وايت الموالعة.. القاضي طه عبدالرؤوف نعمان

زادت الطلبات على الخدمة التي يقدمها لشريحة من شرائح المجتمع..وهي توصيل ما يحتاجه الموالعة من قوارير الخمر المستورد ودبب الخمر البلدي إلى المنازل..وبدأ يشعر أن عيون الناس والأمن بدأت تلاحظ تردده وزيارته المتكررة بسيارته الخصوصي لحارات وأحياء زبائنه..ولأن إبليس شريك في تلك العملية المربحة..نصحه بطريقة فريدة وذكية تبعده عن شك ومراقبة الناس.

اشترى وايت ماء وأبلغ زبائنه بأنه تلافيا لشبهة الزيارات المتكررة لهم فسوف يزورهم بواسطة وايت...يعبي خزانات المياه ويزودهم بالكميات التي يحتاجونها من الولعة..ونبههم بأن تكون الكمية وفقا لفترة استغراقهم لخزان الماء..ويفرغ الخزان في الوقت الذي تكون فيه القوارير فارغة..مثلا خزان ماء مولعي يكمل بعد أسبوعين من يوم تعبيته بالماء..فعليه أن يطلب حاجته من الولعة لمدة أسبوعين..

ومن مميزات تلك الخدمة كان المولعي لا يختبئ عن أهله حين يتصل بوكيل الولعة..بل يتصل به وهو بينهم شامخا وواثقا من نفسه ويرفع صوته بنبرة سعادة وفرح "ألوووووو..الوايت..إجزع عبي الخزان"..ويأتي الوايت ملبيا يعبي الخزان ويعبي الطاسة في نفس الوقت.

سارت الأمور على ذلك النحو برهة من الزمن الزبون يتصل والوايت يعبي..ولم يشك أحد في تلك العلاقة..ورويدا رويدا بدأ بعض الموالعة الخروج عن النظام المتبع..وزاد شرههم للولعة..وزادت طلباتهم وجرعاتهم ولم يستطيعوا التوفيق بين فترة استغراق خزان الماء وكمية الولعة التي يحتاجونها خلال تلك الفترة..فكان الوايت يعبي الخزان اليوم ويعبي حاجاتهم من الولعة..ويوم ثاني يتصل المولعي للوايت "عبي الطاسة"..فيرد عليه الوكيل "عادنا عبيتها لك أمس وعبيت الخزان..إنتظر لوما يفرغ الخزان"..فيلح المولعي على طلبه وبمبلغ زائد عن المبلغ المعتاد..

ومع شره الموالعة وطمع الوايت..زادت زيارة الوايت لموالعته بدون تعبئة خزان الماء..وبدأ شك الناس يراقبهم أكثر من الشك قبل مرحلة الوايت"ما معه الوايت هذا كل ليلة في حارتنا !!"..إلى أن فضح أمر الوايت في ليلة من الليالي عندما ذهب وخزان الوايت فارغا من الماء لتوصيل طلب لمولعي جاره ضابط مصلي ومتقي الله يعمل في المباحث.