القائمة الرئيسية

الصفحات

القضية العمانية وإعلان الجمعية العامة الخاص بإلغاء الاستعمار

القضية العمانية وإعلان الجمعية العامة الخاص بإلغاء الاستعمار
القضية العمانية وإعلان الجمعية العامة الخاص بإلغاء الاستعمار

 بقلم أ.د. حكمت شبر.

لقد استحوذت القضية العمانية على اهتمامنا في الظروف الحالية نظرا لأنها جزءا من النضال الذي يخوضه الشعب العربي ضد الاستعمار القديم المتمثل في الاحتلال المباشر لعمان وبعض أجزاء الجنوب العربي وضد الاستعمار الجديد بأساليبه المختلفة لإبقاء نفوذه واستمراره في سلب ثرواتنا النفطية والمعدنية .

أن الثورة في عمان وظفار هي جزء من ثورة الشعب العربي التي بدأت في مطلع هذا القرن ولأبد لإدارة هذا الشعب أن تنتصر ِأنه في ذلك فأن الشعوب العربية الأخرى التي حصلت على الاستقلال والانضمام إلى حظيره الشعوب العربية التقدمية في نضالها الحازم ضد الاستعمار القديم والجديد ومن اجل تطهير أراضينا العربية من ارجاس الصهاينة واعادة فلسطين إلى اهلها .


أن الوحدة العربية لا بد لها من ان تقوم عبر هذا الطريق الطويل من النضال والتضحيات على اسس مكينة كي يستعيد العرب امجادهم وحضاراتهم التي تألقت يوم كان الظلام يخيم على العالم الاوربي لتكون حضارة انسانية تفيض بالخير على شعبنا وعلى شعوب العالم الاخرى ، لقد انتهجنا في بحثنا لقضية عمان اسلوب المناقشة القانونية معتمدين في ذلك على مبادئ وقواعد القانون الدولي وعلى رأسها مبدأ حق تقرير المصير لجميع الشعوب والامم وكذلك مبادئ وأهداف ميثاق الامم المتحدة وقرارات الجمعية العامة التي تحرم الاستعمار وتطالب بتقديم الاستقلال لجميع الشعوب المستعمرة . لقد استعرضنا المراحل التاريخية التي مرت بها القضية العمانية ، متوخين في ذلك القاء الضوء على الدور الذي قامت به بريطانيا في استعمار هذا الشعب والنضال الذي خاضه ولا زال يخوضه شعب عمان والسلطات الاخرى داخل الامم المتحدة وخارجها .

ان الاسلوب العلمي والقانوني هو القادة التي لم نجد عنها مناقشة هذه القضايا لأطهار الحق العربي انطلاقا ً من مبادئ وقواعد القانون الدولي حيث ان هذا الاسلوب يضفي الشرعي على نضال شعب عمان من أجل الاستقلال ويسلب دون الاستعمار حججها في البقاء في المنطقة ، ، شعب عمات سيحصل على استقلاله عاجلا ً او أجلا ً فمنطق التطور التاريخي يفرض هذا الحل أراد الاستعمار ا لم يرد .

لمحة تاريخية عن تطور القضية العمانية .
قبل البدء في بحث موضوع القضية العمانية على ضوء مياثق وقرارات الامم المتحدة لا بد لنا أن نستعرض تاريخيا ً التطور الذي طرأ على القضية العمانية لنعطي صورة كاملة عن الأحوال التي كانت سائدة في عمان من قبل تبيعتها للاستعمار ، لقد اصبحت عمان خاضعة للأمبراطورية البريطانية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، وقد قسمت إلى تسعة أجزاء هي 
( إمامة عمان ، وسلطنة مسقط ، ثم سبعة إمارات تسمى (الامارات التعاهدية)( ) .
لقد جاء في اتفاقية 18911 المعقودة بين سلطان مسقط وانكلترا بأن السلطان يلتزم بعدم منح أو تسليم أي جزء من اراضيه الى دولة ثانية ( ) ويعني هذا أن انكلترا منحت بموجب هذه الاتفاقية اليد الطولي بأراضي السلطنة واقتطاع أي جزء منها .
وفي المادة (133) من الاتفاقية المذكورة حصلت انكلترا على امتيازات كبيرة لمواطنيها هناك ومن ضمنها عدم خضوعهم للتشريع والقضاء المحلي كما نصت المادة الرابعة على حرية المواطنين في التجارة في جمس موانئ السلطنة .
أن اتفاقية 1891 واتفاقيات 1902 و 1905 بمجموعها فرضت على السلطنة نظام الحماية ((Dc - Faet) ونلاحظ بأن السلطنة قد حرمت من حقوقها والتزاماتها في المجتمع الدولي أذ كانت محرومة من حق التبادل التمثيل الخارجي بمختلف صورة مع دول العالم حيث أن بريطانيا كانت تقوم بذلك نيابة عنها عدا الالتزامات الاخرى التي كانت بها بريطانيا كحق الدفاع الخارجي عن السلطنة .. الخ ، يقول الدكتور حسن الجلبي عن نظام الحكاية واثره على شخصية الدولة بأن الدولة القائمة بالحماية تنفرد بادارة شؤون الدولة المشمولة بها ، فهي فضلا عما تتعهد به من الدفاع الخارجي عن الدولة المحمية ، تقوم بمباشرة جميع الاختصاصات الدولية التي تعود اصلا لهذه الدولة كعقد للمعاهدات والتمثيل السياسي والحقوق والالتزامات التي تنشأ عن المسؤولية الدولية هكذا ينتقل التصرف بهذه الشؤون من سلطنة الدولة المحمية الى سلطان الدولة المحمية ، وتتوقف الدولة المحمية عن مباشرة مالها من حقوق والتزامات في المحيط الدولي ( ) أن وضع بريطانيا في التحكم بشؤون مسقط وباقي الامارات له اثر كبير في اندلاع الحرب التحريرية من قبل شعب عمان وباقي الامارات بزعامة الامام سالم بن رشيد في عام 1913 ، وكان هدف الحركة القضاء على حكم السلطان تيمور وتوحيد جميع الاراضي تحت زعامة الامام بعد طرد الانكليز ، لكن انكلترا تدخلت بإرسال جيوشها النظامية للدفاع عن نظام السلطان ، كما تشهد بذلك وثائق المجلس الخاص بعمان ( ) الذي تقول (ان عمل التدخل من قبل المملكة المتحدة في شؤون البلاد كان له اثر عميق ونتائج خطيرة ، أذ لولا مساعدة بريطانية العسكرية للسلطان آنذاك لحصل بالتأكيد ، أن السلطنة جميعها وقعت من جديد تحت سلطة لامام بما في ذلك أراضي عمان ، باستثناء الامارات التعاهدية ( ) وبعد انتهاء الحرب تم عقد معاهدة السيبة عام 1920 بين ممثلي الامام والممثلين الانكليز الذين قاموا بتمثيل السلطان .
قضت المعاهدة المذكورة باحلال السلم بين الامامة والسلطنة وتنظيم العلاقات بينهما على اسس من عدم التدخل والاحترام المتبادل ، فقد جاء في المادة الرابعة من الاتفاقية : على حكومة السلطان ان تلتزم بعدم اعطاء حق اللجوء الى الخارجين على القانون والهاربين من سلطة القضاء في عمان ، ويجب عليها اعادتها بطلب من عمان وان تلتزم حكومة السلطان بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لشعب عمان ( ) جاءت معاهدة السيبة لعام 1920 لتثبيت استقلال أمام عمان ودعم كيانها المنفصل عن سلطنة مسقط ، واستمر الحكم بزعامة الامام قائما حتى عام 1955 وكان نظام الامامة اقطاعيا ً أو تواقراطياً ، حيث أن السلطات جميعها مركزة بيد الامام ، الذي يعتبر حاكماً روحيا ً ومدنيا ً في آن واحد ، وكانت الامامة تفتقر الى دستور أو مجلس برلمان ونظامها يشبه الى حد كبير النظم الموجودة في اليمن قبل الثورة والمملكة العربية السعودية ، إما العلاقات الاجتماعية والقانونية فكانت تنظم وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية ، لقد كانت سلطة الامام واسعة أذ أنه يصدر الاوامر بتعيين القضاة كما يقوم بتعيين ممثلين له في جميع المدن وهم بدورهم يتولون السلطة الدينية والمدنية ويعين مستشارين في القضايا الخارجية والمالية وغيرها من الشؤون ، لكن الامامة لم يكن لها أي تمثيل سياسي خارجي مع دول العالم ويعود السبب في ذلك الى سياسة انكلترا الاستعمارية حيث وضعت مخططا محكما ً لمحاصرة عمان ولعزلها عن العالم الخارجي انطلاقا من رغبتها في السيطرة عليها واخضاعها لها ، يقول الامام شيخ صالح في تصريحه للمجلس الخاص بعمان لان علاقات الامامة مع دول العالم كانت محدودة ،وذلك بسبب محاصرة انكلترا لنا وعدم سماحها لتكوين اية علاقات مع دول العالم الخارجي ( ) 
بدأت الحال تتغير في الخمسينات بسبب الوعي السياسي الذي عم الشعوب العربية وبضمنها شعب عمان حيث ان الشعوب نهضت تطالب باستعادة حقوقها كاملة كاعضاء الاسر الدولية ، أخذت حكومة الامام تعمل على كسر الحصار الذي فرضته عليها انكلترا فطلبت الانضمام الى الجامعة العربية وقد تقدمت الامامة بطلب الانضمام الى الجامعة العربية في 11 كانون الثاني 1954 ، ولا بد لنا من التاكيد على ان ميثاق الجامعة العربية ينص في مادته الا ولى بان اعضاء الجامعة يجب ان تكون دولا ً مستقلة ، وهذا دليل مادي هام على كون امامة عمان كانت تتمتع باستقلالها وهي بخطوتها هذه أخذت تستخدم حقوقها الدولية التابعة من سيادتها وفقا لما ينص عليه الميثاق .
رفعت اللجنة السياسية للجامعة توصية في الرابع عشر من تشرين الأول 19555 الى مجلس الجامعة حول قبول عمان في عضويتها وقد جاء في التوصية بعد ان نظرت اللجنة السياسية للجامعة طلب عمان الانضمام الى عضوية الجامعة نوصي المجلس بان يتخذ القرار الآتي : أن مجلس الجامعة رغبة منه في تسهيل دخول الدول العربية المستقلة الى الجامعة ، يرحب بطلب أمامة عمان الانضمام الى عضوية الجامعة ( ) .
لكن مجلس الجامعة لم يفلح في دراسة توصية اللجنةالسياسية ، فقد غزت الجيوش الانكليزية بالاشتراك مع جيش سلطان مسقط امامة عمان في الخامس عشر من كانون الاول 1955 مرتكبة عملا ً عدوانيا ً موجها ً ضد دول مستقلة لقد احتلت الجيوش المعتدية جميع اراضي أمامة عمان ، مما اضطر الامام واتباعه الى الالتجاء الى الجبال .
ما هو السبب الحقيقي الذي حدا بانكلترا للقيام بعمل العدوان المسلح ضد عمان ؟
أن السبب الرئيسي هو اكتشاف كميات كبيرة من احتياطي النفط في امامة عمان ، فقد عقدت الشركات الانكليزية في عام 1923 اتفاقية من السلطان منحت بموجبها امتيازات للتنقيب عن النفط في سلطنة مسقط .
لكن الاتفاقية الغيت بعد ثلاث سنوات نظرا لعدم اكتشاف النفط في السلطنة وفي عام 19377 تم عقد اتفاقية جديدة بين السلطان وفروع شركة نفط العراق (بترو ليوم كونسشن ليمتد) منح السلطان بموبها الشركة المذكورة حق التنقيب واستخراج النفط في اراضي مسقط وعمان .
احدثت الاتفاقية الجديدة رد فعل لدى امام عمان الذي اعتبرها خرقا ً لاتفاقية السيبة وتعديا في نفس الوقت على سيادة عمان والسبب الثاني في قيام انكلترا بعدوانها على عمان يكمن في السياسية المستقلة التي انتجتها الامامة وكذلك معارضتها الشركة الانكليزية في التنقيب عن البترول في اراضيها ( ) .
يقول تقرير الملس الخاص بعمان لولا الامكانية المكتشفة لاستخراج النفط داخل القطر لكانت الاجراءات المتخذة من قبل المملكة المتحدة تحمل على ما نعتقد صفة اقل حزما ولكان بالإمكان تجنب ما حصل من تدمير واضرار كبيرة ( ) .
والسبب الثالث لارتكاب بريطانيا عدوانها على امامة عمان يتمثل في طلب الامامة الانضمام الى عضوية الجامعة العربية ، اذا خشيت بريطانيا ان تكون هذه الخطوة عاملا ً في تصعيد نضال الشعوب العربية في منطقة السلطنات مما يؤدي الى طردها من المنطقة .
لقد قام شعب عمان بقيادة الامام في 19 حزيران 19577 بهجوم معاكس ضد القوات المتدخلة حيث تم تحرير العاصمة نزوة وبقية المدن ، لكن بريطانيا رمت ثقلها من جديد مستخدمة احدث الاسلحة ضد الشعب العماني الاعزل مما اضطر امام عمان بان يتقدم بنداء الى رؤساء الدول الكبرى اعضاء مجلس الامن الدائميين يطلب فيه باسم العدالة والانسانية والالتزامات الدولية ان تتدخل الدول المذكورة لإيقاف حكومة بريطانيا من التدخل المسلح في عمان وان توقف بريطانيا مجزرتها ضد الشيوخ والاطفال والنساء ( ) .
لقد حصل تطور في القضية العمانية حيث ان الولايات المتحدة دخلت طرفا مع بريطانيا في اتفاق سري لا ستتثمار موارد النفط الضخمة في هذه المنطقة وبموجب هذا الاتفاق دخلت الشركات النفطية الامريكية مع الشركات الانكليزية التي كانت تسود لوحدها في المنطقة في استثمار نفط المنقطة ، وقد وعدت الولايات المتحدة انكلترا ان تمنحها مساعدتها حين عرض القضية في الامم المتحدة ( ) .
وقد حصل الاتفاق بين الشركات الامريكية (ستبز سرفيس اويل كمبني) وبين فرع شركة نفط العراق حيث تم بموجبه تقاسم الشركتين مناصفة لا ستثمار نفط عمان .
كان لعدوان انكلترا على دولة عمان المستقلة رد فعل عنيف في الاوساط الشعبية العربية وكذلك الاوساط الرسمية فقد حصلت مظاهرات كبيرة في العواصم العربية ، كما ان مجلس الجامعة العربية اتخذ قرارات في الثاني عشر من آب يدين عدوان بريطانيا على إمامة عمان ويؤكد القرار بان ( تدخل القوات المسلحة البريطانية يعتبر عملا عدوانيا موجها ضد استقلال وسيادة عمان وكذلك ضد وحدة اراضيها ، وقد جاء في القرار ايضا تصميم الدول العربية الالتجاء الى مجلس الامن اذ ان عدوان انكلترا ضد عمان يشكل تهديدا للسلم والامن الدولي في منطقة الشرق الاوسط وخرقا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة)( ) .
وفي الثالث عشر من آب 19577 تقدمت أحدى عشر دولة عربية الى مجلس الامن بطلب النظر في قضية التدخل المسلح من قبل المملكة المتحدة ضد استقلال ووحدة اراضي عمان وذلك وفقا ً للمادة 35 من ميثاق هيئة الامم المتحدة ( ) .
عقد مجلس الامن جلستين فقط للنظر في القضية ثم ارجاع النظر فيها ويعود السبب في ذلك لما قامت به امريكا وانكلترا من ضغوط على اعضاء الوقوف من اجل ايقاف عرض الموضوع منذرعين بكون النزاع يعتبر داخليا ً ، أي أن عمان تشكل جزءا ً من اراضي سلطنة مسقط ، وب1لك لا يحق لمجلس الا من النظر في هذه القضية التي هي من صلب الاختصاصات الداخلية لسلطنة مسقط .
فقد وقف الندوب الفرنسي من قبل في الجمعية العامة عندما كانت تناقش قضايا تونس ومراكش والجزائر معارضاً اختصاصها النظر في مثل هذه القضايا التي تعتبر من صميمي الشؤون الفرنسية منطلقين في ذلك من مبدأ حق تقرير المصير الذي يجيز للشعوب المستعمرة أن تلتجأ لمختلف الوسائل للحصول على استقلالها ويعتبر هذا المبدأ في نفس الوقت الدولة المستعمر مقترفة لعمل العدوان ضد الشعب الذي لم يقرر مصيره بعد .
فليئس غريباً أن يقف ممثلي أمريكا وأنكلترا هذ الموقف أمام مجلس الامن لمنع عرض القضية العمانية ، ويوقل روبرث هاي Rubert Hoy أن أمام عمان قد حصل على المساعدات من الخارج ليثور ضد سلطة مسقط الشرعية مما حدا بأنكلترا لمساعدة السلطان الشرعي في اخماد العصيان ( ) ، كما نجد أن الفقيه كلسن kelsen يبرر التدخل الخارجي للقضاء على الثورات الداخلية ، فيقول بأن تدخل الدولة الخارجي في الحرب الاهلية بجانب الحكومة الرسمية مع وضوح ارادتها او موافقتها الضمنية يعتبر تدخلا شرعيا ً ( ) .
لكننا كما وضحنا اعلاه بأن امامة عمان تتمتع بسيادتها الكاملة كدولة مستقلة ولو سلمنا بأن امامة عمان هي جزء من سلطنة مسقط لتوصلنا إلى أن مبدأ حق تقريري المصير يعطى الحق لكل شعب أن يقرر مصيره بحرية فأن أي تدخل أو تقديم مساعدة للنظام الذي ثار ضده الشعب يعتبر تجاوزا ً وخرقا ً لمبادئ القانون الدولي وميثاق هيئة الأمم المتحدة ، ومن باب اولى فأنه لا يمكن السكوت في حالة التدخل في الشؤون الداخلية لدولة مستقلة كإمامة عمان ، لكننا لا نعدم أنصاراً من المفكرين والفقهاء الغربيين يؤيدون ما وصلنا إليه يقول الفقيه الانكليزي بريت : ان معاهدة السيبة التي اطرافها عمان ومسقط قد نصت بأن الاخريتين (دولتان مستقلتان وبموجب هذه المعاهدة لا يحق لأي من الطرفين أن يفرض سيادته او سلطته على الطرف الاخر كما أن لا يحق لأي من الطرفين أن يفرض سيادته أو سلطته على الطرف الآخر كما أن الحكومة البريطانية اعترفت بهذا الوضع وواقفت عليه لذلك فأنها لا تملك الحق في أ، تقووم بأس أجراء حربي اعتماداً على كونها حامية لسلطان مسقط أو استناداً إلى أي حجة أخرى وحين قيامها بذلك فأنها ستكون بشكل صارخ ) ( ) .
وهناك كتاب أخرون يعترفون بوجود كيان دولة عمان المستقل قبل قيام انكلترا بعدوانها ، ففي كتاب (الشرق الاوسط دراسات اقتصادية وسياسية ) الذي اصدره المعهد الملكي البريطاني في عام 1954 يشير إلى (أن سلطة سلطان مسقط منذ نهاية القرن الماضي لا تتعدى المناطق الساحلية وأن الأمام محمد بن صالح منذ بداية عام 1920 يسيطر بشكل فعال على المناطق التي تمتد شمال وجنوب شرقي محل اقامته نزوة وهذه المنطقة تعرف بالداخلية) ( ) ويقصد الكاب عمان الداخلية كما أن الكتاب تسنجر اعترف بوجود عمان كدولة مستقلة ( ) .
أن انكلترا تعتبر المسؤولة بشكل مباشر عن العدوان على عمان بالرغم من كونها استخدمت سلطان مسقط كركيزة لها لتنفيذ ذلك وهنالك حقائق تثبت بأن سلطنة مسقط تخضع في ادارتها الداخلية وفي علاقتها الخارجية لإنكلترا ويدير الشؤون الداخلية فيها خبراء انكليز حيث لا يمكن اتخاذ أي قرار من قبل السلطان بدون موافقتهم ، كما يقوم بأدارة جيش السلطان خبراء عسكريون انكليز ، وقد قام ممثلو انكلترا بالتحدث باسم السلطان خبراء عسكريون انكليز ، وقد قام ممثلو انكلترا بالتحدث باسم سلطان مسقط في هيئات الامم المتحدة ، وبضمنها شكوى عمان المقدمة الى مجلس الامن فقد قامت بريطانيا بأدارة المفاوضات نيابة عن سلطان مسقط مع ممثلي المملكة العربية السعودية في اعوام 1952 -1955 في بيروت حول موضوع واحة البريمي ، حيث أدعت مسقط بتحريض من انكلترا بملكيتها كما أن المصالح النفطية لانكلترا في المنطقة وحرصها للمحافظة على استمرارها دفعها للقيام بدور المعتدي الرئيسي .
أن نضال شعب عمان المسلح بقيادة الامام والمجلس الثوري لم يتوقف بل استمر وقد وجد النضال المشروع لشعب عمان سندا قوياً له في مواقف الشعوب العربية وشعوب العالم الاخرى ، فقد تم عرض القضية على الكثير من المؤتمرات الدولية لشعوب وحكومات اسيا وافريقيا .
اتخذ مؤتمر تضامن شعوب اسيا وافريقيا المعقود في القاهرة 26 كانون الاول 1957 قرار يطلب فيه من بريطانيا ايقاف عدوانها على شعب عمان وسحب جيوشها من منطقة الخليج العربي واعادة استقلال عمان لما كان عليه ،وكذلك اتخذ قرار مشابه لذلك في مؤتمر دول عدم الانجاز المنعقد في القاهرة في تشرين الأول عام 1964 ( ) .

القوة القانونية لإعلان الغاء الاستعمار 
قبل الحديث عن القوة القانونية لإعلان الغاء الاستعمار لا بد لنا من استعراض الظروف التي احاطت بالدورة الخامسة عشر حيث سجلت هذه الدورة صفحة جديدة في تاريخ الامم المتحدة وتاريخ الشعوب المناضلة من اجل استقلالها وبدأت مرحلة مهمة في العلاقات الدولية من اجل انتهاء الاستعمار ، لقد تغير ميزان القوى كثيرا ً داخل المنظمة الدولية لصالح الشعوب المستعمرة ، فلو نظرنا إلى الوراء قليلا ً أي قبل ان يتكون النظام الاشتراكي وتحصل الشعوب المستعمرة على استقلالها لوجدنا ان مبادئ وقواعد القانون الدولي كانت تتكون نتيجة تفاعلات علاقات دولية ذات نظام واحد أما الان فان القاعدة القانونية الدولية لا تتكون إلا بالاتفاق بين ارادات ممثلي الكتل الثلاثة (الاشتراكي ، الرأسمالية ، دول عدم الانحياز )ويتم ذلك عبر صراع طويل على مائدة المفاوضات وفي اروقة الامم المتحدة وعن طريق التنازلات الى أن تتكون القاعدة القانونية التي تعتبر عن مصالح الكتل المذكورة مجتمعة ، كما اننا يجب ان لا ننسى ونحن نخوض في موضوعنا – قضية عمان – أن الشعوب قد فرضت عن طريق كفاحها المسلح قواعده قانونية جديدة تتجاوب ومطامحها في الاستقلال والحياة الكريمة ، فليس من الغرابة أن نجد الدورة الخامسة عشر تأتي تتويجاً لصفحات النضال الذي خاضته الشعوب وممثلوها في دوائر الامم المتحدة وخارجها فيصدر اعلان الغاء الاستعمار الذي عان منه الشعوب فترة طويلة يقول احد الممثليين العرب (مرا كش الدولة العربية التي حصلت على استقلالها عبر نضال طويل في نفس الجمعية أن النظام الكولونيالي يشكل خطرا دائماً للسلم وإمان الشعوب وهذه الخطيئة التاريخية يجب القضاء عليها بأسرع ما يمكن ) ( ) .
تقدم الاتحاد السوفيتي بمشروع القرار الأول المتعلق بإعلان الاستقلال لجميع الشعوب المستعمرة ولكن دول اسيا وأفريقيا أخذت المبادرة منه قيام ممثلو 43 دولة اسيوية وافريقية بتقديم مشروع قرار لا يختلف بجوهره عن المشروع السوفيتي مما حدا بمندوب الاتحاد السوفيتي لسحب مشروع قراره ، وفي الرابع عشر من كانون الأول 1960 تمت الموافقة على القرار بالإجماع من قبل 89 مثلا عدا 9 دول امتنعت عن التصويت هي ، الولايات المتحدة انكلترا ، فرنسا ، استراليا ، البرتغال ، اتحاد جنوب افريقا ، وجمهورية الدومينكان ( ).
قبل الدخول في بحث القوة القانونية لهذا القرار المهم من قرارات الجمعية العامة أرتأينا أن نقوم باستعراض سريع لأراء بعض الف فقهاء الغربيين والسوفيتين فيما يتعلق بالقوة القانونية لقرارات وتوصيات الجمعية العامة ، هناك نوعين من التوصيات التي يتخذها الجمعية العامة ، الأول منها يتعلق بالامور الداخلية والاجرائية لسير اعمال الجمعية العامة كوضع الميزانية والتصويت عليها وانتخاب السكرتير العام والاعضاء غير الدائميين في مجلس الأمن الخ ...
وهذا النوع من التوصيات يعتبر ملزما لميع الاعضاء أما النوع الاخر والذي يهمنا حيث يجري النقاش حادا حول طبيعته القانونية يتعلق بالتوصيات ذات الصلة بتنظيم العلاقات الدولية وتلك التي تخص اسناد السلم والامن الدولي وكذلك القرارات والتوصيات التي تحمل في ثناياها قواعد جديدة للقانون الدولي ، أو التي تطور وتفسر وتضيف قواعد جديدة الى القانون الدولي العام .
أصبح مجلس الأمن منذ بداية عمل المنظمة بحكم الشلول وذلك بسبب الصراع الدائر بين الاتحاد السوفيتي من جهة والدول الغربية من الجهة الاخرى بسبب حق الفيتو الممنوح للاعضاء الدائمين في المجلس والذي يعطل أي قرار من القرارات غير الاجرائية .
أتجه بعض الفقهاء الغربيين لسبب من تعطيل عمل المجلس الامن الى نقل اختصاصاته المتمثلة في حفظ الامن والسلم الدولي الى الجمعية العامة وتحويلها اختصاصات وصلاحيات تتجاوز نصوص الميثاق في هذا الشأن وهذا التوسيع يجد له معارضة في صفوف فقهاء وممثلي الدول الاشتراكية وخصوصا في السنوات الاولى لعمل المنظمة .
حيث يقول السوفيت ان الغالبية الكبرى لا عضاء الجمعية العامة كانت تدور في فلك الدول الغربية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة حيث يمكن اتخاذ أي قرار بالاستناد الى اكثرية الثلثين ، هذا في الوقت الذي كان فيه مجلس الامن قائما على وحدة جميع اصوات ممثلي الدول الكبرى ،والذي بدونه لا يمكن اتخاذ أي قرار ، لنعود الى اراء بعض الفقهاء الغربين : يتحدث الاستاذ كلسن في تثمينه لقرارات الجمعية العامة في كتابه The L aw of U. N 
واصفا ً التوصيات التي تتعلق في تنفيذ الوظائف السياسية للجمعية والتوصيات التي تتخذ في حقل القانون الدولي والحفاظ على السلم والأمن الدوليين بأنها لا تحمل صفة الالزام القانوني أذا أنها توصيات والتوصية بطبيعتها لا تحمل صفة الالزام ( ) .
لكننا نلاحظ في عمل آخر من اعمال كلسن (مبادئ القانون الدولي العام) الذي صدر بعد الكتاب الأول ، يحمل تناقضا ً للرأي السابق الذي يقول به الفقيه أنه يعتبر بدون أي استثناء جميع القرارات المنظمات الدولية تحمل مصدر القانون الدولي العام ( ) وبمعنى آخر أنها ذات قوة قانونية ملزمة ويطلعنا رأي فقيه غربي آخر هو L.M Goodrich يتجاهل فيه دور مجلس الأمن واختصاصاته في حفظ السلم والامن الدولي مانحاً الجمعية العامة صلاحيات كبرى أذ يقول بما أن الجمعية تكون ندوة كبرى حيث يمكن التعبير فيها عن مختلف وجهات النظر .. لذا فأن دورها يفوق دور مجلس الأمن ثم يستطرد قائلا ً : أن اغلب القضايا تعرض في المرحلة الأولى على الجمعية العامة ولا تعرض على مجلس الأمن إلا في حالة عدم أمكان دعوة الجمعية العامة أو كون القضية المعروضة تحمل صفة الاستعجال( ) ،ولكن هذا الرأي يجافي الواقع ، حيث أن تجربته الامم المتحدة تظهر لنا بأن النزاع الدولي من الممكن أحياناً عرضه على مجلس الامن بدور أن يوضع في جدول اعمال الجمعية العامة ، وذلك ما حصل للقضية السورية – اللبنانية ، والقضية اليونانية وكذلك الاندنوسية وفي أحيانا ً أخرى ينظر الموضوع في يوقت واحد في مجلس الامن والجمعية العامة أن يرى في قرار الجمعية العامة 377 cv ii الوحدة من أجل السلام – المتخذ بشأن القضية الكورية – بأنه مصدر من مصادر القانون الدولي ذي الصفة الالزامية ، الذي بموجبه وبالاستناد إليه ثم اتخاذ قرارات الجمعية العامة في تكوين قوات الامم المتحدة في الشرق الأوسط ( ) ، يؤيده في هذا الموقف الفقيه C.W eisberg الذي يقول بأن الجمعية العامة انطلاقا ً من صلاحياتها المخولة من قبل الميثاق في تكوين أجهزة مساعدة تستطيع أن تطلب بقراراتها تشكيل قوات دولية ( ) أننا نلاحظ بأن رأي C.wEisberg يتناقض ع المادة (26) من الميثاق الذي يخول مجلس الامن فلقط تشكيل القوات الدولية للمحافظة على السلم والامن الدولي .

وهناك كتاب آخرون (Clark and Sohn) أرادوا تحويل الجمعية العامة إلى إلى برلمان عالمي ومنحها اختصاصات تشريعية كي تقوم بتأديه وظائف المجالس التشريعية الداخلية ، حيث تكون قراراتها بمثابة القواعد القانونية الملزومة لكافة الاعضاء وقد اقترح هذان المؤلفان تغيير نظام التصويت الفردي الى تصويت نوعي حسب قوة الدولة ومكانتها في العالم ( ) .

وفي الفقه السوفيتي تطالعنا أراء مختلفة حول قوة قرارات وتوصيات الجمعية العامة ، حيث يعطي البعض لهذه القرارات قوة المصدر بينما لا يعترف آخرون بقوتها القانونية .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع