القائمة الرئيسية

الصفحات

من أصول التقاضي المستقرة أن المدعي هو من يحدد خصمه بالدعوى

من أصول التقاضي المستقرة أن المدعي هو من يحدد خصمه بالدعوى


المدعي هو من يحدد خصمه بالدعوى


بقلم المحامي / عارف الشعال

((من المبادئ المستقرة في القانون أن المدعي هو الذي يحدد خصومه في الدعوى وهو الذي يختار ما يناسب دعواه من أدلة ودفوع...))
(نقض2 – ق712 – تا 21/5/2000 - مجموعة الحسيني – قا 845)


من المسلم به أن قانون أصول المحاكمات الذي رسم للجميع (قضاة ومتقاضين) طريق الوصول للحق، قد تضمن بين دفتيه الغالبية العظمى من مبادئ وأصول التقاضي، 


ولكنه لم ينص عليها جميعاً، إذ هناك مبادئ رئيسية مثل (مساواة الخصوم أمام القضاء)، أو (قاضي الأصل هو قاضي الفرع)، أو (من يملك الأكثر يملك الأقل)، لم يرد لها ذكر في القانون، ولكنها مستقرة في ضمير الجماعة القانونية ولا يوجد من ينكرها عليهم.
ومن هذه المبادئ الأساسية أيضاً، الحق المطلق للمدعي بانتقاء خصومه في الدعوى.


حتى أنه وصل الأمر بمحكمة النقض تأكيداً لهذا الحق، أن وصفت المدعي بأنه "ملك الدعوى" قائلة:
((المدعي هو ملك الدعوى وهو يحدد خصمه فيها ولا يجبر على مخاصمة أحد لا يودُّ الادعاء عليه ...))
(نقض4 – ق2454 – تا 31/10/2000 - مجموعة الحسيني – قا 834)


وهذا ما يتفق مع رأي الفقه بالموضوع الذي يقول:


((المدعي يملك تحديد خصومه، ولو كانت الخصومة لا تقبل التجزئة مالم يوجب القانون اختصام اشخاص معينين فيها، ولكن المحكمة تملك تصحيح شكل الدعوى واختصام الغير))
أحمد أبو الوفا- المرافعات – ط 1975 – ص551


وفي الواقع هذا المبدأ المستقر لا يعتبر مكرمة منحها القانون للمدعي، يأمر ويحدد من يخاصم فتطيع المحكمة، وإنما ينبع من فكرة التقاضي نفسها، حيث منعه المشرع من استيفاء حقوقه بنفسه من خصومه حرصاً على استقرار المجتمع، ووضع له البديل بمنحه حق اللجوء للقضاء ليقتضي له حقه، لذلك لا يجوز بحال أن يفرض عليه من يخاصم حرصاً على استقرار المجتمع، وسلامة العلاقات بين الناس، 


ذلك أنه من الطبيعي أن تولّد الخصومة الضغائن بين البشر، وحينما يختصم المرء أحداً ما، فقد وضع بحسبانه مقدار الأحقاد التي تثيرها هذه الخصومة بينهما، 


فلا يستقيم أن يفرض عليه الدخول بضغائن وأحقاد أخرى مع أشخاص آخرين لا يرغب بمخاصمتهم، فقد يتسبب ذلك بعزوفه عن مخاصمة من يحرج من مناصبته العداء، وبالتالي ضياع حقه الذي حرص المشرع على صيانته عن طريق القضاء،


ومن هنا تأتي الحكمة من ترك الحرية للمدعي باختيار خصومه، واعتبار ذلك أصلاً من أصول التقاضي.
وبالمقابل وضع المشرع لهذا الحق ضوابط سنتطرق لها في الجزء القادم.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع