القائمة الرئيسية

الصفحات

ولاية المحكمة الشرعية العامة على المسلمين وغير المسلمين في سوريا

ولاية المحكمة الشرعية العامة على المسلمين وغير المسلمين في سوريا

خلفيّة هامة:

كانت المحكمة الشرعية في ظل القانون السابق تتمتع بولاية النظر لجميع السوريين من مسلمين وغير مسلمين على اختلاف مللهم ونحلهم في المسائل التالية:

تختص المحكمة الشرعية بالحكم نهائياً في قضايا:

  • أ- الولاية والوصايا والنيابة الشرعية.
  • ب- إثبات الوفاة وتعيين الحصص الشرعية للورثة.
  • ج- الحجر وفكه وإثبات الرشد.
  • د- المفقود.
  • ه- النسب.
  • و- نفقة الأقارب من غير الزوجين والأولاد (المادة 535 من القانون السابق)

بدأت هذه الولاية تُنتقص بصدور قوانين أحوال شخصية جديدة للطوائف المختلفة الأرثوذكسية والكاثوليكية، حيث صدرت القوانين التالية:

  • قانون الأحوال الشخصية للسريان الأرثوذكس رقم 10 تاريخ 6/ 4/ 2004 
  • قانون الأحوال الشخصية للروم الأرثوذكس رقم 23 تاريخ 27/ 6/ 2004 
  • قانون الأحوال الشخصية للطوائف الكاثوليكية رقم 31 تاريخ 18/ 6/ 2006
والطوائفِ الكاثوليكية المعنية بالقانون الأخير حسب المادة الأولى منه هي: 

((طائفة الروم الملكيين الكاثوليك، الطائفةِ المارونية، الطائفةِ الأرمنية الكاثوليكية، الطائفةِ السريانية الكاثوليكية، الطائفةِ اللاتينية، الطائفةِ الكلدانية)) 

ولما كان قانونيّ الأحوال الشخصية لطائفتيّ الروم والسريان الأرثوذكس المذكورين آنفاً لا يتضمنان أحكاماً خاصة بالإرث والوصية لأبناء هاتين الطائفتين، صدر قانوناً خاصاً للإرث والوصية خاص بهاتين الطائفتين يحمل الرقم 7 تاريخ 11/ 1/ 2011.

نَزَعَتْ هذه القوانين ولاية المحكمة الشرعية بالنظر في مسائل الإرث والوصية وغيرها الخاصة بتلك الطوائف، ومنحتها للمحاكم الروحية.

وقد تضمنت هذه القوانين أوضاعاً قانونية تتجاوز مسائل الإرث والوصية، أثارت شيء من الالتباس لمخالفتها بعض المبادئ والأوضاع القانونية المستقرة.

فعلى سبيل المثال من بين المسائل التي أثارت إشكالية موضوع التبني المنصوص عليه في المادة 73 من قانون طائفة السريان الأرثوذكس التي تقول:

((إذا أراد رجل أن يتبنّى ولداً سواء أكان من أقاربه أم لا، يجب أن يكون ثماني عشرة سنة أكبر من المتبنى على الأقل، وبموافقته أو موافقة أوليائه إذا كان تحت ولاية أو وصاية، ثم يرفع المتبني استدعاء إلى الرئاسة الكنسية فيه يبيّن سبب التبني، ثم تصدر المحكمة الكنسية حكماً بذلك))

والمادة 66 من قانون الطوائف الكاثوليكية، التي تعرِّف التبني بأنه:
((عقد قضائي احتفالي ينشئ بين شخصين روابطَ مدنية لأبوة وبنوّة شرعيّتين))

ومن المعروف أن أحكام التبني تخالف قانون الأحوال المدنية رقم 26 لعام 2007 الذي يعرف الواقعة في المادة الأولى منه بأنها:
((الواقعة: كل حادثة أحوال مدنية من ولادة أو وفاة أو زواج أو طلاق وما يتفرع عنها))

ومن استقراء هذا التعريف نجد أن التبني ليس من بين الواقعات التي يعترف بها القانون.

إضافة لذلك هناك نصوصاً تثير إشكالاً دستورياً كنص المادة 109 من قانون طائفة الروم الأرثوذكس الذي يقول: 

((جميع الأحكام الصادرة عن المحاكم الروحية الأرثوذكسية تصدر باسم الكنيسة الأرثوذكسية الانطاكية المقدسة))

ومن المعلوم أن الدستور في المادة 138 منه، يوجب أن تصدر الأحكام باسم الشعب العربي في سورية، وقد استقر الاجتهاد والرأي الفقهي أن عدم التقيد بهذه القاعدة يؤدي لانعدام الحكم!

كما وردت في قانون الطوائف الكاثوليكية أحكاماً تقصر من صلاحيات محكمة النقض بشكل مخالف لقانون السلطة القضائية إذ نصت المادة 282 منه على:

تقتصر صلاحية محكمة النقض وحدود مراقبتها للأحكام الصادرة عن المحاكم الكنسية وفق مقتضى هذا القانون على ما يلي:
  • 1- عدم اختصاص المحكمة الكنسية للنظر في الدعوى.
  • 2- صحة تشكيل المحكمة الكنسية.
  • 3- الإجراءات الشكلية للمحاكمة.
  • 4- ونظراً لأن المحاكم الكنسية تطبق تشريعاتها الدينية الخاصّة ولطبيعة تشكيلها الخاصّ لا يجوز بأي حال من الأحوال تطبيق أحكام المادّة 250 أصول محاكمات على أحكامها بحيث تصبح محكمة النقض محكمة موضوع

كما وردت أيضاً في قانون الطوائف الكاثوليكية أحكاماً تنال من استقلال المحاماة ومن قانون مزاولة مهنة المحاماة، حيث سمحت للمحكمة بمعاقبة المحامي الذي يترافع أمامها بالغرامة ومنعه من المرافعة!!، فقالت المادّة 362 - البند 1 منه: 

((يُحرّم على كلٍّ من الوكيل والمحامي شراء الدعوى أو التعاقدُ على مكافأةٍ فاحشةٍ أو على المطالبة بنصيب من الشيء المتنازع فيه. وإذا فعلا ذلك، يكون التعاقدُ باطلاً، ويمكنُ القاضي أن يعاقبهما بغرامة مالية، ويمكن فضلاً عن ذلك، أن يوقف المحامي عن المحاماة، بل يمكنُ السلطةَ التي تخضعُ لها المحكمةُ مباشرةً أن تعزله، إذا عاود الفعل، وأن تشطبَ اسمه في جدول المحامين))

ومن البديهي أننا كمحامين لا نقبل مثل هذه الأحكام التي تفتئت على التنظيم النقابي الذي ننتسب له ونراها مخالفة للقانون.
وغير ذلك الكثير من المسائل المثيرة للّغط القانوني وردت بهذه القوانين، الأمر الذي استدعى المشرع لإصدار قانوناً فريداً من نوعه مؤلف من مادتين فقط، يحمل الرقم 76 تاريخ 26/ 9/ 2010، كان واضحاً في المادة الأولى منه التي عدّلت المادة 308 من قانون الأحوال الشخصية العام، فأضاف صراحة وجوب تطبيق أحكام الإرث والوصية الموجودة لدى الطوائف المسيحية واليهودية، 
وكان مبهماً تماماً في المادة الثانية منه التي نصت على: إلغاء كل النصوص المخالفة في قوانين طائفة الروم الكاثوليك رقم 31، وقانون طائفة الروم الأرثوذكس رقم 24 وقانون طائفة السريان الأرثوذكس رقم 10.

تمَّ هذا الإلغاء المقتضب بدون أن تحديد النصوص والمبادئ المخالفة التي قصدها، مما يفتح المجال واسعاً أمام المحاكم عند تنازع الاختصاص للاجتهاد والتأويل، 

ولعل المشرع لم يشأ التدخل مباشرة بإلغاء نصوص معينة في تلك القوانين احتراماً لإرادة المجامع الدينية المقدسة الجليلة التي وضعت وأقرت هذه القوانين.

ولكن قانون أصول المحاكمات الجديد أعاد هذا الوضع القانوني الملتبس والغامض مجدداً حينما استثنى في (المادة 486/ ب/ 1) منه (الحالات المنصوص عليها في تلك القوانين) من اختصاصات المحكمة الشرعية، بدون أن يحدد ما هي هذه الحالات بدقة وتفصيل كما فعل في النص الذي سبقه بالفقرة /آ/ مما سيفتح الباب واسعاً أمام تنازع في الاختصاص سيأخذ وقتاً طويلاً قبل أن ينتهي.

وأصبحت المادة التي تحدد الاختصاص الشامل للمحكمة الشرعية تحمل الرقم 486 مؤلفة من فقرتين، نُقلت الفقرة الأولى منها /آ/ كما هي من المادة 535 من القانون القديم، بينما استحدثت الفقرة الثانية /ب/ بالكامل في القانون الجديد وأصبحت المادة /486/ من القانون الجديد تقول:

((/أ/ تختص المحكمة الشرعية بالحكم بالدرجة الأخيرة في قضايا: 

  • 1 - الولاية والوصاية والنيابة الشرعية.
  • 2 - اثبات الوفاة وتعيين الحصص الشرعية للورثة.
  • 3 - الحجر وفكه واثبات الرشد.
  • 4 - المفقود.
  • 5 - النسب .
  • 6 - نفقة الاقارب من غير الزوجين والأولاد.
/ب/ يستثنى من اختصاص هذه المحكمة:

  • 1 - الحالات المنصوص عليها في قوانين الاحوال الشخصية للطوائف الروحية للروم الارثوذكس وللسريان الارثوذكس وللكاثوليك الصادرة بالأرقام /10/ تاريخ /10/9/2003/ و /23/ تاريخ /16/10/2003/ و/31/ تاريخ /18/6/2006/.
  • 2 - حالات الارث والوصية لطائفتي الروم الارثوذكس والسريان الارثوذكس المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم /7/ تاريخ /11/1/2011/.
  • 3 - الحالات المنصوص عليها في المادتين /307/ و/308/ من قانون الاحوال الشخصية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /59/ تاريخ /7/9/1953/ وتعديلاته))

ملاحظة:
الخطأ بذكر السنة التي صدر بها هذا القانون أو ذاك الوارد في نص المادة 486، من المصدر الذي استقينا منه نسخة القانون وهو موقع مجلس الشعب، وليس من قبلنا!!!!
بقلم المحامي عارف الشعال / سوريا
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع