كيف عالج الإسلام نشوز الزوجين ؟

المستشار القانوني والشرعي احمد رزق 

قبل أن نتحدث عن علاج النشوز في الإسلام، لابد لنا من أن نذكر العلاج الوقائي لهذا النشوز؛ أي اتّباع الوسائل التي تؤدي إلى منع حدوث النزاع والشقاق ابتداءً، بمنع أسبابه، ويكون ذلك، بتعريف كل واحد من الزوجين بالحقوق المقررة له، والالتزامات الواجبة عليه؛ وإرشادهما إلى حسن المعاشرة فيما بينهما، وابتعاد كل منهما عما يثير غضب الآخر؛ والتركيز على كيفية التعامل بين الزوجين، إذا خرج أحدهما عن المودة والرحمة - في تعامله مع الآخر- إلى القسوة والشدة.

فإذا لم يستفد الزوجان من الوقاية ووقع أحدهما في النشوز، فلابد من أن تبدأ عملية العلاج، وقد حددت الشريعة الإسلامية السمحاء، أفضل الأسباب الكفيلة بعلاج ما قد يحصل بين الزوجين من شقاق، ونعني بها قواعد تأديب الزوجة وشروطه وضوابطه، وكذلك الأسلوب الواجب اتّباعه عند نشوز أحدهما، وتحكم ذلك الآيتان اللتان ذكرناهما قبل قليل.

إذا شعرت الزوجة بعوارض كراهية زوجها لها، أو إعراضه عنها، لسبب قد يكون منها أو منه، فيجب عليها أن تحاول استرضاءه، لإصلاح ذات بينهما ، أو تصالحه بترك بعض حقها له؛ أما إن أصرّ على إعراضه، فقد قال الفقهاء: إن الزوجة ترفع أمرها إلى القاضي ليعزّره 000 ؛ فتسلك الزوجة في حلِّ هذا النزاع إذاً، أحد الأمرين التاليين:

1" – وعظ الزوج وتذكيره بالله، وما أوجبه عليه من معاشـرة زوجته بالمعروف، وأنها أمانة في يده، وعليه أنْ يقوم بحق هذه الأمانة خير قيام0

2" – مصالحة الزوجة زوجها، كما قال U: } وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ "{، وسبق أن شرحنا النشوز، أما الإعراض فهو بأن لايؤانس الزوج زوجته ولايحدّثها ولايلاطفها، رغم أنه يعطيها كل حقوقها ، أما الصلح فيحصل بأن تُسقِط الزوجة شيئاً من حقوقها، كأن تضع عنه بعضاً من مهرها، أو جزءاً من نفقتها؛ قال الشيخ الشعراوي: "والظاهر من الآية أن صلحهما على ترك بعض حقها للزوج، وقبول الزوج ذلك، خير من المفارقة بالكلية".

وهذا يدل على حرص الإسلام على استمرار الحياة الزوجية، فهو يدعو إلى كل مافيه بقاء الزوجة في عصمة زوجها، ويحثُّ على الاجتماع ولمّ شمل الأسرة، وينهى عن الخلاف والفُرقة.

الحلقة القادمة علاج نشوز الزوجة وسنقف عندها مليا ومفصلا بإذن الله