القائمة الرئيسية

الصفحات

البعد الإستراتيجي الخطير لعبارة " المسألة سياسية وليست قانونية"

البعد الإستراتيجي الخطير لعبارة " المسألة سياسية وليست قانونية"

البعد الإستراتيجي الخطير لعبارة " المسألة سياسية وليست قانونية"
البعد الإستراتيجي الخطير لعبارة " المسألة سياسية وليست قانونية"

للدكتور عادل كندير

يستعمل ساسة الغرب هذه العبارة عندما لايتفق إعمال حكم القاعدة القانونية مع مصالح بلدانهم، وللأسف يرددها ساسة العرب - أو الذين يعتقدون في أنفسهم أنهم ساسة - رغم أن هذه العبارة لا تخدم مصالح دولهم الإستراتيجية. كيف؟


تشكل السيادة أهم العناصر القانونية للدولة، بل هي العنصر الوحيد الذي تتميز به الدولة عن باقي أشخاص القانون الدولي العام، ولأهمية السيادة بالنسبة للدول، حرصت هذه الأخيرة على إقرار أدوات حماية مادية وقانونية لها.


● الأدوات المادية: كإمتلاك قوة عسكرية قوية، وتأسيس قطاع اقتصادي ضخم، وتأهيل سلك ديلوماسي يعمل على مد النفود السياسي إلى غير ذلك.

● الأدوات القانونية: بأن تمسكت الدول عند وضع ميثاق الأمم المتحدة بضرورة تضمين نصوصه عددا من المبادئ القانونية التي تعزز حماية سيادتها، كمبدأ عدم التدخل، ومبدأ النطاق المحفوظ، ومبدأ عدم استخدام القوة في العلاقات الدولية.


عليه، ولما كانت الدول متساوية في التمتع بأدوات الحماية القانونية تطبيقا لمبدأ المساواة في السيادة، فإن الأمر على خلاف ذلك بالنسبة لأدوات الحماية المادية، حيث تختلف الدول حسب ظروفها وامكانياتها ومواردها الطبيعية والبشرية ومدى امتلاكها للتكنولوجيا، وهو ما يجعل الدول الغربية المتقدمة تمتلك أدوات حماية مادية متوفقة على تلك المتوفرة للدول النامية.


■ الشاهد:

11- حال نشوء خلاف بين عدد من الدول المتقدمة ودولة نامية، وكانت القاعدة القانونية تعمل لصالح الأولى ضد الثانية. تتمسك الدول المتقدمة بإنزال حكم القاعدة القانونية ولا تتنازل عنها أبدا، ليس فقط لأن القانون يعمل في صالحها، بل ومحاولة استعراضية لإظهار الجانب الحضاري المزعوم من جانبها.


2- حال حدوث العكس، أي وقوع خلاف بين عدد من الدول المتقدمة ودولة من دول العالم النامي - ولا أريد أن أقول العالم المتخلف - تكون فيه القاعدة القانونية لصالح الأخيرة ضد الأولى. هنا تعمل الدول المتقدمة على تحييد القاعدة القانونية؛ لأنها تصب في غير صالحها، وذلك بتوظيف مقولة " المسألة سياسية وليست قانونية ", لأن الإحتكام للسياسة معناه الإحتكام للأدوات المادية التي يسجل التفوق فيها لصالح الدول المتقدمة، وهو ما يعني أن الخلاف سيحسم لا محالة لصالحها.


■ الخلاصة:

بسبب عدم توازن الكفة على المسرح الدولي في مجال أدوات الحماية المادية، فإنه ليس أمام الدول النامية إلا أن تتمسك بأدوات الحماية القانونية، خاصة عندما تكون القاعدة القانونية تعمل لصالحها، وعليه يجب أن لا ينجر سياسيو الدول النامية وراء مقولة " المسألة سياسية وليست قانونية" وعليهم عدم التتنازل عن تطبيق حكم القانون بسهولة، وأن لا ينصاعوا لما يكتبه وينشره سياسيو ومفكروا الغرب، لأن هؤلاء يكتبون وفق رؤية دولهم صاحبة أدوات الحماية المادية القوية.


ما تقدم يبين لنا كيف انجر سياسيو الدولة الليبية وراء المزاعم الغربية بأن المسألة في ليبيا سياسية وليست قانونية، وبذلك استطاع الغربيون تحييد أدوات الحماية القانونية -التي كانت تعمل لصالح مبادئ ثورة فبراير- وفتحوا المجال ﻹستعمال أدوات حمايتهم المادية المتفوقة. وكانت النتيجة إبرام اتفاق ليون-كوبلر على النحو الذي هو عليه الحال اليوم.


وفي الختام، نتوجه بالحديث إلى كل من يعتقد في نفسه أنه محلل سياسي أو يعتقد بأنه السياسة ذاتها، لاسيما أولئك الذين اكتسبوا لغة اجنبية مكنتهم قراءة ما كتبه مفكرو الغرب حول الصفة السياسية للحالة الليبية، وأقول بأنكم أسهمتم في تحقيق هذه النكسة، دون أن تضعوا في اعتباركم أن المفكرين والكتاب والسياسيين الغرب يعملون لصالح بلدانهم لا لصالح ليبيا، نعم انها التبعية الثقافية وعقدة الخواجات ولو كنتم محسوبين على تيار فبراير.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع