القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث ودراسة قانونية في الدعوى الاقرارية (3)

دعوى إقرارية في مهب الريح (3 من 3)

بخث ودراسة قانونية في الدعوى الاقرارية (3)
بخث ودراسة قانونية في الدعوى الاقرارية (3)

المحامي عارف الشعال 

"بديع هزاع العلي" نائب رئيس محكمة النقض،

تذكّروا جيداً هذا الاسم

قاض وقورٌ، محنكٌ، خبيرٌ، أمضى جلَّ عمره يحكم بين الناس، يبتُّ بالخصومات المختلفة، تصدى لهذا النزاع أخيراً وأسدل الستار عليه.

فهو الذي رأس الغرفة التي أطاحت بقرار محكمة النقض معتبرة إياه قد انحدر إلى درك الخطأ المهني الجسيم لأكثر من سبب ومطعن!!

فبعدما أعدمت محكمة البداية القرار الصادر بالدعوى الإقرارية بسبب الغش والتواطؤ الثابت الذي أدى لعدم انعقاد الخصومة، ثم قامت محكمة الاستئناف بفسخ قرارها معتبرة الخصومة صحيحة، وصدّقت محكمة النقض القرار الاستئنافي، حطّت الدعوى رحالها أخيراَ في غرفة الهيئة العامة لدى محكمة النقض، جراء دعوى مخاصمة قضاة، فأبطلته لأن الحق يعلو ولا يُعلى عليه، والعدل فوق النصوص، وفوق القواعد، وفوق كل شيء.


المفاجأة المذهلة كانت في الحيثيات التي ساقتها الهيئة العامة في متن قرارها وخلصت فيها لاعتبار محكمة النقض قد ارتكبت الخطأ المهني الجسيم.

المفاجأة أن الهيئة العامة لمحكمة النقض التي تتربع على سدة الهرم القضائي كأعلى هيئة قضائية في الدولة، لم تأت بأي جديد في الحيثيات، فقد تبنت حرفياً كافة الأفكار التي ذكرها القاضي البدائي "طارق بيك برنجكجي". 
بكل الاقتدار لم تجد أعلى محكمة في الدولة حرجاً في تبني آراء محكمة الدرجة الأولى حرفياً، دون أن تزيد عليها، فكرستها مبادئ قانونية تحمل توقيع الهيئة العامة لمحكمة النقض.

استعرضَت الهيئة العامة في البداية سلسلة الأدلة الدامغة التي تؤكد نهوض الغش والتواطؤ بين الشاري المزعوم والأبن والمحامي، ثم اتجهت لتبني ما جاء بالقرار البدائي في مطلع الصفحة /6/ منه، مؤكداً ما جاء فيه من أن: 
طلب فسخ التسجيل أعمّ من طلب إعادة المحاكمة باعتباره يستند إلى مراجعة للحكم، والمراجعة أعم من الطعن.


وأن أي شخص لديه محامين ويقوم بشراء عقار لابد من أن يطلع على صحيفته العقارية، فهي الأساس وهي وجوده وكينونته، وهي أصلاً معدة لاطلاع الغير وللشهر العلني، وإن وجود إشارة دعوى تعني أن الشاري ملزم بها وبنتائجها وآثارها.


وكيف لشخص على درجة من العلم والتعلم والاستشارة القانونية، أن يشتري عقار من شخص وعلى صحيفته إشارة دعوى تفيد أن دعوى هذا الشخص محل نزاع حقيقي، 


وكيف لشخص أن يشتري عقاراً من شخص آخر وهذا العقار ليس باسمه وله إشارة دعوى ودعواه مردودة بداية ولا تزال منظورة أمام محكمة الاستئناف.

وكيف لمن يشتري عقار بمبلغ 65 مليون أن يسدد هذا المبلغ الكبير الذي يمثل كامل ثمن العقار دفعة واحدة قبل الفراغ وقبل الإسقاط وقبل التسليم؟؟

وأنه:
لا يقبل التذرع بأن الوكيل عن المالك قيداً حضر وأقرَّ بالدعوى، ويقوم مقام المالك الأصيل، سيما وأنه وكيل قضائي ولابد أن يكون إقراره بموجب تفويض خاص سيما وأن ملكية العقار موضوع الدعوى موضع نزاع بين الأب وابنه.


وبعد أن أشارت الهيئة العامة لرأي العلامة السنهوري المذكور بقرار محكمة الدرجة الأولى بما يفيد اعتماده.


وبعدما تأكدت أن المحامي الذي قام بالإقرار لم يجتمع مع موكله السابق ولا يملك أي تفويض بالإقرار، وكونه رجل قانون يعلم يقيناً من خلال اطلاعه على صحيفة العقار أن الابن ليس له صفة بالبيع، وهذا دليل واضح على التواطؤ بين الثلاثة بقصد الإضرار بالمالك قيداً.

لكل ذلك أبطلت القرار المخاصم لوقوعه بالخطأ المهني الجسيم.

لا أحد يجادل فيما اتجهت إليه الهيئة الجليلة، فالغش في هذه القضية ساطع كالشمس، وتواطؤ المحامي فيها ضد موكله ثابت بشكل يقيني،

ولكن ماذا بالنسبة للحكم المبرم، وانعدام الخصومة؟

في الواقع تركتنا الهيئة العامة الموقرة في حيرة شديدة من أمرنا عندما قالت بشكل جلي:

(بغضّ النظر)

نعم، قالت "بغضّ النظر"، ولكن عن ماذا؟
لقد قالت الهيئة العامة بكل وضوح:
((بغض النظر عن المطاعن المثارة لجهة انعدام القرار لصدوره في خصومة معتلة، وعدم إعلام مدعي المخاصمة بصحيفة الدعوى، وإعلامه بصورة غير سليمة وبالغش والتواطؤ))

هل يعني "غضّ النظر" هذا، أن الغش والتواطؤ فوق الانعدام؟؟
هل يعني "عضّ النظر" هذا، تبني لما قاله طارق بيك في قراره أن: 
((الغش يفسد كل شيء حتى الأحكام)) ؟؟

"غضّ النظر" هذا تركنا أمام نهاية مفتوحة.
وما أصعب النهايات المفتوحة.

لقد صعّبت الأمر علينا بـ "غضّ النظر" هذا أيتها الهيئة الجليلة.

حبرٌ كثيرٌ يجب أن يسال، ونقاشٌ طويلٌ يجب أن يثار حول هذه القضية، والمآلات القانونية التي أثارتها، سواء ما نظرت إليه أو ما غضّت النظر عنه.

الموضوع برسم كافة المشتغلين في القانون. 
برسم السادة القضاة في تكييف هكذا قضايا،
برسم الأساتذة المحامين في تكييف قضاياهم، فلهم أسبقية تأسيس الدعوى.
قضية برسم الجميع.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع