(تصرفات الدولة من جانب واحد) بقلم: الدكتور عصام العطية.

ان من اهم سمات الاطروحة الناجحة هو ماتقدمه من جديد. وهذه الجده تكمن اما في الموضوع ذاته أو ما يحوي من مضامين. ولا شك ان هذه الاطروحة قد حققت الاثنين معا فكان التوفيق من نصيب الباحثة - خالدة ذنون مرعي - , والمشرف معا, فقد استطاعا استكشاف مساحة بدأت تأخذ حيزا جديرا بالاهتمام على الصعيد الدولي. ذلك ان كثير ما تصدر عن الدول في تصرفاتها في المجال الدولي, اعمال من جانب واحد بقصد ان تحدث اثارا قانونية, واهمية هذه الاعمال الصادرة من جانب واحد تتزايد باستمرار نتيجة لما يشهده المجتمع الدولي في الوقت الحاضر من تغير سريع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتكنولوجيا. وخصوصا التطورات الكبيرة في وسائل التعبير عن مواقف وتصورات الدول ونقلها. لهذه الاسباب اهتمت لجنة القانون الدولي بهذا الموضوع, وادرجته في جدول اعمالها لعام 1997م.

وقد حددت نطاق هذا الموضوع كأحد المواضيع المناسبة للتدوين والتطوير التدريجي. 

وفي السنة نفسها دعت الجمعية العامة لجنة القانون الدولي في قرارها المرقم 51/ 160, ان تنظر في الموضوع بتعمق اكبر وان تحدد نطاق الموضوع ومضمونه في ضوء الممارسات الدولية والسوابق القضائية وتعليقات الدول. وقدد حددت اللجنة نطاق الدراسة وقصرتها على الاعمال الانفرادية المستقلة أي الاعمال الانفرادية القادرة بذاتها على ترتيب اثار قانونية بموجب القانون الدولي والتي لا تعتمد في تحقيق ذلك على قيام دولة اخرى بعمل او بامتناع عن عمل. واستبعدت بذلك الاعمال التي لا تصدر على وجه الاستقلال, أي الاعمال التي تمارسها الدول في نطاق القواعد الاتفاقية والعرفية وقد تناولت السيدة الباحثة هذا الموضوع من جميع جوانبه ليشمل الاعمال الانفرادية المستقلة والاعمال التي لا تصدر على وجه الاستقلال فجاءت الدراسة شاملة لجميع الاعمال التي تقوم بها الدول من جانب واحد.

من الافضل ان يكون عنوان الاطروحة (الاعمال التي تقوم بها الدول من جانب واحد أو اعمال الدولة من جانب واحد). ذلك لان اصطلاح تصرفات الدولة مقتبس من القانون الداخلي وغير مستخدم في نطاق القانون الدولي.

وقد بينت ذلك لجنة القانون الدولي عندما درست مسألة المصطلحات المستخدمة ونظرت في شتى العبارات المستخدمة في كتابات المؤلفين وفي احكام القضاء وهي: (اعمال من جانب واحد, اعلانات.., ارتباطات.., التزامات.., اعمال قانونية.., معاملات من جانب واحد..الخ), فختارة اصطلاح الاعمال أو الافعال التي تقوم بها الدول من جانب واحد, وهذا ماسار عليه الفقه الدولي.

قسمت الاطروحة إلى اربعة فصول عالجت الباحثة في اطارها موضوعها دون اخلال كبير بالتوازن الواجب مراعاته بين الفصول. تناول الفصل الاول. ماهية التصرف القانوني من حيث التعريف والطبيعة والتصنيف للتصرفات القانونية للدولة من جانب واحد. ويتضمن الفصل الثاني الاشكال الرئيسة لتصرفات الدولة من جانب واحد والتي تشمل التصرفات أحادية الجانب الصادر على وجه الاستقلال والتصرفات التي التصدر على وجه الاستقلال. إما الفصل الثالث تناول اركان تصرفات الدولة فيما يتعلق برضا الدولة وموضوع وسبب التصرفات من جانب واحد. وكرس الفصل الرابع لنفاذ تصرفات الدولة من جانب واحد وانقضاؤها. وبذلك تكون الباحثة اعتمدت منهجية البحث النظري والتطبيق في آن واحد. وهي طرقية علمية قانونية سليمة.

توصلت الباحثة في خاتمة اطروحتها الى استنتاجات على كبير من الاهمية. لكن لا يمكن تحقيق ماتلتمسه من لجنة القانون الدولي بالإخذ بهذه الاستنتاجات, ذلك لان لجنة القانون الدولي قد حددت ابتداءان نطاق الموضوع بأن يقتصر على الاعمال الانفرادية المستقلة هذا من ناحية ومن ناحية اخرى سوف ينتهي عمل اللجنة في الغالب في عام 2004م, بالإضافة الى ذلك يوجد خلط في الاستنتاج (7), بين الاتحاد الكونفدرالي والاتحاد الفدرالي لذلك يجب اضافة الى نهاية السطر الرابع من الاستنتاج (7) ص (186), بعد هكذا تصرف (اما اذا كانت الدولة داخلة في اتحاد فدرالي فيجب الرجوع..).