القائمة الرئيسية

الصفحات

التقادم في القانون المدني [الغاية والاسباب]


التقادم في القانون المدني

فيما يتعلق بالانتقادات الموجهة لمبدأ التقادم،وأنه لا يجوز سقوط الحقوق بالتقادم،فإننا نورد فيما يلي إيضاحاً مقتضباً عنه :


قانون-مبدأ انقضاء الالتزام بالتقادم يقوم في جوهره على منع القضاء من سماع الدعوى بعد مضي عدد معين من السنين ، و الغاية منه استقرار التعامل بين الناس . 

فإذا افترضنا عدم وجود مبدأ التقادم فهذا يقتضي أن يحتفظ المدين بالمخالصة التي سدد بها الدين و هي الدليل على براءة ذمته إلى ما لا نهاية من السنوات ، و أن يحتفظ ورثته و ورثة ورثته من بعده بهذه المخالصة - و هذا أمر عسير جداً - ، لأنه من المحتمل أن يقوم الورثة أو ورثة الورثة لدائن برفع دعوى بعد عشرات السنين يطالبون بدين أو التزام لمصلحة مؤرثهم مثبت لدى الكاتب بالعدل ، و تكون مخالصة الإبراء قد تلفت أو ضاعت بين الورثة و ورثة الورثة ، لذلك تم إقرار مبدأ التقادم من أجل استقرار التعامل .

و من جهة أخرى احتمال اندثار الأدلة التي تثبت الحق بعد مضي سنوات طويلة أوجب الأخذ بهذا المبدأ ، فإذا كانت وسيلة إثبات الحق هي الشهود فبعد سنوات طويلة ستكون ذاكرتهم قد تأثرت بشكل كبير في استحضار الواقعة المراد إثباتها ، هذا في حال كانوا على قيد الحياة .

و من المعلوم أن مبدأ التقادم عام و شامل ، يشمل الدولة بكافة مرافقها و وزاراتها و هيئاتها و دوائرها و مؤسساتها .

و من الجدير بالذكر أن الفقه الإسلامي أقر هذا المبدأ في القضايا الجزائية ( الحدود و القصاص و التعازير) و المدنية ( المعاملات ) و يسمى مبدأ عدم سماع الدعوى { البحر الرائق لابن نجيم ، 7 / ٢٤٨ ، دار الكتاب الإسلامي - مواهب الجليل شرح مختصر خليل للحطاب ،6 / 230 دار الفكر } .

و يجب الانتباه أن سقوط الحق بالتقادم لا يقوم على قرينة وفاء الدين و إنما احترام الأوضاع المستقرة.


لذلك لم يجعله المشرع من النظام العام أي أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء ذاتها (م 384 مدني سوري) ، و إنما يجب أن يتمسك به من شرع المبدأ لمصلحته .

كما أوجب المشرع على من يتمسك بالتقادم القصير الذي لا تتجاوز مدته سنة واحدة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً ، وهذه اليمين يوجهها القاضي من تلقاء نفسه ، و توجه إلى ورثة المدين أو أوصيائهم إن كانوا قصراً بأنهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء (م 375 مدني سوري) 

و يلاحظ أن المشرع أحاط هذا المبدأ بالكثير من أسباب الوقف أو الانقطاع من أهمها المانع الأدبي من المطالبة بالحق (القرابة - الصداقة ...) و المانع المادي و الإقرار بالحق (حتى لو كان الإقرار ضمنياً) ، كما منع سريان هذا المبدأ بين الأصيل و النائب (وكيل - وليّ - وصي - قيم ) كما منع سريانه بحق الغائب و بحق من لا يملك الأهلية و المحكوم بجناية (م 379 مدني)
أي أن المشرع توسع كثيراً في الأسباب الموضوعية التي تمنع المدين أن يتمسك بهذا الحق .

و أخيراً يجدر الانتباه أن هناك آراء واسعة و متشعبة في الفقه حول تأصيل السقوط بالتقادم فمنها ما يميز بين سقوط الدين و سقوط المسؤولية ، و ما يميز بين سقوط الحق أم سقوط الدعوى أم سقوطهما معاً ، و قد اعتبر المشرع السوري أن التقادم يسقط الحق و الدعوى معاً ، بينما الفقه الإسلامي فقد اعتبر أن التقادم يشمل الدعوى فقط . (الوسيط للسنهوري – ج3 – ص1165).
بقلم المحامي//عارف الشعال

اقرأ ايضاً:

التقادم في القانون المدني [الغاية والاسباب]
التقادم في القانون المدني [الغاية والاسباب]

هل اعجبك الموضوع :
التنقل السريع