القائمة الرئيسية

الصفحات

طابور الكرسي الخامس.. بقلم القاضي طه عبدالرؤوف نعمان

 
طابور الكرسي الخامس.. بقلم القاضي طه عبدالرؤوف نعمان

بقلم طه عبدالرؤوف نعمان

جرى العرف في اليمن على أن أجرة الحلاق تتضاعف في موسم العيد..وسار اليمانيون على ذلك دهرا ..وكان كل مواطن يمني يعطي قبل العيد أخيه المواطن الحلاق أجرته ومبلغا مثلها بمناسبة العيد وبجانبهما..سعمة..سعمتين..ثلاث سعم على خده تهنئة بالعيد..
مؤخرا..وبسبب الظروف التي تمر بها البلاد وقطع الرواتب..استشعر مالك صالون حلاقة خطر الحرمان الإجباري من تلك العادة العيدية هذا العام..وإنه سيدخل في مشاكل وصياح مع معظم زبائن المحل بعذر توقف المرتبات عند المطالبة بحق الحلاقين السنوي..سيما إن طبائع الناس تغيرت ولم تعد على ماكانت عليه بسبب تأثرها بالظروف المرعبة المحيطة بها..وبعقلية تجارية ممزوجة بذرات قليلة من الإنسانية خصص الكرسي الخامس من كراسي الصالون للمواطنين المعتمدين على الرواتب من الخزينة العامة للدولة..ومن عرفه أحاله هناك..ومن لم يعرفه سأله عن عمله ومدى استعداده دفع الزيادة العيدية..وأحاله إلى الكرسي الذي يستحقه..


حلاق الكرسي الخامس يأخذ أجرة الحلاقة دون الزيادة العيدية السنوية المعتادة..ويراعي ظروف منتظريه بعكس بقية كراسي صالون الحلاقة..


نجحت الخطة وتزاحم المواطنون على الكرسي الخامس..معلمون..مهندسون..أساتذة جامعات من طراز"أ.د"..و"د" حاف..قضاة الثلث الموعود بالجنة..ضباط وصف ضباط وجنود..الأطباء الحديثين الذين عجزوا عن فتح عيادات خاصة أو التعاقد مع مستشفيات ودكاكين طبية خاصة وأطباء قدامى لم يعملوا حسابا لتقلبات الزمن وعالجوا الشعب دون طموح فتح عيادة خاصة..كتاب معاشات لمعاشات ماهليش..أمناء صناديق لصناديق صارت بيوتا للعكابر والأربال الذائبة من حر الشح..محصلو ضرائب وزكاة وإيجارات الأوقاف المستغنى عن خدماتهم وجريهم من زغط إلى زغط..بسبب استبدالهم بغيرهم ذوي أرجل تعمل بالدفع الرباعي....إخوان..قليل من المؤتمريين..ومثلهم من الأنصار الخارجين من لعبة كراسي أخرى وعادوا من حيث آتوا....ناصريون..اشتراكيون..قوى شعبية..خريجو جامعات ومعاهد..ملحمين عجزوا عن شراء مواطير تشغل ملاحمهم.......إلخ..


المفاجأة والمفارقة الغريبة هي أن حلاق الكرسي الخامس مستجد في مهنة الحلاقة وحديث عهد بها..حيث إنه كان موظفا عاما..وتمرد على منهج بني عمومته وكافح ودرس وأكمل الجامعة وحصل على وظيفة من الدولة استغنى بها عن المقص الذي تشبث به بني عمه ولم يتخلوا عنه..وبسبب عواصف الحياة لجأ إليه وبدأ مسيرة حياة جديدة معه..وقبض عليه كقبض مؤمن آخر الزمان على الجمر..
مالك الصالون استغل تلك النكبة والجزئية المهمة والحساسة التي يمر بها الوطن..وخصص لها حلاق طابور الكرسي الخامس ...يقلك "موظف يحلق لموظف ويتعلم برأسه...يبهذل به..يعزر به...هم إخوة في الهم والغم ...يسدووووووو"..بينما بقية الكراسي محترفين في فن الحلاقة وتصفيف الشعر وتهذيبه..


الجدير بالذكر إن الكرسي الخامس بدون خدمة صنفرة بشرة الوجه بعكس بقية الكراسي المتميزة بالملاس والصنفرة..


كل عام وأنتم طيبين..ومن العايدين السالمين البعيدين والمتقين من نكبة طابور الكرسي الخامس.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع