القائمة الرئيسية

الصفحات

تعويض الحرمان من الاستمتاع الجسدي

تعويض الحرمان من الاستمتاع الجسدي

تعويض الحرمان من الاستمتاع الجسدي
تعويض الحرمان من الاستمتاع الجسدي
بقلم المحامي عارف الشعال 

في العام 1995 تعرض شخص لحادث سير مفجع نجم عنه إصابة جسدية كبيرة أدت لبتر عضوه التناسلي. وحكم له القضاء بتعويض يقدر بأربعمائة ألف ليرة سورية ذلك الوقت. 

الشخص المصاب له زوجتان أصابهما ضرر معنوي أيضاً نتيجة انعدام الحياة الزوجية السليمة بينهما وبين الزوج جراء العنة التي أصابته بتر الاحليل.


زميلتنا الكريمة المحامية "حنان محمد" من فرع طرطوس توكلت عن هاتين الزوجتين ورفعت لهما دعوى تعويض عن الضرر المعنوي الذي لحق بهما جراء هذا الحادث، واختصمت في هذه الدعوى مؤسسة التأمين، ومسبب الحادث نفسه. 
اتكأت الأستاذة حنان في دعواها التي باشرتها بطلب التعويض عن الضرر المعنوي اللاحق بالزوجتين على تعريف الزواج في الفقه الإسلامي بأنه:

حل استمتاع الزوجين ببعضهما على ألا يكون هناك مانع شرعي، وبما أجمع عليه الفقهاء من أن الاتصال الجنسي حق للزوجة وواجب على الزوج. 

وحيث أن الضرر الأدبي هو الذي يصيب شخصاً بحرمانه من حق ثابت له، 

وحيث أن حق الزوجة التمتع بزوجها ثابت لها بمجرد العقد، وأن هذه الإصابة أفقدت الزوجتين حق الاستمتاع بزوجهما نتيجة عجزه الجنسي، مما يسوغ لهما طلب التعويض.

واستندت في دفوعها أيضاً على بعض الآراء الفقهية المصرية، إضافة للاجتهاد الفرنسي.

محكمة البداية المدنية في طرطوس تبنت هذه الدفوع لجهة تعريف عقد الزواج الفقهي ولجهة الضرر المعنوي الذي لحق بالمدعيتين واعتبر القاضي البدائي الأستاذ "علي رجوح" أنه:

((من حق الزوجة أن تستمتع بزوجها باعتباره حلاً لها، وأن حرمانها من هذا الحق يستوجب التعويض ممن سبب هذا الضرر))

ومن حيث النتيجة وبعد الأخذ بالاعتبار سن الزوجتين ووضعهم الاجتماعي ونسبة مسؤولية مسبب الضرر، حكم لهما بتعويض قدره مائة ألف ليرة. (أكثر من ألفي دولار بأسعار هذا الزمن)

استأنفت الزوجتان الحكم لجهة التعويض القليل، واستأنفته أيضاً مؤسسة التأمين لجهة عدم شمول الضرر بعقد التأمين.
واستأنف مسبب الحادث القرار تبعياً، بسبب سبق دفعه التعويض للمضرور، ولأنه لا يوجد أي ضرر يصيب الزوجة بسبب قطع إحليل زوجها، إذ لا يتوقف مصدر حياتهما على ذلك،

من حيث النتيجة صدّقت محكمة الاستئناف القرار البدائي، معتبرة أن الضرر الذي أصاب الزوجتان من قطع الإحليل وإن كان المال لا يعوضه، ولكن من شأنه أن يخفف بعض الشيء من أثره ويهونه، وخلصت محكمة الاستئناف في طرطوس إلى مبدأ قضائي مفاده:

((من حق الزوجة أن تطلب التعويض عن الضرر الذي لحق بها من جراء الإصابة التي لحقت بزوجها فجعلته عنيناً لا يحس بأي رغبة وما يتبع ذلك من آلام ويأس وحرمان))

رضخ مسبب الحادث للقرار ولم يطعن به. 
طعنت مؤسسة التأمين بالقرار لأن عقد التأمين لا يشمل الضرر المعنوي والأدبي.
فنقضت محكمة النقض القرار وكرست اجتهاداً يقول:

((مؤسسة التأمين ليست ملزمة بضمان الضرر والتعويض عن حرمان الزوجات من اللذة الجنسية استناداً إلى بنود عقد التأمين،
وأن عقد التأمين لا يشمل التعويض عن الضرر المعنوي، وإن الضرر الذي تطالب الزوجتان التعويض عنه هو من قبيل التعويض المعنوي فلا يشمله عقد التأمين، والمؤسسة ليست ملزمة بالتعويض عن الضرر الذي ينتابهما من جراء عدم الاستمتاع باللذة والحياة الجنسية))

وهكذا انتهت هذه الدعوى النادرة برضوخ مسبب الحادث للحكم الاستئنافي ودفعه التعويض للزوجتين عن الضرر المعنوي، وبعدم مسؤولية التأمين بالتعويض عن الحرمان من الاستمتاع الجنسي كما قالت محكمة النقض.

تحية للزميلة "حنان محمد" على هذه الجرأة، والمهنية، والحرفية العالية بمعالجة هذه القضية التي ناضلت من أجلها بفروسية واضحة.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع