سمراء السنينة وأسمر سعوان.. بقلم القاضي طه عبدالرؤوف نعمان

بقلم القاضي طه عبدالرؤوف نعمان

أمقت تسميتهم بالأخدام كما يسمونهم عامة الناس..وتسميتهم بالمهمشين كما تسميهم المنظمات الإنسانية والحقوقية..ويحلو لي وصفهم بالسمر..

يعيشون في المحوى والسوائل وصرادح الأرض متحابين..مجتمعين..متآخين..واقتنعوا بها..تركوا الحمر والخضر والبيض يتصارعون ويتقاتلون على مساحات الأراضي والمراهق والتباب..

زهدوا عن الدنيا..ولم تغرهم مطامعها..ولم يقتتلوا على مفاتنها والمناصب والقرارات..وتوقفت قناعتهم عند منصب "مشرف عمال نظافة" من وصل إليه توقف هناك وترك الحمر والخضر يتصارعون على بقية المناصب والوزارات..

قضاياهم نادرة في المحاكم..قضية..قضيتين..ثلاث قضايا في السنة..وأحيانا تمر السنة دون قضية..وحين يتقاضون غالبا ما تنتهي القضية بصلح وحبة بالرأس..وفي قضايا الأحوال الشخصية يتوج الصلح بعقد فل ومشقر وحبة بالرأس..

متسامحين..ومتعايشين لدرجة إن الكثير منا لم يسمع بأسمر قتل أسمر أو قتل أبيض أو أحمر من بني جلدته..

يعيشون في مجتمع حين يحتاجونهم في الحروب والانتخابات وتتملق لهم أطراف التنافس بوصفهم "أحفاد بلال"..وبعد انتهاء المعركة واقتسام الغنائم يستكثرون عليهم منصب مؤذن أو قيم جامع...قلك أحفاد بلال..

رفعت سمراء السنينية مظلمتها للمحكمة بأن زوجها أسمر سعوان..أخذ منها رضيعها وتركها بدون نفقة..فتم إعلانه بالحضور..وحضر تعنت في تسليم الطفل لأمه..فحبس..

أثناء الحبس جاءت شيخة السمر في محوى سعوان بطول وعرض ممتلأن بالغضب..وخبطت مكتب القاضي "أنت رعيتك محوى السنينة..ما قفزك سعوان !!"..

رد عليها "إعقلي..المحكمة أعلنت النكف العام مع سمراء السنينة..والله ما نفلته..قالت ماقفزك سعوان "..وحين لمست قوة النكف..رضخت..وتدخلت في حل القضية..ووفقت بينهما..وزفت سمراء السنينة لأسمر سعوان من جديد معززة مكرمة متوجة بعقد فل ومشقر وحبة بالرأس..وكأنهما يقولان "تعلموا الحب والتعايش من السمر"..وعانقت جبال السنينية أرض سعوان.