جرائم التعذيب (الحلقة 4 ) : التوثيق القانوني لمزاعم التعذيب

Pr. Belhouss Ahmed

في كثير من دول العالم يوجد العديد من جمعيات حقوق الإنسان التي تهتم بتوثيق ادعاءات التعذيب ورعاية الضحايا وإعادة تأهيلهم. هذه الجمعيات تضم الحقوقيين ورجال القانون الذين يستطيعون جمع الأدلة قصد إدانة المتهم بالتعذيب بالإضافة إلى الأطباء الذين لهم تكوين قصد إثبات المظاهر والعلامات البدنية والنفسية وعلاج ضحايا التعذيب وتقديم الرعاية الصحية والاجتماعية لهم.

ومع زيادة الضغوط الدولية لمناهضة جرائم التعذيب، أصبحت الكثير من دول العالم تسمح لهذه الجمعيات بزيارة المحتجزين والمسجونين وإجراء مقابلات معهم وتوثيق مظاهر التعذيب. غير أن هناك دولا كثيرة أخرى لا تسمح لهذه المنظمات بزيارة سجونها ومراكز الاحتجاز مما يعقد عملية توثيق التعذيب.

توثيق التعذيب يكون معقدا وفي غاية الصعوبة إذا كانت الضحية رهن الاحتجاز في مكان التعذيب أو مازال تحت سيطرة الجلادين.

في الدول المتقدمة والتي تحترم حقوق الإنسان تتم مقابلة الضحايا عن طريق الزيارات الدورية التي تقوم بها المنظمات العاملة في هذا المجال أو انتقال هذه الجمعيات إلى مكان محدد لمقابلة شخص محدد أو لزيارة مكان محدد بناء على شكوى بحدوث تعذيب لهذا الشخص أو حدوث تعذيب ممنهج في مكان محدد. أما دول العالم الثالث فالعديد منها لا تسمح بتلك الزيارات أو تضع العراقيل امامها أو تؤجلها حتى تطمس معالم الجريمة.

تهدف هذه الزيارات الى أماكن الاحتجاز والسجون والمعتقلات إلى توثيق التعذيب في حالة حدوثه وإلى الحصول كذلك على معلومات مهمة عن الوسائل المستعملة في هاته الجريمة وعن ظروف التعذيب وتأثيره على الضحية وذلك قصد إدانة المجرم وبالتالي المساهمة في النقص من حالات حدوث التعذيب.