القائمة الرئيسية

الصفحات

تأملات قانونية في طرق تدقيق ومراجعة وتنقيح العقود

تأملات قانونية في طرق تدقيق ومراجعة وتنقيح العقود

بسم الله الرحمن الرحيم
تأملات قانونية في طرق تدقيق ومراجعة وتنقيح العقود

لا شك أن تدقيق ومراجعة وتنقيح العقود ضرورة ملحة لكل متعاقد حث عليها الشرع الحنيف في قول الله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ " {سورة البقرة}. وقال تعالى} يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود { سورة المائدة صدق الله العظيم.


وأهمية هذا الموضوع تتضح كضرورة ملحة لارتباطه الوثيق بالحقوق والالتزامات والعقود التي تصاغ يوميا في الحياة العملية ، وارتباطه بالنزاعات والدعاوي القضائية التي ترفع في المحاكم والأضرار والخسائر الجمة التي كان بالإمكان تفاديها أو تقليلها للحد الأدنى لو أن هذه العقود تم صياغتها كما يجب وتم تدقيقها ومراجعتها على الوجه الصحيح..


ومن خلال التجربة العملية التي مررت بها فإن تدقيق العقود ومراجعتها وكشف ما بها من خلل برأي يمكن أن يكون مهمة أكثر صعوبة من صياغة عقد من بدايته وتكمن هذه الصعوبة لأن في العقد الجاهز فأنت تتعامل مع عقد يقيدك من البداية أو يبدو أنه يقيدك لو لم تكن لديك المهارة المطلوبة في تدقيقه ومراجعته ومن الوهلة الأولى أنت تتحرك في قالب هذا العقد ويكون هذا أول تحدي لتدقيقه وإعادة صياغته والأمر يحتاج مهارة ومقدرة خاصة للخروج من هذا القالب وتدقيقه ومراجعته وإعادة صياغته وإخراجه كعقد صحيح سليم شرعا وقانونا.


لا شك أن أول خطوة في تدقيق العقود ومراجعتها بشكل صحيح التأكد من توافر القواعد العامة الأساسية للعقود من أركان العقد ( المحل والسبب والرضا ) وهل هي موجودة في العقد كما يجب أن تكون ووفقا لقواعد الشرع وأحكام النظام ، وهل تصنيف العقد صحيح من الناحية القانونية والشرعية وتكييفه القانوني سليم وهل يتوافق مع الأنظمة والقوانين السارية .


ثم نتأكد أيضا من شروط صحة العقد لتفادي بطلانه ، ثم نأتي في مرحلة النظر في الجوانب العملية والشكلية في العقد كما سبق وأن فصلتها في كتابي الوجيز في صياغة العقود. إن صياغة العقود بلغة معاصرة تساعد على الفهم الصحيح للتعامل معها و تتفادى الإيهام و الغموض والإلتباس وهذا ما يهدف إليه كل من يصيغ عقداً مع اختلاف الطرق والمدارس.


العقد مستند يعكس في صياغته الاتفاق الذي توصل إليه الأطراف ويترجمه الى نصوص ومفاهيم لها طابع الإلزام القانوني والشرعي. أسلوبنا في الصياغة يبدأ من رغبتنا الحثيثة في فهم كافة جوانب المعاملة المراد صياغتها فهماً دقيقاً ومن ثم طرح الأسئلة وتوضيح الفجوات القانونية إن وجدت وتقديم الاقتراحات ذات العلاقة حتى تتضح الرؤية الشاملة للعقد وجميع بنود العقد وما يترتب عليه من حقوق وواجبات.


في العقود العادية التي نتعامل معها من عقود الأفراد ( كالبيع والإيجار ) هي عقود متكررة ويسهل صياغتها أو نقلها الا أن هناك أنواع أخرى من العقود ( كالعقود الإدارية والعقود المصرفية ) وغيرها من العقود الهندسية والعقود المتخصصة تحتاج إلى مهارة قانونية خاصة لصياغتها بدون الخروج من القواعد العامة لنظرية العقد طبقا لقواعد الشرع واحكام النظام ..


 كما ان صياغة العقــود لا تقف فقط عند النواحي الشكليـة من ضبط المصطلحات و تدقيق العبارات و ملاحظــــة الجوانب اللغوية و تصنيف أحكامها و ترتيبها ، بما يكفل للعقد الدقة وحسن الصياغة وكمال التنسيق بل الصياغة تعني مراجعة بنود مشروع العقد .وتشمل الإجراءات التي تسبقه و جميع ما يعتبر جزءاً منه ، للوقوف علي مدى مطابقتها لأحكام القانون ومن ثم تطهير العقد من المخالفات التي يمكن أن تشوب إبرامه أو بنوده ، تحسباً للوقوع في خطأ قانوني قد يؤثر علي تنفيذ العقد أو على مدى صحته من الوجهة القانونية .


يمكن تحديد نقاط تدقيق ومراجعة وتنقيح العقود من خلال الآتي :-


  • التحقق من توفر الأركان العامة للعقود من المحل والرضا والسبب .
  • التأكد من التكييف القانوني الصحيح والتنصيف السليم للعقد .
  • التأكد من الأطراف وبياناتهم ومطابقتها مع وثائق العقد والتأكد من صفتهم القانونية والمستندات والوثائق الدالة على هذه الصفة ونظاميتها.
  • التأكد من الوثائق المتعلقة بالعقد وصحتها وسلامتها من الناحية النظامية.
  • عدم وجود أركان العقد يترتب عليه انعدامه والخطأ في شروط صحته يبطله.
  • مراعاة الشكلية في العقود الشكلية.
  • التحقق من عدم وجود شرط فاسد بالعقد .
  • عدم مخالفة العقد لأحكام موضوعه طبقاً لقواعد الشرع وأحكام النظام.
  • الابتعاد عن العبارات الفضفاضة والغامضة والركيكة والعامية والمقعرة.
  • تاريخ العقد ومكان انعقاده من عناصر اثباته وسريان القانون الواجب التطبيق.
  • التأكد من الوكالات في حال توقيع الوكيل وأن الوكالة تجيز له توقيع العقد.
  • التأكد من خلو العقد من العيوب القانونية والفنية والشكلية .
  • الأخذ في الاعتبار الشروط الخاصة بخصوصية العقد ونوعه وهو ما يتطلب وجود بنود وبيانات خاصة بهذا النوع من العقود تميزها عن العقود الأخرى مثلاً بعض العقود تتطلب شروط خاصة حسب طبيعة مشروعها وتفاصيله وتتطلب هيكلية خاصة بها ومرفقات كجزء لا يتجزء من العقد لا يتم العقد وفهمه إلا في وجودها وصياغتها بالشكل الذي يناسب خصوصيتها طبعا ذلك في إطار القواعد العامة للعقد ونظرية العقد.
  • استخدام لغة قانونية واضحة وسليمة ورصينة بدون تقعير ومبالغة في التعبير.
  • التأكد من عدم وجود أي من مظاهر الغش والتدليس والاحتيال.
  • أن يكون موضوع العقد ومحله وسببه مما يرد فيه ويسمح فيه التعاقد.
  • تحقق سلطان الإرادة في إطار الشرع والقانون والنظام العام.
  • توافر عنصر التوازن العقدي بين أطراف العقد وعدم وجود اختلال فيه.
  • التأكد من أن موضوع العقد وآلية تنفيذه وفكرته لا تخالف الشرع والنظام العام.
  • تدقيق العقد في العقود المدنية والعقود الإدارية : في هذا الجزء التدقيق يتركز في مسألة التأكد من تصنيف العقد لأن على هذا الأساس يترتب القانون الذي يخضع له هذا العقد وأطرافه .
  • أي يجب أن نتأكد في البدء أن هذا العقد تصنيفه صحيح لكي نترتب عليه الأحكام الخاصة به.
بقلم المستشار ابو بكر محمد عبده
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع