القائمة الرئيسية

الصفحات

الأحكام الجديدة في دعوى مخاصمة القضاة قانون اصول المحاكمات السوري

الأحكام الجديدة في دعوى مخاصمة القضاة قانون اصول المحاكمات السوري

في مخاصمة القضاة:

إعادة هيكلة واسعة قام بها القانون الجديد لرؤية دعوى مخاصمة القضاة بالرغم من قيامه بهيكلة سابقة لها بموجب التعديل الذي جرى بالقانون رقم 1 للعام 2010 لقانون أصول المحاكمات السابق.
فهو أبقى على حالات قبول هذه الدعوى الشديدة بحق القاضي عند ارتكابه غش أو تدليس أو غدر أو خطأ مهني جسيم، أو إذا امتنع عن الاجابة عن استدعاء أو عن الفصل في قضية جاهزة للحكم، (المادة 466)

كما أبقى على ذات طبقات المحاكم التي تنظر هذه الدعوى حسب درجة القاضي المراد مخاصمته. (المادة 470)
وأبقى على طبيعة الدعوى التعويضية. (المادة 467)

ولكنه أدرج بين أحكامه ما استقر عليه الاجتهاد المتراكم الناظم لهذه الدعوى فنص على أحكام جديدة تتمثل بالآتي:

الأحكام الجديدة في دعوى مخاصمة القضاة:


 الأحكام المستعجلة والتنفيذية:

لا تقبل الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة المخاصمة، أما القرارات الاستئنافية الصادرة في القضايا التنفيذية فإنها تقبل المخاصمة. (المادة 470/ د)

وذلك لأن قرارات قاضي العجلة لا تتمتع بأية حجية ويمكن النيل منه بقضاء الخصومة، لذلك أغلق بوجهها باب المخاصمة، وقد استقر الاجتهاد على:

((إذا كان الحكم محل المخاصمة صادراً عن هيئة المحكمة المشكو منها بصفتها مرجعاً للنظر في القضايا المستعجلة، فهذا يعني أن من حق أطرافه اللجوء إلى محكمة الأساس للفصل في المنازعات، بحسبان أن الحكم المستعجل لا يرتب أية حجة.
وإن اجتهاد هذه المحكمة مستقر على عدم جواز سماع دعوى المخاصمة، إذا كان للحكم المشكو منه طريق آخر لإبطاله أو تعديله أو تأييده)) (مخاصمة – ق 240 – تا 25/ 4/ 1995 – مجموعة الدركزلي في المخاصمة – قا 519)

هذا ويقاس على القرارات المستعجلة أيضاً تلك الصادرة بغرفة المذاكرة التي لا تتمتع بأية حجية، كالقرارات الصادرة بمعرض الطعن بقرار أمين السجل العقاري، وقد استقر الاجتهاد على عدم جواز مخاصمتها، وكان يجدر بالمشرع النص على ذلك، أو صياغة النص بشكل آخر يلحظ عدم جواز مخاصمة أي هيئة تصدر قرار قضائية ليس له حجية.

كما أغفل القانون الجديد النص على عدم جواز مخاصمة الحكم المعدوم، وهو ما استقر عليه الاجتهاد القضائي أيضاً، كونه يقبل التجريح بدعوى مبتدئة أو بطريق الدفع كما هو معلوم، ونعزو سبب ذلك أن القانون الجديد تجنب التطرق لدعوى انعدام الأحكام القضائية نهائياً، لا من قريب ولا من بعيد.

أما بالنسبة لقرارات محكمة الاستئناف في القضايا التنفيذية، وحيث أن لها حجية الشيء المحكوم به، فقد فتح لها باب المخاصمة.

- الشروط الشكلية لدعوى المخاصمة:

يجب تقديمها من قبل محام استاذ مضى على تسجيله في جدول المحامين الاساتذة مدة لا تقل عن عشر سنوات مع مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها في المادة 105 من القانون، (المادة 471/ آ)

ويجب أن يذكر في الاستدعاء عناوين الخصوم، ورقم وتاريخ القرار المخاصم. (المادة 471/ ب)

وأي مخالفة لهذه الشروط يستتبع ردّ الدعوى شكلاً،

- تفويضات الوكالة الخاصة بدعوى المخاصمة:


يجب أن تتضمن وكالة المحامي الوكيل الذي سجل الدعوى، تفويضاً بـ :
"مخاصمة القضاة". (المادة 471/ آ)
ولكن القانون لم ينص على وجوب ذكر أسماء القضاة المخاصمين، ورقم القرار المخاصم وتاريخه بمتن الوكالة كما استقر عليه الاجتهاد القضائي، حيث نصَّ على:

((تقدم الدعوى باستدعاء من قبل محام استاذ ...... بالاستناد إلى سند توكيل يتضمن تفويضه بمخاصمة القضاة))
وكان النص السابق سواء قانون الأصول القديم الصادر بالمرسوم التشريعي 84/ 1953، أو تعديله بالقانون 1/ 2010، يشترط لتقديم دعوى المخاصمة وجود سند توكيل "خاص" فقط.

ومن المعلوم أن الاجتهاد القضائي المتصلب الذي كان سارياً في ظل القانون السابق ومستقراً منذ منتصف التسعينات، يوجب ذكر أسماء القضاة المطلوب مخاصمتهم، ورقم وتاريخ القرار المخاصم في متن الوكالة التي ترفع دعوى المخاصمة بموجبها، تحت طائلة ردّ دعوى المخاصمة شكلاً.

فهل اتجه القانون الجديد بهذا النص الجديد للتخفيف من حدة هذا التصلب غير المبرر، والإعفاء من ذكر أسماء القضاة المطلوب مخاصمتهم ورقم القرار المخاصم بمتن الوكالة؟؟

في الواقع نرى أن المشرع حينما قام بهذا الاستبدال أراد ذلك، وهذا واضح من السياق العام للنصوص الجديدة التي أتى بها القانون، 
فضلاً عن أنه لا يمكن تفسير الغاية التي جنح لها الاجتهاد القديم من وجوب ذكر أسماء القضاة المطلوب مخاصمتهم إضافة لرقم وتاريخ القرار المخاصم بمتن الوكالة، سوى التثبت من أن الوكيل لا يتجاوز حدود وسعة وكالته، وأن الأصيل فوضه برفع هذه الدعوى بالذات، ويعي التبعات التي قد تنجم عنها بحقه من تضمينات وتعويضات، لا أن يترك الأمر خاضعاً لتقدير الوكيل نفسه (محام في الغالب) إن شاء رفعها من باب الفضالة!!

وكان يؤخذ على الاجتهاد السابق المغالاة بتفسير النص الذي أوجب تقديم الدعوى بالاستناد لتوكيل (خاص)، بأنه لا يكفي به التوكيل بالخصومة المنصوص عليه في المادة 499 من قانون الأصول السابق لأنه يقتصر على درجة التقاضي التي فوض الأصيل وكيله حق مباشرة الخصومة عنه بها، معتبراً أن مخاصمة هؤلاء القضاة بالذات بشأن القرار الصادر عنهم، درجة تقاضي مستقلة يجب أن يرد عليها نص صريح بمتن الوكالة، إذ أن الاجتهاد يعتبر هذه الدعوى ذات طبيعة خاصة فيقول:

((إن دعوى المخاصمة ذات طبيعة وإجراءات خاصة، وتعرض على المحكمة على وضع يخالف الأوضاع العادية في نظر الدعوى والفصل فيها من حيث تكوينها ومرتبتها إذ أحاطها القانون بضمانات تتصل بحماية القضاة من عبث الخصوم)) (هيئة عامة – ق 167 – تا 14/ 10/ 1996 – مجموعة الدركزلي في المخاصمة – قا 476 إضافة لعشرات القرارات المماثلة)

أما في ظلّ القانون الجديد الذي عدَّل سعة الوكالة بالخصومة، بجعلها أكثر رحابة لتشمل درجات التقاضي جميعها، واتباع طرق الطعن كافة العادية وغير العادية حتى لو لم يرد ذلك بمتن الوكالة، مع وجوب مراعاة ما يطلبه القانون من تفويض خاص، (المادة 479 جديد) .

وبما أن القانون الجديد استغنى عن طلبه السابق (توكيل خاص) وأصبح يطلب تفويضاً بـ (مخاصمة القضاة) بمتن الوكالة لقبول هذه الدعوى شكلاً حسب نص الفقرة /آ/ من المادة 471، 

مما يعدُّ مؤشراً قاطعا على عدم الحاجة لذكر أسماء القضاة المختصمين ورقم وتاريخ القرار المختصم بمتن الوكالة، مع وجوب ذكر عبارة (مخاصمة القضاة) بمتن التفويضات المعتادة المنصوص عنها بالوكالة.

إضافة لذلك، فلو أراد المشرع تكريس الاجتهاد القاضي بوجوب ذكر أسماء القضاة المختصمين ورقم وتاريخ القرار المخاصم بمتن الوكالة لنص على ذلك صراحة كما فعل في المادة 471، حينما حتّم ذكرهم باستدعاء الدعوى تحت طائلة الرد شكلاً.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع