القائمة الرئيسية

الصفحات

الوزير المستقل حقيقة مطلقة أم ممارسة جزئية بقلم / إيناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



الوزير المستقل حقيقة مطلقة أم ممارسة جزئية
بقلم / إيناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا



الوزير المستقل حقيقة مطلقة أم ممارسة جزئية
بقلم / إيناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

       غالباً ما تكون المصطلحات نقطة خلاف رئيسة في الجدل السياسي لأن اختيار الكلمات من الممكن ان يؤثر بشكل كبير على الرأي العام بشأن المسألة محل الجدل فالعمل على اختيار اعضاء في الكابينة الوزارية غالبا ما يترافق بجدل سياسي حول الاتفاقات الدائرة حول تشكيل الحكومة سواء كان الاختيار ينتهك استقلالية المكلف بتشكيل الحكومة او ان عملية الاختيار قد خالفت التوقعات لكون احد الشخصيات المختارة قد لا يكون مؤهل لتولي المسؤولية او ان المكلف يفضل بان  يعهد لذوي الخبرة لتولي المسؤولية في وزارة ما وهو بذلك يمارس سلطته في الاختيار, التي تتفق مع الغرض والاهداف التي يسعى لتحقيقها لذلك نجده يسعى لاختيار المؤهلين من خلال النظر لخبراتهم فالشخص المؤهل لإدارة وزارة يخضع لكونه شخص مؤهل حسب رأي المرشح وإن كان الاختيار يخضع لمعيار توافقي وهو أمر ليس بالغامض ولا غير المؤكد عبر منح المكلف الاستقلال والحياد في اختيار مرشحيه لشغل الوزارات وتقديره لقدراتهم على تحقيق النتيجة المرجوة في اطار الهدف وبسياقات قانونية ولا سيما ان تعيين الغير خبير لا يتسم بالمعقولية والقبول في علاقات العمل السياسي الذي يتطلب درجة عالية من الوعي المهني والكفاءة في ادارة العمل المناط به وهو ما يتطلب أشخاصاً واعين قادرين على اداء مهامهم والتزاماتهم في غضون فترة توليهم المنصب والتهيئة للمرحلة القادمة  ولا سيما ان مفهوم الاستقلال امر لا يتعلق بفهم لحقيقة مطلقة فالممارسة التي اقتضاها واقع الحال  تفرض نفسها وبقوة على ارض الحدث ولا سيما ان الامر لا يختلف في دول اخرى ويتكرر على اسماعنا بشكل دوري, فحكومة تصريف الاعمال لن تستمر الى ما لا نهاية بصلاحيات محدودة وهو المبدأ الذي أقره مجلس الدولة الفرنسي منذ عام 1952, الذي أشار لوجود تلك السلطة لتأمين استمرارية الدولة والحياة الوطنية تعمل على تأمين ضروريات الدولة, التي حددها مجلس الدولة الفرنسي في قرار له عام 1966 بأنها تتعلق بالأعمال العادية, التي لا تتعرض الوزارة مجتمعة او الوزير منفرداً للمسؤولية السياسية لافتقاد الصلاحية الدستورية لاتخاذ قرارات سياسية وهو ما بينه مجلس الشورى اللبناني بقرار له عام 1999 بانها الاعمال غير المرتبطة بسياسة الدولة العليا ولا تقيد الحكومة المقبلة، وهو ما عاد ذات المجلس لتأكيده مجددا عام 2010 بالقول بانها تلك الاعمال الملحة التي لا تحتمل التأجيل وتستوجب اتخاذ قرارات يومية لتنفيذ المهام اليومية، ولتنفرد المغرب بإصدار قانون تنظيمي بالرقم ( 06513) لسنة 2015 والمتعلق بتنظيم مهام الحكومة المؤتة, التي يقع على عاتقها تسيير الاعمال, التي بينت المادة (37) منها بان تسيير الاعمال  هو اتخاذ القرارات الضرورية والتدابير المستعجلة لضمان استمرارية عمل مرافق الدولة ومؤسساتها وضمان انتظام سير المرفق العام  ولا يندرج تحت مسمى تسيير الاعمال وتصريفها التدابير التي من شأنها الزام الحكومة القادمة بصفة دائمة وهنا اشارة منه المصادقة على مشاريع القوانين للتعاقدات الدولية وما يترتب عنها من التزامات في القانون المغربي، اما في الدستور العراقي لعام 2005 فنجد ان المشرع قد تبنى مصطلح وزارة تصريف الامور اليومية بدلاً عن مصطلح حكومة  تصريف الأعمال في المادة (61/ثامنا/د), التي بينت استمرار رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مناصبهم لتصريف الامور اليومية لمدة لا تزيد عن ثلاثين يوما لحين تأليف مجلس وزراء جديد فكيف يتحقق ذلك وهو ما نجد انه استغرق وقتا اطول مما يجب له في ظل التجاذبات السياسية التي تهيمن على آلية تشكيل الحكومة في العراق, التي تخضع لاعتبارات سياسية فلا يتم تشكيل مجلس الوزراء على أساس مدة معينة وهو ما يعزى للاعتبارات المذكورة سابقاً لارتباط مصير الحكومة برئيسها فالاستقالة تضعها بمجموعها في حكم المستقيل مما يستدعي قيام حكومة جديدة للقيام بمهامها التي رسمها الدستور من رسم السياسة العامة للدولة ووضع الاليات التنفيذية وتنفيذها من خلال الاجهزة والمؤسسات المختلفة اي انها تترجم برنامجها على بألية عمل تقنية سياسية  لرسم السياسة العامة للدولة وهو ما بات مغيبا في ظل حقيقة ان الواقع السياسي والاختلافات في وجهات النظر قد أثرت على سير العملية السياسية لذا كان من الأجدر على المشرع العراقي بيان وتحديد حكومة تصريف الأعمال ونطاق عملها وحالات تطبيقها وامد استمرارها دون الاكتفاء بتسميتها وترك الأمور بالسير نحو اللانهاية بشكل يلزم الجهات المعنية من البقاء في سجالات تطول وتمتد دون بارقة أمل لرؤية بريق الضوء في نهاية النفق.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع