القائمة الرئيسية

الصفحات

الاستثناءات من الاختصاص الشامل للمحاكم الشرعية في قضايا الإخوة المسيحيين - سوريا

الاستثناءات من الاختصاص الشامل للمحاكم الشرعية في قضايا الإخوة المسيحيين - سوريا



الاستثناءات من الاختصاص الشامل للمحاكم الشرعية في قضايا الإخوة المسيحيين:


بقلم المحامي عارف الشعال 

نص القانون الجديد في الفقرة /ب/ من المادة 486 على عدة استثناءات من الاختصاص الشامل للمحكمة الشرعية في قضايا الأحوال الشخصية، منها ما هو واضح كالإرث والوصية، ومنها ما هو غامض ملتبس، كالحالات المنصوص عليها في قوانين الطوائف الثلاث المذكورة سابقاً (الروم والسريان الأرثوذكس والطوائف الكاثوليكية).


فقد استثنى قانون أصول المحاكمات الجديد من الاختصاص العام للمحكمة الشرعية عدة حالات بدون أن يحددها، وجعلها خاضعة لولاية المحاكم الروحية!!

ولعل السبب في عدم حصر هذه الحالات، هو تنظيم أحد هذه القوانين لناحية معينة، بينما تجاهلها قانون آخر، مثل موضوع النسب الذي وضع أحكاماً له قانون الطوائف الكاثوليكية وقانون السريان الأرثوذكس، في حين تجاهله قانون طائفة الروم الأرثوذكس.

وإذا ما أخذنا بالاعتبار حرية الانتقال من طائفة لأخرى، والزواج المختلط بين الطوائف، مما يزيد من مسألة الاختصاص تعقيداً لجهة تحديد ما هو القانون الواجب التطبيق ومن هي المحكمة الروحية المختصة بنظر النزاع.

وفي الواقع إن تحديد ولاية المحاكم الروحية في هذه الحالات المستثناة، يخضع لاعتبارات قانونية دقيقة، يقف على رأسها نص قانوني واجتهاد قضائي، 

أما النص القانوني فهو المادة 11 من نظام الطوائف رقم 60/ 1936 الذي يسمح لأبناء الطوائف بحرية تغيير المذهب والتي تنص على:

((كل من أدرك سن الرشد وكان متمتعاً بقواه العقلية يمكنه أن يترك أو يعتنق طائفة ذات نظام شخصي معترف بها ويكون لهذا الترك أو الاعتناق مفعوله المدني ويمكنه أن يحصل على تصحيح القيود المختصة به في سجل النفوس وذلك بأن يقدم إلى دائرة النفوس في محل إقامته صكاً يحتوي على تصريح بإرادته هذه وعند الاقتضاء على شهادة قبول من السلطة ذات الصلاحية في الطائفة التي يعتنقها))

هذا الانتقال من طائفة لأخرى يسبب الإرباك لجهة ولاية المحكمة الروحية بنظر موضوع ما قد لا يكون منصوصاً عليه بقانون الطائفة الأخرى.

أما الاجتهاد القضائي فهو لمحكمة "حل الخلافات السورية" وقد صدر في العام 1947 يرسم حدوداً لتطبيق قوانين الأحوال الشخصية لدى الطوائف المختلفة.

ومحكمة حلّ الخلافات أنشئت بالقرار 2978 تاريخ 25/ 12/ 1924، ثم بموجب المرسوم التشريعي رقم 80 تاريخ 30/ 6/ 1947 كانت تتألف برئاسة الأمين العام لوزارة العدل وعضوية أربعة من كبار القضاة، وينحصر اختصاصها بالنظر في التنازع بالاختصاص السلبي أو الإيجابي بين المحاكم الشرعية والروحية والمذهبية، وقد ألغيت هذه المحكمة على ما يبدو بقوانين السلطة القضائية المتعاقبة.

وينص على:

((اختصاص المحاكم الشرعية والمحاكم الروحية هو اختصاص موضوعي، لأن هذه المحاكم في الواقع محاكم استثنائية، وتعيين وظائف هذا النوع من المحاكم يتعلق بالنظام العام.

إن القرار 60 لعام 1936 تضمن الأحكام العامة التي تسود تنظيم علاقات الطوائف بعضها مع بعض في أحوالها الشخصية، وهي تختلف من حيث طبيعتها عن أنظمة الطوائف، لأن هذه الأحكام تتضمن حلولاً شاملة لما يمكن أن يقع بين الطوائف من خلافات على الاختصاص والتشريع، وهي أحكام تستقل الدولة في وضعها دون الطوائف،

لا يجوز لأية طائفة أن تضع أحكاماً عامة لاختصاصها، والحدّ من اختصاص غيرها من الطوائف، أما الأنظمة الطائفية فإنها تتضمن المسائل الخاصة بكل طائفة على نحو ما ورد في المادة 4 من القرار 60 دون التعرض للأحكام العامة)) 
(محكمة حل الخلافات – ق 1 – تا 16/ 11/ 1947 – المحامي فؤاد صنيج – شرح أحكام الزواج للطوائف المسيحية – ص45)

وبالتالي فإن أي نص قانوني يرد في قانون إحدى هذه الطوائف تتجاوز أحكامه أبناء هذه الطائفة، لا يكون نافذاً بحقه وليس للمحكمة الروحية التابعة لهذه الطائفة ولاية النظر بالقضية في هذه الحالة مع مراعاة أحكام المادة 23 من القرار 60 التي نظمت أحكام ترك أحد الزوجين أو كلاهما لطائفته، 

ولعل خير مثال على ذلك أحكام التبني التي وردت في قانونيّ السريان الأرثوذكس والطوائف الكاثوليكية، ولم تقصره على أبناء الطائفة فقط بنصوص صريحة، إذ يستشف من هذه النصوص إمكانية أن يكون المتبنى من غير أبناء هذه الطوائف.

لذلك سنقوم باستعراض الحالات المنصوص عليها في تلك القوانين وبيان مدى خضوعها لولاية المحاكم الروحية، أو المحكمة الشرعية:

 الولاية والوصاية والنيابة الشرعية:


في ظل القانون السابق كانت ((قضايا الولاية على القاصر للسوريين جميعاً على اختلاف المذاهب والأديان تدخل في اختصاص المحاكم الشرعية)) (نقض – ق 107 – تا 5/ 3/ 1966 – مجموعة المبادئ – قا 634)

((إن دعوى الولاية هي من اختصاص المحاكم الشرعية بموجب المادة 535 أصول محاكمات، وليست من اختصاص المحاكم الروحية، وإن كان الطرفان والولد من أبناء الطائفة المارونية)) (نقض – ق 212 – تا 14/ 5/ 1975 – مجلة القانون لعام 1976 – ص 11)

أما في ظل القانون الجديد فلم يرد في قانون طائفة الروم الأرثوذكس نصوص تنظم هذه الناحية مما يوجب الرجوع لولاية المحكمة الشرعية بالنسبة لأبناء هذه الطائفة الكريمة.

أما بالنسبة لأبناء طائفة السريان الأرثوذكس فقد نص قانون الطائفة في المادة 81 وما بعدها منه على أحكام خاصة في الولاية والوصاية، وبذلك يخضع أبناء هذه الطائفة الكريمة فقط لمحاكمهم في هذه المسألة.

كذلك الأمر بالنسبة لأبناء الطوائف الكاثوليكية حيث نصَّ قانونهم في المادة 87 وما بعدها منه على أحكام خاصة للسلطة الوالدية وحراسة الأولاد، وبالتالي يخضع أبناء الطوائف الكاثوليكية الكريمة فقط لمحاكمهم في هذه المسألة.

 اثبات الوفاة وتعيين الحصص الشرعية للورثة:


نص القانون صراحة على خضوع أبناء الطوائف المذكورة لمحاكمهم في هذه المسألة، وبذلك بقيت ولاية المحكمة الشرعية في إثبات الوفاة وتعيين الحصص الشرعية للورثة وفق أحكام قانون الأحوال الشخصية العام المطبق على المسلمين قاصرة على أبناء طوائف الأرمن الأرثوذكس والبروتستانت (الكنيسة الإنجيلية).

 الحجر وفكه:


لم يرد في قانونيّ الروم والسريان الأرثوذكس نصوص تنظم هذه الناحية مما يوجب الرجوع لولاية المحكمة الشرعية بالنسبة لأبناء هذه الطوائف الكريمة.أما بالنسبة لأبناء الطوائف الكاثوليكية فقد نصَّت المادة 88 من قانونهم على أحكام خاصة في هذه المسألة، وبالتالي يخضع أبناء الطوائف الكاثوليكية الكريمة فقط لمحاكمهم بالنسبة لها.

 المفقود:


لم يرد في قانونيّ طائفة الروم الأرثوذكس والطوائف الكاثوليكية نصوص تنظم هذه الناحية مما يوجب الرجوع لولاية المحكمة الشرعية بالنسبة لأبناء هذه الطوائف الكريمة.

أما بالنسبة لأبناء طائفة السريان الأرثوذكس فقد نص قانون الطائفة في المادة 81 وما بعدها منه على أحكام خاصة في الولاية والوصاية، وبذلك يخضع أبناء هذه الطائفة الكريمة فقط لمحاكمهم في هذه المسألة، 
ولكن يجدر الانتباه أنه لم يرد نصّ في هذا القانون للسنّ الذي يعتبر فيه الغائب متوفياً، مما يقتضي الرجوع لقانون الأحوال الشخصية العام لتحديدها.

كذلك الأمر بالنسبة لأبناء الطوائف الكاثوليكية حيث نصَّ قانونهم في المادة 86 منه على أحكام خاصة للسلطة الوالدية وحراسة الأولاد، وبالتالي يخضع أبناء الطوائف الكاثوليكية الكريمة فقط لمحاكمهم في هذه المسألة.

 النسب:


في ظل القانون السابق كانت ((قضايا النسب من اختصاص المحكمة الشرعية بصورة مطلقة)) (هيئة عامة – ق 83 – تا 17/ 2/ 1957) كذلك (نقض – ق126 – تا 7/ 4/ 1964 – شفيق طعمة - التقنين المدني – قا 2529)
أما في ظل أحكام القانون الجديد فلم يرد في قانون طائفة الروم الأرثوذكس نصوص تنظم هذه الناحية مما يوجب الرجوع لولاية المحكمة الشرعية بالنسبة لأبناء هذه الطائفة الكريمة.
أما بالنسبة لأبناء طائفة السريان الأرثوذكس فقد نص قانون الطائفة في المادة 69 وما بعدها منه على أحكام خاصة في صحة النسب، وبذلك يخضع أبناء هذه الطائفة الكريمة فقط لمحاكمهم في هذه المسألة.
كذلك الأمر بالنسبة لأبناء الطوائف الكاثوليكية حيث نصَّ قانونهم في المادة 46 وما بعدها منه على أحكام خاصة للبنوّة وشرعية الأولاد، وبالتالي يخضع أبناء الطوائف الكاثوليكية الكريمة فقط لمحاكمهم في هذه المسألة.
ولكن يستثنى من ولاية المحاكم الروحية (اللقيط) المنصوص عليه في المادة 51 من قانون الطوائف الكاثوليكية، إذ تنظم أحكامه المادة 29 من قانون الأحوال المدنية، وهو بالأصل ليس من ولاية المحاكم الشرعية، مما لا يشمله الاستثناء المنصوص عليه في المادة 486/ ب من قانون الأصول الجديد.

نفقة الاقارب من غير الزوجين والأولاد:


في ظل القانون السابق كان ((اختصاص المحاكم الروحية في دعاوى النفقة قاصراً على النفقة الزوجية ونفقة الأولاد من أبناء الطائفة)) (نقض – ق 443 – تا 1/ 4110/ 1963 – القانون لعام 1963 – ص839)
((دعوى نفقة الأم المترتبة على ولدها تخرج عن اختصاص المحاكم الروحية، ويعود النظر فيها إلى المحاكم الشرعية)) (هيئة عامة – ق 490 – تا 14/ 12/ 1955 – القانون لعام 1955 – ص113)


أما في ظل القانون الجديد فبالنسبة لأبناء طائفة الروم الأرثوذكس نصَّ قانون الطائفة في المادة 33/ د منه على أحكام خاصة لهذه النفقة، وبذلك يخضع أبناء هذه الطائفة الكريمة فقط لمحاكمهم في هذه المسألة.
أما بالنسبة لأبناء طائفة السريان الأرثوذكس وأبناء الطوائف الكاثوليكية فلم ينص قانونا هاتين الطائفتين على أحكام خاصة لهذه المسألة، حيث قصرا النفقة على الزوجة والأصول والفروع فقط، وبذلك يخضع أبناء هذه الطائفة الكريمة فقط لولاية المحكمة الشرعية في هذه المسألة.

- الحضانة والإراءة:

من نافل القول إنه لا جديد بالنسبة لولاية المحاكم الروحية في موضوع الحضانة والإراءة، حيث كانت وماتزال صاحبة ولاية بنظر هذه المسألة بالنسبة لأبناء الطائفة مهما كانت.

((تحديد مدة الحضانة يكون بالاستناد إلى الأحكام التشريعية لدى الطائفة التي ينتسب إليها الطرفان)) (نقض – ق 256 – تا 6/ 9/ 1959 – شفيق طعمة – التقنين المدني – قا 2673)

((تختص المحاكم الروحية في مسائل الحضانة وكذا الإراءة، لأن الثانية تابعة للأولى)) (نقض – ق 1752 – تا 25/ 11/ 1980 – المحامون لعام 1981 – ص191)
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع