القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث ودراسة عن جريمة الفساد المالي والإداري

تصحيح مفاهيم - محاضرات لرفع الوعي و الحث الأمني
الفساد المالي والإداري الحلقة 3 

بحث ودراسة عن جريمة الفساد المالي والإداري
بحث ودراسة عن جريمة الفساد المالي والإداري
المحامي ياسر انقل 

مواصلة لما سبق الحديث عنه فيما يختص الفساد او الاحتيال في المحاضرة الثانية فإن هذه الجرائم لا بد من تناولها في ثلاثة محاور و لا بد أيضا لأي إدارة أو الإدارة العليا المعنية أو الحكومة إذا أرادت محاربة هذه الظاهرة (الفساد) من الوقوف على و الإلمام بهذه المحاور الثلاثة المتمثلة في: 

1. محور الدوافع اي ما هي الدوافع التي تدفع و تشجع هؤلاء الموظفين او العمال من الاعتداء على المؤسسة أو ارتكاب مخالفات و تجاوزات مضرة بها.

2. محور الفرص؛ وهي الفرص التي تمكن هؤلاء من الاعتداء حيث انه لا يمكن لأي موظف الاعتداء اي ارتكاب مخالفة او تجاوز ما لم تتاح له الفرصة الكافية لذلك، و ذلك لأنه و من الثوابت نظريا و عمليا في علم الجريمة انه (يمكن لأي شخص من ارتكاب جريمة إذا توفرت له عاملين أساسيين الا و هما الرغبة الأكيدة اي الدافع و الفرصة المتاحة) و متى ما توفرت هذه العوامل يمكن لأي شخص أن يرتكب مخالفة فليس هنالك فرق بين موظف و عامل أو خفير و وزير أو مدير و رئيس....الخ فالجريمة هي في الحقيفة معصية و المعصية يمكن لأي عبد أن يعصي الله لأن قلبه بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء.

3. محور المبررات: و هي مسوغات الفعل اي أنه لابد ان تكون هنالك ما يبرر للموظف و يقنعه في فعله هذا اي مخالفته بالرغم من أن قناعاته الداخلية تبرهن له عدم مشروعية ما يقوم به و ان الفعل المعني مخالف تماما للعادات و التقاليد و الأخلاق و الضوابط و اللوائح و الإجراءات و ان السارق و السارقة يجب قطع ايديهما ......الخ.

و عليه ففي محور الدوافع كثيرا ما نجد و نلاحظ أن من الأسباب الشعور بأن الرواتب الشهرية لا تتناسب و المهام و المسئوليات الملقاة على عاتق الموظف و هذا الشعور طبعا مسألة نفسية تكون دافعا قويا و حافزا تثير و تحرك الشخص تجاه الهدف الذي هو الاعتداء أو المخالفة اي أنه قناعة داخلية تترجم في شكل تصرفات "behavior " و هذه الشعور طبعا حقيقة ماثلة اليوم في ظل التدهور اليومي لقيمة العملة الوطنية الذي ينعكس مباشرة على ارتفاع الأسعار أو التضخم، و ايضا من الدوافع التحدي القوي و الإصرار من جانب الموظف للتعدي على النظام القائم(system ) و يرجع ذلك طبعا لأسباب كثيرة منها ما هي سياسية أو إدارية فالادارات السيئة كثيرا ما تدفع و تشجع الموظفين و العمال على ارتكاب المخالفات فالشعور بالمحاباة أو الاضهاد أو الظلم أو التنافر السياسي كما اتضح اخيرا في تأييد موظفي و عمال بعض المؤسسات للعصيان المدني و غيابهم اخيرا و الذي نتج عنه استيضاحات من قبل مؤسساتهم و يمكن أن يؤدي ذلك لمحاسبات إدارية و فصل من الخدمة هذا بالإضافة لشعور الموظف في احايين كثيرة بعدم التقدير و الاهتمام من جانب الإدارة ...الخ و الذي قد يؤدي بدوره على تشجيع آخرين متضامنين معهم على الإقدام بنفس الفعل. و من الدوافع أيضا محاولة البعض العيش في مستويات مادية عليا و ذلك مما يدفعه لمحاولة الحصول على المال اللازم لذلك باي طريقة كان و مرجع ذلك طبعا الأوضاع البيئية المشجعة لذلك حيث مظاهر الترف و الصرف البزخي التي أصبحت صفة لكثير من فئات المجتمع و هي لا شك تعتبر واحدة من الآثار السالبة لجرائم غسل الأموال، فالاموال المتسقة التي تدخل على النظام المالي في الدولة "financial system" تعمل على خلق مجتمع استهلاكي أو سيادة الثقافة الاستهلاكية للمجتمع مما يعمل على تشجيع الكثيرين من الفئات الدنيا على التطلع و محاولة العيش في مستويات لا تتناسب و أوضاعهم أو مقدراتهم المادية، ولذلك كثيرا أيضا ما نجد من تكون له نزعة قوية للكسب الشخصي فكلما شاهد سيارة فارهة أو مسكن جميل التصميم و المشهد تمنى أن يكون هو مالكها أو له ما يضاهي هذه الممتلكات.

و لأن الفساد المالي اليوم مرجعه لسببين رئيسيين ألا و هما 1. المستحدثة المتمثلة في الجشع و النفوذ 2. و التقليدية و هي المتمثلة في الضغوطات المادية. و لذلك فإن من الدوافع ايضا الالتزامات المالية تجاه الأسرة من التزامات الرسوم الدراسية و العلاج (و في هذا حدث و لا حرج) و الالتزامات الأسرية من اعالة لليتامى من ابناء الأقرباء، بالإضافة لكل ذلك طبعا الديون فكثيرا ما نجد اليوم من لهم حسابات و ديون في المتاجر الصغيرة المجاورة لمنازلهم (الدكان) قد تفوق ما يتقاضونه شهريا من أجور في مؤسساتهم.

فهذه الامثلة للدوافع على سبيل المثال لا الحصر نأمل ان نواصل في الحلقة الرابعة انشاء الله في محور الفرص.

نواصل
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع