القائمة الرئيسية

الصفحات

المحكمة الإدارية العليا تعيد المتقاضين للمربع الأول !!!

المحكمة الإدارية العليا تعيد المتقاضين للمربع الأول !!!

الجمهورية العربية السورية
من المسلم به أن المرء يلجأ للقضاء لإنصافه من خصمه، فهل يجوز للقضاء أن يعيده تحت رحمة ذلك الخصم مجدداً؟ هذا ما فعلته المحكمة الإدارية العليا!
المحكمة الإدارية

أرادت إحدى الوزارات تنظيف واجهات وأسوار أحد المباني الحكومية، فتقدم لها متعهد بعرض أسعار يتضمن السعر والمواصفات للقيام بالعمل المطلوب.

قامت الوزارة بإعطاء أمر مباشرة للمتعهد بناء على العرض الذي تقدم به ولم تبرم معه عقد، وبدأت تدفع له مستحقاته عقب انتهاء كل مرحلة.

عندما انتهى من تنفيذ مقاولته، امتنعت الوزارة عن سداد الدفعة النهائية، واحتجزت معدات المتعهد وشكّلت لجنة لتقييم المقاولة فخلصت لأسعار متدنية جداً عن السعر الذي تقدم به المتعهد، وطالبته بسداد قسم كبير من المستحقات التي قبضها الأمر الذي يلحق به خسارة فادحة، فامتنع السداد.

في شهر نيسان من العام 2002 أرسل الوزير كتاباً لوزير الداخلية طلب فيه منع سفر المتعهد حتى يسدد المبلغ المزعوم المترتب بذمته.

أحد عشر عاماً مضت ولم يفلح المتعهد بإقناع الوزارة بالخطأ الذي ارتكبته بحقه، وبرفع منع السفر المتخذ بحقه. والذي يدعو للغرابة أن الإدارة لم ترفع دعوى عليه لمطالبته بالمبلغ المزعوم.

بعد هذه المدة الطويلة رفعت حالة الطوارئ التي استند إليها وزير الداخلية ومنع سفر المتعهد، وصدر الدستور الجديد الذي قرر في الفقرة الثالثة من المادة 38 أنه:

((
لكل مواطن الحق بالتنقل في أراضي الدولة أو مغادرتها إلا إذا منع من ذلك بقرار من القضاء المختص أو من النيابة العامة أو تنفيذاً لقوانين الصحة والسلامة العامة))

فأقام دعوى أمام محكمة القضاء الإداري لرفع منع السفر، وبعد أن أمهلت المحكمة المدعى عليه إثبات المبلغ أو قيامها بالمطالبة القضائية ونتيجتها أو إبراز العقد المبرم بينهما فعجزت الإدارة عن ذلك، فقررت المحكمة رفع منع السفر المذكور.

طعنت الإدارة بالقرار وأبرزت بيان يفيد بأنها قامت مؤخراً رفعت دعوى على المتعهد، فقررت المحكمة الإدارية العليا فسخ القرار وتعديله جزئياً على النحو التالي:

رفع من السفر شريطة تقديم المتعهد كفالة تقبل بها الإدارة!!
أي أنها وضعت المتعهد مجدداً تحت رحمة وسلطان خصمه باشتراطها كفالة ترضى بها الإدارة، وغضّت المحكمة العليا الطرف عن مخالفة هذا المنع لنص المادة 38 من الدستور!!

إن هذا الاتجاه الذي تبنته المحكمة يجعل الخصم نفسه حكماً ويعطيه الحق المطلق بتحديد مقدار الكفالة التي يقبل هو بها، وهذا يعتبر أخلالاً جسيماً بمبدأ مساواة الأطراف أمام القضاء، والانحياز لمصلحة طرف دون آخر يجعل من الدولة خصماً مستحيلاً، قد يكون له منعكسات اجتماعية وحقوقية محبطة، توهن نفسية الناس، وتجعلهم يتساءلون عن الجدوى من وجود مجلس الدولة بالأساس.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع