القائمة الرئيسية

الصفحات

من يملك الحق في معاقبة الدول ؟؟

من يملك الحق في معاقبة الدول ؟؟

من يملك الحق في معاقبة الدول ؟؟
من يملك الحق في معاقبة الدول ؟؟

ا.د. حكمت شبر– عميد معهد العلمين للدراسات العليا سابقا واستاذ القانون الدولي العام.

لا يملك هذا الحق ، أي معاقبة الدولة الخارجة على قواعد القانون الدولي ، سوى مجلس الأمن ، الذي أنيطت به أختصاصات فرض العقوبات المختلفة على الدولة المعتدية ، أو الخارجة على قواعد القانون الدولي والتجاوز على شرعية وأحكام ميثاق الأمم المتحدة .

جاء في المادة (39) الفصل السابع يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو أخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب أتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41و42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو أعادته إلى نصابه . 

ونصت المادة (41) الفصل السابع : لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب أتخاذه من التدابير التي لا تتطلب أستخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته ، وله أن يطلب إلى أعضاء (الأمم المتحدة) تطبيق هذه التدابير . ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفاً جزئياً أو كلياً ، وقطع العلاقات الدبلوماسية .

هذه هي أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، التي يجب التزام جميع الدول بأحكامها وتنفيذ نصوص قرارات المجلس .

فكيف سمحت السعودية مع البحرين والأمارات بالاستحواذ على اختصاصات مجلس الأمن وفرضت على قطر عقوبات ليست من اختصاصاتها فقد قطعت هذه الدول العلاقات الدبلوماسية والتجارية والثقافية وحاصرت قطر بحريا ومنعت سفنها من الوصول إلى الموانئ القطرية ، وأمرت مواطني دولة قطر بمغادرة أراضيها في فترة لا تتجاوز الـ 14 يوماً .

أنا لست ضد استخدام العقوبات ضد قطر أو أي دولة عربية أو أجنبية تدعم أو تموّل الحركات الإرهابية ، ولكن يجب استخدام الطرق القانونية وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ، خصوصاً قرارات الفصل السابع .

هذا إذا علمنا أن مجلس الأمن أصدر عدة قرارات تحض على مكافحة الإرهاب ومعاقبة الأفراد والدول التي تساعد الإرهابيين .

أصدر مجلس الأمن قراره الهام المرقم (1373) في 28 أيلول عام 2001 بعد تفجير برجي التجارة العالمية .

جاء في هذا القرار :

أ –الامتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم الصريح أو الضمني إلى الكيانات أو الأشخاص الضالعين في الأعمال الإرهابية ، ويشمل ذلك وضع حد لعملية تجنيد الجماعات الإرهابية ، ومنع تزويد الإرهابيين بالسلاح .

ب – أتخاذ الخطوات اللازمة لمنع ارتكاب الأعمال الإرهابية ويشمل ذلك الأنذار المبكر للدول الأخرى عن طريق تبادل المعلومات .

ج – عدم توفير الملاذ الآمن لمن يموّلون الأعمال الإرهابية أو يديرونها أو يدعمونها ، أو يرتكبونها ، ولمن يوفرون الملاذ الآمن للإرهابيين .


د – منع من يمولون أو يديرون أو ييسرون أو يرتكبون الأعمال الإرهابية من استخدام أراضيها في تنفيذ تلك المآرب ضد دول أخرى أو مواطني تلك الدول .


وأستمر مجلس الأمن في أتخاذ قرارات تحرّم وتمنع الإرهاب ومن يساعد أو يمول أو يأوي الإرهابيين .


جاء في قرار مجلس الأمن الصادر في 20 نوفمبر (2015) والمرقم 2249 ، والذي صدر بعد ارتكاب المجزرة الإرهابية في باريس ، فقد دعا القرار الدول : القيام بكل ما في وسعها لمضاعفة وتنسيق جهودها لمنع أو احباط الأعمال الإرهابية ، التي يرتكبها على وجه التحديد تنظيم داعش وجبهة النصرة ، ويحث القرار الدول على تكثيف جهودها لوقف تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى العراق وسوريا وأحباط وتمويل الأرهاب .


وجاء في القرار المرقم 2253 في 17 نوفمبر : على الدول أن تقوم بمكافحة الأرهاب ومنع تقديم أية مساعدة لتنظيمي داعشأوالقاعدة أو مجموعة أو شركة أو منظمة مرتبطة بهما ، وتجميد أرصدتهما المالية .


هذا هو مجلس الأمن وموقفه الواضح والصريح بمعاقبة كل من يقوم بالأرهاب أو يساعد أو يمول الإرهابيين . فلماذا لم تلجأ السعودية إلى مجلس الأمن ، الجهة الوحيدة ذات الأختصاص بمعاقبة الدولة التي تخرج على أرادته خصوصاً بعد القرارات الصريحة بتحريم وتجريم الإرهابوالإرهابيين .


أن ما دفع السعودية ومن ورائها بعض دول الخليج لفرض عقوبات على دولة قطر يتمثل في موقف الولايات المتحدة ورئيسها (ترامب) فبعد حصوله على أكبر رشوة في التأريخ ، والتي تقدر بـ (500 مليار) دولار أطلق يد السعودية في أتخاذ ما تراه مناسباً ضد قطر ، ولم تكن الحادثة الأولى التي ترتكب فيها السعودية هذه الإجراءات المنافية لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ، فالسعودية ومنذ أكثر من سنتين تشن حرباً هوجاء ضد جارتها اليمن ، بدون وجه حق ، وبدون موافقة الأمم المتحدة ، وقد قتلت مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء ، ودمرت هذا البلد الفقير وحطمت بنيته التحتية واليوم تعاني اليمن من مرض خطير (الكوليرا) الذي يحصد الآلاف من الأطفال والنساء والرجال ، والسعودية صامتة ولم تساعد في مكافحة هذا المرض وبحصارها لليمن منعت وتمنع دخول المساعدات الصحية والغذائية لليمنيين 


ولعلي أضع النقاط على الحروف في حرب السعودية على اليمن وفرضها العقوبات على دولة قطر ، وذلك في قيامها بحرب طائفية ضد دولة أيران محشدة ورائها العديد من الدول الإسلامية .


أنها لم تحاسب ولم تتعرض لقطر في السنوات السابقة ، وهي متعاونة معها في تشجيع ودعم وتمويل الأرهاب في الأرهاب في العراق وسوريا ، وما زالت السعودية تقوم بدعم الإرهاب في البلدين المذكورين ، ولكن موقف قطر من أيران، الذي سمتها بالدولة الإسلامية ، التي يجب أقامة علاقات طبيعية معها ، دفع السعودية إلى أتخاذ هذا الأجراءات المخالفة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ، فلم تهتم السعودية من قبل بموضوع دعم الأرهاب في سورية ، وهي المتورطة فيه ، حيث تقوم بدعم (جيش الأسلام) الذي يشن حرباً ضروساً ضد النظام في سورية ويقوم بخطف وقتل السياسيين المسالميين والمعارضين للحكم الديكتاتوري فقد قام أزلام هذا الفصيل المسلح بخطف (رزان زيتونة) الناشطة المدنية وتصفيتها مع غيرها من السياسيين المطلق سراحهم من سجون بشار الأسد .


كما ان قطر تدعّم وتموّل العديد من الفصائل السورية والأجنبية المسلحة ، ومن هذه الفصائل ، جبهة النصرة ، أحرار الشام ، فيلق الرحمن ، جيش خالد بن الوليد، وغيره من الفصائل التي ترتكب الجرائم البشعة بحق الشعب السوري .


ولعل أخطر ما تقوم به السعودية يتمثل في تشكيلها حلفاً مع إسرائيل والولايات المتحدة ، وهدف هذا الحلف معادات الدولة الإسلامية في أيران ، التي تمثل الجناح الطائفي الآخر (الشيعة) ، وهي تقوم بهذا النشاط المتواصل تحت ذريعة صناعة القنبلة النووية والإرهابالإيراني وسيطرته على العراق وسورية ولبنان ونشاطه ودعمه للحوثيين في اليمن ، ولا تمنع السعودية رجال الدين في بلدها من مهاجمة العراق وإيران الشيعيتين واعتبار أبناءهما من الكفار ، وقد قامت السعودية بدعم آلاف المسلحين في العراق وسورية ، كما قامت قطر باقتراف هذا العمل المنافي للدين والإنسانية والأخوة العربية . وقد عانى العراق وتعاني سورية من جرائم داعش والنصرة وغيرها من الجماعات المسلحة ، بدون أن تتخذ الأمم المتحدة أية إجراءات عقابية بحق الدولتين وهي – الأمم المتحدة ، مسلحة بقرارات مجلس الأمن التي تفرض على دول العالم وفي مقدمتها بعض دول الخليج الداعمة والمموّلة ، والمضيفة للإرهابوالإرهابيين ، بل أرسلت وترسل الآلاف منهم لقتل أبناءنا بدم بارد . 


أنا لا أؤيد الأجراء السعودي وحليفاته بفرض العقوبات على قطر ، بل أطالب بجلب السعودية وقطر أمام مجلس الأمن واتخاذ العقوبات المناسبة بحقهما ، كما اطالب بتقديم رجالات الدولتين إلى محكمة الجنايات الدولية لارتكابهم جرائم حرب وأباده بحق سورية والعراق واليمن .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع