القائمة الرئيسية

الصفحات

طعن إستئنافي المحكمة القومية العليا- الخرطوم

طعن إستئنافي المحكمة القومية العليا- الخرطوم

طعن إستئنافي المحكمة القومية العليا- الخرطوم


لدى المحكمة القومية العليا- الخرطوم(الدائرة الإدارية)
فيما بين:
(1) سعاد زين العابدين صالح (طاعن مستأنف) وعنوانها بواسطة محاميها بمقر مكتبه بحي العمارات شارع 61 شمال دار المحامين تقاطع شارع الملك عبدالعزيز مع شارع 59.
/ضد/
جامعة الخرطوم (مطعون مستأنف ضدها) مقرها الخرطوم شارع الجامعة غرب كوبري النيل الأزرق.
(كلية الدراسات العليا)
ع ط إ/180/2015م
طعن إستئنافي رقم:( )
السادة رئيس وأعضاء الدائرة الإدارية الإستئنافية بالمحكمة العليا،،،،،،
،،،،، الموقرين،،،،،،
بكل إحترام وتقدير ونيابة عن الطاعنة، نتقدم لمحكمتكم الموقرة بطلب الإستئناف من الطاعنة ضد قرار قاضي محكمة الإستئناف المختص بمحكمة إستئناف الخرطوم، لإصداره قرار يقضي بشطب عريضة الطعن الإداري رقم:ع ط إ/180/2015م إيجازياً ورفضها تطبيقاً لنص المادة 7/(1/ب) مقروءة مع المادة 4/(3) قانون القضاء الإداري لسنة 2005م، إستناداً لرأيه عدم إستنفاد الطاعنة لطرق التظلم المتاحة بموجب القانون.

عليه ترتيباً على ما تقدم، نودع لدى محكمتكم الموقرة، مزكرة عريضة الإستئناف، إستناداً للأسباب الآتية:
(أولاً) الأسباب الشكلية: القرار المطعون فيه بالإستئناف علمنا به في جلسة يوم 17/11/2015م، ولظروف أعمال محكمة قاضي الإستئناف، تمكنا من الإطلاع على القرار المطعون ضده من المحضر بتاريخ 19/11/2015م. بالتالي إعمالاً لنص المادة 14/(1) قانون القضاء الإداري لسنة 2015م، يكون تقديمنا لعريضة الإستئناف قد تم خلال المواعيد المنصوص عليها في القانون.
(ثانياً) أسباب الموضوعية: إستناداً لعريضة الدعوى، وحيثيات الحكم الصادر بالقرار المطعون فيه بالإستئناف، نورد لمحكمتكم 

الموقرة أسباب وأسانيد الإستئناف، إستناداً لما يلي:
1. من حيث موضوع الطعن، ومن دون تطويل وإسهاب، نوجز لمحكمتكم الموقرة الآتي:
(1) الطاعنة مسجلة بكلية الدراسات العليا لنيل درجة الدكتوراة في الفيزياء الإشعاعية منذ عام 2011م، وقامت بسداد جميع الرسوم المقررة لمطلوبات الدرجة العلمية. ترتيباً عليه تم تعيين البروفيسور/ عصام صالح محمد مشرفاً على الدراسة، وبموافقة كلية الدراسات العليا.
(2) بعد إكتمال الدراسة المقررة بموافقة كلية الدراسات العليا، تم تعيين لجنة الإمتحان من الأساتذة الأفاضل الآتية أسمائهم وهم:(1) بروفيسور/ محمد عثمان سيد أحمد (ممتحن خارجي)،(2) بروفيسور/علي الطاهر شرف الدين (ممتحن داخلي). بناء عليه قامت لجنة الإمتحان بمناقشة الطاعنة بتاريخ 19/08/2014م، وأعدت تقريرها بتوصية منح الطاعنة درجة الدكتوراة وإحالة التوصية لمجلس الدراسات العليا لإجازة الرسالة.

(3) بالخطاب نمرة:ج خ/ ك د ع/م د ا س هـ/73 المؤرخ بتاريخ 30/3/2015م الصادر من مجلس الدراسات الأساسية والهندسية، والمعنون للبروفيسور/عصام صالح محمد الأستاذ المشرف على أطروحة الرسالة - قرر مجلس الدراسات الأساسية والهندسية رفض الرسالة العلمية.

(4) لم يتم إخطار الطاعنه بقرار رفض الرسالة العلمية، ولتضرر الطاعنة من إنتظارها العلم بالقرار وإخطارها به وفق ما حدده ورسمة القانون، قامت الطاعنة وبتاريخ 1/6/2015م بواسطة محاميها بمخاطبة المطعون ضدها في شخص مديرها بالتدخل لتسليمها الدرجة العلمية المجازة والمصادق عليها من لجنة الإمتحان، إلا أن الطاعنة لم تتلق أية رد من المطعون ضدها.

(5) بما أن المطعون ضدها سلطة عامة تمنح الدرجات العلمية وفقاً لأحكام القانون، وبما أن الجهة المطعون ضدها في شخص مدير جامعة الخرطوم (الجهة الإدارية العليا المختصة) لم يرد على طلب الطاعنة، وبما أن قانون جامعة الخرطوم لسنة 1995م لم يرسم ويحدد طريق للتظلم من قرارات الوحدات الإدارية المختصة التابعة للجامعة، فإن الطاعنة لجأت مباشرة لوزير العدل بنيتها مقاضاة المطعون ضدها(جامعة الخرطوم) ولكنها لم تتلق رد منه، ومن ثم، كان أن رفعت الطاعنة دعواها بعريضة لقاضي محكمة الإستئناف المختص، لحماية وصون حقوقها الفكرية والعقلية وجهدها العلمي المجاز من لجنة الإمتحان كفالة لحقها في التعليم.

(6) عدم منح الدرجة العلمية المصادق عليها من لجنة الإمتحان منذ 19/08/2014م، إستناداً للقرار الصادر من مجلس الدراسات الأساسية والهندسية، تدبير إداري منشئ لسبب الطعن من حيث الآتي:

(أ) أنه تدبير مخالف للقانون مخالفة جسيمة لدرجة البطلان المطلق، مما يجعله قراراً منعدماً، لمصادرته ولإنتهاكه حق دستوري للطاعنه منصوص عليه في المادة 44 من الدستور الإنتقالي لسنة 2005م تعديل لسنة 2015م بحق الطاعنة في الحصول على التعليم. كما يقع بالمخالفة لأحكام المواد 5/(ب، ج)، 25/(د)، 27/(ج، و) قانون جامعة الخرطوم لسنة 1995م، فهي الأحكام المتصلة بأغراض الجامعة في منح الإجازات العلمية، وإجراء البحوث العلمية والتطبيقية المرتبطة بحاجات المجتمع. كذلك القرار الإداري المصوب الطعن فيه، يقع بالمخالفة للأحكام الخاصة بإختصاصات مجلس الدراسات الأساسية والهندسية، لأنها مختصة برفع توصيات لجان الإمتحان لمجلس الأساتذة لتقرير منح الإجازات العلمية.

(ب) لم يكشف المطعون ضدها سبب حجب منح الطاعنة الدرجة العلمية المصادق عليها والمجازة من لجنة الإمتحان، لعدم تسليمها الدرجة العلمية بإجازة الرسالة. بالتالي حجب منح الطاعنة الدرجة العلمية بإجازة الرسالة، جاء عدمياً ومنعدماً، لصدوره بلا سند مبرر وسليم كاشف وفقاً لما قرره القانون من حيث الشكل.

(ج) إساءة إستعمال السلطة والإنحراف بها بعيداً عن أهداف الجامعة، لأن رفض منح الطاعنة الدرجة العلمية المصادق عليها والمجازة من لجنة الإمتحان، وكذلك رفض المطعون ضدها الرد على طلب الطاعنة، تدبير جاء تحكمياً وغير مبرر الغاية والهدف منه. 

ترتيباً على ما تقدم، موضوع دعوى الطعن الإداري مصوب نحو القرار الصادر من مجلس الدراسات الأساسية والهندسية إستناداً للخطاب بالرقم نمرة:ج خ/ ك د ع/م د ا س هـ/73 المؤرخ بتاريخ 30/3/2015م. لرفض مجلس الدراسات الأساسية والهندسية توصية لجنة الإمتحان بمنح الطاعنة الرسالة الجامعية في الدكتوراة المقدم من الطاعنة بعد مناقشتها، ومن ثم إحالة لجنة الإمتحان أعماله لمجلس الدراسات الأساسية والهندسية، ليتم رفعه عبر مجلس الدراسات الأساسية والهندسية لمجلس الأساتذة الجهة المختصة والمعنية بإصدار الدرجات العلمية الجامعية.

2. من حيث القرار الصادر من قاضي محكمة الإستئناف المختص، نورد الآتي:

(1) القرار محل الطعن الإداري قرار إداري منعدم:
مع إحترامنا وتقديرنا لقاضي محكمة الإستئناف، ربما سؤال يطرح نفسه أين هو القرار الإداري المطعون فيه، لنقرر في أن القرار موضوع الدعوى قرار إداري أو غير ذلك؟ والسؤال يجيب على نفسه من واقع دفع الطاعنة بأن المطعون ضدها لم تسلمها القرار موضوع الدعوى والطعن فيه. بالتالي عدمية القرار وإنعدامه من حيث القانون والشكل والسبب والإختصاص كما سيرد ذكره، يجعل التقرير من المحكمة حول ماهية تصرف مجلس الدراسات الأساسية والهندسية بشأن رفض توصية لجنة الإمتحان أمر سابق لأوانه، لأن التصرف من جهة مجلس الدراسات الأساسية والهندسية، تصرف مادي مخالف للقانون إعمالاً لنص المادة 27/(ج، د) قانون جامعة الخرطوم 1995م. لأنه ليس من ضمن إختصاصات المجلس رفض التوصيات المحالة والمرفوعة له من لجنة الإمتحان، إنما عليه (أي مجلس الدراسات الأساسية والهندسية) رفعها لمجلس الأساتذة، لاسيما أن مجلس الدراسات الأساسية والهندسية، يرشح أعضاء لجنة الإمتحان لتعيينهم من مجلس الأساتذة كممتحنين.

كما نختلف كذلك مع قول قاضي محكمة الإستئناف في رأيه المدون بمحضر المحاكمة، بأن القرار المطعون فيه (موضوع الطعن الإداري)، إجراء لا تتوافر بشأنه مقومات القرار الإداري وفق التعريف للقرار الإداري المنصوص عليه في القانون، تأسيساً على حسب رأيه أن هنالك توصية بشأن الرسالة العلمية المقدمة من الطاعنه وهذه التوصية لم تنشئ أي حق قانوني للطاعنة، إذ تُعتبر من الأعمال التمهيدية أو التحضيرية التي تمهد بها الإدارة لإتخاذ إجراء قانوني معين (إجازة الرسالة)، أي أنها مرحلة سابقة على إتخاذ إجراء إجازة الرسالة الذي من شأنه أن يحدث تعديلاً في الروابط القانونية وقت صدوره.

تأسيساً على تسبيب الحكم للقرار، وفقاً لوجهة نظر الحكم بالقرار الصادر من قاضي محكمة الإستئناف، مبنى إختلافنا فيه. أنه بفحص الجوانب الموضوعية للقرار الإداري موضوع الدعوى، من وجهة نظر القانون، سلسلة الأعمال التمهيدية أو التحضيرية الممهدة لإتخاذ وإصدار القرار الإداري، تصرف لعمل قانوني كاشف لمؤدى القرار الإداري من حيث مدى سلامة وصحة الشكل والسبب، وغالباً ووفقاً لإرادة المشرع، ينص عليه القانون في العديد من القرارات الإدارية ذات الإجراءات والأشكال المتعددة المراحل لإصدار القرار، وهو عين ما ورد في المادة 27 قانون جامعة الخرطوم 1995م، بشأن مجلس الدراسات الأساسية والهندسية. فبحسب رأي الفقه والقضاء الإداري، الأعمال التحضيرية أو التمهيدية هي العمليات المختلفة التي يمر بها القرار الإداري من بدء التفكير في إصداره، أي ما قبل صبه في الإطار أو القالب الذي يظهر فيه من حيث الشكل، وبالتالي فإن الشكل هو هذا القالب الذي يظهر فيه إرادة الإدارة. أنظر في ذلك: الدكتور/ الديداموني مصطفى احمد، الإجراءات والأشكال في القرار الإداري (دراسة مقارنة في النظام الفرنسي والمصري والعراقي)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1992م، ص11-13. ترتيباً على هذا الفقه، وبحسب بعض الرأي الأعمال التحضيرية والتمهيدية إجراء قانوني لازم،

 لأنه إجراء من عناصر الشكل في القرار الإداري، وإستناداً لهذا الرأي، تُعدُّ الإجراءات والأشكال في القرار الإداري من الضمانات الآلية التي تقرر لضمان حسن إدارة المرفق ومنع القرارات المتسرعة التي لم تدرس بصورة كافية من جانب الإدارة فضلاً عن الإهتمام بالمصلحة العامة والجماعية وحماية المصلحة الخاصة للأفراد الذين تتعلق بهم الإجراءات المتخذة من الإدارة. بالتالي سلسلة الأعمال التحضيرية أو التمهيدية إجراء من عناصر الشكل للإفصاح عن إرادة الإدارة، تأسيساً على أن الشكل هو المظهر الخارجي الذي يتخذه القرار للإفصاح عن إرادة الإدارة. أنظر في ذلك: الأستاذ الدكتور/ سليمان محمد الطماوي، النظرية العامة للقرارات الإدارية، ط4، ص211 وما بعدها. كذلك أيضاً: سليمان محمد الطماوي، النظرية العامة للقرارات الإدارية (دراسة مقارنة)، ط3، 1966م ص340.

ترتيباً على ما تقدم، الإجراء القانوني الوارد تشريعاً لإصدار القرار الإداري، هو الكاشف لإرادة جهة الإدارة، لأنه يأتي مسبوقاً أو مصحوباً بالقرار النهائي، لإفصاح إرادة الإدارة المصوب نحو الأثر القانوني للقرار الإداري، بقصد إحداث تعديلات في الروابط القانونية للمراكز القانونية وقت صدور القرار. لذلك يقرر الفقه القضائي ضمن بعض أحكامه القضائية، على نحو ما قررته أعمال المحكمة الإدارية العليا بدولة الكويت من مبادئ قانونية ضمن الطعنين585، 588/2001م إداري جلسة 24/6/2002م قولها:(من المقرر في قضاء هذه المحكمة: أن القرار الإداري هو ذلك الذي تفصح به جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه مصلحة عامة،

 وهو يتميز عن أعمال الإدارة التي تخرج عن إختصاص الدائرة الإدارية المختصة نوعياً بنظر المنازعات الإدارية بأن الأول يجب أن يكون مسبوقاً أو مصحوباً بقصد إحداث أثر قانوني معين سواء كان إنشاء حالة قانونية معينة أو تعديلها أو إلغاءها بالإرادة المنفردة الملزمة للسلطة الإدارية، في حين أن تلك الأعمال سواء أكانت مادية أو إجراءات تنفيذية تباشرها جهة الإدارة تنفيذاً لأحكام القانون لا يترتب عليها بذاتها أثاراً قانونية معينة إلا ما كان منها وليد إرادة المشرع مباشرة. ولمحكمة الموضوع سلطة فهم ما تصدره جهة الإدارة من أعمال أو قرارات وتعطيها وصفها القانوني الحق وفقاً لما هو ثابت في الأوراق دون تقيد بما يخلعه عليها الخصوم من أوصاف ومسميات لأن العبرة في التكييف القانوني بفحوى التصرف ومرماه لا بصيغته ومبناه.

كذلك في حكم مماثل بالطعن 109/2003م إداري جلسة 16/2/2004م، لذات المحكمة الإدارية العليا بدولة الكويت قولها:(القرار الإداري وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، هو عمل تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين، بما مؤداه أن القرار الإداري يتميز عن العمل المادي الذي يخرج عن إختصاص الدائرة الإدارية بأن الأول يكون مسبوقاً أو مصحوباً بقصد إحداث تعديل في المراكز القانونية في حين أن العمل المادي يكون دائماً واقعة مادية أو إجراءً مثبتاً لها ولا يقصد به تحقيق آثار قانونية معينة إلا ما كان منها وليد إرادة المشرع مباشرة، وأنه لا يشترط في شأن القرار الإداري شكل معين وإنما يمكن استخلاصه من عيون الأوراق ومن تصرفات الإدارة وسلوكها حيال موقف معين أو طلب معين من المواطنين.
مؤدى هذا القول من حيث الفقه القضائي والقانون، هو نهاية ما أورده قاضي محكمة الإستئناف المختص، تسبيباً لحكم قراره المطعون فيه. لقوله أن التوصية برأيه وتقديره إجراء تمهيدي، أما المرحلة النهائية التي تؤدي إلى القرار، فهي مجلس الجامعة أو مجلس الدراسات الأساسية والهندسية. ترتيباً عليه، لهذا الرأي والتقدير، سوء في فهم القانون وتفسيره وتأويله. لأن القرار الصادر من مجلس الدراسات الأساسية والهندسية المُسند بالخطاب نمرة:ج خ/ ك د ع/م د ا س هـ/73، المؤرخ في 30/3/2015م، برفض منح الدرجة العلمية للطاعنة - المُخاطب به البروفيسور عصام صالح محمد الأستاذ/ المشرف على الرسالة العلمية المقدمة من الطاعنة - من وجهة نظر القانون، قرار صادر من جهة وسلطة غير مختصة.

فمن حيث القانون، نقضاً لما أوردة قاضي محكمة الإستئناف تسبيباً لحكم قراره المطعون فيه، جاء تسبيبه معيباً بالمخالفة لما ينص عليه القانون بأن الرسالة العلمية صدر قرار بشأنها. لأنه إستناداً لقانون جامعة الخرطوم لسنة 1995م، إصدار قرارات منح الدرجة العلمية، ليس من إختصاصات وسلطات مجلس الجامعة أو مجلس الدراسات الأساسية والهندسية. إنما إعمالاً لنص المادة 25/(د، هـ) قانون جامعة الخرطوم 1995م، الإختصاص في منح الدرجات العلمية الأكاديمية والفخرية لمجلس الأساتذة دون سواه. لأن مجلس كلية الدراسات العليا إستناداً لنص المادة 27/(2/ج، د) قانون جامعة الخرطوم 1995م

من إختصاصاته رفع التوصيات لمجلس الأساتذة لمنح الإجازات العلمية، كذلك ترشيح الأشخاص لمجلس الأساتذة لتعيينهم كممتحنين. بالتالي وفقاً للقانون الأشخاص المعنيين هم أعضاء لجنة الإمتحان من المشرفين على الرسالات والأطروحات العلمية والممتحنين(الممتحن الخارجي والممتحن الداخلي)، ليقرر مجلس الأساتذة في أعمال لجنة الإمتحان بمنح وإجازة الرسالة للدرجة العملية للأطروحة أو الرسالة العلمية.

بالتالي من كل ما تقدم، قرار مجلس الدراسات الأساسية من حيث القانون والشكل والسبب والإختصاص، قرار إداري منعدم، لأنه يفصح عن إرادة المطعون ضدها بلاسند من القانون، بعدم منح الطاعنة الدرجة العلمية في الدكتوراة، مما يترتب عليه إهدار وإنتقاص لحق دستوري وقانوني للطاعنة في كفالة حق التعليم. كذلك لمخالفته الجسيمة للقانون تأسيساً على أن القرار الصادر من مجلس الدراسات الأساسية صدر من جهة غير مختصة، وصدر تحكمياً بلا سند من القانون. فهو بذلك من حيث القانون، عمل مادي باطل بطلاناً مطلقاً. لأنه بتكييف عيوب القرار الإداري المطعون فيه بأنه قرار منعدم، أنه مستمد من التعريف الفقهي للقرار المنعدم بأنه القرار الإداري الذي لحقت به مخالفة جسيمة للقانون تفقده أحد مقومات تكوينه،

 بأن يفقد القرار أحد أركانه الأساسية تجرده من صفته كتصرف قانوني لتنزل به إلى حدّ غصب السلطة، وتنحدر به إلى مجرد الفعل المادي المنعدم الأثر قانوناً. فالقرار الفاقد لأحد أركانه، يعتبر معيباً بخلل جسيم ينزل به إلى حدّ العدم، لتوافر قصد المخالفة الصارخة للقانون عند إصداره، فتبلغ بذلك المخالفة التي علقت به حداً من الجسامة يفقده كيانه ويجرده من صفاته ويزيل عنه مقوماته كتصرف قانوني معين. أنظر في ذلك: الدكتور/ محمد رفعت عبدالوهاب، أصول القضاء الإداري، الأسكندرية، دار الجامعة الجديدة، 2007م، ص107-108. أيضاً أنظر: الدكتور/ علي عبدالفتاح محمد،

 الوجيز في القضاء الإداري(مبدأ المشروعية - دعوى الإلغاء)، دراسة مقارنة، الأسكندرية، دار الجامعة الجديدة، 2009م، ص279-280. أنظر |أيضاً: الدكتور/ محمد فؤاد عبدالباسط، القرار الإداري(التعريف والمقومات والنفاذ والإنقضاء)، صفحة 484-488. بالتالي لا يترتب على قرار مجلس الدراسات الأساسية والهندسية، أي أثر على المركز القانوني للطاعنه برفض الدرجة العلمية، لأن الجهة المختصة هو مجلس الأساتذة.

(2) القرار محل الطعن الإداري صدر تحكمياً:
نتفق مع قول المحكمة في تسبيبها أن ما إنتهت إليه الجهة الأكاديمية من قرار بشأن توصية لجنة الإمتحان ليس للمحكمة التدخل فيه طالما إستند على السلطة التقديرية للجهة المختصة وهي مجلس الأساتذة كما تقدم ذكره – وبالطبع ليس مجلس الجامعة أو مجلس الدراسات الأساسية والهندسية - لأن السلطة التقديرية ترتبط بالمسائل الأكاديمية، حيث أن مهمة المحكمة منحصرة في التأكد من مشروعية القرار الإداري .كما نتفق مع قول المحكمة في تسبيبها بأن المحاكم الإدارية لا تتدخل في السلطة التقديرية للإدارة، لأن القرارات الإدارية تبنى على عوامل ليست في متناول المحكمة، وليست في وسع المحكمة تقييمها، لأنها ليست على علم بالنواحي الفنية والمهنية وغيرها من النواحي التي لا يلم بها إلا من وضعت في يده السلطة التقديرية. لذلك المحاكم لا تتدخل في السلطة التقديرية للإدارة، لأن لكل جهة إدارية مؤهلاتها العلمية والفنية ومهاراتها العلمية وقدراتها في آداء أعمالها.
ترتيباً على ما تقدم، الذي يجعلنا التقرير فيه، إتفاقاً وإختلافاً مع تسبيب المحكمة لحكم قرارها المطعون فيه بالإستئناف. تأكيد القول والرأي بأن للمحكمة صلاحية وسلطة التدخل للتأكد من مدى مشروعية السلطة التقديرية ومدى مواءمته للقانون.

لأن رقابة القضاء على أعمال الإدارة هي رقابة مشروعية وليست رقابة ملاءمة، ولا يتدخل القضاء في أعمال الإدارة، ولا شان للقضاء بها، وإنما يهتم بالإجراءات التي يتخذ بها القرار الإداري، بأن تتخذ الجهة الإدارية القرار وفقاً للقانون. لذلك مشروعية القرار الإداري، أساسه مبدأ المشروعیّة، ومبدأ المشروعية بصفة عامّة ومختصّرة، یعني سیادة حكم القانون على جمیع تصرفات الجهاز الإداراي، بما فیها القرارات الإداریّة الّتي تصدرها الجهة الإدارية بإرادتها المنفردة، حیث یختصّ القضاء الإداري- فیما یختص - بمراجعة مشروعیّة هذه القرارات بالفصل في الخصومة والتي هي(أي الخصومة الإدارية): حالة قانونیّة تنشأ من منازعة طرف لإحدى الجهات الإداریّة العامّة فیما أصدرته من قرارات، أو أحدثته من أضرار، أو إخلال بإلتزاماتها العقدیة أو غیرها، وتصبح هذه الخصومة قضائیة، إذا ما إتصلت بإحدى المحاكم، أو دخلت في ولایتها بدعوى أو عریضة، تحیل الحالة القانونیّة الناشئة عن المنازعة من علاقة بین طرفیها فقط إلى علاقة بینهما من جهة، وبین المحكمة الإدارية من جهة أخرى. أنظر في ذلك: المستشار/ عبد العزیز بن أحمد بن محمّد الصقري، مشروعیة القرار الإداري (الأصل والإستثناء)،

مقالة بحثية من منشورات محكمة القضاء الإداري، سلطنة عمان، يونيو2011م، ص4-5، إسترشاداً بما قررته محكمة القضاء الإداري، لتعريفها الخصومة الإدارية في حكم لها في الدعوى رقم: 6/1 بتاريخ 1/5/2001م، كتاب مجموعة المبادئ القانونیّة، ص107.

ودعوى مراجعة القرار الإداري - أو دعوى عدم الصّحّة- هي دعوى توجّه ضد قرار إدار ي طعناً علیه بعدم المشروعیّة لما شابه - حسب إدّعاء الطّاعن - من عیب من العیوب المؤثّرة على صحّته، وذلك بهدف الحكم بعدم صحّة هذا القرار، من دون أن یكون للقضاء سلطة تعدیل القرار أو إستبداله أو القضاء بآثار محدّدة ناشئة عن الحكم بعدم صحّة القرار أو الحكم بأیّة حقوق معیّنة للطاعن، ما لم ينص القانون على غير ذلك، كما سنرى فيما نصت عليه المادة 12 قانون القضاء الإداري السوداني لسنة 2005م. كما من المبادئ الّتي أرساها الفقه القضائي أنّ المحكمة تتولّى رقابة الشّرعیّة وسیادة القانون عن طریق وقف التنفیذ،

والقضاء بعدم صحّة القرارات الإداریّة الّتي بها عیب مخالفة القانون أو إساءة إستعمال السّلطة أو عدم إختصاص الجهة التي أصدرته أو وجود عيب في الشكل. وهو ما ورد ضمن نص المادة 6 قانون القضاء الإداري لسنة 2005م، كأساس قانوني لأسباب الطعن، ورفع الطعن في القرار الإداري.
عليه من ما تقدم من بيان، یتّفق الفقه الإداريّ مع قضائه على أن الأصل في القرار الإداريّ، أنّه صدر عن الوحدة الإداریّة صحیحًاً ومشروعًاً، ویُقصد بهذه القاعدة وجود قرینة قانونیّة عامّة تفترض صحّة القرارات الإداریّة ومشروعیّتها عند صدورها عن أي وحدة من وحدات الجهاز الإداريّ للدّولة؛ لإفتراض صدور القرار تطبیقًاً لما تقضي به قواعد القانون، ویجب على من یرید الطعن في قرارات الوحدة الإداریّة أن یقوم بإثبات إدعائه بعدم مشروعیّته، ومخالفته لقواعد القانون، فقرارات الوحدة الإداریّة تتمتّع بقرینة الصّحّة والمشروعیّة، وتتحصّن عن الحكم بعدم صحّتها من حیث الأصل، ولكنّها قرینة بسیطة تقبل إثبات عكسها بكافّة طرق الإثبات. لذلك إذا كان الأصل هو مشروعیّة القرار الإداري، وأنّ غایته تستهدف تحقیق المصلحة العامّة، أي أنّه یتمتّع بقرینة الصّحّة والمشروعیّة، إلا أن هذه القرینة بسیطة تقبل إثبات العكس بكافّة طرق الإثبات، فإذا ما إتّضح من ملابسات وظروف إصدار القرار عدم توافر المصلحة العامّة فیه، فیكون غایته قد شابها عیب إساءة إستعمال السّلطة، فعندئذ یجب للقول بأنّ القرار الإداريّ إستهدف تحقیق المصلحة العامّة، أن لا تكون هذه المصلحة مجرد قول مرسل، وإنّ ما یجب أن تجد صداها في الواقع، بأن تكشف عنها الإجراءات والظّروف والملابسات السّابقة والمعاصرة للقرار، وأن لا توجد قرائن إخرى.

لذلك من تطبيقات الفقه القضائي العملي فقد سبق لمجلس الدّولة المصري أن أرسى قاعدة مشروعیّة القرار الإداريّ في العدید من أحكامه، وعلّلت المحكمة الإداریّة العلیا بمصر هذا المبدأ بقولها: إنّ القرار الإداريّ یُفترض فیه أن به ضمانات تعین على ذلك، كحسن إختیار الموظفین الّذین یساهمون في إعداده وفي إصداره، وتسلیط الرقابة الرئاسیّة علیهم في ذلك؛ ولأنّ القرار الإداريّ قد یجتاز مراحل تمهیدیّة قبل أن يصبح نهائيأ. أنظر في ذلك: الطعن رقم 1768 لسنة 2ق الصّادر بجلسة 14/12/1958م، القاعدة رقم (318)، الموسوعة الإداریّة الحدیثة، الجزء التاسع عشر 1986م - 1987م، الطبعة الأولى، الدار العربیة للموسوعات، ص511.
عليه وتأسيساً على ما قرره الفقه والقانون والقضاء، وإستناداً لنص المادة 9 قانون القضاء الإداري لسنة 2005م، أنه لا يترتب على رفع الطعن إلى القاضي المختص وقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه، مؤدى تقرير هذا الحكم تشريعاً له في القانون، أساسه إرادة المشرع، إستناداً لمبدأ قرينة مشروعية القرار الإداري. إلا أنه ومن خلال وقائع هذا الطعن الإستئنافي ومبنى القرار الإداري فيه، وما تقرر فيه بشائبة عيب القرار الإداري الصادر من مجلس الدراسات الأساسية والهندسية

برفض الدرجة العلمية للطاعنة(المستأنفة). الثابت مخالفة المجلس لإجراءات منح الدرجة العلمية للطاعنة، لعدم رفع توصية لجنة الإمتحان لمجلس الأساتذة لأنها الجهة المختصة، تأسيساً على إرادة المشرع للنص على إجراءات منح الدرجة العلمية في القانون، ونسترشد في ذلك بما قررته المحكمة الإدارية العليا في جمهورية مصر في أحد أحكامها لقولها: - قرار منح الدرجة العلمية للدكتوراه إنما هو قرار مركب تشارك فى تكوينه عدة جهات رسم القانون لكل منها مجال طريقه وتقريره، وإذا كانت عملية الانتظام فى إعداد الرسالة تبدأ بتسجيل هذه الرسالة، وتعيين الأستاذ المشرف على تحضيرها، فإنه بعد تحضيرها تشارك جهات متعددة فى منح الدرجة العلمية، أولاها الأستاذ المشرف الذى يقرر صلاحية الرسالة للعرض على لجنة الحكم، وثانيها لجنة الحكم التى عينها مجلس الكلية والتى تتولى الجانب العلمى الفنى كاملاً من حيث فحص الرسالة ومناقشتها وتقرير نجاح صاحب الرسالة وتقدير مرتبة النجاح بأى من المراتب التى عينها القانون ولائحته، وثالثتها ورابعتها: قرار مجلس الكلية ثم مجلس الجامعة (مجلس الأساتذة بحسب قانون جامعة الخرطوم). أنظر في ذلك: الطعن رقم 325 لسنة 33 ق جلسة 14/7/1990م،

 ومنشور بالموسوعة الشاملة للقضاء الإدارى للمستشار الدكتور/ محمد ماهر أبو العينين - الكتاب الثانى، طبعة عام 2007م، ص548 وما بعدها). كما وفى هذا الخصوص، أكدت محكمة القضاء الإداري في جمهورية مصر؛ على عدم شرعية تشكيل أي لجان أو جهات للنظر فى البحوث العلمية التى تشكل خارج إطار القواعد القانونية وخارج الأطر العلمية، حيث نصت المحكمة فى حكم لها على الآتي: ومن حيث أن متى كان القضاء الإداري مستقراً إستقراراً ثابتاً خلال عقود عمله المديدة على أن أوراق الامتحانات والإجابات والبحوث وتقويمها الفنى والعلمى وتحديد ما تستحق من درجات وتقديرات كل ذلك أمور تملكها جهات الفحص العلمى دون معقب عليها من جهة القضاء إلا فى إطار مراقبة الإنحراف فى إستعمال السلطة،

 وإذا كان القضاء هو صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات، وهو الخبير الأول والحكم الأخير فى كل ما يثور من جوانب المنازعات الفنية المتخصصة، وإذا كان القضاء قد ألزم نفسه على أن ينأى عن مراجعة إجابات الامتحانات والتقديرات الفنية العلمية للبحوث والدراسات، ورفض فى هذا الصدد طلبات ندب أهل الخبرة الذين يعيدون المراجعة والتقدير تحت إشرافه، وإذا كان ذلك كذلك، فلا شك بالمنطق نفسه أن القضاء يلزم جهات الإدارة بألا تترخص فى إعادة الفحص والمراجعة والتقدير بواسطة أفراد أو لجان أو هيئات لم تنص القواعد القانونية اللائحية على تشكيلها، وبذلك تنتهى المحكمة إلى أن قرار مجلس الكلية بتشكيل اللجنة المذكورة قرار فاقد ركن الشرعية، وتكوين اللجنة باطل وعملها باطل لا يستند إلى ولاية مستمدة من القانون، ولا يستند إلى فقه وقضاء يمكن قيامها. أنظر في ذلك: الطعن رقم 325 لسنة 33 ق- جلسة 14/7/1990م، منشور بالموسوعة الشاملة للقضاء الإدارى للمستشار الدكتور/ محمد ماهر أبو العينين، الكتاب الثانى، طبعة عام 2007م، ص551 وما بعدها.

ترتيباً عليه من كل ما تقدم، قرار رفض منح الدرجة العلمية في الدكتوراة للطاعنة الصادر من مجلس الدراسات الأساسية والهندسية، باطل بطلاناً مطلقاً ومنعدم، لمخالفته الصريحة للدستور وللقانون، لأن مجلس الدراسات الأساسية والهندسية غير مختص بذلك، وبذلك يكون قراره تحكمياً لصدورة من جهة غير مختصة، لغصبة حق دستوري في حق التعليم للطاعنة، ومتجاوزاً لإهداف الجامعة تحقيقاً للصالح العام تعزيزاً للمصلحة العامة للأفراد، وحماية للصالح الخاص، تعزيزاً للمصلحة الشخصية للطاعنة.
(3) إستيفاء الطاعنة طرق التظلم المتاحة:

خلافاً لما قال به قاضي محكمة الإستئناف أن الطاعنة لم تستنفد طرق التظلم المتاحة وفقاً لما نصت عليه المواد 4/(3)، 7/(1) قانون القضاء الإداري 2005م. نختلف معه بأن الطاعنة إستنفدت طرق التظلم المتاحة بإتباع نظام التظلم الإختياري، لأن قانون جامعة الخرطوم ضمن نصوصه، لم ينص صراحة على وجوب التظلم لجهة إصدار القرار أو مدير الجامعه، والذي هو بحكم منصبه رئيس مجلس الأساتذة، وذلك إستناداً لنص المواد 15، 16/(ج)، 24/(أ) قانون جامعة الخرطوم لسنة 1995م. بل القانون ترك ذلك خياراً للمتضرر من القرار، من ما يترتب عليه أن يلجأ المتضرر للجهة الإدارية أو مديرها أو رئيسها الذي هو في المرتبة الإدارية أعلى الهرم الإداري، أو أن يلجأ مباشرة للمحكمة الإدارية المختصة.

كما أن نص المادة 5/(2) قانون القضاء الإداري لسنة 2005م، نص على ميعاد رفع الطعن في الاحوال التي يجيز فيها القانون التظلم إلى الجهة الإدارية المختصة، تاركاً ذلك للقانون الموضوعي، لأن قانون القضاء الإداري لم ينص ضمن أحكام نصوصه على وجوب التظلم، بإلزام إتباع سبيل التظلم الإجباري- وعن التظلم الإختياري والتظلم الإجباري- أنظر في ذلك: دكتور/ عمر محمد الشوبكي، القضاء الإداري(دراسة مقارنة)، ج1، ط1، الأردن(عمان)، مكتبة دار الثقافة للطباعة والتوزيع، 1996م، ص239. أنظر كذلك: دكتور/ عبدالرؤوف هاشم بسيوني، أحكام التظلم الإداري في القانونين المصري والكويتي، دراسة فقهية وقضائية، القاهرة: دار النهضة العربية، 1997م، ص9. فالتظلم من حيث القانون، سبيل وطريق لإنهاء الدعوى الإدارية من دون اللجوء للقضاء، كما أنه يرفع عبْ كاهل ثقيل عن القضاء،

 وإن كان بعض الفقه والرأي في الشريعة الإسلامية ينبذ التظلمات ويواجهه بإنتقادات عظيمة ومتعددة، يوصمه بأنه تحكم غريب عن المشرع، يؤدي إلى ضياع الدعاوى بسبب السهو عن إتباعه، وإنه كإجراء غير متبع ومتعارف عليه في الشريعة الإسلامية، فالأصل أنه لا يصح أن تضيع الحقوق في المجتمع الإسلامي، لأسباب لا تقرها الشريعة، لأن الشريعة الإسلامية لأي مسلم قانوناً طبيعياً، ومخالفة القانون الطبيعي فيه إعتداء على حقوق الإنسان وبوجه عام إعتداء على الحقوق والحريات، ويطالب هذا الفقه والرأي المشرع بالعدول عن إستلزام التظلم الوجوبي، بإعتبارة شكلية غير صحيحة، كما يطالب القضاء بأن يخفف عنه، بأن يتجه للتخفيف منها. أنظر في ذلك: الدكتور/ مصطفى كمال وصفي، أصول إجراءات القضاء الإداري، القسم الثاني 1974م، ص169.

عليه إستهداءاً قضاءاً، نسترشد بحكم محكمة العدل العليا في المملكة الأردنية في حكمها الصادر بالنمرة: عدل عليا إردنية 115/1999م(هيئة خماسية)، صادر بتاريخ 19/9/199م، منشورات مركز عدالة، لأنها من تصديها للتحري عن إرادة المشرع، أرست من حكم لها مبدأ ورد فيه: يستفاد من أحكام قانون الجامعات الأردنية، بأن حق الإعتراض على القرارات الصادرة عن أي مجلس إلى المجلس الذي يعلوه تسلسلاً، هو حق جوازي يمارسه
المعترض إذا رغب بذلك، ولا يمتنع عنه الطعن بقرار مجلس العمداء أمام محكمة العدل العليا. لأن قرار مجلس العمداء هو قرار نهائي، وأما جواز الإعتراض على القرارات الصادرة عن أي مجلس إلى المجلس الذي يعلوه تسلسلاً، فذلك لغاية التظلم الإداري، وحيث أن نصوص القانون لم يوجبا على صاحب المصلحة التقدم بإعتراض على القرار الصادر عن أي مجلس إلى المجلس الذي يعلوه تسلسلاً، فإنه يغدو بذلك الدفع الذي أورده وكيل المطعون ضدهما غير وارد يتعين ردهما. كما أن محكمة العدل العليا بالأردن ضمن حكم لها، أوضحت خصائص التظلم الإختياري والتظلم الإجباري، وذلك ضمن سياق حكمها في الدعوى بالنمرة: عدل عليا إردنية رقم 58/1983م صادر بتاريخ 1/1/1983م، منشورات مركز عداله، لقولها: الشخص المعني بالقرار الإداري يمكنه اللجوء مباشرة وفوراً إلى القضاء طالباً إليها إلغاء القرار محل الطعن، من دون أن يلزم إبتداءاً بالتظلم إلى جهة الإدارة قبل رفع دعوى الطعن، طالما أن القانون لم ينص على ذلك صراحة على وجوب التظلم. كما قررت ذات محكمة العدل في ذات حكمها، كون المدعين لم يطعنوا بالقرارات موضوع الدعوى، فإن ذلك لا يمنعهم من اللجوء إلى المحكمة رأساً للطعن بتلك القرارات، ما دام التظلم أمام مجلس السلطة ليس وجوبياً. بالتالي إستناداً للتمييز ولخصائص التظلم الإختياري عن التظلم الإجباري(الوجوبي)، في حالات التظلم الإختياري، للطاعن أن يلجأ فوراً للمحكمة الإدارية من دون إتباع درجات التظلم الإداري.

من جهة إخري، برأي قاضي محكمة الإستئناف أن قمة الهرم الإداري ليس هو مدير الجامعة، إنما هو وزير التعليم العالي. هذا التقرير من المحكمة تسبيباً للحكم وقرارها تسبيب معيب لا يسنده القانون، لأن لا قانون جامعة الخرطوم 1995م، ولا قانون تنظيم التعليم العالي والبحث العلمي لسنة 1990م، أي منهما لا يقرران ولا ينصان ضمن نصوصهما على ذلك. إنما الثابت تشريعاً وقانوناً، أن لجامعة الخرطوم وفقاً لنص المادة 13/(2، 3، 5)، شخصية إعتبارية وخاتم عام، ولها الحق في التقاضي بإسمها، وأن قانونها الخاص هو الذي يحدد أدوات إنشاؤها وأغراضها وسلطاتها وأجهزتها العلمية والإدارية والمالية والتنفيذية وجميع المسائل المتعلقة بها، بما في ذلك منح الدرجات العلمية، وكل ما تحتاجه الجامعة من وسائل وطرق لتحقيق أهدافها. علاوة على ذلك إستناداً لنص المادة 15 قانون جامعة الخرطوم 1995م، تعيين المدير من راعي الجامعة (رئيس الجمهورية)، ينازعها توصية وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وتوصية وزير المالية والاقتصاد الوطني،

 وتوصية وزير العمل والخدمة العامة وتنمية الموارد البشرية والمجلس الأعلى للأجور. لذلك نصت المادة 16 قانون جامعة الخرطوم 1995م على أن المدير هو المسئول العلمي والمالي والتنفيذي الأول عن آداء الجامعة، ومسئولاً لدى رئيس الجمهورية من طريق وزير التعليم العالي والبحث العلمي عن حسن آداء الجامعة. بالتالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي صلته العلائقية بالجامعة، صلة إشرافية فقط لا تمس جوهر أعمال الجامعة. كما ليس له أية إختصاصات أو سلطات قانون يمارسها على أعمال الجامعة، فيما يتعلق بمنح الدرجات العلمية.

السادة رئيس وأعضاء الدائرة الإدارية الإستئنافية بالمحكمة العليا:
عطفاً لكل ما تقدم من بيان أسباب الإستئناف وأسانيده، نلتمس من عدالة محكمتكم الآتي:

1. إلغاء قرار قاضي محكمة الإستئناف، لمخالفته صواب صحيح القانون، تطبيقاً وتفسيراً وتأويلاً له.
2. الأمر بتصريح عريضة الدعوى.
3. إعمال نص المادة 9 قانون القضاء الإداري 2005م، بوقف تنفيذ قرار مجلس الدراسات الأساسية والهندسية، تأسيساً على الآتي:
(1) نتائج التنفيذ للقرار يتعذر تداركها أو جبرها بالتعويض المالي أو العيني، للآتي:
(أ) الطاعنة من قواريرنا، فقد أوصى عليهن رسولنا الكريم(ص) بفضل الخير، خاصة وقد شاع بأنها تحمل درجة الدكتوراة في العلوم، وسرى ذلك بين مثيلاتها من زملائها بالعمل وأسرتها النووية والممتدة.
(ب) معلوم لمحكمتكم الموقرة الأثر النفسي الذي قد يترتب على إصدار قرار معيب وباطل ومنعدم، وتأثيره على المتضرر من جهة وعلى المتسبب فيه من جهة، مع الوضع في الإعتبار مراعاة حماية أسرار مؤسساتنا العلمية بالقدح في أعمالها، بأن لا تكون في موضع خصومة ومنازعة أمام المحاكم من المنتسبين لها من أجل العلم والمعرفة.
(2) أمركم بإيقاف التنفيذ لا يترتب عليه ضرر لأي طرف.
تقبلوا مع فائق شكري وتقديري.
مقدم الطلب/
د. الطيب عبدالجليل حسين محمود
المحامي إستشاري القانون والموثق
22/11/2015م
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع