القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث بعنوان الاختصاص المكاني بين التعدد والتكرر

الاختصاص المكاني

الاختصاص المكاني بين التعدد والتكرر


1. الاختصاص المكاني : هو مجموعة القواعد التي تعين المحكمة المختصة بنظر الدعوى من حيث المكان .
والتعدد والتكرر معنيان متغايران :

فالتعدد : يعني أعطاء المشرع المزيد من الخيارات المكانية لإقامة الدعوى وهو أمر ايجابي وهذا التعدد ينشأ :

اما من تبني المشرع لمعيار واحد لتعين الاختصاص المكاني كما هو الحال في معيار الحق موضوع الدعوى بالنسبة للدين او العقارات المتعددة .

او ينشأ من تبني المشرع لمعايير متعددة كما هو الحال في تبني المعيار الموضوعي والمعيار الشخصي .

والتكرر : يعني أعادة ذكر الاختصاص المكاني مجددا وهو أمر سلبي ولا ينشأ هذا ألا من تبني معايير متعدد كما سيتضح في هذا المقال .

2. ان المشرع لم يتبنى معيار واحد لتعين الاختصاص المكاني لإقامة الدعوى وإنما تبنى معيارين هما :

المعيار الموضوعي/الذي يعني اعتماد المشرع على الحق موضوع الدعوى في تعين الاختصاص المكاني وهذا المعيار يتجسد بالمواضع الآتية :

اذا كان موضوع الدعوى هو المطالبة بحق عيني عقاري فيكون الاختصاص المكاني معقودا لمحكمة محل العقار, وان تعددت العقارات ففي محل أحداها بموجب المادة (36).

وإذا كان موضوع الدعوى هو منقول او دين فيكون الاختصاص المكاني محققا لمحكمة موطن المدعى عليه او مركز معاملاته او محل نشوء الالتزام او محل التنفيذ او المحل المختار بموجب المادة (37/1) .

وهنا هل يمكن القول ان المشرع رتب هذه الأمور ترتيبا طوليا ام رتبها ترتيبا عرضيا ؟؟, وبعبارة أوضح هل ان المدعي ملزم بمراعاة هذه الأمور بالترتيب لإقامة دعواه ,ام انه مخير ابتداءا بين هذه الأمور في أقامة الدعوى ؟؟

والحق هو الثاني لوجود كلمة (او) الدالة على التخيير .

وإذا كان موضوع الدعوى هو الإفلاس او ما ينشأ عنه فيكون الاختصاص المكاني قائما لمحكمة متجر المفلس بموجب المادة (39/1).

واذا كان موضوع الدعوى هو أتعاب المحاماة ومصاريف الدعوى فيكون الاختصاص المكاني لذات المحكمة التي قضت بأصل الحق بموجب المادة (40) .

المعيار الشخصي/الذي يعني اعتماد المشرع على طرفي الدعوى ( مدعي ومدعى عليه )في تعين الاختصاص المكاني وهذا المعيار يتجسد بالأمور الآتية :

أذا كانت الدعوى متعلقة بالشخص المعنوي فيكون الاختصاص المكاني ثابتا لمحكمة المركز الرئيسي لإدارة الشخص المعنوي بموجب المادة (38/1) .

ولم يتضح مراد المشرع من كلمة ( المتعلقة بالشخص المعنوي ) فهل ان مراده ان الشخص المعنوي سواء كان مدعيا ام مدعى عليه ينعقد الاختصاص المكاني للمحكمة الموجود فيها المركز الرئيسي لإدارة الشخص المعنوي , ام ان المراد منها ان الاختصاص المكاني ينعقد لمحكمة المركز الرئيسي للإدارة اذا كان الشخص المعنوي مدعى عليه في الدعوى ؟؟؟

والظاهر هو الاول بمقدمات الحكمة .

اذا كانت الدعوى مقامة على التاجر بعد اعتزاله التجارة فيكون الاختصاص المكاني لمحكمة موطن المدعى عليه بموجب المادة (39/2) .

اذا لم يكن للمدعى عليه موطن فتقام الدعوى في موطن المدعي فان لم يكن له موطن فتقام في محاكم بغداد بموجب المادة (41) .


3. ان تباني المشرع لأكثر من معيار لتحديد الاختصاص المكاني يلزم منه تعدد الاختصاص المكانية للدعوى وتكررها , وحينها يكثر النقض والإبرام في تعين الاختصاص , وهذا التعدد والتكرر يتجلى بما يلي :

الدعوى المتعلقة بالشخص المعنوي:

اما ان يكون موضوعها حق عيني عقاري فالاختصاص المكاني لمحكمة محل العقار , وان المشرع أضاف اختصاص اخر هو اختصاص محكمة المركز الرئيسي للشخص المعنوي , فليزم حينها تعدد الاختصاصات .

او يكون موضوعها منقول او دين فالاختصاص المكاني يكون لمحكمة موطن المدعى عليه او مركز معاملاته او محل نشوء الالتزام او محل التنفيذ او المحل المختار , وان المشرع كرر اختصاص اخر وهو اختصاص مركز المعاملات( المركز الرئيس لإدارة الشخص المعنوي ) , فيلزم عندها التكرر وبه تتحقق اللغوية .

وقد يكون موضوعها دعوى إفلاس وما ينشأ عنه فالاختصاص المكاني لمحكمة متجر المفلس , وان المشرع أضاف اختصاص أخر هو اختصاص محكمة المركز الرئيسي للشخص المعنوي , فليزم حينها تعدد الاختصاصات .

دعوى الإفلاس هي مصداق من مصاديق دعوى الدين حيث ان الإفلاس ينشأ من كثرة الديون , ودعوى الدين تقام أمام أحدى المقامات المشار أليها أعلاه في الفقرة (1) من المادة (37) وان المشرع كرر اختصاص اخر وهو اختصاص مركز المعاملات( متجر المفلس في دعوى الإفلاس ) , فيلزم عندها التكرر وبه تنعقد اللغوية .

ودعوى الإفلاس لا وجه لإفراد مادة مستقلة لبيان الاختصاص المكاني لها كونها ضرب من ضروب دعوى الدين والشاهد على ذلك هو ان المشرع جعل الاختصاص المكاني لها في محكمة متجر المفلس وهذا الاختصاص موجود في الفقرة (1) من المادة (37) وهو اختصاص مركز المعاملات.

ان التاجر بعد اعتزاله التجارة يكون مدينا عاديا وان قيام المشرع بتعين الاختصاص المكاني لدعاوى التاجر المعتزل بمحكمة موطنه بموجب المادة (39/2) يلزم منه التكرر لان الاختصاص المكاني لدعاوى الدين معقودا للمحاكم التي نصت عليها المادة (37/1) وأولها هي محكمة موطن المدعى عليه , فلماذا هذا التكرر ؟؟؟ فضلا عن ان هذه الفقرة في غاية البداهة لعوام الناس فكيف بأصحاب الاختصاص ولا يليق بالمشرع ان يخصص لها فقرة مستقلة في القانون .

المادة (41) يمكن لحاظها بلحاظين هما :

الأول اللحاظ الاستقلالي / هو ان تلحظ المادة مستقلة عن المواد السابقة والمتعلقة بالاختصاص المكاني فهي تدل على ان المشرع جاء بمعيار جديد لتعين الاختصاص المكاني وهو محكمة موطن المدعى عليه فان لم يكن له موطن فمحكمة موطن المدعي وان لم يكن لهما موطن فمحاكم بغداد .

الثاني اللحاظ ألانضمامي / وهو ان تلحظ المادة منضمة الى مواد الاختصاص المكاني الأخرى فتكون من متممات المادة (37) ولا يجوز أفراد مادة مستقلة لها , وان كانت هذه المادة في غاية البعد عن الواقع , لان موضوع الدعوى ان كان حقا عقاريا فيكون الاختصاص المكاني لمحكمة محل العقار , وان كان منقولا او دينا فيكون الاختصاص المكاني للمحاكم المبينة في المادة (37) بعد انتفاء موطن المدعى عليه .

وان كان اللحاظ الثاني هو الأصح .

وصفوة القول في هذا المقال كان على المشرع الأخذ بمعيار واحد لا معايير متعددة وهو معيار الحق موضوع الدعوى , دفعا للغوية المشرع الناشئة من التكرر لان المشرع حكيم ومنزه عن اللغو .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع