القائمة الرئيسية

الصفحات

هل يتصور وقوع جريمة القتل بالامتناع؟ كما لو امتنعت الأم عن إرضاع طفلها فيموت

هل يتصور وقوع جريمة القتل بالامتناع؟  كما لو امتنعت الأم عن إرضاع طفلها فيموت
هل يتصور وقوع جريمة القتل بالامتناع؟  كما لو امتنعت الأم عن إرضاع طفلها فيموت

السؤال الثانى: هل يتصور وقوع جريمة القتل بالامتناع؟أثير التساؤل حول مدى صلاحية ارتكاب القتل عن طريق الامتناع، كما لو امتنعت ممرضة من إعطاء الدواء لمريض مما أدى إلى وفاته، أو امتنعت الأم عن إرضاع طفلها فيموت؟


يذهب الفقه الفرنسي إلى أنه فى مجال القتل العمد، فإن السلوك الإجرامي يجب دائماً أن يتخذ صورة الفعل الإيجابي. فالقتل العمد هو من جرائم الارتكاب، ولا يتصور وقوعه عن طريق السلوك السلبى. أى الامتناع، على أنه يمكن العقاب على الامتناع الذى تترتب عليه وفاة إنسان (عمداً). تحت أوصاف قانونية أخرى، فى الحالات الخاصة المنصوص عليها صراحة، ومنها جريمة الامتناع عن تقديم المساعدة لشخص فى خطر (المادة 223-6 من قانون العقوبات الفرنسى). أما القتل غير العمدى، فيتصور وقوعه، سواء بالسلوك الإيجابى أم بالسلوك السلبى، خاصة وأن المشرع الفرنسى نص على "الإهمال وعدم الانتباه" ضمن صور الخطأ الجنائى، وهو الركن المعنوى فى جريمة القتل غير العمدى. (المادة 221-6 عقوبات فرنسى).


والإهمال وعدم الانتباه يعبران عن احجام الجانى عن اتخاذ الاحتياطات الكافية المفروضة قانوناً للحيلولة دون حدوث النتيجة الإجرامية. وبالتالى ينسب إلى الجانى فى الحالتين اتخاذه موقفاً سلبياً ترتبت عليه الوفاة.


ولكن الوضع فى الفقه المصرى مختلف، فإزاء مساواة القانون بين وسائل القتل من حيث صلاحيتها لقيام السلوك الإجرامى فى هذه الجريمة، ما دام أن من شأنها إحداث الوفاة كما قدمنا، يذهب الرأى الغالب بحق إلى القول بوجوب المساواة بين الفعل الإيجابى والسلوك السلبى من حيث صلاحية كل منهما لقيام جريمة القتل، سواء فى ذلك القتل العمدى والقتل غير العمدى.


فالامتناع هو إحدى صور السلوك الإنسانى، وبالتالى فهو يعد أيضاً صورة للسلوك الإجرامى الذى يمكن أن يرتكبه الجانى. ويتمثل فى أحجام الجانى عن القيام بعمل معين يفرضه عليه القانون.


والامتناع بهذا المعنى هو حقيقة قانونية، وليس عدماً أو فراغاً كما كان يقال أحياناً. وهو يشترك مع الفعل الإيجابى فى المظهر العادى، والصفة الإرادية. ويتطلب فوق ذلك وجود واجب قانونى أو تعاقدى يفرض على الممتنع القيام بفعل إيجابى معين وأن تتوافر علاقة السببية بين الامتناع والنتئجة الإجرامية.


ويستفاد من هذه الشروط، وبصفة خاصة تطلب وجود واجب قانونى يفرض على المتهم التدخل بالقيام بعمل إيجابى معين لمنع حدوث النتيجة الإجرامية، إن هذا الواجب – بمصادره المختلفة -، هو الذى يكسب الامتناع قيمته الجنائية، وبالتالى صلاحيته لتحقق السلوك الإجرامى فى جريمة القتل عندما يكون من شأنه إحداث وفاة إنسان. مثال ذلك: إمتناع الأم عن إرضاع طفلها فمات جوعاً، فهذه الأم قد خالفت الواجب القانونى الذى يجد مصدره فى المبادئ القانونية العامة والذى يفرض على الآباء والأمهات العناية بأطفالهم، ومثاله أيضاً امتناع مدرب السباحة عن إنقاذ تلميذه من الغرق، مما أدى إلى وفاته. فهذا المدرب قد اتخذ موقفاً سلبياً إزاء الواجب القانونى المفروض عليه بمقتضى العقد، بالقيام بالعمل اللازم لحماية حياة تلميذه. أما إذا انتفى الواجب القانونى، فلا يسأل الممتنع جنائياً، لانتفاء الامتناع فى مفهومه القانونى، حتى وإن كان الممتنع قد خالف قواعد الدين والأخلاق. كمن يرى أعمى على وشك الوقوع فى حفرة ويمتنع عن تحذيره. أو يرى إنساناً يوشك على الغرق ويمتنع عن انقاذه. ولم يكن على عاتقه أى التزام قانونى لحماية المجنى عليه.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع