القائمة الرئيسية

الصفحات

مخاطر الدعوى الإقرارية - الجزء الثاني


مخاطر الدعوى الإقرارية 

المحامي عارف الشعال 

فإذن قامت زوجة الأستاذ عساف بمخاصمة محكمة الاستئناف التي قضت بانعدام القرار الصادر بالدعوى الإقرارية،
(يجب التنويه هنا أن دعوى المخاصمة أقيمت عام 20155 في ظل سريان أحكام قانون الأصول السابق الذي كان يوجب إرفاق صور مصدقة عن كافة وثائق الدعوى الصادر فيها القرار المُختصم، ومن المعلوم أن قانون الأصول الجديد استغنى عن هذا الإجراء بضم الملف نفسه لدعوى المخاصمة))

كانت نتيجة دعوى المخاصمة الرد شكلاً بسبب التالي:


((لم ترفق طالبة المخاصمة صورة عن عقد البيع {الذي صدر القرار في الدعوى الإقرارية} بتثبيته، وحيث أن هذه الوثيقة لها أهمية قصوى حتى تقف الهيئة على الصورة الكاملة للنزاع، مما يقتضي رد دعوى المخاصمة شكلاً!!!))

في الواقع وقعت غرفة المخاصمة بخطأ بالغ في هذه الناحية، وارتكبت قصور غريب بالإحاطة بالقضية، ذلك أن الدعوى التي صدر فيها الحكم المخاصم لم يُبرز فيها عقد البيع أصلاً حتى يرفق بالدعوى!!
كما أن الدعوى الإقرارية لم يبرز فيها عقد البيع الخطي، وإنما طلب فيها تثبيت عقد البيع الشفهي، وجرى الإقرار بذلك، فتم تثبيت عقد البيع (الشفهي) بحسبان أنه لا تثريب على الناس التعاقد شفهياً، وما الكتابة إلا وسيلة إثبات يستغنى عنها بالإقرار، كما هو معلوم بالضرورة في قانون البينات، مما يعني ان هيئة غرفة المخاصمة نفسها ارتكبت خطأ مهني جسيم، بعدم إحاطتها بوقائع الدعوى كما ينبغي.

((لم ترفق طالبة المخاصمة صورة عن مخالفة المستشار الثالث في المحكمة مصدرة القرار المُخاصم، مما يقتضي رد الدعوى شكلاً كونه من متعلقات النظام العام))

أستغرب فعلاً هذا السبب للردّ لأن المخالفة مدونة أسفل القرار المختصم كما هو واضح من الصور التي نشرناها في الجزء الأول من الموضوع!!!

بعدما قررت غرفة المخاصمة في الحيثيات رد الدعوى شكلاً، دخلت في موضوع النزاع وقالت كلمتها به على سبيل الاستطراد من باب الجدل القانوني، وذهبت إلى أن القرار المخاصم له سند قانوني فيما ذهب إليه لجهة الانعدام لأنه:

((إذا حصل البيع بطريق النيابة "الوكالة" إن المشرع يشترط أن يكون للوكيل تفويض خاص بإتمام البيع، لأنه من التصرفات وليس من الإدارة، وهذا صريح نص المادة 668 مدني، والذي اشترط هذا التفويض الخاص أيضاً في الإقرار.
وطالما أن البائعة لم تحضر المحاكمة بنفسها (بالدعوى الإقرارية) وإنما حضر عنها محام وأقرَّ بالدعوى بموجب وكالة قضائية عامة، 

وحيث أن هذه الوكالة لا تتضمن تفويضاً خاصاً بالإقرار، ولا البيع، مما يعني عدم صلاحية الوكيل للقيام بالإقرار، بصورة خاصة،
وإن إيراد تفويض الإقرار بصورة عامة في أعلى الوكالة، يعتبر تفويض عام لا يلغي وجوب توافر التفويض الخاص، وإلا لما جاء النموذج المعتمد من نقابة المحامين فارغاً في القسم الأخير منها الذي يُترك لملئ التفويضات الخاصة التي يوجبها القانون كالإقرار بالبيع.

إن خلو وكالة المحامي من تفويض خاص بحق الإقرار، يجعله مخولاً فقط بأعمال الإدارة.
إن حضور المحامي والإقرار بدعوى بموجب وكالة ليس فيها تفويض خاص بالإقرار، لا يغني عن دعوة موكله في هذه الحالة وسماع قوله في الواقعة التي أقرَّ فيها المحامي، مما يجعل القرار صادر بعيب بالخصومة يصل لدرجة الانعدام))

سواء اتفقنا أو اختلفنا مع هذا الاجتهاد ولكنه في الواقع رأي مثلوم بعيب الاكتفاء بتناول المسألة من جانب القانون المدني فقط، وعدم تناوله إضافة لذلك من جانب قانون أصول المحاكمات وإغفال مناقشة المادة 479 منه، التي تعتبر أن التوكيل بالخصومة يخول الوكيل حق الإقرار بالدعوى، ولا يعتدّ بأي قيد يرد خلاف ذلك (هذا النص كان موجوداً حرفياً بالقانون السابق).


وبالتالي يؤخذ على الهيئة القصور بالتسبيب، وهذا القصور في هذه الحالة من الأهمية بمكان يجعل من رأيها المذكور أعلاه غير جدير بالركون إليه.

كما تطرقت غرفة المخاصمة لمسألة ورود اسم المحامي في وكالتي الخصمين، وأن هذا الأمر يعيب الخصومة والتمثيل بالدعوى حتى لو حضر المحامي عن أحد الخصمين، 

وفي الواقع خالفت غرفة المخاصمة الاجتهاد المستقر في هذه الناحية الذي لا يرى عيباً بالتمثيل طالما أن المحامي حضر عن أحد الأطراف فقط!!

كما خالفت المنطق أيضاً، إذ بإمكان أي مدعى عليه، أن يضع اسم محامي خصمه ضمن الوكالة التي يقوم بتنظيمها لوكيله المحامي، وبالتالي يقوم بنسف الدعوى شكلاً بدون أن يكون لمحامي المدعي ذنب بذلك، وبناء عليه من المستغرب ألا تنتبه الهيئة لهذه المسألة!!

وقد اعتبرت غرفة المخاصمة انه لا ضير من رفع الدعوى بإبطال قرار ثم تقوم المحكمة بتكييفها بأنها انعدام وليس إبطال، وهذا من مطلق سلطات محكمة الموضوع عملاً بأحكام المادة 144 أصول.

وهكذا أسدل القضاء الستار على دعوى إقرارية صدر بها حكم مبرم، أطاح بها بمجموعة من المبادئ القانونية التي أرها ملتبسة، نتيجة الملاحظات التي ذكرتها أعلاه، وبالتالي لا تصلح، برأيي الشخصي، للاتكاء عليها وصولاً للنتيجة التي آلت إليها القضية.
وبكل الأحوال نضع المسألة بين يدي خبراء القانون للاطلاع عليها والاتعاظ منها.

ملاحظة1:

أريد التأكيد على اهتمامنا محصور بالجانب القانوني المحض للحالة موضوع النزاع، بسبب الجوانب التي تكتنفه وتهمُّ العاملين بالقضاء من قضاة ومحامين، بغض النظر عن أشخاصها الذين نكن لهم الاحترام جميعاً سواء الأستاذ عزت الأخ والزميل الكريم، أو السيدة كاميليا المحترمة، ونرجو أن يصل صاحب الحق منهما لحقه غير منقوص.

ملاحظة2: 


سيكون لنا تعقيب لاحق حول أحقية المحكمة التي تقوم برد الدعوى شكلاً، في إبداء رأيها بالموضوع على سبيل الاستطراد، بذريعة الجدل القانوني
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع