القائمة الرئيسية

الصفحات

ومضات قانونية العدل والعدالة

ومضات قانونية العدل والعدالة

ومضات قانونية العدل والعدالة
ومضات قانونية العدل والعدالة

بقلم المحامي فاروق العجاج

تكون الصورة الشكلية في الاجراءات القانونية والقضائية المتخذة هي الغالبة في تحديد امر العدل المطلوب تحقيقه وفق مقتضيات النظام القانوني العام والمرعية اصوليا وشرعيا كما في ضرورة المساواة بين المتنازعين والمتنافسين والحياد عند النظر بينهم من غير تمييز لاي سبب في اي امر متنازع عليه, ولكن العدالة المطلوبة يصار الى وجوب النظر وفق معايير قانونية وعلى ضوء ما هو موجود من الادلة والبراهين في حينها وباخذ الاعتبار بالنظرفي الظروف والاحوال الاخرى الخاصة والمتعلقة بموضوع النزاع , العدل والعدالة مبدءان لهما مفاهيم مشتركة متفاعلة ومترابطة بغية كشف الحقيقة واعطاء الحق لصاحبه بالعدل والانصاف. 


(العدل هي مساواة مجردة تعتد بالوضع الغالب دون اكتراث بتفاوت الظروف الخاصة ) (11)، أما العدالة (الإنصاف) فتقوم على اساس ما يتعلق باصل الدعوى من الموضوعية والواقعية والظروف المتعلقة بها, وتقوم على اساس الظروف والاحوال الشخصية للمتنازعين والبواعث الخاصة بهم .)(2),

القانون هو القانون في كل زمان ومكان بمعناه الانساني والشرعي والاخلاقي, ليس مجرد اوامر وتعليمات وقرارات وصكوك غفران لمن يريد او يشاء , انما هو العدل والانصاف في مفهومه بمعناه الحق المبين الذي لا لبس فيه من اجل امن الناس واستقرار حياتهم .
***
شرعت القوانين من اجل تنظيم شؤون الناس عامة من غير تمييز ولحماية حقوقهم وحرياتهم لتحقيق الاستقرار المجتمعي في مجمل متطلبات العلاقات الاجتماعية والانسانية والسياسية والاقتصادية والامنية بصورة متساوية وعادلة ومنصفة , ولم تشرع في اي صورة من القوانين كوسيلة لتقييد حرية الناس او المساس بحقوقهم الخاصة وباحوالهم الشخصية او لا شاعة الخوف والقلق وزرع الارهاب في نفوسهم لاي سبب الا ما يخدم المصلحة العامة على ان لاتتجاوز المبدئ العام و بالحد المعقول الذي لا يتنافى مع الحقوق والحريات الاساسية لحياة المواطنين عامة بالعدل والانصاف.

***
القرارات القضائية والقانونية الخاطئة والظالمة وغير العادلة في حقوق الناس ان كثرت بقصد او بدون قصد , تقلل من هيبة القضاء ومكانة القانون وهيبة الدولة وهيبة القضاة ومن يملك سلطة الاصدار, لدى الناس وتضعف احترامه و طاعته بالشكل المناسب .
***
العدل والعدالة وفق المفهوم القانوني والانساني لا يعتمد على اسا س النظرة المجردة وعلى الاسلوب انما يعتمد على اساس اليقين والاطمئنان والضمير الانساني من غير عواطف وامزجة ومشاعرعاطفية شخصية.

( شكك فلاسفة القانون في اعتبار العدل الشكلي وسيلة للحكم العادل بين إنسان وآخر، لان الطبيعة العامة والمجردة للقاعدة القانونية تعني انه لا يمكن إدراك كل حالة فردية بخصوصياتها، ولهذا فان العدل الشكلي بما يحققه من مساواة شكلية قد يضغط على الحالة الفردية فتكون ضحية من ضحايا ذلك العدل الشكلي)(3)..

اذا لم يكن الاجتهاد القضائي مبني على الخبرة المهنية والكفاءة العلمية الرصينة والاخلاص والنزاهة في الاهداف المقصودة ما هو الا ضرب من الخيال غير الاصولي وغيرالشرعي وستكون القرارات والاحكام الصادرة بعيدة كل البعد عن موجبات العدالة والانصاف ومفاهيمها الانسانية والشرعية .
(فقد صور أرسطو أساس العدل العام في المساواة الذي توفره القاعدة القانونية، إلا انه وضع يده على فكرة المعيار القانوني عندما لاحظ صعوبة تطبيق القاعدة القانونية على ما اسماه الحالات المستعصية، وهي تلك الحالات التي يؤدي تطبيق القاعدة القانونية عليها إلى نتائج ظالمة، فنبه إلى مصحح لجمود العدل القانوني، الا وهو العدل الخاص، والعدل الخاص يعطيه أرسطو 
هو الانصاف او الملائمة او العدالة)(4). (Equityy) اسما خاصا

***

القانون في جسد الحياة الانسانية لكل امة كالقلب في جسد الانسان , حينما يكون في وضع صحي مستقر يتحقق الاستقرار الامني والاجتماعي وحينما يكون في وضع مضطرب وسقيم من كثرة التجاوزات عليه وكثرت الاخطاء في تطبيقه , يعم الاضطراب الامني وتكثر المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وتسؤء الاحوال الصحية في جسد الامة عامة –
بحاجة الى اتخاذ ما يلزم للسيطرة على معالجة المواقف لاعادة الوضع المستقر له في عموم الحياة الانسانية مع اتخاذ ما يلزم لمعالجة مسببات حالة الاضطرابات النفسية والعضوية والمادية حتى تزول العلل ومحدثات الخلل في جسد الامة بحكمة حكيم مقتدر ورجل قانوني ماهر مخلص ونزيه .

كلما تحاول ان تبحث في علاقة القانون بالحياة الانسانية لن تستطيع ان تجد لها حدود اوافاق واضحة في مدياتها وفي اعماقها وفي كل الوانها وطبيعتها وانواع شكلياتها المتعددة في الشؤون الانسانية عامة كانك تغوص في بحر لجي عاتم بالمشاكل والقضايا الانسانية ومن القضايا الاجتماعية المتلونة والمتعددة ومن المتغيرات الانية والطارئة بما لا تعد ولا تحصى .

(وقد يتساءل البعض كيف يمكن أن لا يؤدي تطبيق القانون بين المواطنين بالتساوي إلى تحقيق العدالة ؟
والجواب يكمن في القانون نفسه فقد يكون منطويا على خطأ أو يكون قد اعد على عجل وقبل الإحاطة بجميع جوانب الموضوع المراد تنظيمه أو يكون قد مر على صدوره زمن طويل بحيث لم يعد يؤدي تطبيقه لتحقيق العدالة لان القانون يصدر لتنظيم أمر معين وفقا لمتطلبات متوافرة بتاريخ إصداره ويمكن لتلك المتطلبات أن تزول أو تتغير ...
ويتضح من هذا المنطلق أن القانون هو المحور الأساسي لتحقيق العدالة والإنصاف ما بين المواطنين فإذا ما جرى إعداده من قبل المختصين ذوي الخبرة وجرت الاستعانة برجال القانون من العاملين في مجال إعداد القوانين وفي مجال ممارستها والتعامل معها وجرت دراسته بشكل مستفيض من قبل ممثلي المواطنين أعضاء مجلس الشعب فان ذلك القانون يمكن أن يؤدي تطبيقه إلى تحقيق العدالة ... كما يكمن الأمر في متابعة مدى ملائمة القوانين النافذة لاحتياجات المواطنين والجهات المطبقة عليها لان تلك القوانين يمكن أن تكون ملائمة بتاريخ إصدارها أما بعد انقضاء فترة زمنية على تاريخ صدورها قد تتغير خلالها بعض المعطيات أو الأسس التي صدرت تلك القوانين وفقا لها فيغدو من الضروري تعديلها بما يتلاءم والمتغيرات الحاصلة.كما قد يثبت في الواقع العملي أن القانون لم يحط بجميع المتطلبات العملية للواقعة التي صدر لتنظيمها ، وهذا الأمر يظهر من التعامل مع القانون وتطبيقه على أرض الواقع خاصة وان غاية المشرع هي إيجاد الحلول الجذرية للمشاكل المستعصية وليس الحلول المؤقته أو المرحلية ...) (5)

من ذلك نفهم ان القانون موجود في كل مكان وزمان ويتكيف حسب طبيعة الحياة الانسانية اللازمة لها به حتى يؤمن لها الاستمرار بالوجود والتفاعل مع مقتضيات الزمن وحركة التغيير والتطور المتحرك للقيم الانسانية والاجتماعية بفعل حركة النضوج العقلي للانسان والوعي بادراك المخاطر وبمعوقات التقدم وبالتفكير المنطقي لمواجهة التحديات وموانع التقدم والتطور والبناء النفسي والعلمي والحضاري نحو تحقيق المستقبل الافضل للحياة الانسانية.عامة وبصورة متوازنة وفق منطق العدل والعدالة (الانصاف)


المصادر- 
الدكتور سامر الترقاوي – محاضرة في العدل والعدالة في ملتقى طلبة القانون – 18- يونيوا- 2016(1-2-3-4) 
المحامي حازم الجزار –سوريا –مقالة في قانون الايجارات – عام 2008- 11-10-منه.(5)
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع