مقال قانوني متميز حول إدارة قضايا الدولة
وتبقى المشكلة أن إدارة قضايا الدولة، تتصرف وكأنها فوق القانون.
فقد اعتبر بعض الأساتذة محامو الدولة أن الإحصائيات التي تفيد بأن إدارتهم ربحت غالبية القضايا التي ترافعت بها، دليل نجاح، ويدحض حجة من يقول بضرورة حلَّ الإدارة وتصفيتها.
وفي الواقع أنا شخصياً كرجل قانون لا أستطيع اعتماد هذا المعيار دليلاً على النجاح، وأغضُّ الطرف أن هذه الإدارة بعد أكثر من ستين سنة على إحداثها عجزت عن تكييف أنظمتها وآلية عملها لتتوافق مع مهل ومواعيد قانون أصول المحاكمات في مسألة التبليغات بالذات.
ذلك أن الدولة تعتبر خصماً قوياً في المحاكم يتمتع بإمكانيات إدارة ومادية تجعله يجند جيشاً من رجال القانون، ومن كبار أساتذة كليات الحقوق ليقدموا لها المشورة القانونية السديدة التي تؤهلها لربح قضيتها أمام المحاكم، ناهيك عن أسطول من القانونيين في دوائر الشؤون القانونية لديهم يعملون تحت إمرتها، وإذا أضفنا لها صفة الخصم النزيه فمن الطبيعي على الدولة من الناحية النظرية أن تربح قضيتها أمام المحكمة.
أما من ناحية التطبيق العملي فسأروي الحادثة الشخصية التالية:
بتاريخ 31 آب الماضي قمت بإرسال مذكرة تبليغ جلسة صادر عن محكمة الاستئناف المدنية الرابعة بدمشق مرفق بلائحة الاستئناف وصورة مصدقة عن القرار المستأنف والجلسة المطلوب حضورها محددة في 13 تشرين الأول، أي أن التبليغ أرسل قبل شهر ونصف.
وسبب تبليغ قضايا الدولة أن أحد الخصوم بالدعوى هو أمين السجل العقاري، وفي الحقيقة خصومته هامشية، لأنه لا يهم أمين السجل العقاري إن كان العقار مسجلاً باسم فلان أو علتان.
جاء موعد الجلسة ولم يأت التبليغ !!
راجعنا المحضر لمعرفة مصير المذكرة، فقام بالرجوع لدفتره وقال: إنه سلم المذكرة لموظفة بقسم البداية تدعى رولا، ولم تقم بإعادته له.
في الواقع هذا هو التصرف المعتاد لتبليغ هذه الدائرة الذي يعلمه الجميع من قضاة ومحامين، حيث يقوم المحضر بتسليم مذكرات التبليغ لموظف ويأتي فيما بعد يستلم بعض المذكرات التي قرر صاحب القرار (لا ندري من هو) تبلغها والمذكرة التي لم يقرر تبلغها لا تسلم للمحضر، وهذا يعني تأجيل الجلسة للتبليغ مرة ثانية وتعطيل سير المحاكمة، إلى أن يقرر صاحب القرار في إدارة قضايا الدولة تبلغ المذكرة ويأذن للمحكمة بمتابعة النظر بالقضية !!
وهذه الإجراءات تتم طبعاً وفق روتين سيء ومتخلف وممل وضعته الإدارة لنفسها بشكل مخالف لقانون أصول المحاكمات الذي يجب العمل تحت سقفه.
قمنا بمراجعة الموظفة المذكورة فتبين أن مذكرة التبليغ بقيت لديهم بسبب عدم وجود ملف القضية لديهم لأنه أرسل خطأً للإدارة بدلاً من إرسال الحكم، ومن المستحيل أن يتبلغوا المذكرة ما لم ترسل الإدارة ملف القضية فطُلب مني مراجعة مديرية السجل العقاري لإعادة الملف لقضايا الدولة !!
في الواقع كان الحوار مع الموظفين حول هذه الناحية أشبه بحوار طرشان، فلديهم نُظم وتعليمات وآليات عمل، تعتبر نصوصاً مقدسة لا يجدي معها الحديث عن مخالفة قانون أصول المحاكمات، وبأن عدم تبلغ مذكرة أرسلها القضاء لهذا السبب يعتبر استهتاراً لا يليق بالمحكمة التي لها مقامها الذي يجب مراعاته باعتبارها سلطة من سلطات الدولة،
وفوق ذلك يغدو الحديث معهم عن حقوق الناس الضائعة نتيجة هذه التصرفات يعتبر ترفاً لا محل له عند موظفي الإدارة.
والأدهى من ذلك أن إعادة التبليغ للجلسة التالية يتطلب مرة ثانية إرفاق صورة عن لائحة الاستئناف، وصورة مصدقة عن القرار المستأنف، وهذه مسألة عبثية ومضنية لا يعقل القيام بها مع عدم ضمانة تبلغ المذكرة الثانية بسبب عدم وجود ملف القضية.
تم حلّ هذه المشكلة أخيراً بعد مضي عدة جلسات محاكمة يتم تعليقها لتبليغ القضايا وبعد مراجعات عديدة، وتدخل شخصي مع الإدارة لإعادة الملف من رئيس قسم البداية وأوجه له تحية كبيرة على رقيّه وتفهمه.
هذه مشكلة يومية في إدارة قضايا الدولة، يعاني منها القضاة والمحامون على حد السواء، وطالما أنني كمحام لا أستطيع أن أطلب من المحضر استبقاء التبليغ لدي حتى أتصل بالموكل لمعرفة موقفه من الحكم وفيما إن كان يرغب باستئنافه، وبعد ذلك أقوم بتبلغه بينما يستطيع خصمي فعل ذلك، فهذا يعني أننا أمام خلل قضائي خطير.
لذلك:
ومن منطلق الصراحة وتسمية الأشياء بمسمياتها، سنبقى نقول ونؤكد مع كامل الاحترام للأساتذة القائمين عليها والعاملين فيها، على أنه:
طالما أن إدارة قضايا الدولة تتعامل مع موضوع مذكرات التبليغ بهذه الطريقة التي تعرقل سير العدالة، وتتحايل على المهل القانونية، وكأنها فوق القانون،
ولم تستطع بعد ستين سنة على إحداثها، من حل هذه المشكلة وتجاوزها، وإيجاد آليات عمل تحترم نصوص ومهل قانون أصول المحاكمات،
فإننا سنعتبرها أخفقت وفشلت وخلقت من المشاكل ما يدعو للتفكير جدياً بالاستغناء عنها.
المحامي عارف الشعال
ان موضوع التبليغات يعاني منه كافة أطراف الدعوى ولا يخفى على الزميل كاتب المقال ما تم عرضه مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي في احدى المجموعات القانونية حول صعوبة تبليغ المحامية وعدم الوصول ال عنوان مكتبها حتى بعد تسطير كتاب إلى النقابة لتحديد العنوان المصرح عنه. وهذا غيض من فيض وأنا هنا لست بصدد عرضه أو الاستغراق فيه ﻷن ما استوقفني حقا هو ما جاء في نهاية المقال حول الاستغناء عن الادارة أو حل الادارة وهي الصيغة الدارجة التي حاول اﻷستاذ كاتب المقال الالتفاف حولها وأنا إذ أربأ به أن يسير في قافلة المطالبين بحل الادارة لأن أسباب هذه المطالبة باتت معرفة للجميع والتي آخرها معالجة المشكلة .
ردحذففانني أوضح أن هناك صعوبات كثيرة تواجه المحامي أو المواطن عند مراجعة دوائر الدولة ولكن لم يكن مطروحا أبدا أن يكون الحل بالاستغناء عنها أو حلها
ان هذا الطرح من الاستاذ عارف يستدعي القول ما هكذا تورد الابل أستاذ عارف .والمقال لم يكن متميزا هذه المرة خلافا للعنوان .تقبل تحياتي
موضوع التبليغات المطروح من قبل الزميل هو أمر يعاني منه أطراف الدعوى كافة .ولا يخفى على الزميل كاتب المقال ما نشر مؤخرا في احدى المجموعات القانونية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي حول الصعوبات التي واجهها المحامي في تبليغ زميلته المحامية في الدعوى رغم تسطير كتاب من قبل المحكمة لنقابة المحامين لتوضيح عنوان مكتبها وهذا غيض من فيض حول الصعوبات المتعلقة بعملية تبليغ أطراف الدعوى سواء كانوا مؤسسات حكومية أو محامين أو مواطنين عاديين وهي مشكلة عامة لها مسبباتها العديدة والتي تحتاج إلى حلول قانونية لست هنا بصدد مناقشتها والبحث فيها ﻷن ما استوقفني في هذا المقال ما ورد في نهايته حول أن يكون الحل بالاستغناء عن الادارة .وأنا إذ أربأ بالاستاذ كاتب المقال أن ينضم إلى قافلة المطالبين بحل الادارة التي لم يعد خافيا على أحد غاياتها فإنني أذكره بأن هناك الكثير من الصعوبات تعترض المحامين وسواهم في كافة دوائر الدولة لكن أبدا لم يكن الحل بالاستغناء عن هذه الدوائر وحلها وكذلك معالجة أي مشكلة لا يكون حلها باقصاء اﻷخر والغاءه لذلك أستغرب هذه المعالجة وهذا الطرح !! و أختم بالقول ما هكذا تورد الابل أستاذ عارف .والمقال لم يكن متميزا برأيي الشخصي خلافا للعنوان .تقبل تحياتي
ردحذف