القائمة الرئيسية

الصفحات

مقولة حق يراد به باطل

مقولة حق يراد به باطل
مقولة حق يراد به باطل 

المحامي محمد التواب 

مقولة «حق يراد به باطل»، تنطبق على الطريقة التى عالج بها البعض قرار مضاعفة سعر تذكرة المترو. كثيرون قالوا إن المواطن يدفع فى الميكروباص والتوك توك أضعاف ما يدفعه فى تذكرة المترو الذى يقطع به مسافة أكبر. هذا الكلام صحيح بالطبع، لكن تكراره ينذر بخطر كبير على هذا البلد. هناك من يسوق منذ عدة أشهر لمعادلة أن الشعب لا بد أن يدفع ثمن السلعة أو الخدمة التى ينالها من الحكومة، طالما يدفع «شىء وشويات» فى الحصول على الخدمة الشبيهة التى يقدمها أصحاب المشروعات الخاصة، وهو خطاب تدعمه الحكومة بقوة من أجل تبرير قراراتها التى تعكس اتكالاً على جيب المواطن فى حل مشكلاتها، لتقلب معادلة رعاية الحكومة للمواطن، إلى معادلة «رعاية المواطن للحكومة». زيادة سعر أى خدمة فى الدنيا مشروط بتحسينها أو تجويدها، والحكومة لدينا لا تحسن ولا تجود شيئاً، إنها ترفع وفقط!.


الخطر أن المسألة لن تتوقف عند محطة «المترو»، بل ستمتد إلى غيرها. تجربتنا مع الحكومة الحالية تقول ذلك، تلك الحكومة التى لا تفهم إلا فى التعويم وفرض الضرائب والتخلص من الدعم، ولا يبين له أى أثر فيما عدا ذلك. توقع فى المستقبل أن تسمع أحاديث يصح أن تترجم إلى قرارات عن إلغاء مجانية التعليم، وقتها ستجد ألسنة تردد كلاماً مقنعاً عن الفلوس اللى أد كده التى يدفعها الفقير والغنى فى الدروس الخصوصية، وما ينفقه التلميذ على الموبايل وكروت الشحن، وهو كلام صحيح فى عمومه، لكن السؤال: هل الحكومة تستهدف من وراء تسعير التعليم وإلغاء المجانية تطوير المنظومة التعليمية فى مصر أم أن الهدف مجرد «لم الفلوس»؟!. لعلك تذكر ما كتبته منذ أيام معلقاً على كلام وزير الصحة حول أن العلاج المجانى دمر المستشفيات «الميرى» فى مصر، وأظن أننا سنسمع هذه الأسطوانة كثيراً خلال الأشهر المقبلة. ليس بمقدور أحد أن ينكر ما وصل إليه حال مستشفياتنا العامة، لكننا نعيد السؤال: هل تسعير الخدمة الطبية هدفه تطوير المستشفيات العامة ولّا «لم الفلوس»؟!.

نحن نعيش فى ظل توجهات تريد من المواطن أن يتحمل فاتورة كل شىء يستهلكه تحت شمس بلاده، بلاده التى توجد بها خيرات كثيرة تحصلها أيدى المسئولين، لكنها لا تريد إنفاق مليم منها على المواطن، لأن لها أوجه إنفاق أخرى، المسئولون أدرى بها!. نحن أمام حكومة يصح أن نصفها بضمير مستريح بأنها «حكومة لم فلوس».. (نقطة). وهى لا تريد أن تفعل أى شىء بعد ذلك. أساس هذا التوجه يرتبط بإحساس لدى المسئولين بأنهم ورثوا هذا البلد، أو بعبارة أخرى أنهم أصحاب البلد، أما المواطن فكائن متطفل يريد أن يقتات على ما لا يملك!. «لم الفلوس» يتم من خلال خلع يد الدولة من دعم أى سلعة أو خدمة يعيش عليها المواطن، وتطفيحه السعر الحقيقى لكل شىء، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يمتد إلى «الاستلاف من المستقبل» من خلال مليارات الدولارات التى يتم اقتراضها لتطفحها الأجيال المقبلة، ثم يأتى مسك الختام فى دعوة المواطن الغلبان للتبرع لبلده، حتى يقدم أوراقاً ثبوتية بوطنيته!.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع