القائمة الرئيسية

الصفحات

نظام الملكية تتيح لأسرة واحدة أن تنهب خيرات شعب بينما حكم الشعب لا يتيح للشعب ان ينهب نفسه

الملكية تتيح لأسرة واحدة أن تنهب خيرات شعب بينما حكم الشعب لا يتيح للشعب ان ينهب نفسه

نظام الملكية تتيح لأسرة واحدة أن تنهب خيرات شعب بينما حكم الشعب لا يتيح للشعب ان ينهب نفسه
نظام الملكية تتيح لأسرة واحدة أن تنهب خيرات شعب بينما حكم الشعب لا يتيح للشعب ان ينهب نفسه

أود هنا توضيح الفرق بين الملوك والمستبدين. فكلاهما يميل لأن يحكم مدى الحياة (أو ما يقرب منها)، ولكن تراكيب الدوافع لديهما مختلفة جدا. فالملك يفرض القانون العام ولهذا فهو لا يملك سلطةواسعة للتشريع بنفسه. أما المستبدون من جهة أخرى فعادة ما يفرضون احتكارا تاما للتشريع ولا يتقيدون بالقانون العام. فرق آخر هو ان الملك يمرر العرش إلى ذريته: وهم من يفترض أن الملك يعنى بهم. أما المستبدون فلا يملكون فرصة تمرير منصبهم إلى ذريتهم، ولهذا يتصاعد تفضيلهم الزمني بمرور الزمن مقارنة بالملك.


فرق مهم آخر هو أن منصب الملك ليس موضع تنافس، خلافا لمنصب المستبد. فهو عرضة لتهديد دائم بالإطاحة به على يد نظام آخر، ولهذا يرتفع تفضيله الزمني نتيجة لذلك. والفرق الأخير الذي أذكره بين المستبدين والملوك هو أن المستبدين عادة ما يقبضون على السلطة ويصلون إليها إما بالعنف الصريح أو بالتصويت، وبهذا النحو فإن المستبدين في الواقع أشد ديمقراطية من الملوك.


كمثال على النحو الذي تعمل وفقه تراكيب الحوافز المختلفة، انظر إلى أوليفر كرومويل وقارنه بملوك آل ستيوارت. فقد كان لدى كليهما سلطة مطلقة واقعا، ورغم أن كرومويل ورّث منصبه لابنه كما قد يفعل أي ملك، فإن الضرائب، الديون، والإنفاق تصاعدت جميعا في عهده، لأنه كان مضطرا دوما لقمع المعارضة. وللتوضيح، فإن تراكيب الحوافز وظروف الحكم لدى الملك تمنحه تفضيلا زمنيا أبطأ وأوطأ بكثير مما لدى المستبد (أو السياسي الديمقراطي).


إن التفضيل الزمني الآجل لدى الملك يجعله مركزا على المستقبل، وإمكانية انتقال العرش (وبالتالي ثروة الأمة وكذلك ديونها) إلى ذريته يبقي عليه في هذا الوضع. فلديه كل حافز ممكن لتجنب مراكمة كميات هائلة من الديون ومن ثم لتجنب مشاريع قد تقود إلى ديون هائلة كالحروب. ولديه أيضا كل حافز متاح لتشجيع مراكمة الرأسمال على المدى الطويل. قارن ذلك بالدولة الديمقراطية وطبقتها السياسية: فالطبقة السياسية الديمقراطية لا تملك السلطة إلا لعدد محدد من السنوات، عادة ما تكون دورات قصيرة. وفي أفضل الأحوال قد يؤملون في إمكانية إعادة انتخابهم، ولا يمكن أن ينقلوا منصبهم إلى ذريتهم (وليس بإرادتهم على الأقل). كما أن منصبهم مهدد دوما من قبل أحزاب سياسية معادية، ولهذا فإن تمسكهم بهذا المنصب غير مضمون على الإطلاق.


ولهذا فإن الطبقة السياسية الديمقراطية تملك تفضيلا زمنيا عاجلا، وبالتالي فإن تركيب حوافزها عمليا هو نقيض ما قد يكون عليه في ظل الملكية. إن هذه الطبقة لا تملك الأمة، وثروتها لا تعكس ثروة الأمة، وهم غير مسؤولين عن الديون التي يراكمونها. بل إنهم يعتنون بالأمة مؤقتا، وقد يستغلونها ويستغلون سلطتهم السياسية لتمضية مصالحهم خلال المدة التي يقضونها في المنصب، لكنهم فيما عدا ذلك غير مهتمين حقا بثروة الأمة.


وإلى حد كبير، فهذا هو السبب في أن نخبة المصارف والأعمال قادرون على التلاعب بالدولة الديمقراطية بهذه السهولة والكفاءة. فالذين يعدون جزءا منها يملكون قدرة الدولة على فرض الضرائب والتشريع، لكنهم لا يخضعون لأي معيار أخلاقي حقيقي لأنهم لا يواجهون خطر الخلع، وبعد أعوام قصيرة سيفقدون هذه السلطة. وبهذا النحو فإن الديمقراطية تؤسس لدى الطبقة السياسية للحافز نحو نهب وسلب وسرقة الشعب بأسرع وأكفأ نحو ممكن، لأنهم بعد وقت قصير قد لا يملكون الفرصة لفعل ذلك مجددا. فيمكن أن يزيدوا من ثروتهم خلال تلك الفترة الوجيزة، ولا أكثر من ذلك.

ماثيو باتاليولي، عواقب المساواة.
ترجمة : حيدر
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع