة من مدن قلقيلية وطولكرم والقدس وغزة والقنيطرة ومناطق الاغوار وقرى اللطرون مستخدمة كافة الوسائل الارهابية المتوفرة لديها (8) .

22- لجأت السلطات المحتلة الى تنفيذ العقوبات الجماعية ضد المواطنين العرب . فقد قامت بنسف وتدمير مجموعات من المنازل والاحياء نظرا لوقوع عميلة من عمليات رجال المقاومة في تلك المنطقة او ذلك الحي . ومن ابرز الامثلة غلى ذلك نسف احياء في بلدة (حلحول ) في قضاء الخليل فقد نسف 70 منزلا اثر مقتل ضابط اسرائيلي على يد رجال المقاومة وتم نسف مجموعة من الابنية في شارع عمر المختار في مدينة غزة اثر مقتل احد رجال المخابرات الاسرائيلية .

كما مارست اسرائيل اساليب اخرى في العقوبات الجماعية , فقد انشات معسكرات اعتقال في سيناء في منطقتي (القسيمة وابورديس) حشدت فيها مجموعات كبيرة من اقارب عدد من الاشخاص من المشتبه بقيامهم بأعمال تخل بالأمن ولم ينجو من ذلك الا النساء والشيوخ والاطفال (9) . وعمدت السلطات المحتلة الى تدمير وتخريب مدن عربية فلسطينية كاملة كما حصل في مدينة ( قلقيلية ) وشملت قرى بأكملها ( قرى اللطرون الثلاثة يالو , عمواس وبيت نوبا ) ومنطقة الجفتلك .كما نفذت ذلك في اقسام كبيرة في عدد من القرى والمدن , فشملت احياء بأكملها كما حدث في مدينة القدس وفي بعض قرى الخليل مثل ( بيت ميرسم وبيت عوا وصوريف وحلحول وعدد كبير في المرتفعات السورية وفي قطاع غزة ومشارف رفح ) (10) .

ومن الجرائم التي ارتكبتها السطات الصهيونية المحتلة ولازالت جريمتها المتمثلة في محاولة القضاء على الحضارة والثقافة العربية , هادفة من وراء ذلك اضعاف الصلات الدينية والقومية والتاريخية بين المواطنين العرب , والذي يجر بالتالي الى تحطيم هويتهم وشخصيتهم القومية . ولا يختلف ذلك عما قامت به المانيا الهتلرية اثناء احتلالها للبلدان الاوربية في الحرب العالمية الثانية (11) .

(8) اننا نعتبر التهجير والابعاد من الوسائل التي تؤدي الى ارتكاب جريمة الابادة الكلية او الجزئية وذلك لحرمان السكان من وسائل الحياة .وقد وضعت المادة السادسة فقرة ب من ميثاق محكمة نورمبرغ الابعاد في عداد جرائم الحرب .

كما ان الفقرة ج من المادة السادسة من الميثاق المذكور اعتبرته جريمة ضد الانسانية . وصدرت احكام عديدة من المحاكم الدولية باعتبار الابعاد مخالفا لقوانين وتقاليد الحرب وقضت المادة (147) من اتفاقيات جنيف الرابعة باعتبار الابعاد من الانتهاكات الخطيرة للاتفاقية .

ويتعارض الابعاد ونص المادة (49) من اتفاقيات لاهاي عام 19077 . وتضع معظم دول العالم المتمدن قيودا في تشريعاتها على حق الدولة في ابعاد الاجانب من اراضيها . وتشترط ان يكون الابعاد خاليا من اي تعسف . وانطلاقا من ذلك الدولة التي تملك حرية السماح بدخول الاجانب الى بلادها وتفقد حريتها المطلقة في ابعادهم , فهي من باب اولى لا تملك حرية ابعاد المواطنين عن وطنهم . وهذا المبدأ مستقر في معظم دول العالم . لذلك يجب تطبيق هذا المبدأ على المحتلين وهم اجانب عن الاقليم المحتل .
كما ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان (م13) كفل لكل فرد الحق في مغادرة بلاده , كما كفل له حق العودة في اي وقت ونصت المادة 12/ف4 من مواثيق حقوق الانسان لعام 1966 بان ( لا يجوز حرمان احد بشكل تعسفي من حق الدخول الى بلاده ) .
(9) حرمت المادة (50) من اتفاقيات لاهاي العقوبات الجماعية كما منعت المادة (333) من اتفاقيات جنيف الرابعة العقوبات الجماعية .

(10) حضرت المادتان 33 و52 من اتفاقيات جنيف اعمال التدمير .فقد نصت المادة (333) على ان اعمال الانتقام ضد الاشخاص المحميين وممتلكاتهم محظورة, كما حضرت على دولة الاحتلال تدمير اية ممتلكات ثابتة او منقولة خاصة بالأفراد او الجماعات او للحكومة او غيرها من السلطات العامة او المنظمات او التعاونيات الا اذا كانت العمليات الحربية تقضي حتما ضرورة التخريب. بينما قامت اسرائيل بأعمال التدمير هذه في وقت وقف اطلاق النار .

وفي تحديد حالات الضرورة العسكرية اعتبرت المادة (66) من ميثاق نورمبرع ان التخريب العشوائي الذي لا تبرره الضروات العسكرية جريمة حرب , واعتبرته المادة (147) من اتفاقية جنيف من الانتهاكات الخطيرة للاتفاقية .

(11) اقترح الاتحاد السوفيتي وباكستان وفنزويلا عند مناقشة مشروع تحرير جريمة الابادة ادخال جريمة القضاء على حضارة وثقاقة التجمعات الانسانية من ضمن جرائم الابادة التي يعاقب عليها . الا ان ممثل الولايات المتحدة الامريكية مدعوما بممثلي الدول الغربية نجح في ابعاد هذا الاقتراح ولذلك جاءت الاتفقاية المذكورة خالية من المعاقة على هذه الجريمة .
انظر .م. اندريوجين . المصدر السابق ص 85 _888 .

فقد عمدت الى ما سمي بسياسة (المنة ) عدد من المناطق المحتلة . وكان هدفها تخريب الوجود القومي والهوية القومية والثقافة للسكان في الارض المحتلة , واستبدالها بالثقافة والهوية والتربية الالمانية وقد طبقت هذه السياسة في هولندا وبولندة ...الخ ولا تختلف هذه السياسة عن سياسة (الفرنسة) التي اتبعتها فرنسا في المغرب العربي ( الجزائر , تونس , مراكش ) .

ومن الاجراءات التي قامت بها السلطات المحتلة بغية تخريب الهوية القومية العربية للمواطن الفلسطيني تغييرها لمناهج التعليم في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة بحظر 60 كتابا من – اصل 79 تستعمل في التدريس في غزة واثارت اعتراضات على الكتب التي يجري تدريسها في مدارس وكالة الغوث في قطاع غزة ومنعت استعمال الكتب المقررة .

2- التحول النوعي في ميزان القوى داخل الامم المتحدة لصالح قضية التحرر في العالم .

ان ميزان القوى في الامم المتحدة لم يبق على حاله منذ تأسيس المنظمة الدولية حتى الوقت الحاضر . فقد كانت القوى الاستعمارية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية تلعب الدور الحاسم في بداية عمل الامم المتحدة . فقرار تقسيم فلسطين الصادر عن الجمعية العامة في 29 تشرين الثاني عام 1947والمرقم 1181 الدور (2) لم يصدر وفقا لأهداف ومبادئ ميثاق الامم المتحدة . بل فرض على الجمعية العامة عن طريق الاغلبية الدائرة في فلك الاوساط الاستعمارية آنذاك . ان ميثاق الامم المتحدة الذي اعلن في الفقرة الثانية من المادة الاولى والمادة (55) مبدأ حق تقرير المصير لجميع الشعوب لم يطبق ازاء عرب فلسطين وانما حرف الميثاق عن الاهداف والمبادئ التي احتواها . فالميثاق جاء متكاملا فيما تضمنته من مبادئ تقدمية وانسانية لكن التطبيق غير السليم الذي تبنته الدول الاستعمارية بما كانت تملكه من اصوات هو الذي جعل المنظمة تحيد عن الاهداف التي اعلنتها فلم يطبق مبدأ حق تقرير المصير بالنسبة للشعب الفلسطيني , وليس هذا بالغريب فقد كان عدد المستعمرات في العالم عام 1945م, سنة قيام المنظمة الدولية يربو على المئة مستعمرة, في الوقت الذي كان فيه اعضاء الامم المتحدة (51) عضوا. 

واستمرت الدول الاستعمارية في توجيه سياسة الامم المتحدة وبشكل خاص الجمعية العامة لخدمة مصالحها التوسعية والعدوانية. فانتزعت عام 1950م, قرارها دعى (الوحدة من اجل السلام) المرقم (377), الذي انطوى على تكوين قوات دولية وتوجيهها للعدوان على كورية الشمالية بعد ان فشلت الدول الاستعمارية في انتزاع مثل هذا القرار من الهيئة المختصة بإصدار قرارات ردع العدوان وحماية السلم والامن الدولي - مجلس الامن - وكان اتجاه الفقه ورجال السياسة في بداية الخمسينيات يرمي الى تحويل اختصاصات مجلس الامن فيما يتعلق بتكوين قوى الردع وفرض الجزاءات المادية الى الجمعية العامة, نطرا لوجود الفيتو السوفيتي في مجلس الامن الذي كان عقبة امام مشاريعهم العدوانية.

ان الاستعمار محكوم عليه تاريخيا بالفناء فلم تستطع الدول الاستعمارية ايقاف عجلة التاريخ.

فقد بدأ النظام الكولونيالي بالسقوط بعد اندحار النازية والفاشية في الحرب الثانية, وانتصار قوى التحرر والاشتراكية فأخذت الامبراطوريات الكبيرة بالتفكك واستطاعت المستعمرات الافريقية والاسيوية والحصول على استقلالها الواحدة تلو الاخرى بعد نضالات طويلة ودامية. وتاريخ الامم المتحدة والجمعية العامة بشكل خاص وهو عبارة عن سجل حافل بانتزاع المستعمرات لاستقلالها . فقد كانت المنظمة منبرا عالميا لادانة الاستعمار كما ان ميثاق المنظمة ينطوي على السند القانوي لنضال هذه الشعوب في سبيل حصولها على الاستقلال الا وهو مبدأ حق تقرير المصير والمبادئ الخرى المرتبطة به.

وجاءت الانعطافة التاريخية في سجل الامم المتحدة عام 1960م, بعد تنامى قوى المعسكر الثالث (دول عدم الانحياز) وقوى المعسكر الاشتراكي. حيث اعلنت الدورة الخامسة عشر الغاء جميع اشكال الاستعمار وتقديم الاستقلال على الفور لجميع الشعوب المستعمرة بعض النظر عما كانت تقدمه الدول المستعمرة من تبريرات في ان هذه الشعوب لم تنضج وليست لديها القدرة السياسية والادارية والاقتصادية لتقويم نفسها كدول مستقلة. وبعــد ذلك انيطت مسؤوليــــة تصفية النظام الاستعماري بمجلس الـ (24). حيث تابع قضايا المستعمرات في مختلف انحاء العالم ولم يبق من المستعمرات سوى عدد قليل ستحصل حتما على الاستقلال في وقت قريب, فحتمية القوانين التاريخية لا توقفها ارادة الــــدول الاستعمارية.


ان الامم المتحدة التي نشأت عام 1945م, وكان عدد اعضائها 51 عضوا, اصبح عدد اعضائها في الوقت الحالي يربو على (147) عضوا وغالبية هذه الدول كانــت مستعمرات تنوء تحت الظلم القوى التي كانت تملك زمام الامر في هذه المنظمة ام الان فان الغالبية العظمى منها كتلة (77), دولة تنتمي الى معسكر الحياد الايجابي, هذا المعسكر الذي نسق وينسق نشاطاته مع المعسكر الاشتراكي ويفرض ارادته داخل المنظمة فتصدر بشكل قرارات عادلة لمصلحة الشعوب. فإدانة الاستعمار واعلان ادانة التمييز العنصري عام 1963م, واتفاقيات الغاء التمييز العنصري ومواثيق حقوق الانسان 1966م, وجميع الانجازات التقدمية في الامم المتحدة ماهــي الا ثمرة تغيير القوى لصالح قضية التحرر, والتي وصفها رابين رئيس حكومة الصهاينة بأنها (ديكتاتورية الاكثرية ضـــد الاقلية). ان هذه الاكثريـــة المؤيدة لصالح الشعوب وحركتها هي التي اقرت قبول غينيا بيساو عام 1973م, كعضو مراقب في الامم المتحدة واقرت عام 1974م,


قبول منظمة التحرير الفلسطينية عضوا مراقبا وفرضت تعليق عضوية جنوب افريقيا في الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة, وهي التي توجت نشاط المنظمة الدولية بقرار اعتبار الصهيونية شكلا من اشكال التمييز العنصري نظرا لما اقترفه حكام تل ابيب وما يقترفونه من انتهاكات وجرائم بحق الشعب الفلسطيني ونطــرا لعدم تطبيقهم عشرات القرارات التي تدين سياستهم وتطلب اليهم الانصياع لإرادة المجتمع الدولي. الا ان اسرائيل وقادتها اعلنوا ويعلنون دائما عدم احترامهم لإرادة المجتمع الدولي المتمثلة في تطبيق الشرعية الدولية عن طريق الامم المتحدة. اذا فان الامم المتحدة التي اصدرت جمعيتها العامة قرار التقسيم عام 1947م, لم تكن قد طبقت المبادئ. والاهداف التي ضمها ميثاقها وانما العلة كانت تكمن في سيطرة الدول الاستعمارية على سياسة المنظمة بما ملكته آنذاك من اكثرية تسير فــي فلكها. اما الان فقد تغير ميزان القوى داخل المنظمة لصالح قضية التحرر في العالم فقد عاد الحق الى نصابه واصبحت قرارات الجمعية العامة منسجمه مع اهداف ومبادئ وميثاق الامم المتحدة.

3- قوة الثورة الفلسطينية وتنامى سمعتها في العالم .

كانت قضية الشعب الفلسطيني على النطاق العالمي لا تتعدى قضية مجموعة من اللاجئين في الخيام تجمع لهم المساعدات الانسانية. الا ان عام 1965م, كان عام تحول في قضية الشعب الفلسطيني فقد انطلقت الثورة الفلسطينية لتعبر عن الطريق الصريح والواضح في الوصول الى شق شعب فلسطين في العودة الى ارضه وتكوين دولته. فالحرية لا تمنح وانما تؤخذ بقــــوة السلاح. وقد لجأ الشعب الفلسطيني الى اعتماد الكفاح المسلح مما سلط الاضواء على حقيقة قضيته وعدالتها على النطاق الدولي, فقضية اي شعب ينبغي الحرية والاستقلال لا تحتل مكانها الصحيح لدى الراي العام العالمي وتحظى بمساندته ودعمه بدون ان يـرفـــع السلاح ويعلن الثورة على جلاديه. فقضية فيتنام حظيت بدعم الـــرأي العام العالمي الغربي والاشتراكي لان شعب فيتنام اثبت وجوده في المعارك الـــتي خاضها ضد المستعمرين الامريكان وقدم مئات الالوف من الضحايا علة مذبــح الحرية.

اعتمدت الثورة الفلسطينية بفصائلها المختلفة من التنظيمات الفدائية مع منظمة التحرير الفلسطينية وسيلة الكفاح المسلح وقدمت التضحيات الكبيرة على ارض فلسطين عام 1965م, وقد تنامت قوى الثورة الفلسطينية بعد هزيمــة حزيران عام 1967م, واصبحت قوة فاعلة في مسرح العمليات الحربية الفدائية على ارض فلسطين بعد ان ثبت فشل الحلول التقليدية التي اعتمدها الملوك والرؤساء العرب سابقا.

ان تضحيات المقاتلين الفلسطينيين هي التي جذبت انتباه الراي العالمــي بشطريه الرسمي والشعبي. كما ان تكتيك واستراتيجية الثورة الفلسطينية هي الدعاية للقضية المعتمدة على وضوح الفكرة وعدالة الهدف والاستناد الى الشرعية الدولية المتمثلة بمبادئ القانون الدولي وعلى رأسها حق تقرير المصير لعبت هي الاخرى دورا مهما في كسب الرأي العام العالمي.

فالدعاية التي اعتمدها بعض القادة الفلسطينيين مثل ( الشقيري والرؤساء العرب ) قبل ان يمسك اهل فلسطين قضيتهم بأيديهم كانت مشوهة وخاطئة , فقد هزت الرأي العام الغربي كلمات الشقيري قبل حزيران 1967 عندما سأله احد المراسلين عن مصير اليهود بعد الانتصار في المعركة ضد اسرائيل , فأجاب اننا سوف نشحن من يبقى حيا من اليهود الى الدول التي جاءوا منها . ان قادة الثورة الفلسطينية كرسوا جهدا كبيرا في وضع الدعاية الصحيحة للقضية الفلسطينية , فقد اعتلوا مرارا وتكرارا عن طريق الكفاح المسلح وعن طريق وسائل الدعاية عن انسانية الثورة الفلسطينية مبرزين عدالة قضيتهم ومقارنين بهدوء وصبر بين جرائم الحكام الصهاينة ومطالبهم العادلة . كما اعلنوا انهم يبغون كهدف نهائي العودة الى فلسطين وتكوين دولة فلسطينية (علمانية) يعيش في كنفها جميع السكان على اختلاف اديانهم (مسلمين, مسيحين, يهود) وعلى اختلاف مشاربهم وعقائدهم . ان هذه السياسة الصحيحة التي اعتمدتها المنظمات الفدائية ومنظمة التحرير الفلسطينية اعطت مردودا كبيرا على النطاق العالمي , فقد بدأ الرأي العام الشعبي الغربي الذي كسبته الصهيونية لفترة طويلة من الزمن

 بسبب دعايتها من ان ( ضحايا النازية يتعرضون للعدوان العربي .. الخ ) من دعايات مظللة بدأ هذا الرأي العام يفهم الحق الفلسطيني . واستطاعت منظمة التحرير الفلسطينية على نطاق الرأي العام العالمي الرسمي المتمثل في المنظمات الدولية الرسمية ومواقف الحكومات ان تحرز مواقع جديدة , فقد سمحت كل من انكلترا وفرنسا واليابان للمنظمة في فتح مقرات لها في عواصم الدول المذكورة وهذا اعتراف كبير له مغزاه المعنوي والادبي مما اثار ثائرة الاوساط الصهيونية , وبدأت الدول المذكورة تعيد النظر في مواقفها السابقة لأنها لا تستطيع التنكر لواقع عدالة القضية التي يقاتل من اجلها الشعب الفلسطيني , كما ان ممثل السوق الاوربية المشتركة اعلن ان الشعب الفلسطيني يملك الحق في العودة الى ارضه .


وعلى نطاق مؤتمرات دول عدم الانحياز ومؤتمرات رؤساء الدول الافريقية فقد احرزت قضية الشعب الفلسطيني انتصارات كبيرة في المجال . اذا ان رؤساء دول عدم الانحياز في مؤتمراتهم اكدوا مرارا بأن ممثل الشعب الفلسطيني هو منظمة التحرير الفلسطينية وان حق شعب فلسطين في العودة الى ارضه وتقرير مصيره هو الحل الوحيد لقضية هذا الشعب . وقامت الدول الافريقية عام 1973 بقطع علاقاتهم الدبلوماسية والاقتصادية مع اسرائيل بعد حرب تشرين تنفيذا لقرار مؤتمر رؤساء هذه الدول كما احرزت قضية فلسطين انتصارات كبيرة في المنظمات الدولية . فقبلت منظمة التحرير الفلسطينية عضوا مراقبا في اليونسكو وطردت اسرائيل من هذه المنظمة . وقبلت ايضا عضوا مراقبا في منظمة العمل الدولية .

وكان لقبول منظمة التحرير الفلسطينية عضوا مراقبا في الامم المتحدة اثر كبير على النطاق العالمي فقد اعطى زخما لحركة الثورة الفلسطينية .

وعلى نطاق الرأي العام العالمي الشعبي الممثل في المنظمات الجماهيرية ( منظمات الشباب والطلاب والنساء والعمال والحقوقيين العالمية ) فأنها وقفت الى جانب قضية شعب فلسطين عن طريق الدعم المعنوي والمادي . اما ما يتعلق بالرأي العام الاشتراكي فهو دائما الى جانب حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وفي تدعيم الثورة في كل المجالات المادية والمعنوية .
يتضح لنا بعد تقديم هذا العرض للعوامل الثلاث التي تفاعلت وانضجت قرار ( اعتبار الصهيونية شكلا من اشكال التمييز العنصري ) ان قضية فلسطين لابد وان تكلل بالانتصار عاجلا ام اجلا .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع