القائمة الرئيسية

الصفحات

اهمية الحماية الدولية اثناء النزاعات المسلحة.

اهمية الحماية الدولية اثناء النزاعات المسلحة.

اهمية الحماية الدولية اثناء النزاعات المسلحة.
اهمية الحماية الدولية اثناء النزاعات المسلحة.

 الدكتور خليل الاعسم, عميد جامعة المثنى سابقا.

من المعروف أن محور اهتمام القانون الدولي هو تنظيم وضبط العلاقات بين الدول, الا انه منذ فترة وجيزة بدأ يظهر اهتماما متزايدا بالفرد تجلى في وضع العديد من القواعد القانونية للحماية باعتباره انسانا, وقد امتدت شمولية هذه القواعد لتشمل بالإضافة إلى حالة السلم حالة النزاع المسلح, باعتبار ان حماية شخص الانسان وكيانه الروحي والجسدي هي من اهم المصالح الجديرة بالحماية القانونية اثناء النزاعات المسلحة, وكون ضحايا الحرب لا يمكن حقا فرديا للسلام بحسب القانون الدولي, فهذا لا يعني ان ضحايا الحرب محرومون من الحقوق وحقهم الاساس هو الحق بالحماية.


ولو عدنا إلى اتفاقيات القرن التاسع عشر لوجدنا ان واضعيها قد اعتقدوا بأن للأفراد حقوقا لا يجوز انتهاكها في اوقات النزاعات المسلحة, منها مبدأ (الانسانية), الذي كان واحد من المحاور الرئيسة التي قام عليها قانون الحرب بمفهومه التقليدي, الا انه من الملاحظ كثيرا ما كانت تجري التضحية بهذا المبدأ نزولا عند الاعتبارات التي يقضي بها مبدأ (الضرورة العسكرية), في اطار القواعد المتعلقة بسير العمليات الحربية. فالقانون الدولي التقليدي للحرب, قد اهتم بحقوق الدول المتحاربة وواجباتها اكثر من اهتمامه بمصير الضحايا, وقد كانت الاثار المدمرة التي عانت منها الانسانية من جراء الحرب العالمية الثانية التي لحقت بالمدنيين والممتلكات والعسكريين الذي ليس لهم دور في العمليات العسكرية إلى عقد اربع اتفاقيات دولية بشأن حماية ضحايا الحرب اطلق عليها (اتفاقيات جنيف لعام 1949م).

وبذلك بدأ الاتجاه إلى التحول من قانون الحرب إلى قانون النزاع المسلح, بعدما اثبتت التجارب قصور نظرية الحرب عن كفالة الحد المعقول من الحماية لضحايا النزاعات المسلحة, اذ ادى التطور الكبير في المفاهيم والنظريات آنذاك إلى ظهور نظرية (النزاع المسلح), لتحل محل نظرية الحرب, وبدأ الفقه الدولي يهتم بتلك النظرية الجديدة وبضرورة مراعاة الاعتبارات الانسانية اثناء النزاعات المسلحة.

وقد اصبح الاتجاه الشائع في الوقت الحاضر هو استخدام مصطلح النزاع المسلح على العمليات العسكرية بدلا من الحرب واخذ يتردد في كتابات فقهاء القانون الدولي المعاصرين والمعاهدات الدولية ذات العلاقة, وفي احكام المحاكم الدولية وفي الوثائق الدولية المعاصرة, وقد استقر الفقه على ضرورة تجاوز اصطلاح قانون الحرب واستبداله بقانون النزاعات المسلحة, والذي عد فرعا رئيسا في فروع القانون الدولي العام, أذ يتألف من مجموعة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تحدد قيود استخدام القوة العسكرية في النزاعات المسلحة بهدف: 

1- تأمين الحماية للمدنيين وبعض فئات الاشخاص والاعيان.
2- تأمين الحماية للأشخاص الذي لم يعودوا قادرين على المشاركة في الاعمال العدائية.
33- تخفيف المعاناة الانسانية عن ضحايا القتال والاضرار والخسائر التي تسببها الحروب إلى اقل قدر ممكن. 
فقد جاءت اتفاقيات جنيف لعام 1949م, والبروتوكولات الملحقان لعام 19777م, لتكلل الجهود المبذولة في مضمار حماية الفرد انسانيا اثناء النزاع المسلح, وذلك عن طريق كفالة اكبر قدر مستطاع من الحماية للضحايا, وفي زمن النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية, كما اقرت مجموعة من القواعد التي تكفل قدرا من الحماية الدولية لضحايا النزاعات المسلحة, ورتبت التزامات على عاتق الدول يتوجب مراعاتها في جميع الاحوال, واقرت حقوقا للأشخاص المحميين في اتفاقيات جنيف, وذلك بعدم جواز التخلي عنها جزئيا أو كليا وتحت أي ظرف من الظروف وذلك بموجب المادة (7), من اتفاقيات جنيف الاولى والثانية, والمادة (8), من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م.

هذا ومن الجدير بالذكر ان القواعد الواردة في اتفاقيات جنيف ملزمة لكافة الدول الاعضاء في الجماعة الدولية, ولا يجوز لأية دولة عضو في الجماعة الدولية ان تتفاوض على أية موضوعات تتعارض مع القواعد الآمرة وهو الامر الذي نصت عليه المادة (53), من اتفاقية (فينا), على ان: (المعاهدات المتعارضة مع قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي العام تعتبر باطلة بطلانا مطلقا اذا كانت وقت ابرامها تتعارض مع القاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي).

ومما تقدم لابد من القول بأن التطورات التي شهدها قانون الحرب قد حققت تأمينا لحماية دولية مباشرة للضحايا اذ ألفت اتفاقيات جنيف على عاتق الدول الاطراف فيها واجب الحماية, واصبحت تلك الدول ملتزمة اتجاه المجتمع الدولي بالحماية الدولية لضحايا النزاعات المسلحة في الظروف جميعها, وبذلك تكمن اهمية تلك الحماية الدولية للضحايا باعتبارهم اشخاص يتأثرون أو من المحتمل ان يتأثروا من آثار تلك النزاعات المسلحة, اذ العامل المشترك لهؤلاء الضحايا هو حال الضعف التي هم فيها وعدم القدرة او الرغبة في القيام بأي فعل معاد اتجاه العدو, وهذا العامل يبرر توفير الحماية وتقديم المساعدة لهم في فترة النزاعات المسلحة, وان تلك الحماية مرهونة بظروف النزاع.


ولا شك ان هذا الامر يدعونا الى بيان من هم اولئك الضحايا او الاشخاص المشمولون بالحماية الدولية اثناء النزعات المسلحة؟
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع