القائمة الرئيسية

الصفحات

وفاء متأخر . الاستاذ الدكتور حيدر أدهم الطائي



 
 وفاء متأخر . الاستاذ الدكتور حيدر أدهم الطائي


العنوان الذي إخترته لهذه السطور هو عنوان قصيدة متميزة للشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد فقد كان خياري الأول أن أضع عنواناً لهذه السطور وهو "الذكريات صدى السنين الحاكي" لكنني فضلت أخيراً الخيار الثاني لأنني شعرت بوجوب كتابتي لهذ السطور بعد وفاة الدكتور عصام العطية مباشرة لكن ذلك لم يحدث لتقصير مني فعذراً يا أستاذي الفاضل. بعد هذا الاعتذار أقول كثيرة هي المحطات التي أعتقد أنها متميزة حسب وجهة نظري الشخصية, والتي مررت بها أثناء دراستي بكلية القانون في جامعة بغداد, ففي سنتي الدراسية الأولى 1987م - 1988م, تم فصل قسم العلوم السياسية ليصبح كلية مستقلة, وأصبحت كليتي تسمى كلية القانون - يعني الأرض بتتكلم قانون فقط - وفيها عرفت الدكتور عصام العطية الذي يدين له الكثير من الحقوقيين العراقيين بالكثير والكثير, وصادف في يوم من أيام سنتي الدراسية الثالثة عدم حضور الدكتور نزار العنبكي صاحب الطول الفارع والنظرة الثاقبة والشخصية القوية الذي كان يدرسنا مادة القانون الدولي العام طيلة أسبوع أو أسبوعين, وهكذا قدر الله لطلبة المرحلة الثالثة (الشعبة - ب -) أن يلقي الدكتور عصام العطية عليهم المحاضرات المقررة في المادة المذكورة, وكان يرتدي الروب الجامعي يلقي محاضراته دون أن يضع أمامه ورقة أو كتاباً, وهو أسلوب ينظر اليه الطلبة باحترام وتقدير كبيرين لأنه يدل حسب وجهة نظرهم على تمكن الاستاذ من المادة, وكان هذا رأي أيضاً. هكذا إذاً عرفت الدكتور عصام العطية لأول مرة لكن معرفتي الحقيقية بهذا التدريسي الرائع الذي أفخر كل الفخر أنني كنت أحد تلاميذه في مرحلة الدراسات العليا حيث كان المشرف على رسالتي للماجستير وأطروحتي للدكتوراه, وعندها فقط سمحت لنفسي أن أدخل قاطع التدريسيين حيث لم أتجرأ يوماً أن دخلت اليه طيلة فترة دراستي في مرحلة البكالوريوس عدا مرة واحدة إقتربت منه وربما دخلت من الباب باتجاه منتصف الباحة المفتوحة ولمسافة مترين أنا وأحد الزملاء, وهو الآن موظف في وزارة العلوم والتكنولوجيا ذلك كله إحتراماً وتقديراً لدورهم فهكذا علمني أبي الذي كان ينظر لأساتذة الجامعات نظرة تقدير وإجلال كبيرين رغم أنه لم يحصل على شهادة الدراسة الاعدادية لظروفه القاهرة لكنه كان دائماً رجلاً مثقفاً يحفظ ما يقارب الألفي بيت من روائع الشعر العربي, وله مكتبة متواضعة لكنها متنوعة, وهو رجل شديد المراس من الصعب إقناعه بشئ محب لابنائه في الوقت ذاته. كان الدكتور عصام العطية ملجأً لطلبة الدراسات العليا في قسم القانون الدولي الذين كانو يلمسون طيبة قلبه ودفئ أسلوبه وطريقته المميزة في التعامل معهم, فكان المطمئن لهم أوقات الامتحانات ,وكانت شديدة علينا والله, وكان المشجع لهم في إختيار المواضيع المناسبة لكتابة رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه, وكان صاحب الأسلوب والطريقة الهادئة والراقية في المناقشات التي جرت بكلية القانون في جامعة بغداد, وبهؤلاء الناس من التدريسيين الخيرين والمتميزين وجد العراق, وعاش العراق, وسيستمر العراق لان الله يريد ذلك, ورحم الله الدكتور عصام العطية الذي كان أستاذاً وتربوياً وأباً.



هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع