القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث ودراسة حول رد القاضي الوجوبي - القانون المدني


بقلم المحامي محمد هاشم المنكوشي

القاضي لغة : القاطِعُ للأمور المُحكِمُ لها 

اصطلاحا : هو الشخص الذي له ولاية القضاء أي له سلطة البت في الطلبات القضائية , وهذه السلطة تمنح له بعد صدور مرسوم بتعينه واداءه اليمين القانونية ويطلق لفظ القاضي على عموم القضاة مع غض النظر عن صنوفهم .

بحث ودراسة حول رد القاضي الوجوبي - القانون المدني


الرد لغة : هو الدفع او المنع 

رد القاضي اصطلاحا : هو منع القاضي عن نظر النزاع المعروض عليه سواء كان المنع وجوبي ام كان جوازي وذلك عند توفر احدى الحالات التي نص عليها المشرع .

الرد الو جوبي : هو لزوم منع القاضي عن نظر النزاع عند توفر احدى الحالات التي نصت عليها المادة (91) مرافعات مدنية حيث لا يكون القاضي صالح لنظر الطلب القضائي , و يحق للخصوم رده فان لم يفعلوا فيجب ان يتنحى من تلقاء نفسه والا كان فصله فيه معدوما لان هذه الحالات تؤثر على حيادية القاضي , مع بقاء الإجراءات المتخذة في الطلب القضائي صحيحة بموجب المادة (92) مرافعات مدنية , والحالات التي تمنع القاضي من نظر الطلب القضائي هي:

أ‌- القرابة او المصاهرة : 

القرابة هي الدنو في النسب وتكون بين الاشخاص الطبيعين الذين يجمعهم اصل مشترك بموجب المادة (38) مدني وهي على نوعيين قرابة مباشرة وقرابة حواشي , و المصاهرة هي الدنو الحاصل بسبب زواج الرجل من المرأة، فإن الأصهار هم أهل بيت المرأة على الأشهر في اللغة . 

فاذا كان القاضي زوجا او صھرا او قریبا لأحد الخصوم الى الدرجة الرابعة فيكون ممنوع من نظر الطلب القضائي استنادا لمنطوق الفقرة (1) من المادة (91) مرافعات مدنية لان القرابة او المصاهرة تؤثر في حيادية القاضي واستقلاله حيث انهما اما ان يكونا مصدر ود متين او بغض كبير , وقد حدد المشرع درجة القرابة او المصاهرة التي تمنع القاضي من نظر الطلب القضائي وهي الدرجات الاولى والثانية والثالثة والرابعة , كما وان اقارب احد الزوجين يعتبرون في نفس القرابة والدرجة بالنسبة للزوج الاخر بموجب الفقرة (3) من المادة (39) مدني ولا عبرة بالقرابة التي تكون ابعد من ذلك , واذا كانت القرابة او المصاهرة بين القاضي واحد الخصوم سببا في منعه من نظر الطلب القضائي فان القرابة او المصاهرة بين القاضي وبين كلا الخصمين تكون ااكد واقوى في منعه من نظر الطلب القضائي .

والذي ينقدح في البال ان سبب المنع هل يبقى قائما بعد انقضاء المصاهرة كما لو انتهت العلاقة الزوجية التي حصلت منها المصاهرة بالتفريق او الطلاق او الوفاة فهنا يوجد قولان اقواهما الاول لان النص جاء عاما ومطلقا ولم يخصص بقيام المصاهرة فعلا ولان المشرع حريص على حماية سمعة القضاء وحيادية القاضي ولان تاثير اقارب الزوجة قد يكون اكبر واكثر بعد الوفاة مما كان قبله .


ب‌- الخصومة: 

وهي رابطة قانونية قائمة في طرفي النزاع الحقيقي , تنشأ بمجرد تقديم الطلب القضائي ودفع الرسم القانوني عنها وبعبارة اوضح ان الخصومة هي نزاع وصل الى القضاء ليفصل فيه , اذا يجب ان تكون هناك دعوى قائمة كاشفة عن الخصومة .
فاذا كان للقاضي او لزوجھ او لأحد أولاده او احد أبويھ خصومة قائمة مع احد الطرفین او مع زوجه او احد أولاده او احد أبويھ فيكون ممنوعا من نظر الطلب القضائي بموجب الفقرة (2) من المادة (91) مرافعات مدنية لان الخصومة تؤثر في حيادية القاضي واستقلاله , ويشترط في الخصومة الشروط الاتية :

1) ان تكون الخصومة قائمة وقت نظر الطلب القضائي , ويفهم من هذا القيد انه اذا كانت هناك خصومة وانقضت فلا يتحقق سبب المنع .

2) ان تكون الخصومة بين القاضي او زوجته او احد اولاده او احد ابويه وبين احد الخصوم او زوجته او احد اولاده او احد ابويه , واما اذا كانت الخصومة بين القاضي وبين اقارب احد الخصوم الدرجة الثانية او الثالثة او الرابعة فلا يتحقق سبب المنع , وكذلك الحال لا يتحقق سبب المنع اذا كانت الخصومة بين القاضي وبين محامي احد الخصوم او كانت بين القاضي وبين احد الشهود او الشخص الثالث .

ت‌- النيابة: 

هي حلول ارادة شخص محل ارادة شخص اخر في تصرف جائز ومعلوم , ومن اوضح صور النيابة هي الوكالة والوصاية والقوامة والتمثيل .

فاذا كان القاضي وكیلا لأحد الخصوم او وصیا علیھ او قیما او وارثا ظاھرا لھ او كانت لھ صلة قرابة او مصاھرة للدرجة الرابعة بوكیل احد الخصوم او الوصي او القیم علیھ او بأحد أعضاء مجلس أدارة الشركة التي ھي طرف في الطلب القضائي او احد مدیریھا فيكون ممنوعا من نظر الطلب القضائي استنادا لمنطوق الفقرة (3) من المادة (91) مرافعات مدنية لان الامور المتقدمة في الاعم الاغلب تفقد القاضي حياديته .

ويشترط في النيابة التي تمنع القاضي من نظر الطلب القضائي ان تكون موجودة وقت نظره واستمرارها لحين البت فيه , واما اذا كانت هذه النيابة موجودة ثم انقضت قبل نظر الطلب القضائي فلا تعد مانعا يمنع القاضي من نظر الطلب .

ث‌- المصلحة: 


وهي كل منفعة او فائدة تتحقق من الطلب القضائي بحيث يتاثر المركز القانوني للقاضي او زوجته او اصولھ او ازواجھم او فروعھ او أزواجھم او لمن یكون ھو وكیلا عنھ او وصیا او قیما علیھ عند الفصل في الطلب القضائي .
فاذا كان للقاضي او لزوجه او لأصولھ او لأزواجھم او لفروعھ او أزواجھم او لمن یكون ھو وكیلا عنھ او وصیا او قیما علیھ مصلحة في الدعوى القائمة فيكون ممنوعا من نظر الطلب القضائي استنادا لمنطوق الفقرة (4) من المادة (91) مرافعات مدنية , , ولا يشترط في الاشخاص المذكورين اعلاه ان يكونوا خصوما في الطلب القضائي بل يكفي ان تكون لهم مصلحة فيه تبرر دخولهم او اختصامهم .

ج‌- وجود صلة سابقة بين القاضي وبين الطلب القضائي : 


وهي كل علاقة او رابطة بين القاضي وبين الطلب القضائي الذي ينظره سواء كانت هذه العلاقة هي الافتاء او الترافع او الخبرة او التحكيم او النظر او اداء الشهادة . 

فاذا كان القاضي قد افتى او ترافع عن احد الخصوم او كان قد سبق لھ نظرھا حاكما او خبیرا او محكما او كان قد أدى شھادة فیھا فيكون ممنوعا من نظر الطلب القضائي بموجب الفقرة (5) من المادة (91) مرافعات مدنية لانه يشترط في القاضي ان يكون خالي الذهن عن موضوع الطلب القضائي لكي يستطيع ان يزن حجج الخصوم وزنا مجردا , وان الامور المتقدمة تتعارض تعارضا محكما مع هذا الشرط فحتى لا يتشبث القاضي برأيه السابق مخالفاً للعدالة فيمنع من نظر هذا الطلب .

ويشترط لتحقق هذه الحالة شروط هي :

1) ان يكون القاضي قد ابدى رأياً سواء من حيث الوقائع او من حيث القانون باحدى الصور التي نص عليها القانون والتي اوردها على سبيل الحصر وهي ( الافتاء او الترافع او الخبرة او التحكيم او النظر بصفة قاضي او اداء الشهادة )

2) ان يكون القاضي قد ابدى رأيا في ذات الطلب القضائي , واما ابدأ رايه او التعبير عنه في مقال او مؤلف في موضوع يشبه موضوع الطلب القضائي فلا يعد مانعا من نظره . 

وهناك من ذهب الى (( ان نظر الطعن الاعتراضي من قبل ذات القاضي الذي اصدر الحكم الغيابي , يلزم منه الوقوع في محذور سبق نظر الدعوى بصفته قاضيا الذي نصت عليه الفقرة (5) من المادة (91) مرافعات , وبالتالي بطلان الحكم الذي سيصدره في الطعن الاعتراضي بموجب منطوق المادة (92) مرافعات . 

ودعوى ان المراد من سبق النظر بصفة قاضي هو ان يفصل في الدعوى البدائية ثم يصبح عضوا في محكمة الاستئناف فيمتنع عليه نظرها , فان هذه الدعوى عقيمة وذلك لان النص جاء مطلقا والمطلق يجري على أطلاقة , بالإضافة الى ان الحكمة من تشريع هذا النص موجودة في الحالتين ( الطعن الاعتراضي والطعن الاستئنافي ) بل ان هذا النص ينطبق على الطعن الاعتراضي اكثر من انطباقه على الطعن الاستئنافي , لانه في الاولى ينفرد بالحكم وفي الثانية يشاركه قاضيان فلا ينفرد في الحكم , علما ان هذا الأشكال سيال في كل طعن ينظر من ذات المحكمة التي أصدرت الحكم كإعادة المحاكمة و تصحيح القرار التمييزي )) .

الا ان هذا المذهب غير صحيح وذلك لاننا ندور مدار النص القانوني في تعيين موارد الاباحة والحظر , فكما ان المشرع منع القاضي من نظر الطلب القضائي في موارد معينة فانه اباح له ذلك في مواطن اخرى هذا من جهة ومن جهة اخرى ان طرق الطعن التي تنظر من ذات القاضي وهي ( الاعتراض على الحكم الغيابي واعادة المحاكمة وتصحيح القرار التمييزي ) فان رأي القاضي لم يكن مكتملا فيها حيث انه في الاعتراض على الحكم الغيابي سمع القاضي الى اقوال وادلة طرف واحد دون الطرف الثاني , وفي اعادة المحاكمة فان هذا الطعن قائم على اساس وجود وقائع جديدة لم يكن يعلم بها القاضي فكان رأيه قاصرا في الدعوى من هذه الجهة وفي تصحيح القرار التمييزي يكون الطعن محدد باسباب نصت عليها المادة (219/أ ) لتلافي الاخطاء القانونية التي تحصل في القرار التمييزي .

معياد الرد :


لم يحدد المشرع زمانا معينا لرد القاضي ولكنه اشترط ان يقدم طلب الرد قبل الدخول في اساس الطلب القضائي والا سقط الحق فيه , وهذا يعني ان طلب الرد مشروط بعدم الدخول في اساس الطلب وقبل تقديم اي دفع , فاذا انتفى هذا الشرط سقط حق الخصم في رد القاضي ويستثنى من هذا الشرط امرين هما :

  • أ‌. اذا اثبت طالب الرد انه لم يكن يعلم بسبب الرد الا بعد الدخول في اساس الطلب .
  • ب‌. اذا كان سبب الرد قد تحقق بعد نظر الطلب والدخول في اساسه 
ففي هاتين الحالتين يجوز فيهما قبول طلب الرد وان تم الدخول في اساس الطلب استثناءا من الشرط المتقدم استنادا لمنطوق المادة (95) مرافعات مدنية .

إجراءات الرد:


حتى يؤتي الرد اثره لابد من سلوك الطريق الذي رسمه المشرع , اذ لا يكفي تثبيت طلب الرد في محضر الجلسة من دون سلوك الطريق الذي بينه المشرع وهذا الطريق هو :

أ‌- كتابة طلب الرد بعريضة مشتملة على اسباب الرد ومعززة بأدلة أثبات الرد وموقعه من الخصم او وكيله المفوض بالرد.

ب‌- تقديم طلب الرد الى القاضي او رئيس الهياة .

ت‌- يتوقف القاضي او الهياة عن نظر الطلب حتى يبت في طلب الرد من قبل محكمة التمييز حيث ان القاضي مخير بين تاجيل الطلب القضائي لعدة مرات حسب العرف القضائي وبين جعل الدعوى مستأخره لحين حسم موضوع الرد والاصوب هو الثاني.

ث‌- يجب على القاضي المطلوب رده الاجابة على طلب الرد خلال ثلاثة ايام من تاريخ تقديم الطلب اليه , ثم يقوم القاضي بأرسال الاجابة مع طلب الرد الى محكمة التمييز لغرض البت فيه بصورة مستعجلة استنادا لمنطوق الفقرة 
3 من المادة 96 مرافعات مدنية .

ج‌- تقوم محكمة التمييز بتدقيق طلب الرد وادلة اثباته واجابة القاضي على طلب الرد ثم تقوم بإصدار احد القرارين الاتين وهما :
قبول طلب الرد ورد القاضي وتعين بديلا عنه .

رد طلب الرد وتغريم طالب الرد مبلغ لا يقل عن الف دينار ولا يزيد على خمسة الاف دينار .

ح‌- بعد ورود قرار محكمة التمييز الى محكمة الموضوع فان كان قرارها قبول طلب الرد وجب احالة الطلب القضائي الى القاضي الذي عينته محكمة التمييز , وان كان قرارها رد الطلب فيستأنف القاضي في نظر الطلب القضائي مع استحصال مبلغ الغرامة من طالب الرد .

خ‌- اذا قدم المردود طلبه طلبا أخر لرد القاضي نفسه في ذات الطلب القضائي فيستمر القاضي في نظر الطلب ويرسل طلب الرد مع إجابته الى محكمة التمييز استنادا لمنطوق الفقرة (5) من المادة (96) مرافعات وان الغاية من استمرار القاضي في نظر الطلب القضائي هو تفويت الفرصة على المتحالين على القضاء في تعطيل تحصيل حقوق الاخرين .

د‌- تقوم محكمة التمييز ايضا بتدقيق طلب الرد واجابة القاضي ثم تقوم باصدار احد القرارين المذكورين في الفقرة (ج)مع تغريم طالب الرد ما لا يقل عن ضعف الغرامة السابقة ان كان قرارها هو الثاني .



هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع