القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث ودراسة الشكوى من القضاة

الشكوى من القضاة


بقلم المحامي محمد هاشم المنكوشي

القاضي لغة : القاطِعُ للأمور المُحكِمُ لها 

اصطلاحا : هو الشخص الذي له ولاية القضاء أي له سلطة البت في الطلبات القضائية , وهذه السلطة تمنح له بعد صدور مرسوم بتعينه واداءه اليمين القانونية ويطلق لفظ القاضي على عموم القضاة مع غض النظر عن صنوفهم .


بحث ودراسة الشكوى من القضاة


الشكوى لغة : التوجع من الم ونحوه .

الشكوى من القضاة اصطلاحا : هي الدعوى التي يرفعها احد الخصوم على القاضي لمسألته مدنيا عن الاخطاء التي ارتكبها اثناء نظر الدعوى وطلب التعويض عن الضرر الذي اصابه.

وهناك من يرى ان الاصل في التعويض ان يكون عينا ويجوز للمحكمة التي تنظر الشكوى من القاضي ان تبطل ما صدر من القاضي المشكو منه , ولكن هذا الرأي مخالف للقانون لان هذه الشكوى لا تعد طريقا من طرق الطعن وانما ينحصر اثرها بتعويض المشتكي على تقدير ثبوت الشكوى واتخاذ الإجراءات القانونية بحق القاضي المشكو منه .

واما الفرق بين رد القاضي وبين الشكوى منه فهو يتجلى بأمرين هما :

من حيث القصد / فرد القاضي يقصد منه منعه من نظر الطلب القضائي والبت فيه , في حين ان القصد من الشكوى هو الزام القاضي بتعويض المشتكي عن الضرر الذي اصابه من جراء خطأ القاضي .

من حيث السبب / فسبب رد القاضي يكون سابق على نظر الطلب القضائي في حين ان سبب الشكوى يكون لاحق على نظر الطلب القضائي .

حالات الشكوى /


الاصل والقاعده العامة ان كل خطأ يولد ضرر يوجب تحقق المسؤولية المدنية ولكن استثناءا من هذا الاصل فان المشرع اعطى الحق للخصوم في الشكوى من القضاة في حالات معينة نص عليها المشرع حصرا ولم يطلق لهم العنان في مخاصمة القضاة عن كل خطأ وهذه الحالات نصت عليها المادة (286) مرافعات واعطت الخصوم ان يشكو القاضي او هيأة المحكمة او احد قضاتها في الاحوال الاتية :

1) اذا وقع من المشكو منه غش او تدليس او خطأ مهني جسيم عند أداء وظيفته بقصد التحيز او الأضرار بأحد الخصوم . حيث نصت الفقرة (1) من المادة (286) مرافعات على (( اذا وقع من المشكو منه غش او تدليس او خطأ مهني جسيم عند قيامه باداء وظيفته بما يخالف احكام القانون او بدافع التحييز او بقصد الاضرار باحد الخصوم , ويعتبر من هذا القبيل بوجه خاص تغير اقوال الخصوم او الشهود او اخفاء السندات والاوراق الصالحة للاستناد اليها في الحكم )).

فالغش لغة : خداع مقرون بسوء النيّة وقصد الإضرار بالآخرين .

الغش اصطلاحا :انحراف القاضي في عمله بسوء نية بقصد تحقيق مصلحة خاصة له او لاحد الخصوم او الاضرار به , فالغش له ركنين مادي وهو مخالفة القانون ومعنوي وهو سوء النية .

ويعتبر من مصاديق الغش (تغيير شهادة الشهود , او تحريف ما ادلى به احد الخصوم من اقوال او وصفه عن عمد لدليل كتابي بغير ما اشتمل عليه او تعمد التغيير في مسودة الحكم او تحريف تقرير الخبير ...الخ)

واذا اشتكى احد الخصوم من القاضي عن الغش فيجب تحريك الشكوى الجزائية ضده عن جريمة التزوير ومن ثم ابطال حكمه استنادا لمنطوق الفقرة (2) من المادة (196) مرافعات مدنية .

التدليس لغة : التَّضليل بطرق احتياليَّة.

التدليس اصطلاحا : اسناد القاضي الحق الى غير صاحبه مع تحسين هذا الاسناد . وهو ايضا له ركنين مادي وهو استعمال طرق احتيالية ومعنوي وهو سوء النية .

ويعتبر من قبيل التدليس ( اخفاء بعض المستندات او الاوراق المنتجة بقصد محاباة احد الخصوم او الاضرار به ....).

الخطأ لغة : له معنيان الاول ما يقابل العمد والثاني ما يقابل الصواب , والمراد به هنا هو المعنى الاول .
الخطأ المهني الجسيم : هو الغلط الفاضح الذي يرتكبه القاضي اثناء نظر الطلب القضائي نتيجة اهماله المفرط في عمله سواء تعلق الخطأ بالقواعد القانونية ام بوقائع القضية الثابتة بملف الدعوى .

ومن مصاديق الخطأ المهني الجسيم ( ان يصدر حكم او قرار دون تبليغ الخصم الاخر او يتسبب في فقدان سند منتج ... الخ) .
واما الخطأ المهني اليسير فلا يمكن مسالة القاضي عنه , والضابط في التمييز بين الخطأ الجسيم واليسير هو العلم والجهل بالمبادئ الاساسية للقانون , فالقاضي الذي يجهل الامور البديهية والاساسية في القانون فخطاءه فيها يعد جسيما بعكس الخطأ بالامور النظرية في القانون التي تكون محل اجتهاد فالخطأ فيها لا يكون جسما وانما يكون يسيرا .

ومن مصاديق الخطأ المهني اليسير هي الخطأ في تطبيق القانون او الخطأ في فهم الوقائع او الخطأ في تكييفها , حيث ان هذه الاخطاء يمكن تلافيها عن طريق سلوك طرق الطعن القانونية .

والخطأ المهني الجسيم لا يشترط فيه سوء النية بل بمجرد وقوعه تنعقد المسؤولية المدنية بحق القاضي المخطأ .

2) اذا حابى المشكو منه احد الخصوم بعد قبوله منفعة من الخصم الاخر , حيث نصت الفقرة (2) من المادة (286) مرافعات على (( اذا قبل المشكو منه منفعة لمحاباة احد الخصوم )) .

فالمنفعة لغة هي كل ما ينتفع به والجمع منافع .

المنفعة اصطلاحا هي كل ما ينتفع به القاضي من احد الخصوم بقصد محاباته والاضرار بالخصم الاخر , ولا يخفى ان حصول القاضي على منفعة من احد الخصوم يعد رشوة , والرشوة هي جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات واثبات الرشوة يكون بحكم جزائي بات صادر من محكمة الجنايات , وهذا يعني اقامة الشكوى على القاضي بموجب هذه الفقرة ان لم يكن متعذرا فهو متعسر , ولا يشترط ان يحصل المشكو منه على المنفعة لاقامة الشكوى عليه وفقا لهذه الفقرة بل يكفي ان يتفق على اخذها بعد صدور الحكم , كما لا يلزم تسليم المنفعة لذات المشكو منه بل يكفي تسليمها لاحد افراد اسرته او اقاربه او احد تابعيه .

3) اذا امتنع القاضي عن إحقاق الحق , وهذه الحالة نصت عليها المادة (30) مرافعات بقولها ( لا يجوز لاية محكمة ان تمتنع عن الحكم بحجة غموض القانون او فقدان النص او نقصه والا عد القاضي ممتنعا عن احقاق الحق ويعد ايضا التأخير غير المشروع عن اصدار الحكم امتناعا عن احقاق الحق ) كما نصت عليها الفقرة (3) من المادة (286) مرافعات بقولها (( اذا امتنع القاضي عن احقاق الحق ويعتبر من هذا القبيل ان يرفض بغير عذر الاجابة على عريضة قدمت له او يؤخر ما تقتضيه بشانها بدون مبرر او يمتنع عن رؤية دعوى مهيأة للمرافعة واصدار القرار فيها بعد ان حان دورها دون عذر مقبول وذلك بعد اعذار القاضي او هيأة المحكمة بعريضة بواسطة الكاتب العدل تضمن دعوته الى احقاق الحق في مدة اربع وعشرين ساعة فيما يتعلق بالعرائض وسبعة ايام في الدعاوى )) .

فالامتناع لغة التخلي عن الشئ والكف عنه .


الامتناع اصطلاحا هو تخلي القاضي عن واجباته القانونية بما يلحق الضرر باحد الخصوم , حيث ان القاضي كما له حقوق وصلاحيات فان عليه التزامات وواجبات .

ومن اوضح مصاديق الامتناع عن احقاق الحق هي ( عدم البت في الطلب القضائي بحجة غموض النص او فقدانه , عدم الاجابة على عريضة قدمت له , عدم رؤية دعوى مهيأة للحسم والفصل فيها ) .

واثبات الامتناع لم يتركه المشرع الى القواعد العامة في الاثبات وانما رسم له طريقة معينة لاثباته وهذه الطريقة هي توجيه انذار للقاضي بواسطة الكاتب العدل يتضمن دعوته لاحقاق الحق خلال مدة 24 ساعة في العرائض المستعجلة والولائية وخلال سبعة ايام في الدعاوى من تاريخ تبليغه بالانذار , فاذا انقضت هذه المدة ولم يستجيب القاضي الى موضوع الانذار كان من حق الخصم الذي سير الانذار ان يشكو القاضي , ومع العلم انه لا يجوز ان يتضمن الانذار عبارات غير لائقة بحق القاضي بموجب صدر المادة (288) مرافعات مدنية .

اجراءات الشكوى / 
لما كان الهدف من اقامة الشكوى هو تعويض الخصم المتضرر من جراء مخالفة القاضي لاحكام القانون فان المشرع لم يحدد ميعادا معينا لتقديم الشكوى , وانما اجاز تقديمها عند تحقق احدى الحالات المتقدمة بشرط عدم انقضاء مدة التقادم الخاصة بدعاوى المسؤولية المدنية وهي انقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسؤول عنه , وتسقط الشكوى في كل الاحوال بمضي خمسة عشر عاما من يوم وقوع العمل الغير المشروع استنادا لمنطوق المادة (232) مدني واجراءات الشكوى هي كالاتي : 

1. كتابة شكوى مشتملة على البيانات الآتية اسم المشتكي وحرفته ومحل أقامته واسم المشكو منه والمحكمة التابع لها مع بيان أسباب الشكوى واسانيدها وتوقيع المشتكي او وكيله المخول بذلك تخويلا خاصا ومرفقا معها أدلة أثباتها , ثم ايداع تامينات قانونية مقدارها ثلاثة الاف دينار بموجب الفقرة (2) من المادة (287) مرافعات مدنية .

2. تقدم الشكوى بعريضة إلى رئيس محكمة الاستئناف التابع لها القاضي المشكو منه , او تقدم إلى محكمة التمييز اذا تعلقت الشكوى برئيس محكمة الاستئناف او احد قضاتها بموجب الفقرة (1) من المادة (287) مرافعات مدنية .

3. لا يجوز ان تتضمن عريضة الشكوى عبارات غير لائقة بحق المشكو منه والا غرم المشتكي بغرامة لا تقل عن الف دينار ولا تزيد على ثلاثة الاف دينار بموجب المادة (288) مرافعات مدنية .

4. يبلغ المشكو منه بعريضة الشكوى الذي يجب ان يرد عليها خلال ثمانية ايام من تاريخ تبليغه بها بموجب المادة (290) مرافعات مدنية .

5. يمتنع المشكو منه بعد تبلغه بالشكوى من نظر أي دعوى للمشتكي او اقاربه حتى الدرجة الرابعة الى حين البت بالشكوى استنادا لصدر المادة (289) مرافعات مدنية .

6. تقوم محكمة الاستئناف او محكمة التمييز بتدقيق الشكوى وجواب المشكو منه وهنا توجد حالتين هما :
أ‌- اذا قررت المحكمة عدم قبول الشكوى فيستأنف القاضي المشكو منه في نظر الدعوى التي توقف عن نظرها بموجب منطوق المادة (289) مرافعات مدنية .

ب‌- اذا قررت المحكمة قبول الشكوى حددت يوما لنظرها وتبليغ الخصوم بذلك بموجب ذيل المادة (290) مرافعات مدنية وهنا ايضا توجد حالتين :

اذا عجز المشتكي عن اثبات شكواه غرمته المحكمة بغرامة لا تتجاوز الفي دينار وتعويض القاضي المشكو منه عما لحقه من ضرر وتقوم بتحصيل الغرامة من مبلغ التأمينات ويستوفى التعويض كله او بعضه مما بقي من التأمينات بموجب الفقرة (1) من المادة (291) مرافعات مدنية .

اذا اثبت المشتكي شكواه ألزمت المحكمة القاضي المشكو منه بتعويض الضرر الذي حل بالمشتكي وابلاغ وزارة العدل ( مجلس القضاء الأعلى ) لاتخاذ الإجراءات القانونية المقتضاة بحقه بموجب الفقرة (3) من المادة (291) مرافعات مدنية .

7. اذا قدم المشتكي شكوى اخرى بعد ان حكمت المحكمة بعدم قبول شكواه او بعد قبولها وعجزه عن اثباتها فعليه ايداع خمسة الاف دينار في صندوق المحكمة ولا يمنع القاضي المشكو منه من نظر الدعوى , فاذا قررت المحكمة عدم قبول الشكوى الثانية او قررت قبولها وعجز عن اثبات ما نسب الى المشكو منه قررت المحكمة الحكم على المشتكي بغرامة لا تقل عن ثلاثة الاف دينار وتعويض القاضي المشكو منه عما لحقه من ضرر بموجب الفقرة (2) من المادة (291) مرافعات , واذا قررت المحكمة قبولها واثبت المشتكي شكواه الزمت المحكمة القاضي المشكو منه بتعويض الضرر الذي حل بالمشتكي وابلاغ الجهات المختصة لاتخاذ الاجراءات القانونية بحقة .

8. للخصوم الطعن تمييزا في الحكم الصادر في الشكوى لدى محكمة التمييز بموجب المادة (292) مرافعات مدنية .


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة

التنقل السريع